حوارات و مقالات

د خالد شوقي يكتب: عالم واحد وصحة واحدة

رئيس بحوث – معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – مصر

ماذا تعني الصحة الواحدة؟

الصحة الواحدة، تعني تحقيق الصحة المثلى لكل من الانسان والحيوان والبيئة والتي تتحقق نتيجة تضافر جهود التعاون بين الجهات والمنظمات المحلية والدولية ذات الصلة بناءً على النهج المحدد من قبل فرقة عمل مبادرة الصحة الواحدة التابع للجمعية الأمريكية للطب البيطري والمكلفة بتقديم التوصيات والإجراءات الإستراتيجية التي من شأنها دعم وتوسيع المفهوم عبر المهن الصحية المتعددة.

American Veterinary Medical AssociationOne Health Initiative Task Force (OHITF) [1].

كما تقر المبادرة بأن صحة البشر والحيوانات سواء الاليفة اوالبرية والنباتات والبيئة المحيطة او البيئة الاوسع نطاقاً والتي تشمل النُظم الإيكولوجية ترتبط ببعضها ارتباطاً ديناميكياً لا ينفصل وتعتمد على بعضها البعض اعتماداً وثيقاً نظراً لتقارب تلك العناصر. واضافت المبادرة ان الطلب على البروتين الحيواني في تزايد مستمر حيث وصل الى 50% عام 2020 مما يعني وجود ضغط متزايد على الحيوان وفي حالة فقدان قطعان منها نتيجة الأمراض التي تصيبها يعني المزيد من فقدان التنوع البيولوجي.

كما يعرف مصطلح “الصحة الواحدة” على انها نهج متكامل وموحد يهدف إلى تحقيق التوازن المستدام وتحسين صحة البشر والحيوانات والنُظم الإيكولوجية … أي انها تعني تضافر الجهود لخلق تعاون بين التخصصات المتعددة المختلفة (المنظمات المعنية بالصحة الحيوانية – منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الامراض والوقاية منها – وزارة البيئة) .

مع امكانية الاستعانة بمتخصصين في مجال العلوم الصحية – اكاديميين – طلاب – علماء الصناعة – الزراعة – الحياة البرية – مصايد الاسماك لتكون بمثابة منصة تمثل شبكة مرجعية علمية توحد الباحثين والخبراء في ما يسمي بالصحة الواحدة ((One Health لتكون قادرة وعلى استعداد لمواجهة والسيطرة على تفشي الأمراض الحيوانية الوبائية والمعدية وانتقالها للبشروكذلك مقاومة مضادات الميكروبات بما في ذلك فهم أفضل للعوامل البيئية التي تؤثر على إنتشار الامراض .

وفي 24 أكتوبر2022 أصدر البنك الدولي تقريراً جديداً يشير إلى أن وتيرة تفشي الأمراض المعدية قد ارتفعت بمعدل سنوي بلغ في المتوسط 6.7% عما كان عليه في عام 1980 وقد ارتفع عدد حالات تفشي الأمراض إلى عدة مئات سنوياً منذ عام 2000 وهو ما يرجع بدرجة كبيرة إلى تزايد الأنشطة البشرية على مستوى العالم واقترانها بارتفاع معدلات انتقال السلع والبشر بين جميع أنحاء العالم مما يسارع من وتيرة انتقال مسببات الامراض الحيوانية إلى البشر وسهولة انتشار الأمراض المعدية.

كما يدعو التقرير واضعي السياسات والحكومات والمجتمع الدولي إلى الاستثمار في تدابير الوقاية من الجوائح والابتعاد عن نهج العمل المعتاد المستند إلى الاحتواء والمكافحة بعد ظهور مرض ما طبقاً لمقولة “الوقاية خير من العلاج” ويقدّر التقرير أن تكاليف الوقاية التي تسترشد بنهج “الصحة الواحدة” والتي سوف تحقق التوازن المستدام بين صحة الانسان والحيوان وسلامة النظم الإيكولوجية وتعمل على تحسينها والتي من المقدر ان تتراوح بين 10.3 الى 11.5 مليار دولار سنويا مقارنة بتكلفة إدارة آثار الجوائح.

هه التكلفة  تبلغ وفقاً للتقديرات الأخيرة لفريق العمل المشترك المعني بالتمويل والصحة التابع لمجموعة العشرين نحو 30.1 مليار دولار سنوي مما يعني ان تكلفة الوقاية متواضعة للغاية مقارنة بتكلفة إدارة الجوائح ومكافحتها.

وهناك قلق متزايد من أن تشهد الاجيال القادمة انخفاضًا في متوسط العمر المتوقع والصحة بشكل عام مقارنة بالأجيال السابقة. وقد شوهد هذا بالفعل في جنوب الصحراء الأفريقية ومؤخراً في الإناث في أجزاء مختلفة من الولايات المتحدة.

ومن خلال منظور المنظمة العالمية للصحة الحيوانية (WOAH)   فهي تعتبر مبدأ الصحة الواحدة على انه نهج ينبثق من تعاون عالمي لفهم المخاطر التي تهدد صحة الانسان والحيوان والبيئة على السواء … وكما اشار كالفن شواب ((Calvin Schwabe [3] الى ان هناك حاجة الى التطبيق العلمي للصحة الواحدة من خلال استمرار الحدود التقليدية بين الممارسات الطبية والبيطرية الجيدة

كما افاد المعهد الطبي بالاكاديمية الوطنية للعلوم ان ما يقرب من 60% من الامراض المعدية التي تصيب البشر سببها مسببات الأمراض متعددة المضيفات (Multiple hosts) والتي تتميز بحركتها عبر الأنواع المختلفة.

وهذا يعطي مصداقية كبيرة لأهمية فحص الآثار الصحية على الانسان والحيوان من أجل الفهم الكامل للصحة العامة والأثر الاقتصادي لمثل هذه الأمراض وللمساعدة في تنفيذ برامج العلاج والوقاية. ان المفهوم الصحي كما اوضحه ستيوارت واخرون  هو مصطلح واسع يشمل مجموعة متنوعة من الفئات الفرعية التي تم تحديدها على أنها إرهاب بيولوجي والحيوانات كمتنبئين للأمراض والروابط النفسية التي يمكن أن توجد بين الحيوان والإنسان.

الأمراض ذات الأولوية والأكثر شيوعًا في جميع أنحاء العالم 

  • داء الكلب(السعار)                Rabbis
  • داء البروسيلات                Brucella
  • الإنفلونزا Influenza
  • فيروس الإيبولا                    Ebola
  • حمى الوادي المتصدع. RVF

أهداف الصحة الواحدة والتوصيات

  • نشر ومناقشة نتائج الابحاث المتعلقة بهذا القطاع في الاجتماعات التي تعقد والتي تضم الجهات المعنية
  • تحديد الفجوات المعرفية في مجال الصجة الواحدة اضافة الى استحداث برامج علمية مبتكرة لتحسين الصحة العامة من قبل فريق استشاري لتعزيز التوجيه والمشورة
  • إشراك صانعي السياسات
  • إنشاء مجموعة مسح التهديدات الحيوية لربط (One Health) بالأمن الصحي العالمي
  • مشاركة البيانات بين الجهات المعنية
  • العمل كشبكة مرجعية
  • تعزيز التعاون بين الجهات المعنية سواء كانت داخلية او خارجية
  • تنفيذ السياسات المقررة
  • وزيادة الوعي بأهمية الصحة الواحدة من خلال اقامة الندوات والمحاضرات وورش العمل.
  • التصدي للأمراض المعدية ومقاومة مضادات الميكروبات وتعزيز صحة النظم الإيكولوجية وسلامتها حيث أن ما يقرب من 75٪ من الأمراض المعدية التي تصيب الانسان تُعرف بأنها حيوانية المنشأ مما يعني أنها قد تنتقل بشكل طبيعي من الحيوانات الفقارية للانسان (WHO [6])
  • وعلاوة على ذلك يمكن لنهج الصحة الواحدة الذي يربط بين البشر والحيوانات والبيئة أن يساعد في معالجة الطيف الكامل لمكافحة الأمراض من معالجة تلك الأمراض إلى الوقاية عن طريق الكشف عنها والتأهب والاستجابة لها وحسن وإدارتها وتحسين الصحة والاستدامة وتعزيزهما.
  • من خلال اتباع نهج الصحة الواحدة سيكون من الأسهل على الناس أن يتفهموا بشكل أفضل الفوائد المشتركة والمخاطر والفرص المتاحة لإيجاد حلول عادلة وشاملة.
  • منع تفشي الأمراض الحيوانية المنشأ في الحيوانات والبشر.
  • تحسين جودة الأغذية وسلامتها وأمنها في الاقتصاد العالمي المعتمد على أسواق الاستيراد / التصدير.
  • تنمية مستدامة أسرع للاقتصادات الناشئة ، من خلال تحسين صحة الإنسان والحيوان وإنتاجية الحيوانات الغذائية
  • زيادة المعرفة بالعوامل المسؤولة عن انتقال الأمراض المعدية عبر الأنواع
  • الحد من الاضطرابات الاقتصادية الإقليمية والعالمية بسبب الأمراض الناشئة
  • اكتشاف وتطوير عقاقير جديدة لصحة الإنسان والحيوان بشكل أسرع وأكثر كفاءة
  • نهج متكامل لدراسة وعلاج السرطانات التي تحدث بشكل عفوي في الحيوانات والبشر
  • الحد من العدوى المقاومة لمضادات الميكروبات وتحسين صحة الإنسان والحيوان.
  • تعزيز الأمن والامان الحيوي العالمي (Biosafety & Biosecurity).
  • حماية التنوع البيولوجي والمحافظة عليه (Biological diversity).

ويرتبط نجاح تحقيق هذه الاهداف بعدة عوامل منها: –

  • انشاء مجلة للصحة الواحدة “”Global One Health تضم الابحاث المستندة إلى الصحة الواحدة من جميع التخصصات بالاطراف المعنية ونشر معارف جديدة حول بيئة الأمراض المعدية والصحة الواحدة لتمكيننا من تبني استراتيجيات أكثر فاعلية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
  • اعتبار الأدوية البيطرية والأدوية البشرية كيانات متصلة وليست منفصلة
  • العمل على توفير المهارات المطلوبة والمدعومة بمستويات مرتفعة من المعرفة لمواكبة التغيرات السريعة والمتطلبات الحديثة للصناعات الغذائية والحيوانية والصحة العامة والبحوث التطبيقية لمواكبة التطور في نظام الغذاء العالمي
  • اعتبار ان الضرر الذي يلحق بالبيئة بما في ذلك تغير المناخ يؤدي إلى تحور نواقل الأمراض.
  • اعتبار ان مقاومة مضادات الميكروبات والحفاظ على الحياة البرية وسلامة الأغذية والتوصيات المتعلقة بالأغذية الحيوانية للأطفال كلها قضايا رئيسية ذات أهمية لصحة واحدة.
  • تتجلى قيمة تعاون الصحة الواحدة بين الزراعة والصحة العامة في برامج مثل برامج استئصال السل وداء البروسيلات.
  • متابعة الأنشطة متعددة التخصصات مع المهن مثل العلوم الاجتماعية والاقتصاد ، من أجل نهج أكثر شمولية لاستهداف فقدان التنوع البيولوجي والحفاظ عليه.
  • ضرورة وجود نظام ترصد شامل ومتكامل مع مشاركة كافية للمعلومات بما في ذلك دمج أفراد من عامة الناس للحصول على نتائج دقيقة تتعلق بصحة الإنسان والحيوان.
  • ينبغي زيادة تشجيع التنسيق والتعاون بين الجهات المعنية ودعمها لتعزيز البحوث متعددة التخصصات في مجال الصحة الواحدة.
  • يحتاج تطوير الأدوية البشرية وتقييمات السلامة إلى الخبرة البيطرية ومن الأمثلة على ذلك أن الأطباء البيطريين مطلوبون لإجراء وتفسير دراسات خاصة في النماذج الحيوانية وضمان الرفاهية ومعايير الممارسة الجيدة للمختبرات والجودة
  • التنسيق والتواصل بين القطاعات والتخصصات المتعددة داخل المجتمع او المجتمعات لكي تعمل في اطار مشترك لتعزيز الجهود والتصدي للتهديدات التي تطال الصحة العامة للانسان والحيوان والنظم الإيكولوجية.
  • إضافة إلى القيام في الوقت ذاته بتقدير مدى الحاجة لمعالجة المياه للحصول على المياه النظيفة والطاقة والهواء والغذاء الامن للاستهلاك ذو الجودة العالية واتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ والمساهمة في التنمية المستدامة.
  • طلب المشورة من الخبراء من الدول المختلفة لدعم القائمين على كيفية وضع الأهداف والأولويات للتدخلات المختلفة وتحقيقها وكذلك تعبئة الاستثمارات وتعزيز نهج شامل للمجتمع وتمكين التعاون والتعلم والتبادل في شتى المناطق والبلدان والقطاعات.
  • تفعيل نظام الانذار المبكر والاستجابه السريعة له (كالتحالف القائم بين منظمة الصحة العالمية ومنظمة الاعذية والزراعة والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية) في مكافحة داء الكلب وانفلونزا الطيور

مما سبق يتضح ان الصحة الواحدة تساعد في مكافحة الامراض التي تنتقل بين الانسان والحيوان والبيئة من خلال التوعية بالاضرار التي قد تنجم من تلك المخاطر وما يعقبها من اضرار اقتصادية مما يعزز من وجود عالم خالي من الامراض خاصة الامراض الاكثر شيوعاً والتي تعتبر مصدر تهديد قوي على حياة البشر كما تساهم في الحصول على غذاء صحي امن على صحة المستهلك والبيئة (Healthy & Safe food)

REFERENCES

[1] OHITF, One Health: A New Professional Imperative–One Health Initiative Task Force. American Veterinary Association, 2008.

[2] “Our mission | One Health Platform”، www.onehealthplatform.com،, 2019

[3] Atlas RM. One Health: Its Origins and Future. Current Topics in Microbiology and Immunology. Berlin, Germany: Springer; 2012 [PubMed] [Google Scholar] [Ref list].

[4]. National Academy of Sciences. Institute of Medicine Microbial Threats to Health, Emergence Detection, and Response, 2003.

[5] Stewart C, Cowden J, McMenamin J, Reilly B. Veterinary public health. British Medical Journal. 2005; 331(7527):1213–1214. [PMC free article] [PubMed] [Google Scholar] [6] WHO, Combating Emerging Infectious Diseases in the South East Asia Region, 2005,

http://www.searo.who.int/entity/emerging_diseases/documents/SEA_CD_139/en/index.html [Ref list]

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى