الأخبارالنيلحوارات و مقالاتمصر

ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة

السيسي في الأمم المتحدة: مياه النيل هي قضية حياة أو موت

وماذا بعد فشل المفاوضات بين الفنيين في دول اعلان المباديء ؟

 

كريمة السروجي تكتب: رؤية عن قرب

وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .. قالها قائد ثورة يوليو جمال عبدالناصر بعد نكسة ١٩٦٧ واستيلاء اسرائيل على سيناء الحبيبة، حتى بات هذا القول مأثورة شعبية حتى استعدنا سيناء في حرب ١٩٧٣، في أكتوبر المجيد وحطمنا أسطورة الجيش الذي لا يقهر بنفس منطق القوة إلى جانب السياسة والدهاء حين أرادوا اقتطاع طابا ليرتفع العلم المصري على سيناء كاملة.. والمعنى المقصود في بطن الكاتبة

لماذا أقول هذا ؟
كانت إثيوبيا ولا زالت عقدتها مصر من حيث الريادة الأفريقية والعربية والصوت العالي، والرصين في ذات الوقت عالمياً إلى أن هبت عواصف ٢٥ يناير الأسود في عام ٢٠١١، لإقتلاع مصر من دورها وإحاطتها بالفوضى والضعف تحت أستار ثورة وهمية مكنت العديد من التيارات من مصر .. واتيحت لإثيوبيا الفرصة للاعلان عن إنشاء سدها النهضوي على النيل الأزرق الذي يمد مصر بماء المحاياه بنحو ٨٥ ٪؜ من مياه الفيضان السنوي للنيل الذي شاء رب العالمين أن تجري عكس كل أنهار العالم من الجنوب للشمال، لتمنح قبلة الحياة للأراضي المصرية رياً وشرباً لتعويض ما حرمت منه مصر من مصادر مائية آخرى .. فهي بلاد شبه أو صحراوية إلا من رحم ربي من نيل يجري في أرضها قادماً من أمطار الهضبة الحبشية التي لا يد لإثيوبيا في انزالها !! ؟؟

ومثل إثيوبيا كان ينتظر الكثيرون تلك اللحظة السوداء للانقضاض على مقدرات المحروسة، واختطافها من أهلها .. وليس الحديث هنا سوى الحديث عن الماء والحياة.
وكانت إثيوبيا تبيت لمصر حيث بدأت الصراع العلني في عام ٢٠٠٩ في المؤتمر الوزاري لدول حوض النيل الذي عقد في الاسكندرية حيث تفتق الزهن الكاره “للبعض” عن اتفاقية إطارية لدول الحوض بديلة لإتفاقيات النيل القديمة والتي جاءت مجحفة لحقوق مصر المائية، بعدم الاعتراف بالحصة السنوية لمصر من مياه الفيضان تحت ستار الرغبة في التنمية التي “أصلاً” لم تقم مصر بأي عمل للنيل منها .. ولكن الدعوة دائماً لتنمية موارد الحوض الهائلة كانت هي مأمل مصر الوحيد لزيادة أنصبة كل دول الحوض العشر من موارد النهر المائية، حيث أُعلن في عام ٢٠٠٩ عن الدعوة العامة للتوقيع على اتفاقية إطارية بديلة للاتفاقيات القديمة بين مصر ودول الحوض حتى جاء الرفض من قبل مصر والسودان وموافقة عدد من الدول بضغط من أثيوبيا التي قادت هذا التمرد.

واستمر الصراع الفني والسياسي حول الإتفاقية على مدى عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٠ ما بين شد وجذب حتى انتهى المطاف بتجميد دور مصر القيادي في مبادرة حوض النيل التي أسستها عام ١٩٩٩، المنبثق منها ما عرف بالإتفاقية الإطارية الجديدة أو اتفاقية عنتيبي، التي سميت بإسم المدينة الأوغندية التي وقعت فيها الإتفاقية .. وإستمر الصراع حتى حانت الفرصة في ٢٠١١ وأعلنت أثيوبيا إنشاء سدها الجديد بحجة الرغبة في توليد الكهرباء ، والقصة كلنا نعلمها بعد ذلك من حيث خطوات الانشاء منفردة من جانب أثيوبيا، مخالفة بذلك قانون الأنهار الدولي وأهم بنوده أن تخطر دولة المنشأ الدول المتشاركة في النهر بإنشاء سد، والتشاور والإتفاق حوله لتجنب أخطار وجود منشأ على نيل رئيسي معترضاً المسار الطبيعي للمياه إلى مصر والسودان وهذا البند يعرف بمسمى الإخطار المسبق.

وعلى مدى أربع سنوات (من ٢٠١١ إلى ٢٠١٤) يحتدم الجدال بين الأطراف ودخول وسطاء لحل مشاكل انشاء السد، دون استجابة من إثيوبيا إلا أن عقد ما يسمى بإتفاق المباديء بين مصر والسودان وإثيوبيا في مارس ٢٠١٥ بالخرطوم .. ونعلم جميعاً وسائل التسويف والمماطلة التي قامت بها إثيوبيا على مدى انعقاد اللجان الفنية والسياسية التي عقدت لايجاد حل لأن يكون سد النهضة للجميع وليس لحرمان مصر من المياه، وعانى الفنيون المصريين كثيراً خلال هذه الاجتماعات من امتناع إثيوبيا عن مد اللجان بالخرائط والتصميمات للسد حتى اعلان تغيير هذه التصميمات بالتعلية، وتزويد توربينات الكهرباء للمحطة الكهربائية الملحقة ورفع مخزون البحيرة الصناعية للسد من حجز ٧٤ مليار متر مكعب بدلاً من ١٢ إلى ١٤ مليار متر مكعب، وهو ما يحدث ضرراً لاحقاً ومؤكداً بحصة مصر من المياه بنحو ٢٠ مليار متر مكعب من اجمالي ٥٥،٥ مليار متر مكعب سنوياً .. هي في الحقيقة أقل من احتياجات مصر المائية لسكانها البالغ عددهم حالياً نحو ١٠٤ مليون نسمة بعجز يصل إلى ٦٠٪؜ من احتياجاتهم.

وهناك أمر آخر وهو الاستعانة بمكاتب استشارية لتنفيذ دراسات فنية لتلافي الأضرار البيئية والاقتصادية والإجتماعية للسد على دولتي المصب .. مصر والسودان، ورغم موافقة مصر على ذلك من إبريل قبل الماضي إلا أن هذه المكاتب تتعثر بفعل فاعل من جانب إثيوبيا لتنفيذ الدراسات التي قدر لها ١١ شهراً لتنتهي، ولكنها لم تبدأ بهد !!.
وأعدت المكاتب تقريرها المبدئي لبدء الدراسات ولكن فجأة ترفض إثيوبيا والسودان بعد أن وافقت مصر !!.

وبعد كل هذا هل أطالب ما يطالب به مسئولين مهمين في ملف مياه النيل على المستوى الرسمي بأن تعتبر قضية سد النهضة قضية أمن قومي بإعتباره ضار ومخل لأمن مصر القومي ؟، وهل كان حدث الرئيس السيسي قوياً عند إستشعاره الخطر على الرغم من تصريحاته بأهمية التعاون مع دول حوض النيل وحفظ حقوق شعوب الحوض كلهم بما فيهم إثيوبيا نفسها؟.

وبالرجوع لأيام مضت ليست بعيدة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ ٧٢ .. حيث أوضح الرئيس عبدالفتاح السيسي للعالم كله كيف أن دولة أثيوبيا لا تبدي احتراماً للقوانين الدولية خاصة قانون الأنهار الدولية، وذلم من خلال كلمته أمام قادة ورؤساء دول العالم في الإجتماع وتضمنت كلمته:

أن مصر سعت للتوصل للإتفاق الثلاثي بين مصر والسودان وأثيوبيا لمعالجة قضية سد النهضة من منظور تعاوني ينشيء إطاراً قانونياً واضحاً لمعالجة هذا الملف وفقاً لمباديء القانون الدولي والقواعد المستقرة لتنظيم العلاقة بين الدول المتشاركة في أحواض الأنهار العابرة للحدود في مختلف أنحاء العالم، وأن هذا الإطار يظل الإطار القانوني القادر على ترجمة منطق التعاون والتشارك بين الدول الثلاث متى خلصت النوايا، وتم الالتزام بتطبيقه التزاماً كاملاً ونزيهاً وهو اتفاق المباديء الذي وقعته الدول الثلاث من خلال رؤساء الدول في مارس ٢٠١٥ بالسودان، وخاصة وأن الوقت يدركنا وبات الإنفاذ لما سبق الاتفاق عليه أمراً شديد الإلحاح، لتجنب ضياع فرصة تقديم نموذج ناجح لإدارة العلاقة بين ثلاث دول شقيقة من دول حوض النيل.

تلك هي كلمات الرئيس والتي عبرت أمام منبر الأمم المتحدة عن قلق مصر لمخاطر بناء السد بالطريقة التي اعتمدتها إثيوبيا وبدون الإلتزام بالمعايير التي طالبت بها مصر من حيث ارتفاع السد وكمية التخزين التي فاقت ٧٤ مليار متر مكعب من مياه الفيضان التي تدور حول ٨٤ مليار متر مكعب من المياه في المتوسط سنوياً، هي كل نصيب مصر والسودان بنحو ٥٥,٥ مليار متر مكعب سنوياً لمصر و١٨,٥ مليار متر مكعب للسودان وفقاً لإتفاقية مياه النيل الموقعة بين البلدين عام ١٩٥٩.
فماذا عن موارد المياه الآخرى لإثيوبيا ومياهها المهدرة من الأمطار الساقطة على الهضبة لأكثر من ٦٥٠ مليار متر مكعب من المياه؟، وكانت مصر سعت من خلال مبادرة حوض النيل التي تأسست عام ١٩٩٩ للإستفادة من موارد الأمطار على الحوض البالغة ١٦٦٦ مليار متر مكعب من المياه سنوياً دون الإستفادة بما يزيد من حصص المياه لدول الحوض كلها وليس مصر فقط، ولكن توقفت جهود مصر بعد الإتفاقية الإطارية التي سعت إثيوبيا لتوثيقها بين دول الحوض دون مصر والسودان.

إن الرئيس عبدالفتاح السيسي ممثلاً لمصر في أكبر محفل دولي هو الأمم المتحدة وجه رسالة لمن يهمه الأمر، فمياه النيل هي قضية حياة أو موت للمصريين رغم أن مصر ترفض الإساءة وتصر على الحلول السياسية والقانونية بين الأشقاء إلا أنها لا تترك حقوقها لأحد مهما كان الثمن، والتاريخ يؤكد ذلك لكل من أراد أن يتعظ.

وفي منتدى الشباب العالمي بشرم الشيخ أكد الرئيس للمرة المائة أن مياه النيل أمن قومي لمصر، لا يجب أبداً الإخلال بثوابته وأهمها أن احترام الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل والتي تؤكدها اتفاقيات دولية غير قابلة للإلغاء أو التشاور حولها.

ومع ما أثير مؤخراً من فشل مفاوضات اللجنة الثلاثية لخبراء مصر وإثيوبيا والسودان حول الإتفاق على التقرير الاستهلالي للمكاتب الاستشارية المضطلعة بتنفيذ دراسات السد البيئية والاقتصادية والإجتماعية لتحديد أضرار السد على مصر والسودان كدولتي مصب للنيل .. هل من بشائر قريبة لإزعان إثيوبيا لرأي مصر التي وافقت على هذا التقرير رافضة رأي السودان وإثيوبيا اجراء أي تعديلات بشأن مراجع الإسناد المتفق عليها سابقاً بما من شأنه التأثير على نتائج الدراسات وإفراغها من مضمونها !.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

Agri2day

أول بوابة إلكترونية متخصصة فى الزراعة والأراضي والمياه والبيئة والانتاج الحيواني والداجنى وصادراتهم ويناقش أوضاع أسواق المحاصيل والبورصة العالمية للمنتجات الزراعية بالإضافة الى تغطية العلاقات الإفريقية ودول حوض النيل
زر الذهاب إلى الأعلى