الأخبارحوارات و مقالاتمصر

د إبراهيم درويش يكتب: مصارحة النفس .. والتصالح معها

الحياة مليئة بالمنغصات والاخفاقات سواء فى تحقيق الأهداف الحياتية أو الخذلان والصدمات فى العلاقات الإنسانية من الأشخاص التى كنا نعتقد أنهم اقرب إلى نفوسنا .. أو ممن قدمنا لهم معروف وكنا ننتظر منهم رد الجميل ..

هذه الإخفاقات قد تدخلك فى حالة من الاكتئاب وفقدانك الثقة فى كل من حولك بل قد تفقدك الثقة فى نفسك وتوهم نفسك بعدم قدرتك على النجاحات فى الحياة وكذلك عدم قدرتك على حسن إختيار الأشخاص التى تتعامل معهم وفشلك فى إدارة علاقاتك ..

وبالتأكيد هذا يدخل الإنسان فى حالة نفسية سيئة تؤدى به من فشل إلى فشل ومن إحباط إلى إحباط ..يثنيه ويبعده عن المنافسه. أو الدخول فى تجارب جديدة أو علاقات إنسانية مرة أخرى لاعتقاده أنه سيفشل فيها …

وللخروج من هذه الحالة النفسية السيئة ..
عليك أن تتصالح مع نفسك.. والبداية بأن تقبل نفسك كما هى بسلبياتها قبل إيجابياتها وتكون صادق مع نفسك .. ولاتخدع نفسك… أو غيرك ..

ولايعنى قبول السلبيات أن تصر عليها ولكن المقصود ام تعترف بها حتى تعمل على تغيير مايمكن تغيره منها إلى الأفضل وإلى الأحسن وعدم الاعتراف بسلبياتك يجعلك دائما فى حالة إنكار ودائما تتدعى الكمال ..فى وقت لايوجد فيه كمال لإبن آدم

ومن المهم أيضا أن تبتعد عن جلد الذات ..أو إلقاء اللوم دائما على الآخرين ..بل كن متوازنا فىأحكامك على الناس
وكن صادقا مع نفسك قبل أن تكون صادقا مع الآخرين ..

ومصارحة النفس والتصالح مع النفس سيساعدك فى معاملة النفس بلطف وحب بعيدًا عن القسوة والإذلال،
و قبول الآخرين كما هم بإختلافاتهم وبالتناقضات التي يعيشونها. وعليك أن تتجنب التنظير وإصدار الأحكام من طرف واحد ..وتقديم النصيحة بقسوة أو بطريقة متعجرفة لإعتقادكالزائف بأنك دائما على صواب وأنك الأفضل والأحسن.. والآخر أقلّ منك شأناً… ويجب أن يستمع منك وعليه هو أن يخطو اليك وهو الذى يتغير. وأنت فى محلك سر ..

ومن وسائل علاج هذه الحالات
ان يتعرف الإنسان على نفسه
ويتقبل حقيقة أن هناك نقص بشري ولا يوجد أحد كامل ..

وعلى ألانسان أن يتقبل ذاته التى فطره الله عليها ، ويحتضن عيوبه ويحاول تصحيح مساره، بدلًا من الإنكار والعناد والتفاخر بالعيوب، الأمر الذي يؤكد جبنه وهروبه من واقعه.وعدم إطلاق الأحكام على الآخرين .. خاصة الأحكام المتطرفة… فلاتوجد أشخاص ملائكة ولا توجد أشخاص شياطين ..فالتعميم فى الأحكام غير مطلوب ..

وعندما تعرف نفسك سوف نعرف نقاط قوتك فتنميها ..
ويساعدك فى ذلك حسن إختيارك للأشخاص التى تتحدث معهم أو تشاورهم فى معاملاتك … وعليك التخلص من العلاقات السيئة وأصحاب الآراء السوداوية ومن الممكن حضور دورات تثقيفية .تعينك على ذلك ولاشك أن قوة الإيمان بالله وذكرك الدائم له واليقين بأن مايأتى منه هو الخير دائما سيكون له أكبر الأثر فى سكينة ورضاك عن نفسك يقول الله تعالى. ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب)

وقيل إن مراحل التصالح مع النفس تمر بأربعة مراحل .. أولها. التحرر من شعور الحزن أو الذنب أو الظلم بعد العلاقات الفاشلة ..فلاتتسرع بإصادر الأحكام ..

ثانيها ..أن تقبل الآخرون كما هم سواء استجابوا للتغيرات التى تطلبها منهم أم لا وتعلم أن كل شخص. له ظروفه وتجاربه التى صنعت شخصيته …وذلك حتى تسطيع أن تعيش معهم وتستمر الحياة فى هدوء

ثالثا ..عليك بالتركيز على نقاط الإلتقاء بدلًا من التركيز على نقاط الصراع والإختلاف الذى يجعل الإنسان يتعصب لنفسه أو لرأيه أو لمعتقدة أو لنادية أو لدينه.

رابعا .أن تقبل ما لا يمكن تغييره من غيرك أو من الحالة التى انت فيها . ولاتجلد ذاتك وتتقبل حقيقة الوضع الذى تعيشه …فمثلا الموت حقيقة و أمر لا يمكن لأي إنسان. أن يغيره أو الوقوف في وجهه….

‏نسال الله عز وجل أن يوفقنا فى كل خطواتنا وأن يرزقنا طمأنينة القلب وسكينة النفس ..وعلاقات طيبة تعيننا على الطاعة وتساعدنا على الرزق كما نسأله أن يسد عنا أبواب الحزن والضيق ويفتح لنا أبواب السعادة ..والسكينة والإطمئنان .
‏ وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وجميع رسل الله أجمعين وسلم تسليما كثيرا
كاتب المقال: الدكتور إبراهيم درويش – وكيل كلية الزراعة – جامعة المنوفية

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى