قطاع نحل العسل فى مصر الفرص والتحديات

بقلم:

د جمال عبدربه عميد كلية الزراعة بالقاهرة جامعة الازهر

والدكتور جمعة أبولبن أستاذ مساعد الحشرات الاقتصادية – كلية الزراعة بالقاهرة – جامعة الازهر

مهرجان عسل النحل المصري الذي ينظمه إتحاد النحالين العرب علي مقربة من جامعة الأزهر في قاعة المؤتمرات الكبري، هو فرصة لتسليط الضوء حول أهم القطاعات التنموية التي تؤثر إيجابيا علي الأمن الغذائي وهو النحل الذي ينعكس علي تحقيق طفرة في إنتاجية المحاصيل الزراعية، فالمهرجان فرصة أيضا لعرض أهمية أحد ثروات مصر المنسية.

تعد حشرة نحل العسل من اهم الحشرات المفيدة والمنتجة على وجه البسيطة ؛ولا يستطيع احد ان ينكر دورها الايجابى والفعال فى إعمار وحراسة كوكب الارض ؛فها هم الغرب بكل فلاسفتهم ومعارفهم السيكلوجية؛ يقولون :اذهب الى النحل وتعلم منه الحكمة ،ويطلقون على طائفة النحل مدينة النحل لما تتسم به من براعة ودقة واتقان فى أداء مهامها وانشطتها الجد متنوعة .

وقد أوحى الله إلي النحل من فوق السبع الطباق ؛ونزلت سورة فى القران الكريم باسمها ؛هى سورة النحل التى تزخر بالآيات والمعجزات عن هذه الحشرة المباركة والملهمة ؛وقال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم :”لا تأكل إلاطيبا ولاتضع الاطيبا “؛كما قال صلى الله عليه وسلم :”الذباب كله فى النار إلا النحلة “.

ولا نبالغ عندما نقول أن  حشرة النحل بأنواعها المختلفة مسئولة عن ما يقرب من سبعين فى المائة الإنتاج النباتى حول العالم المستغلة فى تغذية الانسان والحيوان متمثلة فى زيادة نسبة العقد ،وجودة وكمية البذور ،والثمار المنتجة ،مع تحسين خواصها التركيبية ،والتكنولوجية ،سواءا كانت هذه النباتات ذاتية ،أوخلطية التلقيح مما يجعل هذه الحشرة صمام امان وملاذ مناسب لتوفير احتياجات البشر من الغذاء خاصة فى ظل  تفاقم أزمة التغيرات المناخية ؛وتوابعها الكارثية  على كل شعوب العالم .

وهناك بعض التنبؤات تشير إلى أن  حياة البشر على كوكب الارض مرهونة بحياة النحل ؛حيث انه عندما ينتهى النحل من على كوكب الارض فان الحياة تننتهى فى غضون ثلاثة عقود فقط .

كما أن حشرة نحل العسل تعد من أفضل الكاشفات البيولوجية عن الملوثات باأنواعها المختلفة على  وجه البسيطة ؛وذلك لتفردها فى بعض الصفات المورفلوجية والسلوكية والجينية من وجود شعيرات متفرعة وشحنات كهربية وكهرومغناطيسية على جسمها ؛مما يجعلها قادرة على التقاط هذه الملوثات ،وتنقية البيئة المحيطة ، ودرء مخاطرها ،مهما كانت نوعية وحجم هذه الملوثات وخير دليل على ذلك هو جمعها لحبوب اللقاح وكبسها وتخزينها داخل العيون السداسية بخلاف الفراشات التى تبعثر هذه الحبوب فى الجو فينتج عنها العديد من انواع الحساسية والربو وخلافه ،كما أن غياب جينات المقاومة للمبيدات والملوثات يجعل نشاط النحل وتواجده فى مكان ما عنوان لجودة الحياة ونظافة ونقاء البيئة ممايشجع على الاستثمار والترفيه والسياحة والعيش فى هذه الاماكن .

لأجل كل ما تقدم توجب علينا نحن البشر الحفاظ على هذه الثروة العظيمة وتعظيم الاستفادة منها بكل السبل القانونية والمشروعة دون تأخر او تباطؤ فى التنفيذ وبما أن مصرنا الغالية فى ظل قيادتها الحكيمة والواعية حريصة كل الحرص على الاتصال الايجابى بمحيطها الاقليمى والعربى والدولى ؛كما أنها تأبى إلا أن تكون فى موقع الريادة.

فى طليعة الامم فى كل ماهو مفيد للبشر وخير دليل على ذلك ما لمسناه بانفسنا جميعا فى مؤتمر المناخ هذا العام وفى هذه النسخة المصرية المتفردة حيث كانت مختلفة تماما عن سابقتها فعقد المؤتمر على ارض  مصر مهد الحضارة وأرض الأمن والسلام فأصرت الدولة المصرية على اطلاق مسمى مناسب لخطورة وجلالة الحدث فاطلقت عليه مؤتمر التنفيذ وحفزت الجميع لأول مرة لانشاء صندوق المخاطر.

وكانت مصر من أوائل الدول التى تعهدت بتنفيذ كل التوصيات والتعهدات بالرغم أن نصيبنا من الانبعاثات لايتعدى 0.4% ولا عجب فهذا هو دأب مصر والمصريين يحبون دائما أن يكونوا فى مقدمة وطليعة الأمم ،يعد قدماء المصريين من أوائل البشر الذين استأنسوا واستدجنوا طوائف نحل العسل فى الخلايا الطينية وحملوه على السفن فى النيل من مصر العليا الى الدلتا  فيما عرف بالنحالة الراحلة وكانوا يعرفون بدايات ونهايات الفيض عن طريق قياس غاطس المركب ،أو ماعرف حديثا بقانون الطفو ولم تتوقف مهاراتهم عند هذا بل هم أول من استخدموا منتجات النحل فى التغذية والعلاج والتحنيط.

فوائد العسل علي البشرة 

وكل هذه المنتجات وجدت فى مقابرهم وأسماؤها منقوشة على جدران معابدهم حتى الآن فنحن المصريون أصحاب حضارة عريقة وتراث تليد يتوجب علينا جميعا أن نحافظ عليه .

لقد حبا الله مصر بجو مناسب لتربية ونشاط نحل العسل وبتنوع فى الفلورا النباتية المناسبة ؛حيث أن نحل العسل ليس له بيات شتوى ودرجة الحرارة المثلى لنشاطه تتراوح ما بين 30-32 درجة مئوية ،ولا يستغرب من أن بعض الدراسات ذات الصلة أخبرت بأن دول حوض البحر المتوسط يتعدى الفاقد فيها المائة مليار دولار؛ وذلك بسسب عدم التوزيع الأمثل للطوائف والمناحل مما يتطلب عمل خطة استثمارية دقيقة لمصر والوطن العربى فى مجال نحل العسل.

كما أن سلالة النحل المصرى تعد من أفضل السلالات فى سلوك التنظيف والمناعة والمقاومةللأمراض,ومن المعلوم أن ذكور النحل المصرية أسبق وأسرع فى التلقيح مقارنة بالسلالات الأخرى مما يضع الجهات البحثية واساتذة الجامعات فى موقع المسئولية لأجل اقتراح برامج تربية وراثية محسنة للحصول على سلالة  قياسية مناسبة لظروفنا المصرية تكون هذه السلالة مقاومة للأمراض وذات صفات انتاجية عالية وذلك من خلال التوسع فى إنشاء المناطق المعزولة والتلقيح الآلى وانتخاب الأفضل.

وثقتى فى الدولة المصرية بلا حدود فى أنها لا تدخر جهدا فى تذليل كافة الصعوبات والمعوقات، وتسهيل التمويل والتدريب والتسويق والدعم اللا محدود أمام أصحاب هذه الصناعة الرائجة والرائدة والرابحة بإذن الله بداية من التوعية بأهمية تربية النحل ومنتجاته ومرورا بتسهيل عمليات تصدير النحل الحى والعسل، وكذلك من خلال تعزيز القدرة التنافسية فى التصدير لدول الخليج التى تستوعب أكثر من 90 % من النحل المصرى والعمل على فتح اسواق جديدة فى افريقيا واوروبا .

ولزاما على الباحثين فى مجال النحل إيجاد حلول علمية وتطبيقية للاستخدامات التغذوية والعلاجية لمنتجات نحل العسل النقية؛ مما يفتح آفاقا ارحب وأسعارا عادلة ومناسبة لأصحاب الضمائر اليقظة لتسويق منتجاتهم وتعظيم الاستفادة من عائد منتجات النحل النقية والمطابقة للمواصفات القياسية المصرية والمعايير الدولية، حيث أن المرضى هم أفضل كواشف بيولوجية لغش منتجات نحل العسل فها هو الرجل الذى أتى النبى  (صلى الله عليه وسلم) فقال له :إن أخى قد استطلق بطنه فقال له النبى(صلى الله عليه وسلم):اسقه عسلا فسقاه، ثم جاءه فقال: إنى سقيته عسلا فلم يزده إلا استطلاقا،فقال له ثلاث مرات،ثم جاء الرابعة فقال: اسقه عسلا فقال :سقيته فلم يزده إلا استطلاقا ، فقال له (صلى الله عليه وسلم): صدق الله وكذب بطن أخيك  فسقاه فبرأ.

ونحن فى جامعة الأزهر الشريف لدينا العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى المجلات المحلية والدولية فى هذا الصدد.

ما هو نسبة السكر في العسل الطبيعي 2023؟

ويتطلب هذا الأمر من الدولة المصرية الاهتمام والمتابعة المستمرة لجمعيات منتجى ومربى النحل على مستوى الجمهورية والدعم الفنى والإدارى والاجتماعى والمادى بصورة عادلة ومستمرة لأجل الحفاظ على هذا القطاع المهم فى المجتمع الذى يعمل به ما يقرب من  25 الف أسرة مصرية مما يساهم فى زيادة الدخل القومى والناتج المحلى وكذلك الحد من البطالة .

وختاما يتوجب علينا وعلى العالم أجمع  الإهتمام بهذا القطاع والتحضر للأخضر والهرولة بسرعة نحو الطبيعة مرة أخرى والبعد كل البعد عن كل ما يفسد الكون ويهدد حياة البشر على الأرض مهما كانت المصالح الضيقة أو المكاسب اللحظيةالزائلة،فلحظات الكوارث والاوبئة والنكبات لا تفرق بين غنى وفقير، ومصر دائما لها مأثورات مشهورة من أهمها أن تكلفة الوقاية أقل بكثير من تكاليف العلاج، ولقد لمسنا كل هذا بأنفسنا نحن والعالم أثناء جائحة كورونا، وفى الختام حفظ الله مصر وشعبها وجيشها  وازهرنا الشريف وسدد الله خطى القائمين عليها وهدانا جميعا الى سواء السبيل.