الأخبارالاقتصادمصر

د علي إسماعيل: الرابحون والخاسرون من الحرب الروسية الأوكرانية

>> الأزمة فرصة ذهبية لإعادة ترتيب أولويات الإقتصاد العربي وإحياء الصناعات الصغيرة

قال الدكتور علي إسماعيل الإستاذ في مركز البحوث الزراعية ان استمرار الحرب الروسية الاوكرانية وتبعاتها إنعكست سلبيا علي المنطقة العربية بشكل اساسي والعالم بسبب مشاكل نقص الطاقة وإرتفاع أسعارها مما أدي إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الغذاء لأن الزراعة والنقل يصبحان أكثر تكلفة مع نقص الإمدادات.

وأضاف «إسماعيل»، في تصريحات صحفية لـ«أجري توداي»، إنه منذ بدء الحرب الروسية فقد قفزت أسعار القمح بنحو ٤٠%، وزيت عباد الشمس ارتفع بحوالي ٥٠%، كما ارتفعت التكلفة العالمية للأسمدة بنسبة ان اكثر من ٢٠٠ %، مما ينذر معه بارتفاع أسعار المواد الغذائية حاليا وربما في المستقبل القريب بزيادات غير مسبوقة مع انخفاض الانتاج من قبل المزارعين وموجات الجفاف والحرائق التي تعرضت لها أوروبا الايام الماضية ولكن قد تظهر معه بادرة الامل بعد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.

ونبه إلي ان توابع الحرب الاوكرانية إنعكست في صورة إرتفاع اسعار السلع الغذائيه وهروب الاموال الساخنة وعودتها الي امريكا بعد رفع اسعار الفائدة المتتالي وصعود الدولار الي أعلي مستوياته وتأثيره علي الاقتصاديات الناشئة وهبوط اسعار عملاتها التي تضر بمواردها الدولارية ورفع تكلفة سداد الديون مع تحميلها اعباء ضخمة لمجابهة ارتفاع الاسعار والخامات وغيرها من مستلزمات الانتاج بشكل يتطلب منها جهود مضاعفه في مواجهة هذة الموجة التضخمية و الحماية الاجتماعية في ظل انخفاض الدخول و ارتفاع الاسعار.

وأوضح الإستاذ في مركز البحوث الزراعية، إنه ادا نظرنا الي مايتم في الدول الغنية وما يحدث لها بعد ازمة الطاقة وارتفاع اسعارها وخاصة البترول والغاز الطبيعي وغلق الحنفية الروسية لامدادات الغاز لدول الإتحاد الأوربي والعقوبات المفروضة علي روسيا والتي اصبحت تمثل خطرا حقيقيا علي الاتحاد الاوربي مع استمرار هذه الحرب وتضرر الدول الاوربية وهبوط اليورو لادني مستوي له منذ العمل بة .

وأشار «إسماعيل»، إن الحرب الروسية الاوكرانية تؤثر على الاقتصاد العالمي بشكل كبير ويتضرر منه معظم الدول وربما يتغير في القريب العاجل  اقتصاد العالم و المنطقة العربية والتصنيف الاقتصادي لها مع ظهور قوي عالمية جديدة لن يكون الدولار هو قبلة العالم المالية وهو ما تسعي له روسيا والصين وتقاتل امريكا من اجل وقف ذلك حتي النفس الاخير ومعها اوروبا العجوز.

ولفت الإستاذ في مركز البحوث الزراعية إلي ان بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد بشكل مفرط على استيراد الغذاء والطاقة، الأمر الذي يتركها هشة على بشكل خاص أمام الصدمات الاقتصادية نتيجة الأزمة الأوكرانية؛ إذ إن بعض الدول تشتري كميات كبيرة من القمح من أوكرانيا وروسيا.

ونبه «إسماعيل»، إلي إنه في حين أن البعض مثل دول الخليج العربي تمتلك احتياطيات نقدية كبيرة فإن دولاً أخرى مثل لبنان لا تمتلك أية احتياطيات الأمر الذي يجعل احتمال حدوث نقص لديها حقيقياً. وبالرغم من امكانية واردات القمح الروسي فإن المستوردين يواجهون صعوبة متزايدة في شراء القمح من روسيا بسبب صعوبات تحويل الأموال إلى الشركات الروسية والتأمين على السفن الا ان الحكومة الروسية تصنف الدول والتي يمكنها تصدير القمح لها بالدول الصديقة .

وشدد الإستاذ في مركز البحوث الزراعية علي أن الاعتماد على النفط والغاز المستوردين يمثل مشكلة أيضاً، فقد تبقى دول لديها اكتفاء ذاتي منهما أو حتى تصدر النفط والغاز مثل إسرائيل ومصر وإيران والعراق وليبيا ومعظم دول الخليج العربية التي تبقي محمية من الركود الاقتصادي ونقص احتياطيات النقد الاجنبي بينما قد تواجه دول أخرى مثل لبنان وفلسطين والأردن، واليمن وتونس صعوبات اقتصادية مع معاناة سكانها بدرجة أكبر .

ولفت «إسماعيل»، إلي أن  التكلفة المتزايدة لأسعار النفط والغاز نفسها تُحدث أثراً سلبية خاصة على ارتفاع تكلفة النقل وبالتالي أسعار السلع بشكل عام الأمر الذي سيفرض ضغوطاً تضخمية ويمكن أن يعطل سلاسل الإمداد بالسلع الأساسية وغير الأساسية بشكل يزعزع الاقتصادات الهشة والضعيفة أصلاًـ بالإضافة إلى ذلك فإن ارتفاع أسعار الوقود سيجبر الدول الفقيرة والمستوردة للنفط على تخفيض سعر صرف عملاتها الوطنية ما سيحدث انخفاضاً في الدخول وتردياً في الأحوال المعيشية للمواطنين.

وكشف الإستاذ في مركز البحوث الزراعية عن أن مصر تخطت مشكلة كورونا العالمية ولن تكون ضعيفة بشكل خاص أمام الصدمات الاقتصادية والسياسية المترتبة على الغزو الروسي لأوكرانيا ، رغم انها أكبر مشترٍ للقمح في العالم وتعتمد في 80 بالمئة من وارداتها على روسيا وأوكرانيا الا ان الدولة المصرية قادرة علي تخطي هذه الازمة مع ما يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسي من جهود جبارة في تحديث وتطوير ودعم القطاع الزراعي مع استصلاح ٤ ملايبن فدان .

وأكد «إسماعيل»، ان إنقطاع الواردات بسبب الحرب يعني أن تواجه الحكومة تحدياً معقداً إذ يترتب عليها البحث عن مزودين جدد في الوقت الذي تحاول فيه امتصاص ضربة ارتفاع أسعار الأغذية، في حين أن التكلفة الأكبر للذرة وفول الصويا (المستعملة في العلف ) المستخدمة في الاعلاف كتغذية الحيوانات والدواجن تسبب تضخم من أسعار اللحوم والأسماك التي تتم تربيتها في المزارع مشيرا إلي أن مصر تبنت مجموعة من إجراءات طوارئ وحزم مساعدات اجتماعية لتلافي الأثر المباشر لارتفاع أسعار الأغذية لكن التداعيات الاقتصادية الأوسع ما تزال غير واضحة.

ونبه الإستاذ في مركز البحوث الزراعية إلي حظرت السلطات تصدير المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والفول والعدس والمكرونة وقدمت حوافز وفرضت أنظمة جديدة على منتجي القمح المحلي في محاولة لتعزيز الإمدادات المحلية مع عودة منظومة خلط الذرة ونسبة الاستخلاص ربما تعزز من تقليل الواردات حاليا بالإضافة إلى ذلك فرض الرئيس عبد الفتاح السيسي حداً أعلى لسعر الخبز غير المدعوم.

