الأخبارالاقتصادالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د محمد خليفة يكتب: سد الفجوه بين  البحوث الزراعية لمواجهه تحديات الأمن الغذائي

رئيس بحوث متفرغ – معهد صحة الحيوان – مركز البحوث الزراعية – مصر

مازالت هناك عقبات و فجوات تواجهه الدور المنوط بالبحث العلمى فى المجال الزراعى خاصه ان الإنتاج الزراعى و الحيوانى فى مصر  يواجه تحديات ضاغطه و ربما أهمها  التغيرات المناخيه و شح الموارد المائية و اضطراب الأسواق و سلاسل التوريد العالميه والاوبئه العابره للحدود و النمو السكانى المتطرد و الصراعات و الحروب الدوليه.

و من جهه آخرى مازالت هناك أوجه قصور فى  الانشطه البحثيه حيث ان العديد من البحوث تدور فى إطار  من التكراريه و النمطيه الغير مفيده ، فلا هى أضافت جديد ولا ساهمت فى حل المشاكل التى تواجه الإنتاج الزراعى و الحيوانى.

و على الجانب الآخر  فهناك  من لا يؤمن بجدوى البحث العلمى و يفضل استيراد كل ما يمكن استيراده من مدخلات و تكنولوجيا و يعتبر ذلك هو إقرار لواقع لا يريد أو يستطيع تغييره ولا مفر منه . و عندما تغيب الاراده للتغيير  فالنتيجه الحتميه أن المنتج الزراعى الوطنى أصبح رهينه للتغيرات الدوليه التى فى الغالب سلبيه و ليست فى صالح الأمن الغذائى.

البحوث العلمية والأمن الغذائي

أن تفعيل و تطوير منظومه البحث العلمى فى المجال الزراعى له اهميه قصوى  فهو ليس ترفاً ولا قضيه ثانويه  ، و فى ظل الأوضاع الراهنة اصبح يمثل طوق النجاه للحفاظ علي الأمن الغذائي ، و لا مناص من التركيز على دعم قدرات البحوث و التطوير ( R& D ) فى المجال الزراعى  و هذه مسؤليه وطنيه مشتركه بين الحكومه و القطاع الخاص و المجتمع المدني .

واجب الحكومه هو وضع استراتيجيات التوظيف الفعال و تعاقب وظيفى متصل و تدريب جيد و كافى  للكوادر البشرية و ميزانيه مستدامه لضمان استمرارية البحث العلمى مستقبلا و مراجعه حثيثه دوريه لسياسات البحوث الزراعيه و التنسيق بين الأطراف الفاعلة ذات العلاقه  .

القطاع الخاص والبحوث الزراعية وتطوير المشروعات الزراعية

و دور القطاع الخاص يتمثل فى المشاركه فى وضع الاستراتيجيات الزراعيه و  التعاون البناء و المستدام مع الحكومه ، و العمل علي توطين الصناعات الزراعية بدلا من الاعتماد الكلى علي الاستيراد ، و تحديدا التعاون مع مراكز البحوث الزراعيه لترتيب الأولويات و مواضيع البحوث التطبيقية و المشاركه فى الدراسات الازمه لحل المشاكل  التى تواجه الإنتاج الزراعى و الحيوانى و المساهمه فى الدعم المالى لتنفيذ مشروعات بحثيه هادفه الى زياده الإنتاج الزراعى و الحيوانى .

وللمجتمع المدنى مهمه لا تقل اهميه عن الحكومه و القطاع الخاص  فهو  يضم مجموعة المؤسسات غير الرسمية و التطوعية المكونة من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية و النقابات و الجمعيات الأهلية ، ويعمل على التعاون لتعزيز الاستفاده الفعليه من مخرجات  البحث العلمى التطبيقى الذى يهدف للتطوير و تنميه المجتمع الزراعى بكافه الاوجه لتحقيق أهداف الدوله لتحقيق ألامن الغذائي .

البحوث العلمية وصناعة الدواجن والإنتاج الزراعي

فى سبيل مواجهه التحديات و سد الفجوه و تطوير  منظومة البحوث العلمية الزراعيه بهدف الوصول إلى حلول علميه عمليه مستدامه  تحدث فارق ايجابى ملموس فى مؤشرات الإنتاج الزراعى و الحيوانى فإنه من المهم التحرك علي المحاور التالية:

اولا : التعاون المستدام بين الأطراف الفاعلة فى إطار  “الشراكه بين الحكومه و القطاع الخاص “ُ
(public- private partnership) .
و بديهى أنه لن تتمكن الحكومه و مراكز البحوث الزراعيه منفرده بالنهوض بالثروه الزراعيه و تحقيق الأمن الغذائي بدون مشاركه القطاع الخاص و المجتمع المدني. يجب أن يقتنع الجميع بأن التطوير هو عمل جماعى و لكل نصيب من عوائد الشراكه و المهم هو تحديد أولويات و توزيع الأدوار كل فيما يخصه و التواصل و التنسيق بين الأطراف لتحقيق أهداف الشراكه .  و لكى تؤتى هذه الشراكه ثمارها و تحقق النجاح المنشود فلابد من أن تستفيد جميع الأطراف و بدون خسائر لجهه دون أو علي حساب الأخرى
(win- win relationship).
ثانيا : و فى ظل تحديات ندره الموارد الطبيعيه   اللازمه للنهوض بالانتاج الزراعى فإنه يجب البدء فى “بحوث  تطبيق التقنيات الحديثة الدقيقه  الذكيه فى الإنتاج الزراعى و الحيوانى”
ُُُُُُ(Smart  & precision agriculture technologies )
و التى تستخدم تكنولوجيا الاقمار الصناعيه و التموضع الجغرافى GPS و GIS و الروبوت و و طائرات الدرون و نظم تحليل البيانات و المعلومات للتعامل مع المعطيات و  التنبوء  بالمتغيرات المتعلقه بالعمليات الزراعيه مثل إدارة المحاصيل و مراقبة قطعان  الماشية و الدواجن التجاريه وإدارتها من البداية إلى النهاية و دعم اتخاذ القرار بشأن التحديد الدقيق  لكميات الرى و الاسمده  و مواعيد الزراعه و الحصاد . أن هذه التقنيات الحديثة تهدف الى زياده الإنتاج و الربحية دون إهدار للموارد الطبيعية و الحفاظ على استدامتها و توفير غذاء صالح  للاستهلاك الادمى.

التغيرات المناخية والأمن الغذائي

ثالثا: أن التغيرات المناخيه قد ألقت بظلالها السلبيه علي كافه أوجه الإنتاج الزراعى و الحيوانى علي حد سواء . ويجب أن يكون للبحث دور هام  للتأقلم مع التغيرات المناخيه
( climate- smart agriculture industris)
و تهدف هذه البحوث الي استخدام تقنيات صديقه للبيئه تساهم فى التقليل من الانبعاثات الضاره بالبيئة و تزيد الإنتاجية و المرونه و الاستجابة لمعايير سلامه البيئه و على سبيل المثال لا الحصر تحتاج صناعه الدواجن إلى استخدام التقنيات الحديثة لتدوير المخلفات ، إجراء بحوث لتوفير الطاقه  البديله فى الإنتاج الزراعى و الحيوانى.

رابعا: “بحوث تعظيم دور  المكون الوطنى فى صناعات الإنتاج الزراعى و الحيوانى”.
و تهدف إلى نقل و توطين التكنولوجيا للحد من الاستيراد و توفير العملات الصعبه و حمايه الأمن الغذائي من تقلبات الأسواق العالميه و الصراعات الدوليه. أنه ينبغى استيعاب حتمية التصنيع الزراعي المحلى بموارد وطنيه علي قدر الإمكان . و بالتأكيد فإنه  ليس من المقبول أن تكون المرجعيه الرئيسيه للصناعه الوطنيه هى الاستيراد مثل  استيراد الرؤى و الأفكار و التقنيات و الآلات و الخبرات .

و فى الختام فإن مهمه تطوير منظومه البحث العلمى الزراعى هى بالتأكيد شاقه و مكلفه و طويله الأمد و لابد من الشراكه بين الحكومه و الجهات ذات الصلة كما أوضحنا سابقاً . أن البحوث العلميه التطبيقية تمثل إحدى الركاىز الاساسيه  لتعظيم الدور الوطنى لمراكز البحوث فى أحداث فارق ملموس فى مؤشرات الإنتاج الزراعى و الحيوانى وصولا إلى تحقيق اهداف الأمن الغذائي المصرى.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى