د سعد جعفر يكتب: كيف يمكن مواجهة تحديات الزراعة العضوية لتطوير القطاع الزراعي؟
رئيس قسم مكافحة الآفات- المعمل المركزى للزراعة العضوية – مركز البحوث الزراعية – مصر
شهدت السنوات الأخيرة، في كثير من دول العالم تطبيق أسلوب الزراعة العضوية، الذي لا يسمح بإستخدام أي مركبات كيميائية أو مكونات أستخدمت في إنتاجها الهندسة الوراثية أو الإشعاع. فالزراعة العضوية هي نظام حيوي مأخوذ من الطبيعة، لا يعتمد علي أية إضافات كيميائية. والنظر إلي الزراعة بهذا المفهوم سوف يحد من زيادة تلوث البيئي والتغيرات المناخية، وسيساهم في وقاية المجتمع من الأمراض، حتي أن بعض الدول المتقدمة وضعت الزراعة العضوية والزراعة الصحية في أنظمتها الإستراتيجية من أجل صحة البيئة والمجتمع.
وقد حققت المنتجات الزراعية العضوية خلال السنوات الأخيرة، إنتشاراً وتنامياً ملحوظاً، ليس فقط في الدول المتقدمة بل في جميع أنحاء العالم، وأصبح إقبال المستهلكين علي المنتجات العضوية يفوق بكثير ما كان متوقعاً، فلقد أصبح المنتج العضوي عنصراً مهماً في التنافس الإستراتيجي للمستثمرين الزراعيين في تلك الدول.
ما تشهده مصر الأن علي كافة الأصعدة من الدعم الدائم واللامحدود من الحكومة إيماناً منها بأهمية تنمية قطاع الزراعة العضوية لمواكبة التطورات العالمية فيه، وما توليه من إهتمام بالغ لقطاع الصحة والغذاء والبيئة والمحافظة علي الموارد الطبيعية وزيادة الإهتمام بكونات الغذاء ومصادره وطريقة إنتاجه.
وأثر ذلك علي الصحة والبيئة وإستنزاف الموارد الطبيعية تولدت لدي الجهات المعنية بوزارة الزراعة وإستصلاح الأراضي ومركز البحوث الزراعية فكرة تأسيس وتطبيق الزراعة العضوية كنشاط هام لمواجهة الطلب العالمي علي المنتجات العضوية في الأسواق الدولية لزيادة الدخل القومي والعائد الإقتصادي للمزارع.
ليس هذا فحسب ولكن هناك العديد من الفوائد التي يتميز بها هذا النوع من الزراعية بيئياً ومساهمته في المحافظة علي الموارد الطبيعية وتنمية المجتمع الريفي، ونتيجة ذلك نمو نشاط الزراعة العضوية في الآونة الأخيرة، ما حدا المعمل المركزي للزراعة العضوية التابع مركز البحوث الزراعية ووزارة الزراعة أن يضعوا علي عاتقهم مسؤولية تنظيم هذا النشاط وتنميته وتطويره بما يتوافق مع التوجه العالمي،
قرارات تنظيم عمل المعمل المركزي للزراعة العضوية
نتطرق هنا إلي أهم قرارات منظمة وداعمة لنشاط الزراعة العضوية بجمهورية مصر العربية:
أولاً: تم إنشاء المعمل المركزي للزراعة العضوية – مركز البحوث الزراعية عام 2002.
ثانياً: تم صدور قرارين وزاريين بشأن تنظيم الزراعة العضوية وصدور عدد 2 شعار لمدخلات ومنتجات الزراعة العضوية عام 2008.
ثالثاً: تم تشكيل تشكيل اللجنة العليا للمكافحة الحيوية والزراعة العضوية بوزارة الزراعة وإستصلاح الأراضي عام 2014.
رابعاً: وفي عام 2016 تم بداية كتابة مسودة قانون الزراعة العضوية المصري.
خامساً: إنشاء الإدارة العامة للزراعة العضوية بقرار وزاري رقم 1773 في عام 2018 حيث كان الهدف الرئيسي من تأسيسها هو تنظيم وتطوير ورفع مستوي نشاط الزراعة العضوية ونشرها بين المزارعين والمستهلكين وتطبيق نظام الزراعة العضوية ولائحته التنفيذية علي جميع وحدات الإنتاج العضوي،
مهام تنظيم إدارة الزراعة العضوية
- رسم ومراجعة أنظمة وتشريعات وسياسات الزراعة العضوية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالوزارة والمركز.
- مراجعة وتحديث اللائحة التنفيذية للزراعة العضوية.
- إعتماد شركات التوثيق الخاصة (المحلية والأجنبية) وفقاً للائحة التنفيذية للزراعة العضوية.
- إستقبال ودراسة طلبات تصدير وإستيراد مواد ومنتجات الزراعة العضوية وإصدار التوصيات المناسبة لإصدار تراخيص التصدير والإستيراد، لجهات الإخاصاص (بالوزارة).
- إستقبال ودراسة طلبات التصنيع الخاصة بمنتجات الزراعة العضوية وإعطاء الرأي الفني والتوصيات المناسبة لذلك، بالتنسيق مع جهات الإختصاص بالوزارة.
- العمل علي توفير قاعدة بيانات لنشاط الزراعة العضوية.
- المشاركة في إعداد برامج الأنشطة الترويجية للزراعة العضوية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقةبالوزارة والمركز.
- دعم المزارعين العضويين وفق الضوابط والأنظمة المعتمدة بالوزارة والمركز وبالتنسيق مع الجهات ذات الإختصاص بالوزارة.
- تسجيل جميع مدخلات الإنتاج العضوية (وقاية – تغذية).
سادساً: تم إصدار قانون الزراعة العضوية الصادر برئاسة الجمهورية في 23 فبراير 2020 بقانون رقم (12) لسنة 2020 بشأن الزراعة العضوية ولائحته التنفيذية في 26 أغسطس 2021 بقرار وزاري رقم 169 لسنة 2021، ومن أهم مهام قانون الزراعة العضوية حماية المستهلك ضد غش المنتجات العضوية في الأسواق وتشجع نظم الزراعة العضوية والحفاظ عليها وتطبيقها داخل مصر و حماية المنتج العضوي ضد المنتجات غير العضوية وذلك بوضع عليها علامات توحي أنها عضوية.
أهداف الزراعة العضوية
تهدف سياسة الزراعة العضوية إلي تحفيز الإنتاج العضوي إسوة بالدول المتقدمة في هذا المجال وبما يدعم الزراعة المستدامة في مصر والذى تطلب وضع سياسة تكفل الدعم الفني المباشر وغير المباشر للمزارع العضوية، بما يعود علي المساهمة في حماية البيئة ومنع التلوث في الماء والهواء والتربة.
إضافة إلي هذه الأهداف توفير منتجات زراعية غذائية آمنة للمستهلك وتؤدي إلي زيادة الدخل القومي عن طريق تصدير هذه المنتجات وزيادة دخل المزارعين في المستقبل. كما أن هذا الدعم الفني سوف يسهم بطريق غير مباشر في ترشيد إستهلاك مياه الري في الزراعة، نظراً لدورها في تحسين خواص التربة وزيادة قدرتها علي الإحتفاظ بالماء بالإضافة إلي استخدام تقنيات الري الحديثة في الزراعة العضوية ويقوم المعمل المركزي للزراعة العضوية / مركز البحوث الزراعية / وزارة الزراعة وإستصلاح الأراضي علي تحفيز الإنتاج العضوي وذلك تنفيذاً للسياسة العامة لوزارة الزراعة وإستصلاح الأراضي وللدولة لإستراتيجية الزراعة في 2030.
أولويات إنطلاق الزراعة العضوية في مصر
كما أن أولويات المرحلة المقبلة لدعم تطبيق اللائحة التنفيذية لقانون الزراعة العضوية في مصر تتمثل في:
- الاهتمام في وسائل الاعلام المختلفة لتوضيح مزايا الزراعة العضوية.
- توعية المزارعين بأهمية التحول إلى الزراعة العضوية وخاصة التعرف علي كيفية الحصول على الشهادات العضوية وتكاليفها وأهمية زيارات الفحص الدورية.
- إعداد وتنفيذ برامج توعية للمستهلكين والمنتجين توضح أهمية الزراعة العضوية في المجالات المختلفة الصحية، البيئية والاقتصادي.
- توجيه الدعم للزراعة العضوية في المرحلة الانتقالية وتعطى الأولوية للجمعيات التعاونية الزراعية، مساواة بالدول المتقدمة التي تدعم برامج الزراعة العضوية.
- تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية المتخصصة في مجال الإرشاد وتقديم المقترحات والتوصيات لتطويرها.
- إقتراح تشكيل لجنة متخصصة من الجهات المعنية ” الزراعة, الهيئة القومية لسلامة الغذاء, المركز التصديري للصادرات, الثقافة والإعلام, الجامعات المصرية, الشركات والمؤسسات الزراعية المتخصصة في هذا المجال, لمتابعة تنفيذ برامج الزراعة العضوية وتقييمها، الحجر الزراعي”.
لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك الفوائد العديدة للتوسع في الزراعة العضوية، سواء ما يتعلق بصحة الإنسان المباشرة نظرا إلى خلو المنتجات العضوية من المبيدات الحشرية أو ما يتعلق بسلامة التربة ومصادر المياه وخلوها من الملوثات أو ما يتعلق بالمزارعين أنفسهم وعدم تعرضهم للمبيدات الحشرية أثناء رشها، ويجب ألا يفوتنا أن الزراعة العضوية هي أصل تراثنا وهي النمط الذي ساد على مدى آلاف السنين.