وأوضح «إسماعيل»، أن ارتفاع أسعار الواردات وانخفاض عائدات السياحة نتيجة نقص الزوار الروس والأوكرانيين اللذين يشكلون نحو ثلث العدد الإجمالي لزوار مصر وأي انخفاض كبير منهم سيلحق الضرر بصناعة السياحة التي تشكل مصدراً رئيسياً للتوظيف والعملة الأجنبية على حد سواء . وقد رفعت الدولة معدلات الفائدة ٣٪ وخفضت معدل سعر الصرف لسد هذه الفجوة رغم ان زيادة معدل الفائدة واحد بالمائة يزيد عجز الموازنة حوالي ٥٠ مليار جنيه الا ان الحكومة المصرية تحاول تخطى هذة الازمة.

وأشار الإستاذ في مركز البحوث الزراعية إلي إنه بالنسبة للعالم العربي مع الدول النامية يعني ذلك خسائر يومية بمئات ملايين الدولارات و لأن الصين أضحت أهم شريك تجاري لكل الدول العربية ،فحجم التبادل التجاري بين الطرفين يزيد على 240 مليار دولار سنويا خلال العامين الماضيين مقابل 190 مليار دولار عام 2011 و 40 مليار دولار عام 2004، موضحا ان الصادرات الصينية الأسواق العربية تكتسح بشكل يتزامن مع تراجع دور قطاعات الإنتاج والحرف والصناعات التقليدية المحلية فيها قياسا لدورها قبل بضعة سنوات.

ولفت «إسماعيل»، إلي أن الخسائر الأكبر تقع على عاتق الدول الفقيرة وتستفيد منها دول الخليج البترولية. وهو الأمر الذي يعني زيادة عائدات الدول العربية النفطية وانخفاض موارد الدول العربية غير النفطية، خاصة في ظل زيادة الطلب على النفط من الناحية الكمية وقد تتوقف عمليات الإنتاج والصناعة في معظم بلدان العالم صاحبة الاحتياجات النفطية الاعلي عالميا وتراجع حركة السفر والتجارة وغلق الحدود لزيادة اسعاره واسعار الغاز .

ونبه الإستاذ في مركز البحوث الزراعية أن أسواق الدول العربية ستتأثر بتراجع الإنتاج الصناعي والزراعي العالمي فمثل هذا التراجع سيقود إلى قلة المعروض من هذه السلع وارتفاع تكاليف النقل والتأمين عليها بسبب المخاوف الحقيقية والنفسية مع الدول الصناعية المساهم الاكبر في الانتاج العالمي الاستهلاكي .

وأشار «إسماعيل»، إلي إنه من تبعات ذلك ارتفاع تكاليف مستوى المعيشة وتراجع القوة الشرائية لفئات الدخل المحدود والطبقة الوسطى التي اعتادت على استهلاك المنتجات الصينية الأنسب سعرا مقارنة بالمنتجات الأوروبية والأمريكية واليابانية المشابهة.

وشدد الإستاذ في مركز البحوث الزراعية علي أن نجاح  مصر في إدارة الأزمة سيكون من خلال شراكة عربية داعمة في سد جزء من فراغ الأمدادات للدول العربية بأن يكون بديلا قويا لإمداد الدول العربية بالاحتياجات المطلوبة من السلع المصنعة والمواد الغذائية وخاصة مع المنتجات الزراعية الطازجة والمصنعة و الاستهلاكية .

وكشف «إسماعيل»، عن أن الحرب الروسية الأوكرانية فرصة ذهبية لإحياء زراعات وصناعات تقليدية يمكن ان تلبي الاحتياجات العربية من المنسوجات وغيرها من المنتجات المصرية للسوق العربية وتركيز الجهود على إعادة إحياء الصناعات والزراعات التقليدية التي توفر الملبس والغذاء والأدوات المنزلية والادوية الضرورية وان تعيد استثماراتها داخليا وفي اطار المحيط العربي والاستفادة من القدرات المصرية في التنمية العربية التي يمكن الاعتماد عليها لبناء قوة عربية اقتصادية تحقق مايتتطلبه الشعب العربي بعيدا عن الانعزالات والاوهام الاستعمارية والصرعات الاقليمية .

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى