الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د عبدالسلام منشاوي يكتب: كيف نعمل على تعظيم العائد من وحدة المساحة بزراعة محصول بيني قبل القمح

رئيس بحوث متفرغ- قسم بحوث القمح- مركز البحوث الزراعية -مصر

زراعة البرسيم الفحل بعد حصاد الأرز المبكر وقبل القمح يوفر العلف الأخضر في وقت ندرته ويزيد خصوبة التربة ويحقق زيادة في دخل المزارع والدخل القومي.

بدايةً، علينا أن نقرق بين الزراعة في الظروف العادية، والتي يوصى فيها بزراعة القمح في الميعاد الأمثل (وهذا هو الأصل) وبين الزراعة في حالة إخلاء الأرض مبكراً ثم شغلها بمحاصيل بينية أو خضار أو أي زراعات أخرى قبل زراعة القمح، وهذه حالة لها ظروفها الخاصة. والهدف في الحالة الأخيرة هو تعظيم العائد من وحدة المساحة.
فكما هو معلوم فإن أفضل ميعاد لزراعة القمح هو الميعاد الذي يؤدى إلى الحصول على أعلى إنتاجية من خلال توافق احتياجات الصنف مع الظروف البيئية للمنطقة. وبالنظر إلى الظروف الحالية بالنسبة للتركيب المحصولي، نشاهد أخلاء مساحات كبيرة من الأرض مبكرا من المحاصيل الصيفية في أواخر شهر أغسطس وأوائل شهر سبتمبر. يرجع ذلك إلى ظهور أصناف الأرز المبكرة النضج والتي يتم حصادها مبكراً، وكذلك حصاد محصول الذرة واللب في نفس التوقيت السابق تقريباً.
ونظراً لرغبة المزارع في عدم ترك الأرض خالية، مما يدفعه للزراعة المبكرة والتي يترتب عليها أضرار كبيرة لنبات القمح، وفي النهاية نقص في الإنتاجية المحصولية دون تحقيق أي مكاسب إضافية. إن الزراعة المبكرة في ظروف الحرارة العالية في بدية موسم النمو تؤدي إلى تسريع مراحل نمو النبات وتقلل التفريع والأوراق وبناء المادة الجافة بالنبات (المجموع الخضري). وذلك يؤدي إلى التقليل من عدد الفروع وعدد السنيبلات والسنابل والحبوب وبالتالي نقص الإنتاجية. كما أن القمح المزروع مبكر يطرد السنابل في (أواخر ديسمبر وأول يناير) وقت تكون البرودة شديدة والصقيع يسبب ﺗلف للأزهار ويحول دون عملية التلقيح والإخصاب ويؤدي إﻟﯽ انخفاض في عدد الحبوب وبالتالي نقص المحصول.
ولذا يوصي قسم بحوث القمح من خلال الحملة القومية بزراعة محصول البرسيم الفحل بعد حصاد الأرز المبكر والمحاصيل الصيفية المبكرة. وبالتالي، يؤدى ذلك إلى حصول المزارع على محصول أخضر لسد الفجوة في المحاصيل العلفية ويوفر علف أخضر في وقت ندرة العلف الأخضر. بالإضافة إلى زيادة خصوبة التربة والذى يؤدى إلى زيادة محصول القمح ويوفر شيكارة من السماد الأزوتي ويحقق زيادة في العائد من وحدة المساحة ودخل المزارع بما ينعكس على الدخل القومي إيجابيأ. ويوصي بزراعة البرسيم الفحل بمعدل تقاوي 20 كجم للفدان .

ويتميز محصول البرسيم الفحل بأنه محصول بقولي يعمل على تثبيت الأزوت بالتربة وزيادة خصوبتها ويفصل بين محصولين نجيليين. كما أنه يعطي حشة واحدة فقط من محصول العلف الأخضر، ولا يمكنه إعادة النمو بعد الحش لطبيعة نموه والتي هي عكس البرسيم المسقاوي الذي له القدرة على إعطاء حشات متتالية. وفي هذه الحالة نضمن عدم وجود نموات من البرسيم مع محصول القمح. كما أنه يعطي محصول عالي جداً في الحشة الواحدة (20 -25 طن) مقارنة بالبرسيم المسقاوي. وعلى اعتبار أن نسبة المادة الجافة بالبرسيم الفحل هي 20 % فبالتالي يعطي الفدان من 4-5 طن دريس. والأهم من كل ذلك أنه يتحمل درجة الحرارة العالية وقت الزراعة وفي بداية موسم النمو والتي لا تناسب البرسيم المسقاوي وقد تؤثر عليه بدرجة كبيرة. كما أنه يساعد على التخلص من الحشائش وبالتالي يقلل من تكاليف مقاومة الحشائش في القمح.

ويمكن استخدام محاصيل أخرى بينية في حالة عدم توفر برسيم الفحل، وقد تؤدي الغرض بشغل الأرض قبل زراعة القمح، وإعطاء عائد مناسب بما يساعد في تعظيم العائد من وحدة مساحة الأرض. فمن الممكن زراعة محصول الذرة وعمله سيلاج قبل النضج أو زراعة الذرة كمحصول داراوة (كعلف أخضر) أو لوبيا مبكرة النضج أو أي محصول خضر مناسب مع مراعاة التعاقب المحصولي .
وفي هذه الحالة يمكن زراعة القمح في الميعاد المناسب والذي يتناغم مع مراحل نمو المحصول. حيث أن محصول القمح يمر في خلال فترة حياته بمراحل نمو مختلفة. وعادة ما تتميز إلى مراحل الإنبات والظهور والتفريع وبادئات الأزهار (الأخاديد المزدوجة) ونهاية السنيبلات وأول عقدة ( بداية استطالة الساق) والحبلان وطرد السنابل والتزهير والنضج. ولما كانت كل مرحلة لها احتياجات حرارية وضوئية خاصة بها، فأن الزراعة المبكرة تؤدي إلى اختلال في موسم النمو وبالتالي سوف تختلف مدة كل مرحلة من هذه المراحل بما ينعكس بالسالب على الإنتاجية.

ولما كانت الزراعة المبكرة للقمح لا تؤدي إلى الحصاد المبكر، فمهما كانت الزراعة مبكرة لا يمكن حصاد ودراس القمح إلا في ظروف الحرارة المناسبة لذلك. وبالتالي فأن الزراعة المبكرة تطيل موسم النمو ويترتب عليها زيادة عدد الريات واستهلاك المياه والتكاليف الناتجة عن تشغيل ألات الري، ومع كل ذلك نقص في الإنتاجية في نهاية الموسم. لذلك، فليس من الحكمة ولا يوجد مبرر أطلاقا أن تزرع القمح مبكراً لتخسر دون تحقيق أي مكاسب حتى في حالة عدم زراعة محصول بيني.

وعلى الجانب الأخر، إذا كان المزارع ممن يزرع محصول بيني من محاصيل الخضر، أو يزرع القمح بعد كسر قصب في محافظات الجنوب أو بعد صيد الأسماك من المزارع السمكية أو بعد حصاد محصول البنجر في العروة المبكرة فلا بأس من التأخير في الزراعة في هذه الحالة. على الرغم أنه قد يؤدي إلى نقص في المحصول بعض الشيء ولكن سوف يحقق عائد إضافي من المحصول البيني أو السابق ويكون إجمالي العائد في هذه الحالة أكبر من زراعة القمح منفردا في الميعاد الأمثل، كما أنه تم الاستفادة من إضافة مساحة من القمح لم تكن ضمن زمام زراعة القمح.
وفي مثل هذه الحالات يجب العمل على رفع كفاءة المحصول من خلال التعامل بشكل صحيح مع المعاملات أو القرارات التي لها تأثير مباشر علي المحصول وتقلل المخاطر الناتجة عن الزراعة المتأخرة. فيجب اختيار الصنف بعناية فائقة في حالة الزراعة المتأخرة. حيث يجب أن يكون الصنف المختار من الأصناف المقاومة لأمراض الأصداء خصوصا إذا كانت الزراعة في الوجه البحري، وإذا أمكن أصناف قصيرة العمر. فإذا كانت الزراعة في محافظات الوجه القبلي من أسيوط وإلى اتجاه الجنوب يكون الصنف سدس 12 وسخا 95 هما الأفضل ، أما باقي أنحاء الجمهورية يفضل الصنف سخا 95 عن باقي الأصناف في حالة الزراعة المتأخرة. وفي حالة عدم توفر أحد الأصناف المذكورة يمكن زراعة الصنف المتاح من بين الأصناف المقاومة لأمراض الأصداء، وليس هناك فرق كبير بينها بالنسبة للنقص في الإنتاجية.
وتتم عملية الزراعة المتأخرة في ظروف الجو البارد، والتي تعمل على إطالة فترة الإنبات والظهور فوق سطح التربة. وتعد زراعة القمح من العمليات السهلة جدا، وهي بداية العمليات الزراعية المتعلقة بالمحصول وتعتمد عليها عملية الإنبات، والزراعة الجيدة هي التي تضمن إنبات جيد وخروج البادرات أسرع وأقوى على سطح التربة وذلك يضمن سرعة بدء عملية البناء الضوئي وبدء التفريع مبكراً وتكون البادرة قوية وتكوين غطاء نباتي (مجموع خضري) قوي مع كثافة حشائش أقل وقدرة البادرات القوية على منافسة الحشائش. فلذلك يجب العناية بالزراعة والري على الحامي بقدر المستطاع وصرف الماء الزائد بعد الري مباشرة بشرط أن يكون تم عملية التزخيف بعد بدار التقاوي وتقسيم الأرض لتسهيل عملية الري والصرف. وفي حالة زيادة مياه الري وتشبع الأرض، تخرج البادرات ضعيفة مما يعطي مؤشر غير جيد من بداية موسم النمو ويصعب علاج تلك المشكلة.
كما يجب العناية بالتسميد بشكل جيد، خصوصا في بداية حياة النبات وتوفير السماد اللازم في مراحل النمو الأولى وهي مرحلة الإعداد والتي سوف تختصر بشكل كبير في حالة الزراعة المتأخرة مما يؤثر على السعة التخزينية للنبات.
كما يجب التوضيح أنه ليس هناك أية مشكلة في حالة زيادة التسميد الأزوتي حيث أن ارتفاع النبات لا يصل أطلاقا إلى المعدلات العادية وبالتالي ليس هناك خوف من الرقاد. ويجب وضع معدلات السماد الموصي بها لمحصول القمح بنفس الكمية مع التأكيد على إضافتها في بداية موسم النمو دون تأخير. ولا نعتمد على أن محاصيل الخضر كان المتبقي بها يكفي لاحتياجات محصول القمح فهذا غير صحيح.
انهي توصياتي سائلا الله عز وجل أن يجعل الموسم القادم موسم خير وبركة لكافة المزارعين ولمصرنا الحبيبة.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى