الأخبار

د سامح متولي يكتب: هل تعاني الأسماك من أمراض سوء التغذية؟

 المعمل المركزي لبحوث الثروة السمكية – مركز البحوث الزراعية – مصر

يمثل الغذاء الركن الأساسي اللازم لرفع مقاومة الأسماك المستزرعة وزيادة مناعتها ضد الأمراض الوبائية بالإضافة الى أن هناك بعض الامراض التي تنتج من عدم إعطاء الأسماك عليقة متوازنة حسب طبيعة ونوعية العناصر الغذائية الضرورية لها.

من هذا المنطلق كانت المحاولات لتحسين الغذاء السمكى المتمثل فى الأعلاف المصنعة وتجهيزها فى صورة جيدة وتامة من حيث النوعية والكمية، إلى جانب بعض الإضافات العلفية التى تؤدى إلى زيادة كفاءة عمليات هضم الأعلاف واستهلاكها الكامل وعدم تراكمها في البيئة المائية وما يتبعه من زيادة عمليات تخمرها وتحللها وزيادة نسب المركبات الضارة النيتروجينية والكبريتية في البيئة المائية والتي تؤدى إلى الإنتشار السريع للبكتيريا الممرضة وإرتفاع نسب النفوق بين الأسماك.

لقد تم إنتاج العديد من الأنزيمات الهاضمة المتنوعة (كمحفزات للنمو) والتي تزيد من النشاط الأنزيمى الهضمى فى الأسماك المستزرعة للعناصر الغذائية البروتينية والنشوية والدهنية على السواء وبالتالى يزداد استهلاك الأسماك لهذه الأعلاف وهضمها التام مع قلة الإخراجات السمكية والتى كانت تمثل العبأ الأكبر للتلوث العضوى فى المزارع السمكية وزيادة النمو الخضرى والطحلبى الأمر الذي كان يؤدى إلى النقص الحاد فى الأكسجين الذائب فى المياه من خلال موت وتحلل هذه الطحالب الخضراء. 

وكما ذكرنا في العدد السابق ان إدارة صحة قطيع الأسماك الناجحة تبدأ بالوقاية من حدوث المرض ومنعه قبل أن يحدث أكثر من علاجه. الوقاية من حدوث أمراض الأسماك تتحقق من خلال إدارة جودة المياه، التغذية، والوقاية الصحية بإتباع طرق السلامة الصحية. انخفاض جودة المياه، انخفاض جودة التغذية أو خفض كفاءة الجهاز المناعي مرتبطة بحدوث ظروف إجهاد للأسماك مما يسمح للمسبب المرضي أن يتواجد ويتكاثر في المياه مما يسبب حدوث المرض للأسماك.

يوجد قسمان رئيسيان من الأمراض التي تؤثر على الأسماك هما:

 1-الأمراض المعدية: سواء كانت طفيلية أو بكتيرية أو فيروسية

2-الأمراض غير المعدية: والتي تنقسم للأنواع الأتية:

1- أمراض بيئية.

2-أمراض غذائية.

3-أمراض وراثية.

بالنسبة للأمراض البيئية:

تنتج الأمراض البيئية من انخفاض تركيز الأكسجين الذائب، ارتفاع مستوى الامونيا، ارتفاع تركيز النيتريت أو السموم الطبيعية والسموم والتي يتسبب في تواجدها الإنسان في البيئة المائية. لذالك إدارة جودة المياه بالأسلوب المناسب والسليم سوف يمكن المنتجين من منع حدوث معظم الأمراض البيئية.

بالنسبة للأمراض الغذائية:

يمكن أن تكون الأمراض الغذائية نتيجة إما لنقص، أو زيادة أو عدم توازن المكونات الغذائية في علائق الأسماك، خاصة في مرحلة اليرقات والمراحل العمرية الصغيرة للأسماك. الأسماك المجهدة أو المتأثرة من العلائق الغير متكاملة غذائيا تكون أقل مقاومة للمسببات المرضية البكتيرية وكذلك العدوى بالطفيليات.

قد تكون الأمراض الغذائية صعبة في تشخيصها، لكن أهم ما يميز أعراض نقص العناصر الغذائية أنها تتطور بالتدريج وليس في وقت واحد ويمكن ان يلاحظ المزارع على دلائل لنقض العناصر الغذائية من خلال ملاحظة انخفاض تناول العلائق وانخفاض في الوزن الحي للأسماك.

كذلك يمكن أن نجد بعض الأمثلة للأمراض المصاحبة لنقص العناصر الغذائية والتي تشمل انحناء العمود الفقري Scoliosis، الأنيميا الغذائية، الأمراض الخيشومية، سوف يتم مناقشة كل منها باختصار في الأجزاء التالية.

 أهم المكونات الغذائية وأعراض نقصها:

 البروتينات والأحماض الامينية:

تعد البروتينات من أكثر المصادر الغذائية اهمية بالنسبة للأسماك، فهي ضرورية لعمليات النمو والتكاثر، تخليق الأجسام المناعية، الحفاظ على الجسم عن طريق تعويض الأنسجة المتحللة والمستهلكة بعد عملية التبويض والهجرة.

يتكون البروتين من الأحماض الامينية الأساسية (الضرورية) وهي التي لا تستطيع الأسماك تكوينها بنفسها وتعتمد على التغذية لتزويدها بها،

والأحماض الأمينية غير الأساسية وهي التي تستطيع الأسماك تكوينها من الاحماض الأساسية. ويمكن تقييم جودة المصدر البروتيني على حسب النسب التي يحتويها من الاحماض الامينية.

تعد أهم أعراض نقص الأحماض الامينية هو انخفاض معدل النمو وانخفاض معدل استهلاك العليقة،

كما لوحظ زيادة في معامل التحويل الغذائي   FCRإلى أكثر من أثنين، هذا بالإضافة إلى التغيرات المصاحبة كذلك في الدم (قلة عدد كرات الدم الحمراء وزيادة التأين وأشكاله) وقلة سرعة الترسيب والهيموجلوبين وبروتين الدم.

وهناك بعض أعراض النقص الأخرى التي سجلت على شكل تأكل في الزعنفة الظهرية في حالة نقص الحمض الأميني الليسين lysineوحدوث تشوهات عصبية نتيجة نقص بعض الاحماض الامينية مثل التربتوفان Tryptophan، والليوسين والارجينين، وكذلك لوحظ ارتباط حدوث عتامة في عدسة العين نتيجة لنقص الحمضين الأمينين التريبتوفان والمثيونين. ويمكن علاج ذلك بإضافة الحامض الأميني الناقص للعليقة خلال 15 -30 يوم. 

الدهون (الليبيدات) والأحماض الدهنية:

يسبب النقص في الأحماض الدهنية مثل أحماض اللينولينك نقص النمو وشحوب في لون الجلد وتكسير الزعانف بسبب العدوى الثانوية بالبكتريا والفطريات المختلفة، وظهور أعراض عصبية وقد توجد الأسماك على السطح وتتحرك فجأة وقد تموت ويمكن علاج ذلك بإضافة 1٪ من حمض اللينولينك كما أن نقص الأحماض الدهنية الأساسية يؤدي إلى علامات مرضية مثل تضخم الكبد نتيجة إختزان الدهون وأيضاً يؤدي إلى فشل الكبد في إفراز هرمون Haemopoietin وترتفع نسبة النفوق نتيجة للأنيميا.

من ناحية أخرى يؤدي تخزين العلائق في ظروف غير ملائمة مثل إرتفاع درجة الحرارة إلى تزنخ الدهون نتيجة لأكسدة الأحماض الدهنية غير المشبعة وينتج عن ذلك مواد سامة للأسماك وفي هذه الحالة تكون العليقة ذات أثر سلبي بالنسبة للأسماك وأيضاً تقلل من القيمة البيولوجية للبروتين ولها تأثير مدمر على الفيتامينات ما عدا المضادة للأكسدة مثل فيتامين ج و فيتامين ه وكل هذا يسبب مرض يسمى Lipoid liver degeneration .

ومن أعراض هذا المرض شحوب لون الخياشيم والقلب يكون لونه برونزي ومستدير الحواف مع تضخم في الكبد وجحوظ للعين ودكنة في اللون مع ترهل في العضلات وللوقاية من ذلك حفظ العلائق في ظروف مناسبة وإضافة مواد مضادة للأكسدة وخاصة في حالة زيادة نسبة الدهن بالعليقة .     

الكربوهيدرات:

اسماك المياه الباردة مثل السلمون لها قدرة محدودة لعمليات الايض الخاصة بالكربوهيدرات بينما نجد ان اسماك المياه الدافئة مثل القراميط والبلطي ذات كفاءة عالية في استخدام كربوهيدرات الغذاء لإنتاج الطاقة.

وبالرغم من ذلك نلاحظ ان زيادة مستويات الكربوهيدرات في العلائق تؤدي إلى تحلل في خلايا الكبد وترسيب الجليكوجين داخل الكبد.

تزيد نسبة الجليكوجين من 0.5: 3 ٪ من وزن الكبد إلى 17 ٪ وزيادة نسبة الجليكوجين تزيد من معدلات النفوق والتعرض للعديد من الأمراض البكتيرية والطفيلية. وأيضاً زيادة نسبة الجليكوجين في الكبد سوف تقلل من كفاءته وبالتالي تقلل من كفاءة الكلى مما يؤثر تأثيراً مباشراً على الأسماك لذلك يجب ألا تزيد نسبة الكربوهيدرات عن 25 ٪ في العليقة.

الفيتامينات:

هي مجموعة من المركبات العضوية متباينه في تركيبها الكيماوي ووظيفتها البيولوجية وتكون مطلوبة في العلائق للنمو الطبيعي والحالة الصحية الجيدة والتكاثر للأسماك. بعض الحيوانات قادرة على تخليق بعض الفيتامينات في داخل الجسم بكميات كافية لاحتياجاتها التمثيلية،

بذلك تلك الفيتامينات لا يتطلب إضافتها من مصدر خارجي. وتعد الفيتامينات الذائبة في الدهون (أ -د3 -ﻫ -ك) وبعض الأنواع (11نوع) التي تذوب في الماء هي الفيتناميات الأساسية الضرورية للأسماك.

أعراض نقص الفيتامينات نادرا ما توجد في الأسماك البحرية لأن نمو الأسماك في الحياة الطبيعية يكون بطىء كما أن الغذاء الطبيعي يحتوي على كميات كافية من كل الفيتامينات المطلوبة لاحتياجات الأسماك.

تعتبر الفيتامينات من العناصر الضرورية و اللازمة للعمليات الحيوية في جسم الكائن الحي وتحتاج لها الأسماك بكميات ضئيلة جداً ولكنها في غاية الأهمية للمحافظة على صحتها وحيويتها .

ومن أهم الأعراض المرضية لنقص الفيتامينات في علائق الأسماك:

  • تشوة العمود الفقري وذلك نتيجة للنقص في كل من الثيامين وفيتامين ج.
  • أمراض عصبية، ضعف للنمو وذلك نتيجة للنقص في كل من فيتامين البيروكسيدين وفيتامين ك والبيوتين.
  • إرتشاحات دموية وفقر دم وذلك نتيجة لنقص في كل من فيتامين ب 12 والسيانوكوبالامين والنياسين وكذلك فيتامين ج.
  • إستحلابات دهنية في الكبد ويحدث ذلك نتيجة النقص في كل من فيتامين ﻫ والكولين.
  • ويمكن التغلب على ذلك بإضافة مخلوط فيتامينات للعلائق بنسبة 1٪.

المعادن:

المعادن ضرورية لصحة ونمو الأسماك ونقصها أو زيادتها عن الحد المطلوب يؤدي إلى أمراض كثيرة منها نقص عناصر الحديد والمنجنيز والزنك يتسبب في تأخر النمو وفقدان الشهية وضعف التحويل الغذائي ونقص الكالسيوم والفسفور يسبب هشاشة العظام والإنحناء )أي تشوهات في العمود الفقري(، ونقص عنصر النحاس يسبب عتامة للعين، ونقص الزنك والكوبالت يؤثر سلبياً على عملية التكاثر ويمكن التخلص من ذلك بإضافة مخلوط أملاح معدنية للعلائق بنسبة 2 ٪ من مكونات العلائق.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى