الأخبارالانتاجحوارات و مقالات

د إسماعيل عبدالجليل يكتب: التاجر الشاطر والمزارع المضطر …عن القمح أتحدث

رئيس مركز بحوث الصحراء الاسبق

الاكتفاء الذاتى من القمح بالرغم من استحاله تحقيقه فى ظل محدوديه الارض والانفجار السكانى المتسارع تحول فى بلدنا من قضيه انتاج جاده الى شعار سياسي اجوف فصار رغيف العيش رمزا للسياده الوطنيه ومطلبا جماهيريا مقترنا بالحريه والعداله الاجتماعيه !! وتعددت التصريحات  السياسيه عن مخزوننا الآمن من المحصول الاستراتيجى وتنوعت الصور التذكاريه للمسؤلين مع سنابل القمح فى الحقول و الى آخره من مشاهد اعتدناها سنوات طويله دون تغيير حقيقى جاد فى السياسات الكفيله بتحفيز الفلاح ومضاعفه الانتاج ومطارده الفساد ! ولو حتى محاوله تغيير النمط الغذائى للمصريين بخفض عددالارغفه وتعويضها بعناصر اكثر قيمه غذائيه من رغيف العيش فارغا او محشوا..

من هنا يجب ان نتوقف عن ” تسييس قضيه القمح ” واستخدام شعارالاكتفاء الذاتى “لدغدغه ” المشاعر على كونه “حلم الجماهير” حتى نوفر مساحه اكبر للجهود العلميه والتطبيقات التكنولوجيهوالسياسات الحافزه للمزارعين على زياده انتاجيه وتحسين الجوده  من المساحه المحدوده المتاحه بكفاءه كفيله بخفض حجم الفجوه بين ماننتج ومانستورد وبالقدر الذى يخفف عبئ فاتوره الاستيراد عن كاهل الحكومه .. فكيف  نحقق ذلك ؟

المنظومه الحاليه للقمح يديرها ثلاث وزارات يمثلون السلطه التنفيذيه بكل صلاحيتها وهى الزراعه والتموين والماليه امام مزارع لا يملك سوى فاسه وحرفته كمصدرلقوت يومه وتدبير معاش اهله ومن هنا يجب ان نحرص دائما على تبديد اى مخاوف  او شكوك للفلاح من هذه المنظومه بالألتزام  بالعلاقه الدستوريه الضامنه للحقوق والواجبات بين طرفى المنظومه طبقا للماده 29 التى تحدد شرطين عادلين للتسعير المنصف لأسعار شراء الحكومه للحاصلات الزراعيه من الفلاحين.

اولهما تحقيق هامش ربح عادل لهم وثانيهما مشاركه ممثليهم من الاتحادات والنقابات والجمعيات الزراعيه فى تحديد السعر لتفادى شبهه انفراد الحكومه بأسعار قسريه قهريه فوقيه !!  وهما شرطان لم تلتزم بهما الدوله بدليل ان السعر المحدد بشهاده الخبراء والمزارعين لا يعكس تكاليف الانتاج الحقيقيه وبالأخص بعد تعويم الجنيه وارتفاع اسعار مستلزمات الانتاج واجور العماله والميكنه والى أخره من مستلزمات وهو مايؤكد ان رؤيه الحكومه لقطاع الزراعه وفلاحييه لازالت تفتقد القيمه الاستراتيجيه للحرفه وان سيناريوهات الماضى لازالت ساريه فى تقدير سعر الشراء من المزارعين وهى :

  • مقارنه السعر المحلى بأسعار اقل فى السوق العالمى وهو ظلم جائر لاختلاف تكلفه الانتاج فى الزراعه المطريه السائده للقمح المستورد والزراعه المرويه للقمح المحلى !! بالرغم من تفوق نوعيه القمح المحلى.
  • ممارسه وزاره التموين دور “التاجر الشاطر” على ” المزارع المضطر ” بعد افتقاده حريه الاختيار بالأعلان المبكر عن سعر التوريد قبل الزراعه او ” قبل وقوع الفاس فى الراس “.
  • محدوديه الاعتمادات الماليه المتاحه من وزاره الماليه للشراء بسعر منصف للفلاح !. دون اى اعتبار لتكاليف الانتاج الفعليه وهامش الربح العادل للمزارعين .
  • شيوع المسؤليه بين ثلاث وزارات صنع دروبا للفساد ومخارج للمحاسبه لصالح مافيا استيراد القمح والتاريخ شاهد بقضايا خلط الاقماح المستورد بالمحلى والتلاعب فى كميات التوريد والتضارب فى بيانات المساحات المنزرعه والى آخره من ملفات وثغرات موسميهيكتوى بنارها المزارعين ولا تغيرها السياسات !!.

اننى لا ارى من واقع خبرتى السابقه فى مطبخ الحكومه اى جدوى لصراخ الفلاحين من تدنى اسعار توريد القمح ..فالشكوى اصبحت موسميه والسيناريو اصبح متكررا والقضيه اكثر عمقا من مضاربات السعر ولا حل لها سوى بأستحداث كيان تعاونى لمزارعى القمح يتولى :

  • توفير مستلزمات الانتاج من تقاوى منتقاه واسمده ومخصبات والى آخره من احتياجات بأسعار تعاونيه .
  • توفيردعم فنى وتكنولوجى لرفع انتاجيه الفدان وجوده المحصول بالتعاون مع خبراء ومؤسسات متخصصه.
  • توريد القمح للحكومه بسعر يحقق العائد الامثل للمزارعين وبالتفاوض مع الحكومه طبقا للأسس المتعارف عليها .

ولا تتسع المساحه لسرد مزايا الاتحادات التعاونيه النوعيه المتخصصه وياليتنا نطالع نماذجها فى امريكا واوربا ودورها فى الارتقاء بدخول المزارعين والنهوض بالمستوى التقنى للحرفه و..و..ولنكف عن الصراخ والشكوى بمبادره ايجابيه تستعيد للفلاح والفلاحه دور البطوله فى حياتنا !

 

 

 

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى