الأخبارالاقتصادبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د علي إسماعيل يكتب: أهمية دور الممارسات الزراعية الحديثة في تحديث الزراعة المصرية

استاذ ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية – مصر

لاشك ان القطاع الزراعي يشهد تطورا ملحوظا في الآونة الاخيرة رغم المتغيرات الدولية الراهنة و ما يحدث علي الساحة الدولية من تحديات في سلال  الامداد والغذاء وحالة الجفاف التي تضرب معظم دول العالم و إن القطاع يحتاج الى التكيف مع حالة ندرة المياه عن طريق قدرة القطاع علي تطوير منظومة الري الحقلي .

ليس هذا فحسب ولكن تحديثها والاستفادة من البحوث العلمية المرتبطة بالأصناف والسلالات عالية الانتاجية المتحملة للجفاف وقصيرة العمر بالإضافة الي الممارسات الزراعية الجيدة ونقل التكنولوجيا مع الزراعة الرقمية التي تستفيد بشكل امثل من المياه مع المتغيرات البيئية وفي ظل التغيرات المناخية وتحدياتها.

خطوات تحديث الزراعة المصرية وتوفير مستلزمات الأنتاج

وتعد الممارسات الزراعية أحد أهم توفير مياه الري من خلال التسوية بالليزر والزراعة علي المصاطب والحرث تحت التربة واضافة الجبس الزراعي وصيانة المصارف ورفع كفاءتها لحماية التربة من التملح والقلوية وتقليل احتياجات الغسيل مع رفع مستوي خصوبة التربة وصيانة المجاري المائية وخاصة قنوات الري الرئيسية والفرعية لتوصيل المياه بالمقنن المائي لزمام الاراضي المنزرعة دون عجز او نقصان وفي التوقيتات المناسبة مع تحديث المنظومة لتوفير المياه بشكل دائم مع تحديث نظم الري في الاراضي الجديدة التي تعتمد علي الري السطحي وليس الجوفي.

ولدعم قدرتها علي الوفاء بالاحتياجات المطلوبة لنظم الري الحديث وبالتالي تفعيل المستهدف من زيادة انتاجية وحدة الارض وحدة المياه المستخدمة وتحقيق المستهدف من استصلاح اراضي جديدة تطلبها خطة التنمية الاقتصادية مع زيادة معدلات النمو السكاني لاستدامة التنمية الزراعية وزيادة الانتاج الزراعي .

المياه المفقودة ليعاد استخدامها ضمن المنظومة مرة اخري داخل منظومة الري سواء كانت من المياه الجوفية او مياه الصرف الزراعي وان مشكلة تدهور نوعية المياه مترابطان بحجم المياه المتاحة لأغراض محددة مقيدة بجودتها واعادة استخدامها في الزراعة مع تحديث منظومة الري واستكمال مفهوم الادارة المتكاملة للمياه داخل منظومة الري الحقلي .

تحديث الزراعة المصرية والموارد المائية

ومن ناحية أخرى ، قد يتسبب الطلب المتزايد على موارد المياه المحدودة في تدهور الجودة الذي يؤثر علي تزايد عدد السكان و خاصة في مناطق الأحياء الفقيرة والأنشطة الصناعية والتحضر والتلوث والتغيرات المناخية وكلها تؤثر سلبا على جودة المياه. علاوة على ذلك ، فإن ارتفاع جودة المياه يعني انخفاض خطر نقص المياه عند مستوى معين من الإنتاج إلى جانب ذلك يؤدي ارتفاع جودة المياه إلى إنتاجية نسبية أعلى مع العوامل الزراعية الأخرى وخاصة الأراضي وانتاجيتها. وبالتالي ،
فمن الأهمية بمكان أن تضع مصر استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز إمدادات المياه من الموارد التقليدية وغير التقليدية وكذلك الحفاظ على جودة المياه وتحسين نوعيتها بصورة افضل وهناك حاجة ملحة لاكتساب المزيد من الأفكار حول جودة المياه وآثارها على الإنتاجية الزراعية.

الاثار المرتبطة بالتحسينات في نوعية المياه والأراضي ربما يشجع علي توفير تقييمات كمية لتأثير التحسينات النوعية لإدارة المياه وكذلك لأنواع مختلفة من نوعيات مختلفة لمياه الري تحت ظروف ندرة المياه. وما مدى أهمية الآثار المحتملة لانخفاضات مياه النيل على القطاع الزراعي والاقتصاد ككل؟

و ما هي التحسينات الكافية في كفاءة الري المطلوبة لتعويض الخسائر المحتملة لمياه النيل ؟

تحديث الزراعة المصرية وكفاءة الري

ضرورة الاستثمار في تأمين الموارد المائية غير التقليدية مع البحث عن استراتيجية بديلة قابلة للتطبيق لاستراتيجية كفاءة الري وبالتالي فإن المهام الملحة هي إعادة تقييم إنتاجية مياه الري والأراضي وكذلك كفاءة نظام الري الحالي والادارة الشاملة والمتوازنة لمنظومة الري من خلال الادارة المتكاملة للموارد المائية في كافة الانشطة ودراسة الطلب علي المياه والاحتياجات ووضع الاولويات ودراسة التخصيص الأمثل للموارد المائية واهم موارد التنمية لهذه الموارد بمضمون شامل يسمح برفع كفاءة الاستخدام وتوفيرها بشكل اقتصادي دون ظهور خلل اجتماعي او اقتصادي يترتب علي ذلك .

وان دراسة الآثار المحتملة للتغيرات في كفاءة الري المرتبطة بالتحسينات في نوعية المياه وكفاءة التوزيع والاستهلاك أمر بالغ الأهمية للاقتصاد المصري لتوفير الاحتياجات المائية المطلوبة والملائمة لمعظم الاحتياجات المختلفة سواء الزراعية او الانشطة السكانية او الصناعية

القيمة الاقتصادية لمياه الري في تحديث الزراعة المصرية

قد يعد نظام الري في مصر مثالاً ممتازًا لنظام متعدد الاستخدامات للمياه لدورة ذات كفاءة عالمية عالية تصل الي ٨٥% لاستخدامات المياه واعادة تدويرها وقد تصل الي مستويات اعلي بعد انشاء محطات معالجة بحر البقر والمحسمة وغيرها من المحطات وتحلية مياه البحر واعادة استخدام كل قطرة مياه في مكانها المناسب رغم انخفاض كفاءة الري السطحي في الري بالغمر الا ان المياه المفقودة بالرشح او الغسيل او الجربان السطحي والاستخدام المفرط لكميات المياه عن حاجة النبات تذهب الي المياه الجوفية والمصارف الا ان اعادة استخدمها ومعالجتها يكلف الدولة مليارات الجنيهات لتكاليف مضاعفه عنها في حالة الترشيد والاستخدام الامثل لها بشكل مباشر.

ولكن كفاءات النظام تعد منخفضة علي المستوي الداخلي علي مستوي التوزيع والنقل والاستخدام في الحقل . وتهتم مصر بتوسيع المساحة المروية بمياه نهر النيل دون تقليل الإنتاجية العالية للمناطق المروية الحالية بل تعمل علي تعظيم الانتاجية لكل من وحدة الارض مقابل وحدة المياه المستخدمة .

كل ذلك يؤكد علي فجوه مائية كبيره. لذا من الاهمية رفع الكفاءة الاقتصادية علي مستوي الحقل التي تعمل علي توفير المياه وزياده الإنتاجية من وحدة المياه والارض الامر الذي يجعل الأولوية لمشروعات تطوير الري الأولوية الاولي لأهميتها كنظم الري داخل الحقل وخاصة نظم الري الحديثة كالري بالرش والتنقيط لرفع كفاءة الاستخدام من 55 % الي 90% بما يعني الاستفادة بتعديل الكفاءة المستخدمة في النظام مع الممارسات الزراعية المتبعة والتي تطلبها زيادة الكفاءة الكلية لمردود وحدة المياه في داخل الحقل عنها في المجاري المائية لترع النقل والتوزيع التي يمكن ان تعود لمنظومة الري بشكل اخر من خلال كفاءة نظام الري العام واعادة تدوير المياه التي تصل الي ٨٠ %  تقريبا علي المستوي القومي وهي اعلي كفاءة لنظام ري في العالم.

الرؤيا التنفيذية لتطوير القطاع الزراعي علي المستوي القومي

إن قضية ندرة وشح المياه من اهم القصايا الوطنية التي تعمل عليها الدولة المصرية وتعد من اجلها الكثير من الاستراتيجيات والبرامج المتكاملة لحل هذه القضية التي ربما تنعكس علي الكثير من القرارات التنفيذية في مجالات التنمية  وسوف تؤثر على القطاع الزراعي اكثر من القطاعات الاخرى ،

وفي ظل جميع السيناريوهات التي يتم وضعها والعمل من خلالها ربما تكون هي اهم الخطوات البناءة نحو استراتيجية واضحة وفعالة ينفذها القطاع الزراعي بمشاركة شركاء التنمية وادارة الموارد المائية ومن خلال اليات فعالة وفاعلة في تغيير مفهوم ادارة المياه من نهج الوفرة الي نهج الندرة.

فالحفاظ على القطاع الزراعي بوصفه احد الدعامات الاساسية للاقتصاد الوطني ما تقوم به  الدولة المصرية من مشروع عملاق لاستصلاح واستزراع ملاين الافدنة من الاراضي الصحراوية بمفهوم الزراعة الحديثة والذكية التي ترشد استخدام المياه مع معالجة مياه الصرف الزراعي  واستغلال المياه الناتجة من المعالجة الثلاثية فيها

ولإنجاز ذلك سوف يتطلب برنامج قومي يحتاج الي دعم ورعاية وشراكة من كافة الجهات من اجل الحفاظ علي منظومة تطوير وتحديث الري ورفع كفاءة الاستخدام والقدرة علي التوعية الاعلامية وزيادة وعي النشيء بالمدارس والجامعات والمزارعين بالحقول والسكان والمصالح الحكومية ( الاستخدامات المنزلية ومعالجة مشاكل التسرب في المياه داخل شبكة التوزيع لمياه الشرب والصرف الصحي) .

توجيه جهود المحافظة نحو المناطق التي تكون فيها دورات الاستخدام المتعددة ممكنة فان ذلك يمثل نجاح لإدارة المنظومة وبالتالي زيادة الكفاءة [الكفاءة الفعالة] لتكن عالية جدًا بالفعل مما يؤدي إلى وفورات حقيقية في المياه تصل الي النسب المستهدفة والتي تبلغ 10 بالمائة من اجمالي الموازنة المائية المخصصة للأراضي القديمة يمكن ان تسهم بشكل فعال  في خطة الاستصلاح التي تتبنها الدولة من خلال  القيادة السياسية .

تدفع الإرادة السياسية بشكل فعال وعملي نراه علي ارض الواقع من زيادة الانتاج الزراعي للخضر والفاكهة والانتاج الحيواني المتنوع  ومحاولة الوصول بنسب عالية من محاصيل الحبوب والزيوت والسكر وهو ما انعكس علي الاهتمام بالملف الزراعي وتصدره اولويات الدولة  من دعم ومتابعه السيد الرئيس لسد الفجوة الغذائية  وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية .

لم يشهد الملف الزراعي منذ سنوات طويلة مثلما نراه  اليوم في ظل اهتمام القيادة السياسية وبعد النظر للإحداث التي يمر بها العالم من نقص في امدادات الغذاء حول العالم وارتفاع أسعاره بشكلٍ مبالغ فيه مما يلقي بصعوبات شديدة وكارثية علي الدول الفقيرة والنامية وايضا الدول الغنية ولكن بصورة اقل .

ان محاولات الدفع في اتجاه التنمية الزراعية المستدامة بتبني مجموعه السياسات الزراعية المتكاملة المرتبطة بالانتهاء من التشريعات الزراعية وتشجيع المزارعين والمنتجين الزراعيين بنقل التكنولوجيا اليهم وخفض فوائد الاقراض الزراعي ضمن المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر ومنها  بصفه خاصه مشروعات تحديث الري الحقلي .

الزراعة المصرية وتحديث منظومة الري

تسهدف الدولة من خلال منظومة تحديث الري الوصول بمساحات الأراضي التي ينفذ بها المشروع ان تصل مساحتها إلي 3.7 مليون فدان بالأراضي القديمة بالوادي والدلتا التي تستخدم الري بالغمر بدلا من النظم الحديثة كالري بالرش والتنقيط لزيادة الإنتاجية وخفض تكليف الانتاج لتوفير الاسمدة والطاقة والعمالة وزيادة المساحة المنزرعة من الاراضي الجديدة المستصلحة فان وطبقا لنوعية التربة وخواصها وتحسينها واستخدام الممارسات الزراعية المناسبة والمحافظة عليها من التمليح او التصحر  وحمايتها من التدهور لجعلها العنصر الاساسي في منظومة الانتاج الزراعي.

ربما تعكس ذلك رؤيا واضحة وحقيقية في نظم الممارسات الحديثة لإدارة الاراضي  مع منظومة الري سوف تساعد في الوصول للأهداف القومية لترشيد وتوفير المياه. وان اتاحة التمويل الميسر من الحكومة لذلك بقروض ميسرة تصل الي صفر بالمائة فائدة  علي ١٠ سنوات   سوف تعظم الفرص المتاحة في الانتاج الزراعي وتشجع المزارعين التنفيذ بشكل ميسر.

هناك حزمة من الخطوات المستخدمة لتشجيع المزارعين علي تحديث الري من خلال التوعية  و وتيسير الإجراءات للحصول علي هذه القروض سواء للإفراد او الجمعيات  معتمدا  علي التكلفة الفعلية دون مبالغة في التكلفة او وضع سقف للقرض للفدان بدون فوائد وما  زاد عنه يمكن  ان يدفعه المزارع  طالما هو يرغب في اختيار الافضل والاستدامة  لنظم الري الجديد  و بعد دخول شركات تحديث منظومة الري الحقلي للعمل في التركيب وانشاء المنظومة وكذلك دعم منظومة التصنيع المحلي لإنتاج مستلزمات شبكة الري من مواسير و طلمبات وفلاتر  وخراطيم ورشاشات وغيرها.

القطاع الزراعي هو القطاع الاكثر ديناميكية وحيوية  و القادر علي النمو واستيعاب القدر الاكبر من الاستثمارات المتنوعة في استصلاح الاراضي وزيادة الرقعة الزراعية وما يطلبه ذلك في مشروعات الانتاج الزراعي المكشوف وتحت الصوب الزراعية والانتاج الحيواني  المتنوع ومعهم الانتاج السمكي.

أولوية المشروعات الزراعية لتحديث الزراعة المصرية

ليس هذا فحسب ولكن ما يرتبط بهذه المشروعات من متطلبات ذلك من مصانع اعلاف ومحطات فرز وتعبئة ومراكز لتجميع الالبان والتي تصب كلها في عمليات التصنيع الزراعي والاستفادة من المنتج الزراعي ورفع القيمة المضافة لهذه المخرجات الزراعية والتي ثر علي جهود التنمية الحقيقية التي تبذلها الدولة المصرية مع زيادة مضطردة في النمو السكاني ومع ازمة الغذاء العالمية .

كم كان القطاع الزراعي يمثل المصدر الرئيسي من العملة الصعبة حتي نهاية السبعينات ويمكن ان يكون المخرج بزيادة الصادرات الزراعية وتقليل الواردات من السلع الغذائية الضرورية كالقمح والذرة الصفراء والزيتية وزيادة المساحة المنزرعة من القمح الي ٤.٥ مليون فدان مرحليا  العام القادم وزيادة مساحة الذرة الشامية البيضاء والصفراء الي  ٣ مليون فدان.

ربما يساهم ذلك في  حل جزء كبير من فجوة الذرة الصفراء التي تستخدم في علف الاعلاف والاستفادة منها مع دوار الشمس لإنتاج الزيوت مع الزيتون في نطاق الساحل الشمالي للجمهورية والاستفادة من الذرة الشامية  بخلطها بنسبة ٢٠ بالمائة للوصول بالاكتفاء الذاتي من قمح الخبز و زيادة مساحة الارز استثناء لهذا العام ربما يقلل الضغط علي رغيف الخبز وخاصة في الوجه البحري والدلتا  الذي يعتبر الارز  وجبة اساسية لأكثر من خمسون مليون مصري في غذائهم.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى