الأخبارالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د عقيلة صالح: رحلة مركز الأغذية والاعلاف من الطموحات إلي “الواقع” (1)

 

إختصت العالمة الدكتورة عقيلة صالح مؤسسة المركز الإقليمي للأغذية “اجري توداي” بمقال  تفصيلي يسرد قصة ولادة لكيان عظيم خدم البحث العلمي، والإقتصاد المصري، وساهم في الترسيخ لأحد أهم المنظومات الرقابية في الدولة المصرية… وإلي نص المقال:

أنا عقيلة حمزة صالح مصرية عشقت تراب مصر وقدمت لها حياتها وعمرها كله، أمام المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف فلن تكفي الكلمات تعبيرا عن تاريخ عشقي لمولود شهد سنوات من الكفاح لكي يري النور، فهو صرح علمي  ويعتبر من أهم المعاهد البحثية التي تضم مجموعة من الكوادر العلمية المتخصصة والتي تم تدريبهم بالخارج.

ترجع قصتي مع المركز الإقليمي إلي نهاية السبعنيات عندما كنت حاصلة علي درجة الماجستير في الصحة العامة (تغذية) من جامعة الإسكندرية وأقوم بدراسة الدكتوراه  من كلية الزراعة جامعة القاهرة  ولم يكن في ذلك الوقت أي إمكانيات معملية لإستكمال الدراسة بعد أن أنتهيت  من جميع المقررات الدراسية، ولجأت إلي جميع الجهات الجامعية والمراكز البحثية حتي أجد مجالات لإستكمال الدراسة إلي أن أصابني الإحباط لولا تدخل الأسرة في إيفادي إلي الخارج.

سافرت إلي الدانمارك وكانت هذه هي نقطة التحول في حياتي حيث التحقت بمعهد أبحاث كيمياء البروتين وتفانيت في الدراسة والتعلم حتي أقتنع الأساتذة ومدير المعهد في أدائي والسعي للحصول علي منحة لي من هيئة دانيدا وذلك بعد إلتحاقي بالمعهد بثلاثة شهور فقط وتم مخاطبة جهة عملي بمصر وهيئة البعثات التي رحبت بانضمامي إلي الموفدين للدراسة بالخارج علي نفقة الحكومة الدانماركية.

تطلبت أبحاث الدكتوراه الالتحاق بعدة جهات بالدانمارك أولها معهد أبحاث كيمياء البروتين ثم كلية الزراعة وفي النهاية المعهد القومي للأغذية والتغذية الذي إنتهت به أبحاثي والذي أتاح لي وظيفة بحثية للإبقاء علي بالدانمارك وحاولوا إقناعي بالإستمرار في العمل بهذا المعهد وعدم العودة إلي مصر،

لكنني أثرت العودة إلي جذوري في وطني الام الذي طالما حلمت أن يكون نجما ينظر إليه الجميع في العالم وتشتاق إليه القلوب بعلماءه، عموما عدت إلي الوطن وكلي أمل في أن ابدأ بمعملا مماثلا للمعاهد التي درست بها ونسيت تماما ما عانيته قبل سفري إلي الخارج.

تم عقد اجتماع بحضور مدير معهد أبحاث كيمياء البروتين الدانماركي، ورئيس مجلس الإدارة وممثل وزارة الخارجية الدانماركية لإحدي المؤسسات الممولة للمنح المقدمة للدول المختلفة وكان الهدف من الاجتماع هو ماذا وكيف يمكن معاونتي للإستمرار في الأبحاث بعد عودتي لمصر؟

وتم الاتفاق علي تقديم الدانمارك بعض الأجهزة التي تتطلبها أبحاثي علي أن تقدم مصر المكان المناسب، وكان لابد من مناقشة ذلك مع المسئولين بمصر فحضر رئيس مجلس إدارة معهد أبحاث كيمياء البروتين وممثل هيئة دانيدا للقاء المسئولين بمصر علي أن يتم توقيع إتفاقية بين حكومة الدانمارك والحكومة المصرية.

تذكرت ما قاسيته قبل سفري للخارج وأصابني الرعب من تحمل مسئولية نجاح الإتفاقية خاصة وان الإتفاقية الاولي عام 1980 والتي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 525 لعام 1980 كانت إنشاء المعمل التجريبي للبروتين والتي نصت علي أن يتم التقييم بعد عام فإذا نجحت التجربة يستمر التعاون بإتفاقيات جديدة.

عملت ليلا ونهارا ومعي ثلاثة أفراد حديثي التخرج، وبعد عام تم تقييم الأداء عن طريق الجانبين المصري والدانماركي الذي ثبت نجاحه وبدأنا مناقشة الإتفاقية الثانية لإنشاء المعمل الدائم وهنا تبين لي ما تعلمته من الدانمارك ليس العلم فقط ولكن تكشف لي أن سر نجاحهم في الإدارة المرنة التي تتيح للباحث العمل في ظروف تساعده علي التفرغ للعلم والبحث فقط.

والسبب الثاني هو توفير التمويل اللازم للبحث والذي يشارك فيه الباحث بأن تكون الأبحاث مطلوبة لحل مشكلات أو تطوير في أحد المجالات مثل الصناعة أو الزراعة أو غيرها بحيث أن المعهد البحثي يحصل علي تمويل من الجهات المستفيدة من هذه الأبحاث علي الأقل 50% من ميزانية المعهد وتقوم الحكومة بتمويل الجزء الباقي.

لذلك فقد كافحت وصممت علي أن ينص الاتفاق علي أن يدار المعمل لائحة إدارية ومالية مستقلة دون الالتزام باللوائح الحكومية حتي يتم الختلص من بيروقراطية الإدارة، كما تنص الإتفاقية علي السماح للمعمل بالقيام بأبحاث وخدمات مدفوعة الأجر ويصرف الدخل في تطوير المعمل وإستلزم ذلك إستصدار قرار جمهوري بالإتفاقية وقانون تم مناقشته بمجلس الشعب البرلمان كما إستلزم ذلك جهدا كبيرا لإقناع المسئولين ومجلس الشعب بالفكر الجديد ولكن نجحت في النهاية وصدر قرار جمهوري رقم 82 لسنة 1988 .

كما حصل المركز علي الإعتماد الدولي عام 2004 وتعتبر شهاداته معتمدة من جميع دول العالم كما يتميز بأنه المركز البحثي الوحدي في مصر الذي يمول نفسه تمويلا ذاتيا بنسبة 100% ولا يحصل علي تمويل من ميزانية الدولة بل يعاون المعاهد البحثية الأخرى في هذا المجال ويقوم بتدريب الكوادر العلمية من مختلف دول العالم العربية والافريقية والاسيوية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى