الأخبارالاقتصادحوارات و مقالاتمصر

د علي إسماعيل يكتب صيانة الأراضي والحفاظ علي الرقعة الزراعية

أستاذ  ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية  – مصر

لا شك ان صيانة الاراضي والمحافظة علي الرقعة الزراعية تعتبر من الاهداف القومية  التي توليها الدولة اهمية قصوي ومرتبة اولي باعتبارها عصب الانتاج الزراعي في ظل  زيادة معدل النمو السكاني الذي تخطي2% والذي بلغ اكثر من 104 ملايين نسمه يعيشون على 7 بالمائة من القطر المصري بالوادي والدلتا والظهير الصحراوي للمدن الجديدة بالإضافة الي إستصلاح  الاراضي ورفع قدرتها الانتاجية وزيادة خصوبتها  وتتم علي المستوي القومي وتوفر الدولة  من خلال اجهزتها ومؤسساتها البحثية كل الدعم والعمل علي تنمية هذه الاراضي بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري ممثلة في هيئة الصرف ومصلحة الري .

و تتم معالجة مشكلة تملح   التربة في  دلتا النيل في مصر مع العديد من وقضايا السياسات ذات الصلة فيما يتعلق بالحاجة إلى إنشاء إمدادات المياه لمشاريع الري الجديدة ، على سبيل المثال ، إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والحد من زراعة الأرز ، وفي نفس الوقت تحسين الإنتاجية الزراعية في دلتا النيل من خلال الصرف تحت السطحي ( المغطي )للأراضي المروية بالدلتا  وغيرها   والاهتمام بتسوية الأراضي واستخدام الجبس  الزراعي  ومما اتخذتها الحكومة على المستوى القومي والإقليمي والمزارعين على المستوى المحلي أو الميداني.

من خلال  دور المزارع التشاركي في التكيف مع التغيرات  المناخية في حماية  المحاصيل والمياه وملوحة التربة. ويتم التركيز على مزايا وفوائد زراعة الأرز في الأراضي المتأثرة بالصرف والأملاح في شمال الدلتا.

لحماية هذه الاراضي من تأثيرات  تداخل مياه البحر في ظل التغيرات المناخية وترجع اهمية استخدام حقول الأرز للتحكم في الملوحة واصبح  يواجه عددًا من القيود مثل النقص الدوري في إمدادات مياه الري مع اعادة استخدام مياه الصرف الزراعي   وتنوع المحاصيل  المنزرعة بما في ذلك الأرز ونحن نؤيد بشدة التوصيات الخاصة بزراعة الأرز فقط في التربة المالحة في الدلتا.

ولكننا ندرك أن تطبيق مثل هذه السياسة قد يكون من الصعب تحقيقه مع التغيرات طويلة الأجل في ملوحة مياه الدلتا والتغير المناخي وتداخل مياه البحر و ليست معروفة بوضوح حجم التأثيرات الناتجة مع زيادة إعادة استخدام مياه الصرف  في المناطق الشمالية من الدلتا .

لاشك ان عملية تملح التربة يؤثر سلبًا على نمو النبات ويؤدي إلى تدهور الأراضي وتغير في خصوبتها . فتقل انتاجية الاراضي الملحية  ، وتؤدي إلى تدهور رفاهية المزارعين نتيجة انخفاض دخولهم  وتدهور الوضع الاقتصادي في هذه المناطق  وأهم المشاكل التي تواجه الأراضي القديمة وهي ظاهرة التعدي بالبناء عليها وحرمان المواطنين من أغلي ثروة وهي الأرض الزراعية الخصبة للدلتا التي وهبها الله من خلال النيل .

وتساعد الإدارة الجيدة  لملوحة التربة في المراحل المبكرة على  القدرة علي صيانة التربة ورفع انتاجيتها. ومع ذلك ،  وان تفاقم عمليات التملح يزيد التلوث مما يؤدي إلى خسارة كاملة للأراضي الزراعية والتصحر بسبب التأثير السلبي للملوحة على خصائص التربة. تذكر هيئة الأمم المتحدة أن حوالي 5000 فدان فقدت يوميًا في جميع أنحاء العالم بسبب التملح منذ التسعينيات وبدء الاهتمام  اعتبارًا من عام 2014. والذي تتطلب معالجة فورية للمشكلة وحلها من خلال المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة والمراكز البحثية الدولية

وان ظاهرة تملح التربة تعرف بانها  هو تراكم مفرط للأملاح الذائبة في الماء. عادة ما يكون ملح الطعام كلوريد الصوديوم.  والقائمة أكثر شمولاً وتشمل مركبات مختلفة من الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم والكبريتات والكلوريدات  والبيكربونات.

بشكل عام ، يتم تصنيف التربة المتأثرة بالملح على أنها ملحية ،ملحية قلوية – قلوية، اعتمادًا على المحتوى من الصوديوم والاملاح المرتبطة به ذات التأثير الرئيسي لملوحة التربة على نمو النبات  وبالتالي يعاني  النبات بامتصاص الماء. حتى مع وجود رطوبة كافية في التربة ، فإن المحاصيل تتلاشى وتموت بسبب عدم القدرة على امتصاص كمية كافية من الماء.

على نطاق عالمي ، وفقًا لتقرير المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية( IPBES) لعام 2018 ضاع حوالي 190 مليون فدان بالكامل    150 مليون فدان متضررة و2.5   مليار فدان تتأثر بالملوحة.

متي يحدث تملح التربة :

عندما يتم الاحتفاظ بالأملاح القابلة للذوبان في الأرض. يحدث ذلك إما بشكل طبيعي أو بسبب الأنشطة البشرية غير الملائمة ، ولا سيما الممارسات الزراعية. إلى جانب ذلك ، تكون بعض الاراضي  مالحة في البداية بسبب انخفاض تحلل الملح وإزالته.

وتظهر أسباب تملح التربة  :المناخ الجاف والأمطار المنخفضة عندما لا يتم طرد الأملاح الزائدة من الأرض ؛ ارتفاع معدل التبخر ، مما يضيف الأملاح إلى سطح الأرض ؛ سوء الصرف أو التشبع بالمياه عند عدم غسل الأملاح بسبب نقص نقل المياه ؛الري بالمياه الغنية بالملح ، مما يؤدي إلى تضخيم محتوى الملح في الأرض ؛ إزالة النباتات عميقة الجذور وارتفاع منسوب المياه نتيجة لذلك ؛ التسرب من الرواسب الجيولوجية واختراق المياه الجوفية ؛ ارتفاع مستوى سطح البحر عندما تتسرب أملاح البحر إلى الأراضي المنخفضة ؛ نسمات في المناطق الساحلية التي تهب كتل الهواء المالحة إلى المناطق المجاورة ؛ غمر مياه البحر يليه تبخر الملح ؛ الاستخدام غير المناسب للأسمدة.

فالإنتاج الزراعي وتنوعه في الزراعة المروية   يعتمد علي  قدرة تشبع التربة بالماء وقدرة النباتات علي امتصاصه و على مستوى الأملاح في المياه الجوفية والنبات نفسه يُمتص الماء من خلال عملية النتح ويتدفق من مناطق أقل تركيزًا من الملح إلى مناطق أكثر تركيزًا. عندما يكون تركيز الملح مرتفعًا جدًا ، فهذا يعني أن القدرة الاسموزية للتربة سلبية بشكل أساسي. وتعاني النباتات من الضغط الاسموزي  عندما تفشل في امتصاص الماء حتى عندما تكون المياه موجودة في التربة. في الأساس ، تشبه العملية إجهاد الجفاف بسبب نقص الرطوبة في الأرض. نتيجة لذلك ، يموت الغطاء النباتي. والتملح يعبث بالنيتروجين الموجود بالتربة.

ونظهر مصادر الأملاح في الأرض والتي تسبب مشكلة الملوحة  رغم أن تجوية المعادن الأولية تعتبر المصدر الرئيسي للأملاح في الأراضي , ألا أن الملوحة تنشأ كنتيجة لانتقال الأملاح بواسطة الماء من مكان إلى آخــر ثم تجميعها. ويمكن أن نجمل مصادر الأملاح في الأراضي في الآتي : تجوية المعادن المكونة لمادة الأصل .

وقد تنشا الملوحة طبيعيا (  Natural Salinization ) أو نتيجة لفعل العوامل الطبيعية وتسمى الملوحة في هذه الحالة بالملوحة الأولية(  Primary Salinization  ) ,بينما إذا نشأت الملوحة في الأرض نتيجة لسوء إدارة الأرض ( Soil Management  ) تتحول الأرض التي لم تكن ملحية أصلا إلى ملحية .

وتسمى الملوحة في هذه الحالة بالملوحة الثانوية ( Secondary Salinization  ) وعادة يسبب سوء الري واستعمال مياه بها تركيز مرتفع من الأملاح إلى تكوين الملوحة الثانوية , ولزراعتها يجب التخلص من هذه الأملاح بالغسيل بمياه غير مالحة للوصول إلى تركيز من الأملاح أقل 4 ديسيمنز / م  . مع وجود طبقات غير منفذه أو ضعيفة النفاذية فان ذلك يعوق حركة الماء إلى أسفل مما يساعد على تراكم الأملاح في مثل هذه الأراضي   .

ارتفاع مستوى الماء الارضي , والذي يتوقف على طبوغرافية الأرض حيث يرتفع بالقطاع الارضي بالخاصية الشعرية مسببا تركما للأملاح في منطقة الجذور  .الضغط الهيدروليكي الأراضي ذات المستوى المنخفض أو القريبة من سطح البحر أو المجاورة   البحار ينتقل الماء إليها أو في صورة رذاذ  .

موت وتحلل النباتات المحبة للملوحة والتي تسحب وتخزن الأملاح في أجسامها مما يؤدي على تراكم الأملاح في الأراضي الملحية .

تنتقل الأملاح بالرشح من ارض مرتفعة إلى أخــرى منخفضة عنها أو نتيجة عدم التسوية في الأراضي التي تروى صناعيا .قد تنتقل الأملاح إلى الأرض مع مياه الري أثناء مرورها في القنوات المائية بإذابتها لبعض الأملاح , وقد تتلوث من مياه الصرف التي تجاور قنوات الري .

ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة التملح .ويرتبط تمليح الأرض ارتباطا وثيقا بدرجة الحرارة , ويظهر هذا الأثر في كثير من أراضي الدولة ذات درجة الحرارة العالية كأراضينا حيث يتكون ما يعرف بالتملح الثانوي , وخصوصا إن كميات الأمطار قليلة .

وعموما كلما زادت درجة الحرارة كلما أدى ذلك إلى نشاط الخاصية الشعرية , أي ارتفاع المياه الجوفية خلال مسام الأرض وخصوصا في الأراضي ذات المحتوى العالي من الطين والتي تعاني من سؤ الصرف حيث تعمل المسام الطينية الدقيقة كأنابيب شعرية فترتفع المياه إلى أعلى , وذلك لنشاط عملية تبخير المياه تحت ظروف ارتفاع درجات الحرارة , وبتكرار هذه العملية يزيد تركيز وتراكم الأملاح في الطبقة السطحية أو تحت السطحية .

مصلحات التربة وتأثيرها مع أهم ما يراعى في خدمة وصيانة الاراضي الملحية والقلوية : لإعداد الأراضي الملحية والقلوية والمشتركة منها  للزراعة ينبغى التخلص أولا من ملح كربونات أو بيكربونات الصوديوم وذلك بإضافة المصلحات مثل الجبس الزراعي (كبريتات الكالسيوم) أو الكبريـت وتضـاف الكميـة اللازمة طبقا لكمية الكربونات أو البيكربونات بالتربة لعمق 45 سم ومن جداول خاصة يمكن حسـاب كميات المصلح الواجب إضافتها والتي تكفى لتعادل الكربونات حتى تصبح الأرض متعادلة حيـث أن كربونات الصوديوم غير قابلة للذوبان في الماء .

كربونات الصوديوم + كبريتات الكالسيوم ———- كربونات الكالسيوم + كبريتات صوديوم (قابلة للذوبان) وان طريقة إضافة الجبس الزراعي الى الأرض القلوية: عند إضافة كبريتات الكالسيوم اللازمة لمعادلـة كربونات الصوديوم تحرث الأرض حرثا عميقا وتغمر بالماء بطريقة الغسيل الجوفي حيث لا ينبغي صرف الماء بالمصرف حتى لا يضيع جزء من الجبس الزراعي .

ويمكن إحلال الكالسيوم محل الصوديوم بالأرض القلوية بوسـائل عديـدة ويعتبـر الجـبس الزراعي وحامض الكبريتيك أهم المواد المستخدمة .

ولا يضاف حامض الكبريتيك علـى صـورة حمض ولكن يضاف مسحوق الكبريت الذى يتأكسد سريعا في الأرض الجافة مكونا حمض كبريتيـك فينخفض رقم حموضة الأرض وإضافة كبريتات الحديد أو كبريتات الألومنيوم يؤدى أيضا الى تكوين حامض الكبريتيك بعد تحلل هذه المواد مما يؤدى أيضا لا ى خفض رقم الحموضة.

وإضافة الأسمدة العضوية بكميات كبيرة وذلك لتحسين خواص التربة. والاهتمام بشبكة الصرف جيدا حتى لا تعود الملوحة مرة أخرى.

وتوزيع ماء الري بصورة منتظمة على سطح الأرض وأن تروى الارض ريا غزيرا أثناء طور البادرة الذى يعتبر أكثر اطوار النبات تأثرا بالملوحة.  ويجب أن تكون الزراعة في البداية على خطوط في حدود الثلث الأسفل من بطن الخط. المحافظة بقدر الإمكان لى استواء سطح الأرض. استخدام الأسمدة ذات التأثير الفسيولوجي الحامضي عند تسميد الأراضي القلوية التي تحت   الاستصلاح. وإتباع دورة زراعية مناسبة وسليمة.

ومن هنا فإن صيانة الأراضي والمحافظة عليها لا تقل اهميه عن عمليات استصلاح الاراضي وتنميتها فهي المصدر الرئيسي والعامل المحدد الأول للإنتاج الزراعي بما تقدمه من دور اساسي في الإنتاج الزراعي ونوعيه المنتج وبما ظهر مؤخرا من نقص امدادات الأعلاف وخاصة الذرة وفول الصويا  التي يمكن ان تجد مساحة مناسبة لها في التركيب المحصولي في الأراضي الزراعية القديمة كمحاصيل صيفية مع تقلص مساحة القطن بها.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى