الأخبارالاقتصادالانتاجالصادرات و الوارداتالصحة و البيئةامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د عبدالسلام منشاوي يكتب: حقيقة مرض الصدأ الأصفر بالقمح بعيداً عن التهويل والتهوين

رئيس بحوث القمح في سخا-معهد بحوث المحاصيل الحقلية مركز البحوث الزراعية – مصر

الصدأ الأصفر من أهم الإمراض التي تصيب القمح في العالم ومصر ويسببه فطر Puccinia striiformis f. sp. tritici  وينتقل هذا الفطر هوائيا لمسافات بعيده. تظهر الإصابة على كل الأجزاء الخضرية من النبات عدا الساق. ينتج الفطر بقعاً مسحوقيه تسمى “بثرات” على سطح الورقة، وعند ملامستها تترك آثارًا على اليد يشبه صدأ الحديد. يظهر المرض  على زراعات القمح منذ قديم الأذل ويظهر في مواسم عديدة وأشهرها في عام 1967 حينما قيل أن مصر أصيبت بنكستين، الهزيمة العسكرية في الحرب مع إسرائيل ووبائية الصدأ الأصفر التي دمرت زراعات القمح. ثم ظهر بعد ذلك أكثر من مرة في سنوات متفرقة على سبيل المثال في 1995  و 1997 و1999 و 2014 وفي عامنا الحالي.

يتوقف ظهور المرض على توفر العوامل التي تساعد على حدوثه  أو ما يعرف بمثلث المرض (صنف قابل للإصابة – مسبب مرضي قادر على إحداث الإصابة – وظروف بيئية). تتميز الفطريات المسببة لأمراض الصدأ في القمح بحاجاتها إلى نوعين من العوائل النباتية لإكمال دورة الحياة والقمح هو احد العوائل والعائل الثاني غير موجود بمصر

المواسم الباردة وطويلة الأمطار مع رطوبة نسبية عالية و درجات حرارة من  10   إلى 15م ± 2 م . ويكون للفرق الواسع بين درجة حرارة الليل والنهار دور كبير في حدوث الإصابة بالصدأ الأصفر. كما تساهم الرياح علي زيادة انتشار المرض انتشاراً سريعاً وعبر مساحات واسعة. تعتبر الجراثيم اليوريدية من أهم أنواع الجراثيم تأثيرا على القمح ويسمى بالطور المتكرر. حيث تصل جراثيم الصدأ (اليوريدية) سنويا إلى مصر محمولة بواسطة الرياح من الدول المجاورة – سواء من الشمال دول البحر المتوسط أو جنوب غرب آسيا أو بعض الدول الأفريقية. وتسمى الجراثيم اليوريدية بالطور المتكرر، بمعنى أن كل  15– 12 يوم يظهر جيل جديد من الجراثيم يمكنها إصابة نبات القمح.

كيفية مواجهة هذا المرض.

  1. الحل الأمثل هو إدخال جينات المقاومة للأصناف وزراعة أصناف مقاومة.
  2. التقيد بالمعاملات الزراعية الوارد الإشارة إليها في حزمة التوصيات.
  3. استخدام تقاوي من مصادر موثوق بها والالتزام بالسياسة الصنفية التي يضعها قسم بحوث القمح.
  4. استخدام المبيدات الموصى بها من قبل الوزارة بهدف الحد من انتشار المرض.

هناك حاجة ملحة للاكتشاف المبكر للمرض والتحرك الفوري للحد من حدوث ضرر كبير في إنتاج القمح. ومن المعلوم عدم جدوى استخدام المبيدات الفطرية إذا انتشرت الإصابة بشكل وبائي لأنها لا تقضي على االفطر بشكل كامل وتحتاج إلى تطبيقها من  5-3مرات خلال الموسم.  ولذلك لابد من المراقبة المتواصلة  والتوعية والتحذير من خطورة المرض من أجل حماية المزارعين وللحد من تطور الإصابة وتقليل مستوى الفاقد إلى أقل مستوى ممكن

إن مرض الصدأ الأصفر من أخطر أمراض القمح ويسبب خسائر كبيرة جدا في حالة الوبائية. على سبيل المثال، في عام 2010 ظهرت سلاله جديدة شرسة جدا في أوربا سببت خسارة كبيره  في تركيا  1.2 مليون طن اوزباكستان من35-25  % وفي المغرب 35%. ولازالت سلالة المحارب Warrior من الصدأ الأصفر  في أوربا حتى الآن تسبب خسائر كبيرة. و في عام  2016  تم اكتشاف السلالة AF2012 في أثيوبيا وأوزبكستان  لصدأ القمح الأصفر وكانت ضربة قاسية وكبيرة لإنتاج القمح تراوحت الخسائر في اثيوبيا بين 35  إلى 96  %. تختلف نسبه الفقد في المحصول تبعا لوقت الإصابة بالنسبة لمراحل النمو. الصدأ الأصفر يؤدي إلى نقص محصول الحبوب من39-24  % ووزن الإلف حبه من 24-16 %.

مع العلم أنه ليس هناك أي ضرر سواء للإنسان أو الحيوان من التغذية بحبوب قمح  ناتجة من حقول ظهرت بها الإصابة بالصدأ الأصفر أو تغذية الحيوان على تبن ناتج من حقل كان به إصابة بالمرض.

دور البحوث والجهات التنفيذية.

  1. هناك حاجة ملحة للاكتشاف المبكر للمرض والتحرك الفوري للحد من حدوث ضرر كبير في إنتاج القمح.
  2. جمع عينات صدأ القمح وإرسالها إلى الجهات المعنية ليتم فحصها وتحليلها وتعريف التراكيب الوراثية من الفطر والسلالات الفسيولوجية المنتشرة تحت الأجواء المصرية وهل هناك طرز وراثية جديدة.
  3. تحديد موقف الأصناف المصرية من هذه السلالات الشرسة ومعرفة مدى قدرتها المرضية على إصابة الأصناف المنزرعة والسلالات المحصولية المبشرة.
  4. تحديد عدد جينات المقاومة التي ما زالت فعاله والاستفادة منها بإدخالها في الأصناف المصرية من خلال برامج التربية.
  5. البحث عن الأصول الوراثية المقاومة سواء المحلية أو الاتصال بمحطات التربية المتخصصة في العالم لتبادل الأصول الوراثية المقاومة واستخدامها في البرامج القومية .
    موقف الأصناف المصرية.

من الفرضيات الثابتة أن مقاومة أي صنف ليس لها صفة الثبات المطلق ومن المعلوم مسبقا لدى المربى ومسئول الأمراض أن هذه المقاومة سيتم كسرها ولو بعد حين. وسيظل الصراع قائم بين الباحث والمسبب المرضى إلى أن تقوم الساعة وهذه إرادة الخالق سبحانه وتعالى الذي أوجد كل شيء.  كما أنه لا يمكن للمسبب المرضي أن يكسر مقاومة جميع الأصناف في موسم واحد ومن هنا تضح أهمية السياسة الصنفية للإحداث توازن وتجنب حدوث وبائية للمرض وهذا ما حدث هذا العام بفضل الله. وكان موقف الأصناف المصرية حتى الآن بحمد الله مطمئن جدا وهناك تباين كبير بين الأصناف في درجة حساسيتها . فهناك الصنف سدس12 حساس جدا ثم يليه الصنف جميزة 11 في الحساسية ثم الأصناف مصر1 ومصر2 وجميزة 12 وشندويل1 وسدس14 لديها  مستوى من المقاومة مقبول . أما الأصناف، جيزة 168 وجيزة 171 وسخا 94 وسخا 95 فهي أصناف عالية المقاومة جداً،  والأصناف مصر3  وسخا 1001 فهي أصناف منيعة حتى وقتنا هذا.

هل قام قسم بحوث القمح بدوره الوطني.

لقد قام قسم بحوث القمح بدوره الوطني بفضل الله على أكمل وجهه سواء على المستوى البحثي أو الإرشادي متمثلا في التوعية والتنبيه والتحذير من خطورة المرض. في الجانب البحثي  فالقسم يقوم بدوره على أكمل وجه وأعلى درجة من العلم والأمانة والوطنية. موجود برنامج بحثي للتربية للأمراض بمحطة بحوث سخا يفتخر به كل وطني منصف باحث عن الحقيقة، والحقل والمزرعة لا تخفي شيء ولكن في الحقل تجد الحقيقة فقط ولا تجد الكذب أو الخداع. وأقول وأطمئن الجميع والحمد لله من المحن تأتي المنح، وموقف الأصناف أستطيع أن أقول وبكل صدق للجميع اطمئنوا فالمستقبل مبشر بخير وأدعو الجميع لزيارة برنامج بحوث القمح بسخا وسيجد الزائر برنامج بحثي متكامل يشمل كل ما هو متعلق ببحوث القمح ويضاهي البرامج الدولية المتقدمة وخصوصا برنامج التربية للمقاومة للأمراض حيث يقوم على أساس علمي بما يشمل تعريف جينات المقاومة في الأصناف المصرية وموقف الأصناف المصرية في ظل ظروف انتشار الإصابة الشديد داخل برنامج التربية وترى السلالات المبشرة والواعدة والتي على مستوى عالي جداً من المقاومة.

من الأمور التي ساهمت في زيادة المرض، سلبية بعض المزارعين، ماذا تفعل حينما تذهب للمزارع وتقول له لابد من الرش ويقول لك “يا بيه الرزق متكيل وسيبك من الكلام ده”. وصل الأمر في كفر الشيخ بإبلاغ  الشرطة في المزارعين لرفضهم الرش وأجبرتهم الشرطة على الرش وذلك بمحاضر رسمية.  ومن الأمور التي ساهمت أيضاً في زيادة الإصابة بالصدأ الأصفر  فوضى تداول التقاوي والمبيدات والعشوائية.  فعدم الالتزام بالسياسة الصنفية ولتي تعمل كصمام أمان في حاله انتشار الأمراض في ظل وجود سلالات فسيولوجية جديدة زاد من خطورة الوضع. فالصنف سدس 12 صنف أصبح في تعداد الأصناف المصابة وعليه تم منع زراعته في الوجه البحري ولكن يوصى به في مصر الوسطى ومصر العليا فقط. ومع ذلك نجد انتشاره بشكل كبير جدا في جميع محافظات الجمهورية خصوصا في الوجه البحري. وعلى الجانب الأخر نرى تداول المبيدات ساهم بشكل كبير في زيادة الإصابة لعدم الأمانة وإعطاء مبيدات غير موصي بها في ظل غياب الرقابة،  بل وصل الأمر بالرش بمبيدات حشرية.  ففي المناطق التي  ظهر فيها الإصابة تم التوصية باستعمال المبيدات الموصى بها اشتكي المزارعين من عدم فاعلية المبيدات وعمليه الرش والمكافحة ويرجع ذلك إلى عدم التزام أصحاب محلات المبيدات بالمبيدات الموصى بها و إعطاء المزارع أشياء لم يصرح بها للبيع من أحماض أمينيه وهيومك وكبريتات ومغذيات  ومخصبات ………. ألخ وهذا قد ينشط المسبب المرضي ويزيد خطورة المرض. أن ما نلاحظه على مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات شيء مخيف وينذر بعواقب وخيمة على مستقبل الزراعة بمصر.

أن ما يجعل صدرك يضيق أن ترى من هو قابع خلف الكيبورد وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أو الأعلام  ويهولون ويهللون ويصورون الوضع بالكارثة والوبائية وأن السبب فيها المسئولين. لماذا نركز على الجانب المظلم ولا نركز على الجانب المضيء، على الرغم انه واضح وجلي. أعلم جيد وكلي أسى أن هناك إصابة بالصدأ الأصفر في القمح وهي محدودة. ولكن لو علمت أن الصدأ الأصفر مدمر و الموقف في مصر بفضل لله ليس بالسواد الذي يصوره هؤلاء مع العلم أن هناك دول كثيرة بها وبائية.

إن معنى وبائية أن جميع حقول القمح بدون استثناء مصابة بشكل 100% إصابة وهذا ما لم يحدث عندنا على الإطلاق وهذا بفضل الله ثم بفضل سياسة قسم بحوث القمح بوضع سياسة صنفية لعمل توازن في حالة الإصابة بالأمراض. يجب أن يكون هناك شيء من الإنصاف ونقل الحقيقة بأمانة، من يتكلم بذلك الكلام لم يعلم بوجود الصدأ إلا من أيام قليلة وهناك من  يتابع من شهرين ويتحرك في كل مكان. كيف تطلب من البحوث والزراعة أن تمر على 3.25 مليون فدان منهم الحائز ربع أو  نصف أو فدان يعني مطلوب تمر على أكثر من 3 مليون مزارع ولا تطلب من المزارع أن يتابع حقله ويكتشف أي شيء مختلف  أو ظاهرة غريبة ويبلغ المسئولين.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

تعليق واحد

  1. مازال القمح مهدد بمرض الصدأ الأصفر نرجوا استمرار الفحص والمكافحة فوراُ عند ظهور الإصابة مع ضرورة إضافة المادة اللاصقة الناشرة لضمات فعالية المبيد لوجود طبقة شمعية على جميع أجزاء المجموع الخضري
    اد. محمد أنيس أحمد نجيب رئيس بحوث متفرغ بقسم أمراض القمح

زر الذهاب إلى الأعلى