الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د سمر حمدي تكتاب: حقيقة العلاقة بين سمية المواد النانومترية وإنتشار الأمراض

باحث بوحدة بحوث وانتاج المواد النانومترية- معهد بحوث الصحة الحيوانية

يشهد مجال النانوتكنولوجي وتطبيقاته المختلفة تطورا كبيرا خلال السنوات الآخيرة وزيادة ملحوظة في استخدام المواد النانومترية علي نطاق واسع في شكل منتجات عديدة في مجال الالكترونيات، المجال الطبي ومستحضرات التجميل ، الصناعة والبناء.

تتمتع المواد النانومترية بخصائص كيميائية وفيزيائية فريدة اهمها الحجم والشكل وخصائص السطح مما يعظم وجه الاستفادة منها مقارنة بالمواد الاولية ونظرا لهذا الانتشار الواسع لاستخدامات المواد النانومترية كثرت الشائعات والهواجس عن سمية تلك المواد وتاثيرها ليس فقط فقط في المختبر اثناء تحضيرها بل ايضا علي العمال في المصانع عند انتاج مصنعات تحتوي علي  مواد نانومترية و المستهلكين والحيوانات والبيئة المحيطة.

صنفت المواد النانومترية المستخدمة تجاريا الي ثلاث مصنفات تشمل اولا: اكاسيد العناصر المعدنية كالزنك، الذهب، الحديد، النحاس، السلينيوم، الفضة علي سبيل المثال لا الحصر، المواد الكربونية، النانوسليلوز والطمي النانوميتري ; ثانيا: النانوفيبر والانابيب النانومترية ; ثالثا: الجرافين ، الفلورين، الكربون الاسود، السيلكا.

لدراسة سمية المواد النانومترية ومدي تاثيرها علي صحة الانسان والبيئة المحيطة ، يجب التعرف علي طرق تعرض الجسم للمواد النانومترية المختلفة. يتعرض الباحثين في المختبرات العلمية و العاملين بمصانع المنتجات المحتوية علي المواد النانومترية في مراحل التصنيع والتغليف و النقل والتخزين قبل طرحها في الاسواق للمستهلكين. تشمل طرق تعرض الجسم الحيوي للمواد النانومترية التعرض عن طريق الجلد، الجهاز التنفسي، الجهاز الهضمي لذا وجب التعرف علي طريقة دخول كل المواد النانومترية الي الجسم الحيوي قبل التعامل معها لاخذ كل الاحتياطات اللازمة مثل ارتداء الاقنعة المعملية المناسبة والقفازات الخاصة طبقا لتعليمات الامان النانومتري.

تشمل طريقة تعرض الجسم الحيوي للمواد النانومترية عن طريق الجلد احدي اشهر طرق سمية المواد النانومترية نظرا لسعة مساحة الجلد المعرضة وقدرة المواد النانومترية علي اختراق الجلد والامتصاص من خلال الاوعية الدموية الطرفية لداخل الدم ومن ثم الانتشار لاجهزة الجسم المختلفة. تعرض الجلد لسمية المواد النانومترية ليس فقط عند تحضير الباحثين لتلك المواد في المعمل بل عند استخدام المستهلكين لمستحضرات التجميل التي تحتوي علي المواد النانومترية مثل  اكسيد التيتانيوم بحجم النانوالموجود في الكريمات الواقية من اشعة الشمس لما له من قدرة فريدة علي التصدي للاشعة فوق البنفسجية بجرعات امنة علي الجلد ولا يشكل خطورة علي المستهلكين بينما يشكل خطورة علي صحة العاملين بالمصانع المنتجة لتلك المستحضرات في حالة عدم اتباع التدابير الوقائية وذلك عند التعرض لجرعات قليلة لفترات طويلة.

تعود سمية المواد النانومترية عن طريق الجهاز الهضمي الي التعرض لاطعمة ، مياه، مستحضرات تجميل وادوية ملوثة بتلك المواد كطريقة مباشرة او عن طريق بلع افرازات الجهاز التنفسي الملوثة بتلك المواد كطريقة غير مباشرة. تأتي سمية اكسيد النحاس بحجم النانو عن طريق الجهاز الهضمي كاحدي الطرق المتعارف عليها لهذه المادة والتي تؤثر بالسلب علي اجهزة الجسم المختلفة خاصة الكبد، الكلي، الطحال لذا يتوجب استخدام مواد حاملة أمنة بيولوجيا لهذه المادة لتقليل سميتها والاستفادة من خصائصها كمضادات للاكسدة ومضاد للميكروبات.

يعد الجهاز التنفسي احدي اشهر طرق التعرض للمواد النانومترية والتي تستهوي الكثير من الباحثين لدراستها والبحث في العوامل المؤثرة في سمية المواد النانومترية عند دخولها الجسم الحيوي عن طريق الهواء المحمل بتلك المواد وترسيبها في اجزاء الجهاز التنفسي بداية من الانف والقصبة الهوائية والشعب الهوائية والرئة اعتمادا علي حجم المواد النانومترية كصفة اساسية مؤثرة في موقع ترسيب المواد النانومترية داخل تلك الاجزاء. تكمن خطورة تلك المواد في امتصاصها عن طريق الاوعية الدموية و العقد الليمفاوية الموجودة في الجهاز التنفسي الي الدم ومن ثم انتشارها الي القلب والنخاع العظمي والطحال واذا بقيت في الدم فترة طويلة من الممكن وصولها للجهاز العصبي عن طريق الاطراف العصبية.

يعد الحكم علي سمية المواد النانومترية في المطلق دون الاشارة لتأثير الخصائص الفيزيائية والكيميائية علي مدي سمية تلك المواد من الهواجس المنتشرة عند التعامل مع معظم المواد النانومترية ولكن الحقائق العلمية المثبتة توضح بالدراسات البحثية المتعددة ان خصائص المواد النانومترية خاصة الحجم، الشكل، الشحنات الكهربائية و خصائص السطح وجرعة تلك المواد ايضا وطريقة التعرض اليها تؤثر بشكل اساسي علي سمية تلك المواد و يعد خطأ كبيرا تجاهلها عند التحدث عن ذلك الامر.

تعتبر الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمواد النانومترية سلاحا ذو حدين حيث ان لها دورا مؤثرا في فاعلية تلك المواد وتطبيقاتها المختلفة كما انها ايضا تؤثر علي سمية تلك المواد نظرا لتأثيرها علي امتصاص تلك المواد وانتشارها داخل اجهزة الجسم المختلفة كالكبد والطحال والكلي والقلب وغيرها من الاجهزة الحيوية وهروبها من جهاز المناعة وألية اخراجها خارج الجسم.

طبقا للابحاث العلمية المنشورة في هذا المجال، يتوجب علي الباحثين عند التعامل مع المواد النانومترية الموازنة بين فاعلية وسمية تلك المواد اعتمادا علي خصائصها الكيميائية والفيزيائية والجرعة المستخدمة وطريقة التعرض لها كما يستوجب علي العاملين في انتاج تلك المواد علي النطاق التجاري اتخاذ كافة التدابير الوقائية والتعرف علي طرق دخول المواد المستخدمة الجسم الحيوي وذلك للتقليل من مخاطرها علي الجسم.

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى