الأخبارالصحة و البيئةالمحميات الطبيعيةالمناخمصر

د صلاح سليمان يكتب: بالعقل… مالذي أتوقعه من مؤتمر قمة المناخ؟

أستاذ كيمياء وسمية المبيدات – جامعة الإسكندرية

مساء ٧ نوفمبر، ٢٠٢٢- الاسكندرية

أنا أعشق التحليل والأرقام وأستريح إليهما.بالتحليل:

مالذي جئنا به من باريس، بينما كان الكوكب ينادينا؟ اتفاق على البدء في خفض مجمل كمية الانبعاثات الكربونية التي يطلقها العالم فتتسبب في تغير مناخه، أليس كذلك؟ ولم يلتزم أحد.

ووصلنا إلى «جلاسجو» بعد ذلك بنحو ست سنوات والكوكب يصرخ بنا، فإذا بنا نعود من هناك القهقرى بموافقة على أن نُخفض من معدل تزايد الانبعاثات.
عليك الآن أن تتوقع ما ستعود به من شرم الشيخ بعد أن تحولت القضية من استغاثات للمحافظة على الكوكب الذي نعيش عليه وليس لنا غيره، إلى طلبات مالية، هي أقرب إلى التسول، يلح عليها فقراء العالم وجياعه استجداءً من أولئك الكبار المتخمين فيه وبه.
ثم دعني أحدثك بأرقام وسهلة لتعرف لماذا أقول “غيابي أفضل” ولا أقول”ذهابي مثل عدمه” .
نحو ٤٤ ألفا حلقوا، شدوا الرحال وزحفوا إلى شرم الشيخ قاصدين مولد سيدي المناخ.
كلهم، أو جلهم، يضعون قبل أسمائهم ألقابًا من مثل “علماء” أو “خبراء” أو “دوليون”.
ولو افترضنا أن السبع وتسعون ومئة عضوًا من الدول الموقعون على إتفاقية المناخ أرسلت كل منها بوفد بتشكل من خمسون عضوا لتوقعنا حضورًا رسميًا من خارج مصر لنحو عشرة الاف مسئول، ولو أضفنا مثلهم من الناشطين الأجانب سيصبح عدد القادمين من خارج مصر نحو عشرون الفا، وهكذا نتوقع أن هناك بجانب أولئك نحو اربعة وعشرون ألفا من المصريون جاءوا عبر القاهرة إلى شرم الشيخ ليحتفلوا بمولد سنة جديدة من الحديث عن المناخ وتغيره.
لو افترضنا أن الضيوف الأجانب الذين جاءوا من الاصقاع المختلفة للعالم من مسافات يبلغ متوسطها المسافة من باريس الى شرم الشيخ (٤،١٥٦ كيلومتر)، ووفقا للحسابات المدروسة فإن كل منهم تسبب في انبعاث ١،٥ طن مكافئ كربون في رحلة القدوم ومثلهم في رحلة العودة وباجمالي ٦٠،٠٠٠ (ستون ألف) طن كربون مكافئ.
أما المصريون الذين كان انطلاقهم من القاهرة، وبغض النظر عن أن الكثيرين منهم “معازيم” من مدن أخرى نتنازل عن التكلفة الكربونية لوصولهم اليها وعودتهم منها فإن كل منهم يتسبب في انبعاثات كربونية مكافئة بسبب رحلته من القاهرة إلى شرم الشيخ (مسافة ٣٦٧ كيلومتر) مقدارها ٠،١ طنا ومثلها في العودة، إلى القاهرة، بأجمالي ٤،٨٠٠ طنًا.
وهكذا، وبأقل التقديرات (إغفال الإنبعاثات التي نتجت من تحركات الحضور من أماكنهم إلى المطارات وعودتهم وأنشطة اخرى كثيرة) فإن هذا اللقاء والاحتفال قد كلف المناخ ما لا يقل عن تاثير انبعاث ٨٥،٠٠٠ (خمسة وثمانون الف) طن من مكافئ الانبعاثات الكربونية، وهو ما يقترب من مجمل الانبعاثات الكربونية لدولة مثل جزر القمر في عام كامل (٢٠١٦). ومع ذلك يطلب الكبار من الدول الافريقية أن تبذل جهدًا في تخفيف الانبعاثات الكربونية اللازمة للمحافظة على حياة مواطنيها ولتنميتها.
كبار لكنهم لا يعرفون الحياء، أما هواة الاحتفالات فلا وصف لهم عندي. ناهيك عمن ذهب إلى شرم الشيخ مصطحبا لخمسة وعشرون صحافيًا حَمَّلَ تكاليف حضورهم على ميزانية مشاريع كان يجب ان تخصص لكبح جماح تغير المناخ، لكنه يأمل بفعلته أن”يلمعونه” ويمجدونه فلربما يستوزره تغييرًا عاش حياته يتطلع إليه.
كان ممكنا أكون في قمة المناخ في مدينة شرم الشيخ لان هناك فعاليتين جانبيتين لي ولطلابي فيهما مداخلة، لكنني لن اذهب للحضور بشخصي، لكل ما سبق، واكتفي بعرض مسجل سيتم عرضه فيهما دون حاجة إلى أن أندم لاحقًا وأشعر بذنب أن كلفت جامعتي او مشروعا اشرف عليه، أو ازدت الطين بله.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى