الأخبارالانتاجالصحة و البيئةالمناخمصر

د عاطف كامل يكتب: هل تشهد الأرض مرحلة إنقراض جماعي بسبب البشر والمناخ؟

خبير دولي في الحياة البرية- مصر

يواجه كوكب الأرض حدثاً خطيراً يؤدي إلى انقراض جماعي بحلول عام 2100، وفق ما حذر منه عالم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وتغير المناخ يدفع محيطاتنا إلى حافة الانهيار.

ويشير علماء إلى احتمال مفاده أن الكوكب قد فقد منذ عام 1500 نحو عُشر كائناته الحية المعروفة البالغ عددها مليوني نوع.  ويشهد التنوع البيولوجي على الأرض الانقراض الجماعي السادس حالياً، وفق دراسة حديثة تؤكد صحة تحذيرات سابقة تفيد بأن أنواع الكائنات الحية على الكوكب قد أخذت تنقرض بمعدل متسارع في القرون القليلة الماضية.

وحتى الآن قاسى الكوكب خمس عمليات انقراض رئيسة كتبت نهاية أنواع متعددة من الكائنات الحية، واتسمت بخسائر كبيرة في التنوع البيولوجي نتيجة نشوب ظواهر طبيعية متطرفة، لكن الانقراض الحالي يعزى برمته إلى أنشطة الإنسان وسرعة التغيرات المناخية، على ما جاء في الدراسة التي نشرت أخيراً في مجلة “بيولوجيكال ريفيوز” Biological Reviews العلمية.

ووفق تقديرات البحث ربما تكون الأرض قد فقدت فعلاً منذ عام 1500 ما بين 7.5 في و13 في المئة من كائناتها الحية المعروفة والبالغ عددها مليوني نوع.

“التزايد الهائل في معدلات انقراض الأنواع الحية، والتناقص الذي تشهده أعداد كثيرة من الحيوانات والنباتات موثقان على نحو جيد، ولكن مع ذلك ينكر بعضهم أن هاتين الظاهرتين ترقيان إلى حد الانقراض الجماعي”،  تماماً على غرار إنكار تغير المناخ، كثيرون ما زالوا يرفضون حقيقة أن الزوال الحالي الذي يضرب أنواعاً حية عدة يشكل الانقراض الجماعي السادس على ما يقول الخبراء. وأضافوا أن هذا الإنكار مرده إلى وجهة نظر متحيزة للأزمة المتفاقمة، إذ تصب تركيزها على الثدييات والطيور، متجاهلة معدل الموت التدريجي لمجموعة اللافقاريات التي تمثل حوالى 95 في المئة من الأنواع الحيوانية المعروفة.

وكتب الباحثون في الدراسة أن منكري الانقراض الجماعي السادس “غالباً ما يستخدمون القائمة الحمراء للأنواع الحية المهددة بالانقراض التي يضعها “الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة” IUCN)) بغية دعم موقفهم، بحجة أن معدل فقدان الأنواع الحية لا يختلف عن معدل الانقراض الطبيعي، ولكن القائمة الحمراء (IUCN Red List ) شديدة التحيز وغير موضوعية، فقد خضعت كل الطيور والثدييات تقريباً للتقويم استناداً إلى معايير حفظ الأنواع الحية في مقابل جزء صغير فقط من اللافقاريات.

ولما كان احتمال خضوع اللافقاريات، ومن بينها أنواع الحشرات، للتقييم أقل مقارنة مع الأنواع الحية المعروفة في المجموعات الأخرى، فإن هذه الكائنات يرجح أن تكون “الأكثر عرضة للخطر”، وبالتالي تكون قد انقرضت كما قال الباحثون. وبينما تشير “القائمة الحمراء” إلى انقراض نحو 900 نوع حي، قال الباحثون إن العدد الحقيقي لحالات الاندثار يتجاوز كثيراً المعدل الطبيعي للانقراض على الكوكب. ووفق تقديراتهم فمنذ حوالى عام 1500 ربما انقرض فعلاً ما بين 150 ألفاً و260 ألفاً من بين مليوني نوع حي معروف.

ومن بين أشكال الحياة على الأرض التي تتعرض للانقراض وجدت الدراسة أدلة إضافية على أن الأنواع البرية، خصوصاً الأنواع المتوطنة منها في الجزر، تكابد معدلات موت أكبر بأشواط من نظيرتها التي تعيش في البيئات القارية.

وبينما قال بعضهم إن هذا الانقراض الجماعي يعتبر مساراً طبيعياً، وإن البشر مجرد نوع آخر يؤدي دوره على الأرض، أشار باحثون إلى أن البشر في الحقيقة هم النوع الحي الوحيد الذي يملك خياراً واعياً في ما يتعلق بمستقبل الكوكب. ودعوا العلماء إلى جمع وتوثيق أكبر عدد ممكن من الأنواع الحية لدرسها قبل فوات الأوان. وأن خمسة انقراضات جماعية حدثت على الأقل في الماضي، مدفوعة بظواهر كونية وطبيعية. ويقدر العلماء أن ما يصل إلى 99.9 في المائة من جميع أشكال الحياة النباتية والحيوانية قد تم القضاء عليها.

حدث أول انقراض جماعي في نهاية العصر الأردوفيسي منذ نحو 443 مليون سنة، ومحا نحو 85% من جميع الأنواع. كان الحدث الأردوفيسي نتيجةً لظاهرتين مناخيتين: فترة تجمد شملت الكوكب (العصر الجليدي)، تلاه سريعًا فترة دافئة.

حدث الانقراض الجماعي الثاني في العصر الديفوني المتأخر، منذ حوالي 374 مليون سنة. وأثر على نحو 75% من جميع الأنواع، وكان معظمها من اللافقاريات التي كانت تعيش في قاع البحار الاستوائية. تميزت هذه الفترة بتغير كبير في مستوى البحار، وتغير الظروف المناخية سريعًا بين البرودة والدفء على مستوى العالم.

وكان ذلك أيضًا هو الوقت الذي بدأت فيه النباتات بالهيمنة على الأرض، وتناقص تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وصاحب ذلك تغيرات في التربة وتناقص في منسوب الأكسجين كذلك.

الحدث الثالث والأكثر تدميرًا كان في نهاية العصر البرمي منذ نحو 250 مليون سنة، وقضى على 95% من جميع الأنواع الموجودة. ومن الأسباب المقترحة له أن اصطدام كويكب ملأ الهواء بجزيئات دقيقة، ما سبب ظروفًا مناخية قاسية، ربما تضمنت حجب الشمس وأمطار حمضية كثيفة.

ولا تزال بعض الأسباب الأخرى المحتملة محل نقاش، مثل النشاط البركاني الهائل في ما يعرف اليوم بسيبريا، أو زيادة سمية المحيطات بسبب زيادة ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، أو افتقار مياه المحيطات إلى الأكسجين. وبعد خمسين مليون سنة، انقرض نحو 80% من الأنواع حول العالم بسبب الحدث الترياسي.

السبب المحتمل لذلك هو النشاط الجيولوجي الضخم في ما يعرف اليوم بالمحيط الأطلسي، ما سبب زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وارتفاع درجات الحرارة العالمية، وحمضية المحيطات. وحدثت أحداث الانقراضات الجماعية الخمسة بمعدل حدث كل 100 مليون سنة تقريبًا منذ العصر الكمبري، رغم عدم وجود نمط محدد يُمكننا من توقع توقيتها. استمر كل من هذه الأحداث بين 50 ألف و2.76 مليون سنة.قد حدث الانقراض الأخير،

الحدث الأخير والأشهر هو ما حدث في العصر الطباشيري، عندما انقرض نحو 76% من جميع الأنواع، بما فيها الديناصورات غير الطيرية. سمح اختفاء الديناصورات للثديات بالتنوع والانتشار في مواطن جديدة، وتطور منها البشر في نهاية المطاف. السبب المرجح للانقراض الجماعي في العصر الطباشيري هو اصطدام كويكب في ما يعرف الآن بولاية يوكاتان في المكسيك، أو ثوران بركاني ضخم في مقاطعة ديكان في الهند، أو كلاهما.

دور أزمة المناخ

إن وجود الكثير من الكربون في المحيط يجعل المياه حمضية للغاية ومن المحتمل أن تكون غير مضيافة للعديد من أنواع الحيوانات. ووفقًا للبروفيسور روثمان، ارتبطت أربعة على الأقل من حالات الانقراض الجماعي الخمس الماضية بزيادة معدل تغير دورة الكربون.

يعتقد أن البشر يضخون الكثير من الكربون في الغلاف الجوي، أسرع مما كان عليه الحال في الأحداث الجيولوجية الماضية وعلى نطاقات زمنية أقصر بكثير. ويقدر البروفيسور روثمان حجم الكربون في المحيط بحوالي 300 جيجا طن لكل قرن.

ولسوء الحظ، تشير بعض التقديرات إلى أن الأرض في طريقها لإضافة ما يصل إلى 500 جيجا طن بحلول عام 2100. بينما قال روثمان: “تمثل الانقراضات الجماعية نوعًا من سلسلة من ردود الفعل الإيجابية التي تتسبب في انهيار النظام البيئي العالمي.” وأضاف: “ما نراه اليوم خطير للغاية؛ ومع ذلك، لا أعرف كم هو ضروري لنقلنا إلى نقطة التحول التي من شأنها أن تخلق كارثة عالمية للنظام البيئي العالمي.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى