الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د خالد شوقي يكتب: ماهي الآثار السلبية لملوثات الغذاء على صحة الانسان والبيئة؟

أستاذ صحة الأغذية – معهد بحوث صحة الحيوان – مركز البحوث الزراعية – مصر

الملوثات الغذائية هذا المصلح يشير الى احتواء الغذاء سواء كان الطعام او الماء على مواد تجعله غير صالح للاستهلاك الادمي او الحيواني تلك المواد قد تصل للغذاء عن طريق طرق عديدة اثناء اي مرحلة من المراحل التي يمر بها بدء من الزرعة وصولاً للمستهلك وما قد يترتب على تناول هذا الغذاء اصابة المستهلك بالعديد من الامراض

أهم ملوثات الأغذية

  • الملوثات الطبيعية: – Physical contaminants    

والتي تصل للغذاء اثناء النمو والحصاد كالحجارة والاتربة والمعادن او خلال المراحل التصنيعية المختلفة كالزجاج وبقايا العظام او اثناء التعبئة والتوزيع كالحشرات والشعر

  • الملوثات الحيوية الميكروبية:- Microbiological contaminants  

منها الفيروسية والطفيلية والبكتيرية والفطرية وسمومهما والسموم البحرية الحيوية المنشأ حيث يمكن أن تحتوي الأغذية الأساسية مثل الذرة أو الحبوب على مستويات مرتفعة من السموم الفطرية مثل الأفلاتوكسين والأوكراتوكسين  الناتجة عن تعفّن الحبوب. او نتيجة وجود مواد مسببة للحساسية كالهستامين بالاسماك … وقد يكون للتعرض الطويل الأمد لهذه المواد تأثير على الجهاز المناعي والنمو الطبيعي أو يسبب الإصابة بالسرطان.

  • التلوث بالمواد الحافظة: Contamination through food additives

حيث تستخدم المواد الحافظة لزيادة فترة الصلاحية أو لتحسين خواص الغذاء سواء في صورة محسنات طعم أو رائحة أو قوام أو لون أو مستحلبات أو مثبتات حيث ان استخدامها بنسب اعلى من المسموح بها او استخدام مواد حافظة محظور استخدامها قد يعرض المستهلك الى مخاطر صحية عديدة منها ما يضر بالجهاز المناعي للجسم مثل مثل المواد المشبعة بالكلور اذا ما استخدمت في ترطيب مواد تغليف الأغذية  Per- and Polyfluorinated Substances (PFAS) او تكون ملوثة ببعض الميكروبات المسببة للتسممات الغذائية

  • التلوث ببقايا المضادات الحيوية والهرمونات Antibiotics and hormones

تعتبر المستحضرات البيطرية (مضادات حيوية – معززات النمو – هرمونات) في مزارع الحيوانات المنتجة للغذاء لها دور مهم في السيطرة والتحكم في الأمراض المشتركة التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان وتلافي حدوثها اضافة الى تقليل معاناة الحيوانات …

كما ان الهرمونات ومعززات النمو تعمل على زيادة الإنتاج كما وحجما .. الا ان استخدامها خاصة الهرمونات الاصطناعية قد يؤدي الى وجود بقاياها في المنتجات الحيوانية التي تدخل في السلسلة الغذائية وبالتالي احتمالية وجود مخاطر على صحة المستهلك ومن تلك الهرمونات الاصطناعية شائعة الاستخدام (ميلينجيسترول أسيتات – ترينبولون – وزيرانول – داي ايثيل استلبوستيرول Melengestrol acetate, Trenbolone acetate, Zeranol and Diethylstilbestrol)   …

وتطور الامر الى استخدام الأدوية البيطرية كعامل وقائي لمنع حدوث الأوبئة دون حدوث المرض حيث يتناولها الحيوان عن طريق مياه الشرب أو عن طريق تغطيس الحيوان كاملا .. والذي يؤدي الى تراكم متبقيات الأدوية في أنسجة وألبان حيوانات المزرعة والتي بدورها قد تشكل خطورة كبيرة ومباشرة على مستهلكيها.

كما بدأ في الآونة الأخيرة استخدام بعض الأدوية المهدئة للتحكم في هياج الحيوانات وتقليل إجهادها عند نقلها للمجازر لذبحها وهذه المعاملة تؤدي الى تعريض المستهلك لأخطار صحية حيث تتسبب هذه المهدئات في زيادة عطش الحيوانات وبالتالي استهلاكها كميات كبيرة من المياه دون أن تحس بالارتواء مما يتسبب في زيادة حجمها وزن لحومها ولكن المشكلة الأخطر هو في إمكانية أن تظل تركيزات من أدوية المهدئات في الأنسجة الحيوانية وما قد يترتب على ذلك من أخطار صحية ضارة على المستهلك عند تناوله هذه النوعية من اللحوم.

ماهي علاقة مشكلة الهرمونات بالصحة العامة؟

  • إمكانية انتقال بقاياها للإنسان وغالباً ما يكون تأثيرها أكبر على الأطفال خاصة عند تناول الحليب أو منتجاته مسببة اضطرابات هرمونية ويكون ذلك التأثير أكبر في فترة الطفولة والمراهقة
  • ظهور بعض الأورام السرطانية والتي تنتج بسبب حدوث اضطرابات هرمونية نتيجة دخول هذه الهرمونات إلى جسم الانسان دون ان بفرزها الجسم نفسه (سرطان الثدي والرحم والكبد) لصعوبة تحلل تلك الهرمونات داخل الجسم حيث تتحول إلى مركبات يمكن أن تذوب في الماء مما يكون له أثر تراكمي بصفة مستمرة داخل الجسم
  • سرعة بلوغ الإناث وتأخر البلوغ عند الذكور وضعف القدرة الجنسية عند الرجال أو العقم عند الجنسين
  • الهرمونات لها تأثيرا ساما لأنه ينتج عنها مركبات أو مواد أخرى تزيد من إفراز الأنسولين وتعمل على ارتفاع ضغط الدم بالجسم.
  • التلوث بالمعادن الثقيلة]       Contamination with heavy metals

أي العناصر الثقيلة ذات الطبيعة السامة مثل الزئبق والزرنيخ والرصاص والكادميوم والألومنيوم التي تسبب ضرر بالاعصاب والكلى وتصيب الإنسان بالتسمم لتركزها في جسمه نتيجة تناوله أغذية نباتية أو حيوانية ملوثة بتركيزات مرتفعة من تلك العناصر. وتتلوث الأغذية بالمعادن الثقيلة نتيجة تلوث الهواء والماء والتربة.

  • الملوثات الكيميائية:- Chemical contaminants                  

ويطلق على اي مادة كيميائية تصل الى الغذاء او تضاف اليه والتي تمثل خطورة على صحة المستهلك وهي تنقسم اللى نوعان رئيسيان

  • ملوثات كيميائية زراعية : Agro-chemical contaminants

ويقصد بها المواد الكيميائية التي تستخدم في زيادة الإنتاج النباتي والحيواني والسمكي وبقاياها والتي تتصف بخطورتها وتأثيرها الضار على الصحة وجميعها لها حد أقصى مسموح به يتم تحديده من قبل الجهات والمنظمات والهيئات الدولية المعنية بسلامة الأغذية والذي يجب عدم تجاوزه حفاظاً على صحة المستهلك مثل المبيدات الحشرية والفطرية ومبيدات الحشائش (المركبات الكلورونية العطرية ومركبات البيفينيل عديد الكلور والديوكسين والمبيدات الفسفورية والليندان) .. أيضاً الأسمدة الزراعية خاصة الاسمدة البيتروجينية والفوسفاتية.

مخاطر الإسراف في إستخدام الأسمدة

ان الاسراف فى استخدام الاسمدة النيتروجينية قد يسبب اضرار بيئية تتمثل في تلوث مياه الرى أو الصرف بأيون النترات (NO3) والتي تختزنة بعض النباتات فى أنسجتها بنسبة عالية وعليه تنتقل النترات عبر السلسلة الغذائية للانسان فتصيب مستهلكي الغذاء من الأطفال بفقر دم وسرطان البلعوم والمثانة عند الكبار. كما يحدث الضرر البيئي أيضاً من الاسراف فى استخدام الاسمدة الفوسفاتية حيث زيادة نسبتها فى التربة تؤدى إلى ترسيب بعض العناصر النادرة الموجودة فى التربة الزراعية التى يحتاجها النبات فى نموه وتحويلها إلى مواد عديمة الذوبان فى الماء وغير صالحة لامتصاص النبات.

كما يأتى الضرر البيئى للمبيدات الكيماوية من أن أغلبها مركبات حلقية بطيئة التحلل وتحتوى على عناصر ثقيلة ذات درجة سمية عالية كما أن نواتج تكسرها يزيد من تركيز وتراكم الكلور والفوسفور والنترات عن الحد المسموح به فى البيئة الزراعية.

كما ثبت علمياً أن التلوث البيئى بمبيدات الافات يساعد على تدمير الكبد .. حيث تنتقل بقايا المبيدات بالتربة الى الخضر والفاكهة وغيرها فتصيب الانسان بالعديد من الالتهابات الكبدية المزمنة اضافة الى ان التلوث بمبيدات الحشائش والافات وعادم السيارات يؤثر على الغدة النخامية لمخ اإلنسان وتؤدى إلى حدوث حالات عقم بالرجال.

  • ملوثات كيميائية صناعية: Industrial chemicals contaminants

وتضم بقايا مواد النظافة والتطهير والزيوت والشحومات والسولار والكيروسين والأمونيا وايضاً المبيدات الحشرية والتي يجري التعامل اثناء تصنيع المواد الغذائية أو خلال تداولها وحتى التوزيع النهائي لها وتتصف هذه المواد بسميتها في تركيزاتها المرتفعة.

وموضوع المقالة التي نحن بصددها يتطرق الى الملوثات التي تسببها المواد الكيميائية الزراعية والصناعية ونخص بالذكر المبيدات بجميع انواعها وتعتبر المبيدات على وجه العموم مصطلح يطلق على كل مادة كيميائية تستعمل لمقاومة الافات الحشرية أو الفطرية أو العشبية .. وتنقسم إلى خمسة مجاميع رئيسية

  • المبيدات الحشرية   Pesticides
  • مبيدات الحشائش والاعشاب   Herbicides
  • مبيدات الفطريات                                  Fungicides
  • مبيدات القوارض                                        Rodenticides
  • مبيدات الديدان                                                       Nematocides

وجميعها تستخدم في حماية المحاصيل اما من الحشرات والقوارض والحشائش والاعشاب والفطريات والديدان الضارة والافات الاخرى العديدة  لكنها في نفس الوقت قد تتسبب في حدوث ضرر لمستهلكي الغذاء…  فقد اثبتت الابحاث العملية ان استخدام بعض انواع من المبيدات قد تشكل خطراً حقيقياً على صحة الانسان سواء على المدى القريب (حادة) والتي تظهر اثارها بمجرد التعرض لتلك المبيدات او التي تظهر اثارها على المدى البعيد والتي يطلق عليها المخاطر المزمنة (كالسرطان – فشل في وظائف الكلى والكبد – الاثار الضارة على الانجاب) وذلك بسبب الضرر التي تحدثه تلك المبيدات بالحمض النووي دي ان ايه (DNA) .

مخاطر التعرض للمبيدات واثارها السلبية تعتمد على عدة عوامل من أهمها:

  • حجم ومقدار المبيدات: (مقدار المادة الكيميائية التي يتعرض لها الشخص) فكلما ارتفع مقدار المبيد او المبيدات التي يتعامل معها الانسان كلما زادت المخاطر الصحية
  • قدرتها على البقاء لسنوات عديدة دون تحللها: استمرار وجود بعض مبيدات الآفات الحشرية لسنوات عديد في التربة والمياه بسبب البطئ الشديد في تحللها. وقد تم حظر هذه المواد الكيميائية من الاستخدام الزراعي في البلدان المتقدمة ولكن لا يزال يتم استخدامها في الكثير من البلدان النامية واكبر مثال على ذلك مركب ثنائي كلورو ثنائي فينيل ثلاثي كلورو الإيثان أو كما يعرف باختصاره الشهير دي دي تي  DDT)) والذي كان يستخدم على نطاق واسع لمكافحة الآفات الحشرية حيث ان شدة السمية تكمن في وجود مادة  Cl3CH والذي يذوب في النسيج الدهني للحشرة فيقضي عليها على الفور ..ويعد من أفضل المبيدات الحشرية من حيث الفعالية إلا أن الآثار السلبية للمركب وبعض نواتج تحلله في التربة على البيئة بشكل عام وتأثيره الضار على البيئة الحيوانية بشكل خاص أدى إلى تضاؤل استعماله بشكل كبير ]1,2,3[ حيث ادى استخدامه لقتل العديد من الحشرات النافعة مثل النحل أو الفراشات والتي تحتاجها الأزهار لإتمام عملية التكاثر كما كان له دور في القضاء على انواع عديدة من الحشرات النافعة والتي كانت تتغذى على الحشرات الضارة أي الى حدوث خلل بالتوازن البيولوجى للبيئة والتنوع الحيوي Biodiversity وفي حالة تسرب تلك المركب مع مياة الأمطار إلى الأنهار والبحيرات فقد يتسبب في قتل الكثير من الأسماك والكائنات البحرية وبالتالي يصيب أعلى السلسلة الغذائية بما فيها الإنسان.
  • كيفية التعرض للمبيدات: حيث ان الأشخاص الذين يواجهون أكبر المخاطر الصحية بسبب التعرض لمبيدات الآفات هم الأشخاص الذين يتعاملون مع هذه المبيدات في العمل أو المنازل أو الحدائق من خلال الاحتكاك المباشر عن طريق الجلد او من خلال الاستنشاق او عن طريق البلع.

كيفية حماية البيئة من التلوث بالمبيدات وكذلك القائمين على استخدامها والحفاظ على صحة المستهلك من البقايا الضارة للمبيدات

تتولى منظمة الصحة العالمية (WHO) بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (FAO) وهيئة الدستور الغذائي (CODEX) المسؤولية في وضع الحدود القصوى لمخلفات مبيدات الآفات في الغذاء والمياه تماشياً مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية (الجات) بشأن تيسير التجارة كما يتولى سبل تقييم مخاطر مبيدات الآفات على صحة الإنسان سواء من خلال التعرض المباشر أو من خلال المخلفات الموجودة في الغذاء كما تتولى المسؤولية عن إصدار التوصيات اللازمة لتوفير سبل الحماية. وفيما يلي نسرد بعض السبل الخاصة بالحفاظ على صحة الانسان والوضع الصحي للبيئة المحيطة

  • توفير الحماية الكافية للأشخاص الذين يقومون برش مبيدات الآفات على المحاصيل الزراعية أو في المنازل أو في الحدائق عن طريق ارتداء القفازات وأقنعة الوجه عند الضرورة .. أما الأشخاص الذين لا يشتركون بشكل مباشر في رش مبيدات الآفات فينبغي عليهم الابتعاد عن المكان أثناء الرش.
  • بعض المبيدات الحشرية مخاطرها اكثر من نفعها لذلك لم يعد لاستخدامها اي مبرر
  • منع استخدام المبيدات الخطرة على الصحة والبيئة إضافة إلى الحد من استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية في الزراعة واستبدالها بالأسمدة العضوية والمبيدات الحيوية  اضافة الى عدم الاسراف في استخدام المبيدات مع خفض كمية مبيدات الافات المستخدمة الى الحد الأدنى الضروري لحماية محاصيلهم.
  • استخدام المزارع لمياه ري نظيفة لري المزروعات وخاصةً التي تؤكل نيئة. كذلك ذبح الحيوانات في الأماكن المخصصة لها تحت إشراف صحي بيطري.
  • توفير مياه شرب نظيفة مع ضرورة تنظيف وتعقيم خزانات المياه بشكل دوري.
  • منع بيع وتداول الأغذية المكشوفة بأي شكل من الأشكال.
  • إجراء فحص طبي دوري للعاملين في مجالات التصنيع الغذائي المختلفة كمصانع الأغذيةوالمطاعم والعاملين في مجال الوجبات السريعة
  • بالنسبة للمستهلك فيفضل عدم استخدام العلب البلاستيكية وأكياسالنايلون لحفظ الطعام مع ضرورة غسل الأيدي جيداً قبل تناول أي طعام مع تنظيف أواني الطهي والادوات تنظيفاً جيداً قبل الاستعمال.
  • تعقيم الخضراوات والفواكه بمادة البرمنغنات أوغسلها جيداً بالماء والصابون قبل الاستهلاك.
  • كما ينصح باختيارالأغذية والمشروبات الطازجة والابتعاد عن الأغذية المحفوظة بقدر الإمكان
  • استخدام فلتر لمياه الشرب او غليها وتصفيتها ثم تناولها.

REFERENCES            المراجع

  1.  org (2007): The Nobel Prize in Physiology of Medicine 1948, accessed July 26, 2007.
  2. PMID(2008): “Effects of exposure to polychlorinated biphenyls and organochlorine pesticides on thyroid function during pregnancy”، American Journal of Epidemiology، 168 (3): 298–310، doi:1093/aje/kwn136، PMC 2727265، PMID 18550560.
  3. Jayashree, Jayashree (2009)، “Pesticide level in veggies, fruits rises”Economic Times

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى