الأخبارالانتاجالصحة و البيئةمصر

د مصطفي عبدالستار يكتب: دور لجنة مبيدات الآفات الزراعية في السيطرة على «سلائف المبيدات»

لجنة مبيدات الآفات الزراعية – وزارة الزراعة – مصر

يقع على عاتق الجهات الحكومية المعنية كلٍ فيما يخصه مسئولية تأمين وأمن إنتاج وتخزين وتداول الكيماويات بصورها وأشكالها وأنواعها المختلفة نحو ضمان إستخدامها في الأغراض الأساسية المشروعة من إنتاجها وعدم إستخدامها في أغراض غير مشروعة تضر الإنسان والحيوان والبيئة. وتتعاظم المسئولية الأمنية مع المواد الكيميائية ذات الإستخدام المزدوج أي التي يكون لها إستخدامات مشروعة وأخرى غير مشروعة والتي أصطلح على تسميتها بإسم السلائف الكيميائية Precursors .

ماذا يعني مصطلح «سلائف المبيدات»؟

المعنى القانوني المتفق عليه عالمياً أن السلائف الكيميائية هي المواد التي تستخدم في صناعة المخدرات والمؤثرات العقلية أو المتفجرات والأسلحة الكيميائية أو الملوثات والسموم .

ويكون لإستخدام «سلائف المبيدات» إستخدامات آخرى مشروعة كصناعة الأدوية والمنظفات والدهانات والأسمدة وغيرها.

ولا تخضع السلائف الكيميائية للرقابة الشديدة والمتابعة بسبب تعدد إستخداماتها العامة.

مادة الكلور التي تستخدم لتصنيع المبيدات الكلورنية العضوية يمكن إستخدامها بطريقة غير مشروعه في أحداث التفجيرات.

مبيد فوسفيد الألومنيوم المستخدم لمكافحة آفات الحبوب المخزونة بفعالية عالية يستخدم أيضاً لقتل النفس البشرية.

علاقة المبيدات شديدة السمية و «سلائف المبيدات»

المبيدات شديدة السمية HHPs تعتبر من السلائف الكيميائية مرتفعة المخاطر المسببة للتسمم والإضرار بالنظم الحيوية فضلاً عن التلوث البيئي. ويجب أن نضع في الإعتبار المبيدات الأخرى الأقل سمية لما تحويه من مذيبات ومواد منشطة وناشرة أو مؤمنة فهناك ما يزيد عن 2500 مادة كيميائية يمكن أن تدخل في تجهيز المبيدات على الرغم من عدم ورودها أو التنويه عنها في ملصقات عبوات المبيدات عامة. وأظهرت تقارير علمية أن ما يزيد عن 25% من تلك المواد المستخدمة في تصنيع المبيدات خطرة. كما وأن منها ما ينيف عن 400 مادة منها يمكن أن تستخدم كمكون فعال بحد ذاتها نظراً لخطورتها، إضافة إلى أن ما قدره 209 من هذه المواد يعد ملوثاً خطراً للماء والهواء و 127 مادة من المواد الخطرة (حسب الدراسات الصحية والبيئية والوكالات والمنظمات الدولية).

معظم المبيدات مستحضرات كيميائية تؤثر على النظم الحيوية للآفات (حشرية- مرضية- حشائش) وهناك إحتمال أياً كان نسبته للتأثير على النظم الحيوية للإنسان أو الحيوان. ويكون هذا التأثير الضار إما متعمداً أو عرضياً.

المبيدات ومعدلات الإنتحار في العالم

تقدر الإحصائيات حالات الوفاة المتعمدة بالمبيدات سنوياً نحو 250 ألف حالة. تبلغ حالات الإنتحار المتعمد بالمبيدات من 60-90% في الصين وماليزيا وسريلانكا. وتنتشر للأسف حالات القتل المتعمد والإنتحار بإستخدام المبيدات في الريف لسهولة الحصول على المبيد وإمكانية دسه في الطعام أو تناوله للإنتحار.

حالات التسمم العرضي بالمبيدات شائعة في جميع أنحاء العالم خاصة في البلدان النامية نتيجة سوء الإستخدام سواء بإستخدام جرعات أكبر من الموصى بها أو جمع المحاصيل قبل إنقضاء فترة ما قبل الحصاد (PHI) أو عدم أخذ الأحتياطات الكافية عند خلط وتجهيز المبيد للإستخدام أو تعبئة المبيد في زجاجات أو حاويات مخصصة للمواد الغذائية وتناولها دون قصد.وتعتبر كارثة بوبال الهندية عام 1984 أسوء كارثة للتسمم العرضي بالمبيدات حيث حدث إنفجار في مصنع المبيدات لشركة  يونيون كاربايد وتعرض نصف مليون شخص للغازات السامة. وتشير التقديرات إلى موت من 8-10 الآف شخص خلال الأيام الثلاثة الأولى وحوالي 25 ألف ماتوا خلال عدة سنوات لاحقة .حدثت كارثة تسمم عرضي فى العراق عام 1971 بسبب تلوث الحبوب بمبيد ميثيل الزئبق مما أدى لوفاة 450 شخص و600 حالة تسمم كما حدث تسمم عرضي في تكساس الأمريكية عام 2017 أدى لمقتل 4 أطفال.

لجنة مبيدات الآفات الزراعية- العقل المفكر لإدارة ملف المبيدات في وزارة الزراعة

  • بناءاً على القانون والقرارات الوزارية المنظمة لتداول وإستخدام مبيدات الآفات الزراعية تعتبر أهم الجهات المعنية التي تعمل على ضمان توفر عنصري السلامة والآمن الكيميائي للمبيدات الزراعية فضلاً عن الفعالية وذلك وفقاً للمتطلبات والمرجعيات الدولية وتوجيهات مدونة السلوك الدولية الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
  • تبدأ مسئولية لجنة المبيدات من تسجيل المبيد للإستخدام محلياً حيث يقتصر التسجيل على القاعدة المعلوماتية لأحدى المرجعيات الدولية المعتمدة (EU- EPA- كندا –أستراليا- اليابان). كما أن اللجنة هي المعنية بالموافقة على إستيراد المذيبات والمواد الأضافية اللازمة لتجهيز المبيد الزراعي وذلك بالكميات المناسبة ويشترط أن يتضمن ملف التسجيل أسماء ومصادر هذه المواد (المواد 6و 28 من القرار الوزاري رقم 974 لسنة 2017).
  • في هذه الإطار وفرت لجنة المبيدات كوادر فنية وعلمية متميزة ومؤهلة للأمانة الفنية لبناء قاعدة معلوماتية شفافة ومتسقة مع المرجعيات الدولية ولتتبع دورة حياة المبيد.
  • مراقبة ومتابعة الممارسات المعملية والزراعية للجهات العلمية المكلفة بإجراء التجارب للتأكد من جودة ومطابقة المبيدات للسلامة والآمن والأمان، حيث تتعاون مع اللجنة 721 محطة تجريب من الجامعات والمعاهد البحثية المختصة لتغطية جميع المحافظات والمحاصيل والآفات لتقييم المبيدات قبل وأثناء مراحل تسجيلها (مادة 2).
  • تقوم اللجنة بتقييد تداول وإستخدام المبيدات عالية السمية (HHP’s) ولا تزيد نسبتها حالياً عن 5% من إجمالي كمية المبيدات المنتجة والمستوردة محلياً، والمخطط له أن يتم التخلص من جميع المبيدات عالية السمية المسجلة بحلول عام 2030.
  • للجنة المبيدات أن توقف أو تلغي تسجيل المبيد في حالة حدوث أضرار غير متوقعة له على صحة الإنسان والبيئة وسلامة المحاصيل، أو نشر تقارير علمية معتمدة من جهات مرجعية تفيد خطورة المبيد (مادة 22).
  • لجنة مبيدات الآفات الزراعية هي المعنية بإصدار أو تجديد تراخيص مصانع المبيدات ويشترط أن يحصل المدير المسئول عن المصنع على شهادة إجتياز برنامج تدريبي معتمد من اللجنة (مادة 30). ويتضمن البرنامج التدريبي الإجراءات والضوابط التي يتعين عليه إتخاذها لضمان السلامة والأمن الكيميائي وكيفية إدارة المخاطر ودعم إدارة الحوادث وإدارة المخازن.

من البرامج الحديثة التي بدأ إلزام مصانع المبيدات بها تدريب إخصائي مختبر جودة بالمصنع من خلال برنامج متطور للتدريب النظري والعملي تنفذه اللجنة بما يضمن جودة مدخلات إنتاج ومراحل إنتاج مطابقة وحتى المنتج النهائي المطابق للمواصفات.

«سلائف المبيدات» والإستخدام غير المشروع للمواد الكيميائية

تمتد السيطرة على السلائف الكيميائية إلى مراقبة المعدات والآلات والأجهزة بمصانع المبيدات حيث من الممكن أن تستخدم لإنتاج مواد غير مشروعه (المفاعلات- أوعية التفاعل- الخلاطات- الصمامات- الخراطيم- الرشاشات……)

  • يشترط القرار الوزاري المنظم لتداول المبيدات في مصر أن يتم التخزين أو الإتجار في مبيدات الآفات الزراعية المسجلة في محال أو مخازن مستوفيه لأحكام وأشتراطات قانون المحال الصناعية. ويشترط أن يكون المدير المسئول عن المحل أو المخزن حاصل عى شهادة إجتياز برنامج تدريبي معتمد من لجنة مبيدات الآفات الزراعية (مادة 33).
  • تشترط لجنة المبيدات أن يتم نقل مبيدات الآفات الزراعية في سيارات مطابقة للمواصفات والأشتراطات الفنية والبيئية وفقاً لقانون البيئة 4 لعام 1994 وذلك بإعتبارها مواد خطرة.
  • تعنى اللجنة بوضع سياسات وبرامج تنفيذية للسيطرة والتحكم في تداول وإستخدام المبيدات وبالتنسيق مع العديد من الجهات المعنية مثل الجمارك وهيئة التنمية الصناعية ووزارة البيئة وشرطة البيئة والمسطحات وشرطة التموين فضلاً عن الجهات التابعة لوزارة الزراعة مثل مركز البحوث الزراعية والإدارة المركزية لمكافحة الآفات والإدارة المركزية للبساتين والإدارة المركزية لشئون المديريات والإدارة المركزية للحجر الزراعي وغيرهم.وذلك بالرغم من صعوبة التعامل مع المواد مذدوجة الإستخدام وعدم وضوح الرؤية كاملة حول إستخداماتها نوعاً وكماً. كما وأن العديد من تلك المواد يستخدم في الحياة اليومية وسهلة الحصول عليها كالمبيدات المنزلية والإيروسولات.
  • تولي لجنة المبيدات عناية فائقة بتنفيذ برامج التدريب والإرشاد لمختلف الجهات والقطاعات ذات العلاقة وحتى التدريب والإرشاد العام للمزارعيين والمرأة الريفية وطلبة المدارس والجامعات وحتى الأطباء والمسعفين لرفع الوعي العام والثقافة المجتمعية. ومن البرامج التدريبية المتميزة للجنة المبيدات والتي أدت لنقلة نوعية عالية القيمة برامج تأهيل وترخيص مطبقي المبيدات المعتمدين لإيجاد مهنة زراعية جديدة نحو الإستخدام الآمن والفعال للمبيدات وتوفير فرص عمل حرة للشباب.
  • منذ 4 سنوات قامت لجنة مبيدات الآفات الزراعية بتشكيل لجنة فرعية لمتابعة وتقييم وتوجيه وإرشاد مصانع المبيدات المحلية. تضم اللجنة الفرعية عدد من أعضاء اللجنة الرئيسة لزيارة المصانع ومتابعتها حتى من قبل بدء التشغيل الفعلي.
  • أثمر عمل اللجنة الكثير من التطوير والتحديث والإلتزام. تراجع اللجنة وتقيم كافة الأمور الخاصة بالمصنع بدءاً من الإنشاءات وتركيب الماكينات وخطوط الإنتاج والتخزين والنقل والتخلص من المواد المهجورة والملوثات وإدارة الملفات والمخازن والتحاليل وحتى الطواريء والدفاع المدني والأمن والسلامة العامة.
  • مما لا شك فيه أن الموضوع بكامله يتطلب مزيد من الإهتمام خاصة بعد المشاركة في ورش العمل التي تعقد حالياً بالتعاون مع مختبرات سانديا الوطنية (SNL) وبرنامج الأمن الكيميائي والبيولوجي العالمي (CRDF) .
  • وأخيراً… فإننا أيضاً أمام تحدي آخر وربما يكون أخطر للتعامل مع المبيدات الحيوية التي يمكن أن تصبح مزدوجة الإستخدام وتنتقل من كونها متخصصة للقضاء على الآفات إلى عناصر تضر الإنسان والحيوان والبيئة مثل الفيروسات والفطريات والبكتريا المستخدمة لمكافحة الحشرات والأمراض التي تصيب المزورعات.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى