الأخبارحوارات و مقالات

د علي إسماعيل يكتب: الدولار …. صانع الأزمات والخروج «الآمن»

استاذ ادارة الاراضي والمياه ….. مركز البحوث الزراعية . مصر

ان الازمة الاقتصادية  التي يتعرض لها العالم  بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية تؤثر علي مصر بشكل اساسي والتي تمثل قلب العالم و ميزان  التوازن الاقليمي للشرق الاوسط بحكم الموقع الجغرافي ووجود قناة السويس اهم شريان ناقل للتجارة العالمية بين الشرق والغرب و مع ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية من رفع اسعار الفائدة  وارتفاع سعر الدولار الذي يطبع دون رصيد سوي القوة العسكرية للجيش الامريكي ويشتري كل سلع العالم دون مقابل  او غطاء كباقي العملات.

بعد بدء الكونجرس حل ازمة سقف الدين التي تخطت ٣١ تريليون دولار  وتأثيراتها السلبية علي الاسواق الناشئة وما تسببه من خروج الاموال الساخنة وهروب الاستثمارات من هذه الدول  ورفع مستويات التضخم ونقص الاحتياطات الدولارية للبعض وخاصة التي تكون واردتها اكثر من صادرتها وتدخل صندوق النقد والبنك الدولي لحل بعض أزمات هذه الدول النامية بروشته علاج قاسية في بعض الأحيان ما لم يتخذ من الحذر  و وسائل الامان والحماية الاجتماعية طبقا للواقع الاجتماعي والديموغرافي للسكان وربما من الاجراءات قد تصل احيانا  بالامتناع عن تنفيذ روشته  الدواء سبيلا للنجاة رغم ما قد يعاني من الألم وعدم القدرة على الصبر ولكنه لديه الأمل الأكبر في تفهم المواطنين لمثل هذه الإصلاحات الذي تساعد في التعافي السريع .

ومع استمرار الحرب الروسية الاوكرانية وهي تمثل حرب علي هيمنة الدولار وتبعاتها السلبية علي المنطقة العربية بشكل اساسي ونقص امدادات سلاسل الغذاء وبداية  دخول الاقتصاد العالمي  نتيجة تأثر الإنتاج الصناعي الصيني وكساد التجارة العالمية مع الاتحاد الاوربي و الولايات المتحدة الامريكية  .

يتساءل الكثيرون عن مدي تأثير ذلك علي  الدول العربية  ومدي تبعاته على اقتصاداتها الحالية وفي المستقبل القريب مع ارتفاع اسعار النفط العالمية ومردود ذلك علي الدول الخليجية؟

ربما تعود مصر الي قيادة اقتصاد المنطقة  العربية واعادة قبلة الحياه الي التعاون العربي الاقتصادي المشترك واقامة تكامل عربي يؤمن حاجة المنطقة العربية من غذاء وملبس ودواء وصناعة وغيرها من الانشطة الاقتصادية الانتاجية الهامة للسوق العربي وتلبي طموح الشعوب العربية في تكامل اقتصادي حقيقي قد ظهرت الحاجة اليه في الوقت الحالي بعد تفشي ازمة كورونا .

وربما عودتها في الموجة الجديدة مع توابع الحرب الاوكرانية و ارتفاع اسعار السلع الغذائيه وهروب الاموال الساخنة وعودتها الي امريكا بعد رفع اسعار الفائدة المتتالي وصعود الدولار الي اعلي مستوياته وتأثيره الاقتصاديات الناشئة وهبوط اسعار عملاتها التي تضر بمواردها الدولارية ورفع تكلفة سداد الديون  مع تحميلها  اعباء ضخمة لمجابهة ارتفاع الاسعار والخامات وغيرها من مستلزمات الانتاج بشكل يتطلب منها جهود مضاعفه في مواجهة هذة الموجة التضخمية و الحماية الاجتماعية في ظل انخفاض الدخول و ارتفاع الاسعار وخاصة بعد تصنيف مصر العالمي ودخولها التصنيف العالمي رقم ٣٢ بمقدار ما يقرب من ١.٤ تريليون دولار ضمن  ضمن اصول الثروة وضمن  ثلاث دول عربية السعودية ومصر والامارات فقط .

واذا نظرنا الي مايتم في الدول الغنية وما يحدث لها بعد ازمة الطاقة  وارتفاع اسعارها وخاصة البترول والغاز الطبيعي وغلق الحنفية الروسية لامدادات الغاز لدول الإتحاد الأوربي والعقوبات المفروضة علي روسيا والتي اصبحت تمثل خطرا حقيقيا علي الاتحاد الاوربي مع استمرار هذه الحرب وتضرر الدول الاوربية  وهبوط اليورو لادني مستوي له منذ العمل بة .

وقد ظهر  تخلي الدول العظمي عن الاقتصاديات الناشئة  والتي اعتقد البعض انها سند وداعم حقيقي لها في كل الاوقات  واهمها الولايات المتحدة الامريكية الا انها تخلت  عن دورها مرحليا  حتي في مساعدة نفسها رغم الالة الاعلامية التي كانت تصورها  لنفسها في افلام هوليود بانها صانعة المستحيل .

ربما في القريب العاجل يتغير اقتصاد العالم و المنطقة العربية والتصنيف الاقتصادي لها  مع ظهور قوي عالمية جديدة لن يكون الدولار هو قبلة العالم المالية وهو ما تسعي له روسيا والصين وتقاتل امريكا للاحتفاظ بالهيمنة علي العالم من اجل الاحتفاظ بمكتسبات البترودولار  حتي النفس الاخير ومعها اوروبا العجوز.

وتؤثر الحرب الروسية الاوكرانية على الاقتصاد العالمي بشكل فعال  وتضرر منه معظم الدول بما أن ارتفاع أسعار الطاقة يؤدي إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الغذاء لأن الزراعة والنقل يصبحان أكثر تكلفة مع نقص الإمدادات فمنذ بدء الحرب الروسية فقد قفزت أسعار القمح بنحو ٤٠%، وزيت عباد الشمس ارتفع بحوالي ٥٠%، كما ارتفعت التكلفة العالمية للأسمدة بنسبة ان اكثر من   ٢٠٠ %، مما ينذر معه  بارتفاع أسعار المواد الغذائية  حاليا وربما في المستقبل القريب بزيادات غير مسبوقة مع انخفاض الانتاج من قبل المزارعين  وموجات الجفاف والحرائق التي تعرضت لها أوروبا الايام الماضية ولكن قد تظهر معه بادرة الامل بعد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.

وان بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد بشكل مفرط على استيراد الغذاء والطاقة، الأمر الذي يتركها هشة على بشكل خاص أمام الصدمات الاقتصادية نتيجة الأزمة الأوكرانية؛ إذ إن بعض الدول تشتري كميات كبيرة من القمح من أوكرانيا وروسيا.

وفي حين أن البعض مثل دول الخليج العربي تمتلك احتياطيات نقدية كبيرة فإن دولاً أخرى مثل لبنان لا تمتلك أية احتياطيات الأمر الذي يجعل احتمال حدوث نقص لديها حقيقياً.

وبالرغم من امكانية واردات القمح الروسي فإن المستوردين يواجهون صعوبة متزايدة في شراء القمح من روسيا بسبب صعوبات تحويل الأموال إلى الشركات الروسية والتأمين على السفن الا ان الحكومة الروسية تصنف الدول  والتي يمكنها تصدير القمح لها  بالدول الصديقة  ومع التبادل بالعملات المحلية او في اطار منظمة البريكس.

أن الاعتماد على النفط والغاز المستوردين يمثل مشكلة أيضاً، فقد تبقى دول لديها اكتفاء ذاتي منهما  أو حتى تصدر النفط والغاز مثل إسرائيل ومصر وإيران والعراق وليبيا ومعظم دول الخليج العربية التي  تبقي محمية من الركود الاقتصادي  ونقص احتياطيات النقد الاجنبي  بينما قد تواجه دول أخرى مثل لبنان وفلسطين والأردن، واليمن وتونس صعوبات اقتصادية مع معاناة سكانها بدرجة أكبر .

نظرة وتوقعات صندوق النقد للعام 2023 لاقتصادات الدول العربية  :ومع توقعات الصندوق للاقتصاد العالمي خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لعام ٢٠٢٣ بشكل طفيف مع تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة، لكنه حذر من أن تؤدي اضطرابات النظام المالي الحادة إلى خفض الإنتاج إلى مستويات قريبة من الركود.

وذكر الصندوق في أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي أن مخاطر انتشار العدوى في النظام المصرفي جرى احتواؤها من خلال إجراءات سياسية قوية، بعد انهيار بنكين أميركيين والاندماج الاضطراري لبنك “كريدي سويس”.  ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي 2.8% في عام ٢٠٢٣، و3% في عام ٢٠٢٤، في تراجع حاد من نمو بلغ 3.4% في عام ٢٠٢٢ نتيجة لتشديد السياسة النقدية

خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعام الجاري (2023) إلى 3.1% مقابل 3.2% في توقعات سابقة. وكانت اقتصادات المنطقة قد حققت معدل نمو بلغ 5.3% العام الماضي.

توقعات صندوق النقد الدولي لبعض البلدان العربية

  • السعودية: 3.1% في العام ٢٠٢٣ مقابل 8.7% العام٢٠٢٢
  • مصر: 3.7% في العام ٢٠٢٣ مقابل 6.6% العام ٢٠٢٢
  • قطر: 2.4% في العام ٢٠٢٣ مقابل 4.2% العام ٢٠٢٢
  • الكويت:  0.9% في العام ٢٠٢٣ مقابل 8.2% العام ٢٠٢٢
  • سلطنة عمان: 1.7% في العام ٢٠٢٣ مقابل 4.3% العام ٢٠٢٢
  •  تونس: 1.3% في العام ٢٠٢٣ مقابل 2.5% العام ٢٠٢٢
  • العراق: 3.7% في العام ٢٠٢٣ مقابل 8.1% العام ٢٠٢٢
  •  المغرب: 3% في العام ٢٠٢٣ مقابل 1.1% العام ٢٠٢٢

وقد تُحدث التكلفة المتزايدة لأسعار النفط والغاز نفسها أثراً سلبية خاصة على ارتفاع تكلفة النقل وبالتالي أسعار السلع بشكل عام الأمر الذي سيفرض ضغوطاً تضخمية ويمكن أن يعطل سلاسل الإمداد بالسلع الأساسية وغير الأساسية بشكل يزعزع الاقتصادات الهشة  والضعيفة أصلاً.

بالإضافة إلى ذلك فإن ارتفاع أسعار الوقود سيجبر الدول الفقيرة والمستوردة للنفط على تخفيض سعر صرف عملاتها الوطنية ما سيحدث انخفاضاً في الدخول وتردياً في الأحوال المعيشية للمواطنين

لقد شاهدنا بالأمس القريب حملة دولية من مؤسسات تصنيف اقتصادية عالميه ووكالات أنباء دوليه تضغط على الدولة المصرية بصورة غير طبيعية وقد يرى الكثيرون انها حملة ممنهجه لوضع الدولة المصرية تحت ضغط ابتزازي مع صندوق النقد وعناصره ليتم تصنيف الاقتصاد المصري بنظرة مستقبليه سالبه وخروج بعض رجال الأعمال اللذين صنعوا ثروات طائلة من الشعب المصري بتشويه صوره مصر لاستكمال منع الاستثمار الأجنبي بمصر والذي يرى البعض انه جزء مهم لانعاش الاقتصاد  والخروج من هذه المحنه الاقتصادية  المؤقتة من خلال طروحات الدولة وتخارجها من بعض  الأنشطة الاقتصادية ببيع بعض الشركات والبنوك وغيرها  من الأنشطة بطرحها للاستثمار الأجنبي  وطلب هذه المؤسسات بخفض قيمه الجنيه المصري مرة أخرى رغم انه  معوم مسبقا و ضمانا لدخول المستثمرين الجدد والصناديق السيادية الدولية لتحقيق أرباح حقيقيه لاستثماراتهم .

واذا نظرنا الي ضمان نجاح الاستثمار ودعم الاقتصاد المصري فالإنتاج والتصدير هما راس الحربة القادرين على تحقيق هذه المعادلة  وليس الخدمات والسمسرة والانتاج الاستهلاكي الداخلي الذي يحقق أرباح محليه تتطلب تحويل هذه العوائد الي دولارات يتم تحويلها الي الخارج  طبقا للقوانين الاستثمارية ويظهر ذلك واضحا من شركات عديدة تحمل علامات تجارية عالميه…

فالأمر لابد أن يعاد النظر فيه وان يتم تحديد نسب التحويل وخروج الدولارات طبقا لما تحققه هذه الأنشطة من عوائد  دولاريه للاقتصاد  فليس من المعقول ان شركة تبيع مياه  معبأة  واخرى عقارية في السوق المصري وتحول ارباحها بالدولار الي الخارج  فالأمر يحتاج إعادة ضبط لتحديد  الأولويات فليس من المعقول ان الدولة المصرية تبذل الكثير من الجهد  في دعم منظومة التصدير وتشجيع الاستثمار للحصول على العملة الصعبة من الأنشطة المختلفة الصادرات المصرية الصناعية والزراعية البترولية وقناه السويس تحويلات المصريين بالخارج  وغيرها من الموارد على ان يعاد خروجها كتحويلات أرباح شركات عن أنشطة محليه تتم بالجنيه المصري  لشركات وأسماء ماركات عالميه…

ومن هنا يجب أن يبحث القائمين على الأمور بمراجعة هذه السياسات طبقا لأليات تسمح بتعويض راس المال المستثمر بالدولار ونسب أرباح تنموية   تصب في مصلحة الاقتصاد المصري في المقام الأول…

فهل عوائد السياحة  من اقامة وطيران تدخل وتحول بالكامل الي مصر ام ان العوائد هي قيمة التأشيرات ورسوم المزارات  وبعض أنفاق السائح في السوق المصري وتبقى هذه الإيرادات خارج مصر لأنها شركات عالمية تدير المنظومة فلابد ان تحاسب الدولة الشركات و الفنادق العاملة بمصر على العوائد طبقا للأسعار المعلن عنها لهذه الوفود بالدولار لتصب في مصلحة الدولة المصرية فليس من المعقول ان توفر الدولة الدولار مقابل الجنية المصري   ارباحا لهذه  الشركات وتحويلها للخارج .

ورغم كل هذه المؤشرات الغير منصفة  التي اصبحت شائعة خلال الايام الماضية  من  بعض خلال المؤسسات الدولية والتقارير الصادرة عن الاقتصاد المصري  نجد عدد من المصريين يتشكك، ويسير وراء بعض الدعوات  والاشاعات مجهولة المصدر، والمسيسة الغرض والتي يطلقها أعداء الوطن من الخونة والمأجورين والطابور الخامس ولهم أجندة خاصة تهدف للتخريب والهدم وزرع اليأس في نفوس الشباب تتحدث حول حدوث انهيار للعملة  أمام الدولار والعملات الأخرى رغم التزام مصر لسداد ديونها بشكل منتظم .

لذا ومن الضروري ان يثق المصريين بأن نتائج الاصلاح سوف تنعكس عليهم وتصب في مصلحة الجميع رغم مرارة الدواء الذي تناوله البعض الا ان الشفاء معه وارد  فقد ينجح البنك المركزي المصري في تغير الصورة المظلمة التي انعكست على الاقتصاد المصري التي المت به كما حدث في ٢٠١٦  ووصل سعر الدولار الي ١٥.٧ جنبه بعد ان تخطي ٢٢ جنيها وقتها .

وما حدث من اهتزاز الثقة التي المت بالبعض من المواطنين بعد تعويم الجنية وانعكاس ذلك علي مدخرات المصريين والموجات التضخمية التي عاني منها صغار المدخرين والموظفين اصحاب الدخول المحدودة خلال المرحلة الماضية من عملية الاصلاح الاقتصادي ام ان الوضع سوف يحتاج الي بعض الوقت لكسب ثقة المصريين  للوصول الي وضع الاتزان في السوق وتراجع الاسعار .

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى