الأخبارالصحة و البيئةالمناخ

د مسعد قطب يكتب: تغير المناخ واقع ملموس علي الارض

أستاذ المناخ الزراعي، مركز البحوث الزراعية الرئيس الأسبق للهيئة الزراعية المصرية والمدير الأسبق لبحوث المناخ الزراعي

يعتبر تغير المناخ أحد الحقائق التى ينبغى أخذها فى الأعتبار فى الخطط المستقبلية، والتعامل مع مؤشرات ذلك حالياً والمتمثلة فى تزايد الموجات الحارة والباردة وزيادة طول فصل الصيف. المفهوم العلمى لظاهرة ” تغير المناخ” يتلخص فى إرتفاع درجات حرارة كوكب الأرض بمعدل حوالى 2°م درجة مئوية بحلول عام   2100 (توزيع إرتفاع درجة الحرارة على الكرة الأرضية سوف يكون متباين وقد يصل إلى 4°م درجة مئوية فى بعض المناطق) وهو ما يسمي الإحترار العالمي و ذلك كنتيجة مباشرة للأحتباس الحرارى داخل الغلاف الجوى الأرضى.

يؤكد ذلك إرتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية فعلياً بمقدار 0.85°م خلال الفترة من 1880 إلى 2012 والتزايد المستمر لتركيزات ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي إلي 412.97 جزء فى المليون فى 19 مارس 2019  وبمستوي أعلى عن التركيز فى نفس التاريخ من العام الماضي 408.22 وبمستوي تركيز 310 جزء فى المليون عام 1955م.

هناك علاقة طردية بين زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون وزيادة درجات الحرارة، ويحدث ذلك نتيجة تصاعد كميات كبيرة من غازات الأحتباس الحرارى و التى لها خاصية منع الأشعة الحرارية من الإنطلاق من الغلاف الجوى إلى الفضاء المحيط وهذا ما يعرف بظاهرة الصوبة الزجاجية. أضف إلى ذلك إرتفاع متوسط مستوى سطح البحر في العالم بمقدار 19سم حتي عام 2013م كنتيجة لذوبان الثلوج في المناطق الجبلية والقطبية بسبب إرتفاع حرارة الأرض (وقد تم تأكيد هذا الإرتفاع فى مستوي سطح البحر على شواطيء دلتا مصر من خلال معهد بحوث الشواطيء).

وتعتبر تقلبات المناخ وأحداث الطقس القاسية والمتزايدة أحد مظاهر التغيرات المناخية، لذلك تم رصد وتحليل الظواهر الجوية المتطرفة لتحديد الآثار المناخية الشديدة على الزراعة المصرية في السنوات الأخيرة ( درجات الحرارة، والبرودة ، والرياح، والأمطار)، وأشارت النتائج إلى أن مدة وتواتر الطقس القاسي في مصر قد زاد في السنوات الأخيرة مع زيادة الأحداث الأكثر سخونة والأكثر برودة. كما أن للطقس القاسي العديد من الآثار الضارة على المجتمع والبيئة في مص، مما يؤثر على صحة الإنسان والبنية التحتية والزراعة والنظم الإيكولوجية. وتعد مصر واحدة من أكثر الدول عرضة للتأثيرات والمخاطر المحتملة وللأحداث المناخية القاسية. بالاضافة إلى ذلك تم رصد عدد من الظواهر المناخية المتطرفة على مصر ومنها:-

  • هجوم الجراد الأحمر على مصر بشكل مكثف فى خريف 2004، حيث أنه من المعتاد أن تدخل أسراب الجراد مصر من الجنوب، كما أنه يتم مكافحتها داخل الأراضي السودانية، ونتيجة لتغير سرعة الرياح وإتجاهها من الغرب أدي إلى غزو أسراب كبيرة من الجراد الأحمر محافظات القاهـرة والجيزة والإسكندرية والبحيرة عام 2004، ولكن لم يسبب الجراد وقتها مشاكل رغم كثافته نظراً لعدم نضج الحشرة جنسياً خلال فترة مرورها بمصر ثم تعبر البحر الأحمر لتصل إلى السعودية ليخرج الجيل الثاني منها، والسؤال المهم هل يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى تطور وإستقرار الجراد الأحمر بمصر ولو لبعض الوقت؟ (لا نملك الإجابة).
  • أضرار موجات البرد الشديد (درجات الحرارة أقل من المعتادة الدنيا والقصوى) خلال شهر يناير عام 2008 والذي تسبب في إنخفاض إنتاجية معظم الحاصلات الزراعية ومنها على سبيل المثال إنخفاض إنتاجية الطماطم (- 20%) البطاطس (- 2%) المانجو (- 30%) الموز (- 40%) عن المتوسط العام.
  • تكرار السيول نتيجة لهطول أمطار غزيرةعلى بعض المناطق فى مصر ومنها على سبيل المثال (1) موجة سيول تضرب مدن وسط سيناء والعريش يوم 18 يناير 2010، (2)  موجة سيول علي مدينة رشيد في ديسمبر 2010، (3) موجة سيول على نويبع ووادي وتير وطابا فى مايو 2014، (5) موجة سيول علي الإسكندرية فى أكتوبر 2015، (6) موجة سيول علي راس غارب (البحر الأحمر) فى أكتوبر 2016، و (7) موجة سيول على التجمع الخامس إبريل 2018.
  • تساقط كميات كبيرة من كرات الثلج في ظاهرة غريبة على قرية البستان بمحافظة البحيرة في 3 أبريل 2011 خلال موجة جوية سيئة، تسببت في أضرار لمحاصيل الفاكهة والخضروات المزروعة على مساحة 1445 فدان. حيث أن تحليل بيانات الطقس لم يعطي أي مؤشرات عن الظاهرة في قرية البستان وبتقصي الحقائق تبين أن الموجة السيئة إستمرت لمدة 20 دقيقة تقريبًا ولذلك لم يتم رصدها مناخياً وتسببت فى أضرار جسيمة بزراعات البصل والكنتالوب والبرتقال كما تكرر سقوط كرات الثلج على منطقة الخطاطبة بالجيزة فى إبريل 2018.
  • الموجات الحارة خلال شتاء 2010 أدت إلى إنخفاض إنتاجية محصول القمح بـ – 11.8% عن المتوسط العام، ووفقًا للتقارير الدولية فإن عام 2010 سجل درجة حرارة مرتفعة على سطح الكرة الأرضية ضمن أعلى عشرة سنوات إرتفاعاً فى درجات الحرارة إبتداء من عام 1880 وحتي عام 2010، وتم رصد الإرتفاع فى درجة الحرارة على مصر، حيث أرتفعت درجات الحرارة الدنيا والقصوى والمتوسط لعدد 11 محافظة بمتوسط أعلى من المعتاد 2.2 درجة مئوية خلال فصل الشتاء 2010 مما تسببت في إنخفاض إنتاجية محصول القمح في مصر خلال موسم 2010 مقارنة بموسم 2009.

 

ونظراً لتكرار مثل هذة الكوارث والمخاطر المناخية والبيئية الخارجة عن إرادة المزارعين والتي يصعب التحكم فيها وبعد مناشدات عديدة من الخبراء لذلك صدر قرار جمهوري بقانون رقم 126 لسنة 2014 وصدق علية مجلس النواب بإنشاء صندوق للتكافل الزراعي بوزارة الزراعة وأستصلاح الأراضي يهدف إلى تغطية الخسائر والأضرار الناتجة  عن المخاطر والكوارث الطبيعية التي تتعرض لها الحاصلات الزراعية.

وعلى إعتبار أن التقلبات الجوية والموجات الحارة أحد مؤشرات التغيرات المناخية وقد أدت إلى خسائر فى إنتاجية القمح أكثر من 10 % عن المتوسط العام بسبب أرتفاع درجة الحرارة فقط عام 2010 قكيف فكيف سيكون التأثير حال إستمرار تزايد تركيز ثاني أكسيد الكربون والرطوبة وسرعة الرياح لذلك فإنه من المتوقع أن تتسبب التغيرات المناخية في آثار عديدة على الزراعية المصرية وسواحلها ومواردها المائية.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى