د عبدالسلام منشاوي يكتب: الحقيقة في خلط أصناف القمح عند الزراعة

رئيس بحوث متفرغ  -قسم بحوث القمح – معهد المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية – مصر

موضوع مثار بشكل كبير هذه الأيام سواء في شكل اسئلة متكررة ترد إلي كثيرا أو منشورات موجودة لأكثر من كاتب على صفحات التواصل. والحقية أن الكلام  في هذا الموضوع مختلف فيه بشكل كبير جدا فمنه ما هو مخالف تماما للحقيقة العلمية ومنها ما هو مبالغ فيه بشكل كبير جدا مع عدم علم والقليل منه واقعي.

فيقول أحدهم أن الخلط  بهدف زيادة الانتاج غير صحيح علميا وعمليا وسماها آخر ظاهرة سلبية تواجدت بشدة في السنوات الاخيرة من مزارعي القمح ولا يعلم من اين أتت.

ثم بدأ البعض في ذكر عيوب الخلط وعدد منها اختلاف الارتفاع بين الأصناف فيكون الحقل مشوه وغير متجانس ويسبب مشاكل اثناء الحصاد الالي وستؤثر على كفاءة «الدرافيل» وكلام كثير ولا أدري ما هي علاقة اختلاف ارتفاع النبات بكفاءة «الدرافيل».

وذكر البعض مشاكل اختلاف الأصناف في النضج  وكذلك مقاومة الأصداء ثم ذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك بأن اختلاف  جودة الحبوب تمثل مشكلة كبيرة  حيث يكون اللون ابيض مع غامق في الوقت الذي ليس فيه خلاف أن الخلط يحسن جودة الأصناف منخفضة الجودة.

وفي ظل هذا الجدل سوف نحاول إن شاء الله توضيح هذه النقاط من الناحية العلمية فيما يتعلق بخلط أصناف القمح

أولا:-خلط الأصناف صحيح علميا وعمليا وليس شيء جديد مستحدث كما زعموا ولكنه قديم جدا وهناك أبحاث كثيرة جدا منشورة في هذا المجال قديما وحديثا وسوف أرفق بعض الأبحاث الحديثة لمن يريد الاطلاع.

وقد كان الاجداد يقومون  بخلط القمح مع الشعير لتحسين الجودة وكان ذلك منتشر في الريف قديما. وانتشر خلط الأصناف قديما أيضا في الدول الأوربية وأمريكا وخصوصا في الدنمارك وألمانيا حتى تسعينيات القرن الماضي وبعدها بدأ يقل خلط الأصناف.

ثانيا:- ليس هناك توصية من قسم بحوث القمح بخلط الأصناف وكلامي هنا رأي علمي من أبحاث منشورة في مجلات عالمية وأنا ناقل له وبعض التجارب الشخصية.

ثالثا:- هناك  بعض الآراء  العلمية توكد أن خلط الأصناف له تأثير ايجابي في زياده المحصول، نظرا لاستغلال القدرة التنافسية بين الأصناف المكونة لهذه المخاليط واختلاف بعض الصفات الزراعية مثل طول النبات والإصابة بالأصداء والتبكير. بل ويشترط  أن تكون الاصناف متباعدة ومختلفة في الصفات الحقلية بين الأصناف المكونة للمخلوط  لكي يعطي نتائج أكثر ايجابية( مختلفة في الارتفاع ، مختلفة في التبكير ، مختلفة في جينات المقاومة للأصداء).

رابعاً:- يمكن أن يكون الخلط  بين صنفين أو أكثر  وقد وصل في بعض البحوث عدد الأصناف في الخلط إلى 8 أصناف . ويمكن تغيير نسب الخلط بين الاصناف بدرجات مختلفة فقد تكون بنسب 1:1 أو 1:2 أو 1:3 وهكذا.

خامساً:- قال لي قائل تليفونياً  ان زراعه الأصناف الخليطة تهجن بعضها البعض وهذا هو سبب زياده المحصول على حد زعمه وجادل بإصرار عجيب على ذلك. …  وهذا الكلام مردود عليه علميا بان القمح محصول ذاتي التلقيح وبالتالي وجود خليط من الاصناف لا يؤدي الى التلقيح الخلطي إلا بنسبه ضئيلة جدا ولا تمثل قيمه في نسبه التلقيح الخلطي.

وحتى  لو سلمنا جدلا أن هناك نسبه من التلقيح الخلطي تحدث، فلا يتم الاستفادة من نظريه قوه الهجين الا في العام القادم حيث تزرع البذور التي تحتوي على الجنين الناتج عن التلقيح الخلطي مع العلم أن قوة الهجين منخفضة في القمح خلاف المحاصيل خلطية التلقيح، اما في الموسم الذي تم فيه الخلط فليس هناك وجود لنظرية قوة الهجين.

سادساً:- كثيراً من البحوث تؤكد أن خلط الأصناف المختلفة في الارتفاع والتزهير والإصابة بالأمراض يكون لها تأثير مكمل فيما بينها ويساعد على ثبات الإنتاج بشكل بسيط ويحسن من مكافحه المرض. وقد ذكر أحد الباحثين أن من بين استراتيجيات مكافحة مرض الصدأ الأصفر من خلال الممارسات الزراعية بزراعة مخاليط الأصناف(Abebe W.  2020)  وتكون الإصابة بالأمراض اقل في حاله المخاليط عنها في الزراعة بصنف منفرد نقي.

.

سابعاً:- لم يذكر أي من البحوث أن هناك ضرر من خلط الأصناف ولكن ذهب البعض بأن العائد منها بسيط  من ناحية المحصول ولا خلاف من ناحية تحسين الجودة في حالة أن جودة الحبوب في بعض الأصناف منخفضة.

ثامناً:- يرى البعض أنه نظرا للتغيرات المناخية خلال السنوات الماضية وما لها من تأثير سلبي على القدرة الإنتاجية لأصناف القمح وكذلك زياده الضرر الناتج عن زياده الإصابة بالأصداء، فأن خلط بعض الأصناف النقية لها تأثير مكمل فيما بينها يساعد على ثبات الإنتاج نسبياً.

تاسعاً:- على المستوى الشخصي أعرف مزارعين قاموا بخلط بعض الأصناف عند الزراعة في الأعوام السابقة بمساحات محدودة وللاستهلاك الأسري فقط  بهدف تحسين الجودة وزعموا أن عندهم زيادة في المحصول بجانب تحسين الجودة.

وأنا لا أعترض على من يقوم بخلط الأصناف حيث لا يوجد  أضرار لها ولا أوصي بالخلط حيث أن هناك عدم يقين في زيادة الإنتاج بشكل معنوي  بل أترك كل مزارع لقناعته.

حاولت الاختصار قدر الامكان وهناك العديد من الأبحاث في هذا الشأن وهذه بعض منها لمن يريد الاطلاع.

عذرا للإطالة وتحياتي للجميع

Chen H. et al. 2020.The performance of spring wheat cultivar mixtures under conventional and organic management in Western Canada . Agrosyst  Geosci Environ. 2020:1-14

 

Vidal T. et al. 2020. Cultivar mixture effects on disease and yield remain despite diversity in wheat height and earliness. Plant Pathology. 2020;69:1148–1160..