الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةالمناخبحوث ومنظماتمصر

د أحمد جلال يكتب: الاقتصاد الدائري والتغيرات المناخية

عميد كلية الزراعة – جامعة عين شمس- مصر

أولوية قادة العالم ليست فقط في تخفيف الآثار التي تسببت بالفعل، ولكن أيضًا في الاستجابة للحاجة إلى إنتاج المزيد من الغذاء والطاقة لسكان قد يتجاوز عددهم 10 مليارات شخص بحلول عام 2050. كل هذا يجب تحقيقه بوقود أحفوري fossil fuel أقل، انخفاض انبعاثات الغازات الملوثة والنفايات الصلبة تصل الى درجة صفر.

بدأ هذا التحدي يتجسد من خلال بعض الأدوات التنظيمية والإدارية، مثل استراتيجية أوروبا 2020 للاتحاد الأوروبي، الصادرة في 2014، والتي تهدف إلى ضمان نمو ذكي ومستدام وشامل لأوروبا. حدد هذا الإطار العام خط الأساس لتنفيذ المبادرات الموجهة نحو الإنتاج والاستهلاك المستدامين، من بينها، استراتيجية الاقتصاد الدائري Circular Economy والاقتصاد الحيوي Bioeconomy.

اعتمد الاتحاد الأوروبي في عام 2012 إستراتيجيتهم الخاصة بالاقتصاد الحيوي “الابتكار من أجل النمو المستدام” (المحدثة في 2018)، وفي عام 2015، خطة العمل للاقتصاد الدائري (الاتحاد الأوروبي، 2015). في هذا الصدد، تُعرِّف المفوضية الأوروبية الاقتصاد الحيوي على أنه “الجزء المتجدد من الاقتصاد الدائري”، وينص مجلس الاقتصاد الحيوي الألماني (2015) على أنه عملية إنتاج واستخدام الموارد البيولوجية. ويعتبر الابتكار والبحث هي مفتاح توفير المنتجات والخدمات في جميع القطاعات في سياق اقتصاد مستدام.

ويركز كلا المنظورين على الجوانب الاقتصادية وعلى انتقال المجتمع إلى الاستدامة (المنطقة الاقتصادية الأوروبية، 2018). قامت أكثر من 40 دولة بتطوير واعتماد سياسات وأدوات واستراتيجيات وطنية تتعلق بهذا النموذج الاقتصادي الجديد في العقد الماضي، الذي يعتمد بشكل أساسي على نظام فعال لإدارة الموارد تكون فيه الأولوية هي إطالة العمر الإنتاجي للمواد والمنتجات ومنع فقدان قيمتها من خلال دمج المخلفات في عمليات الإنتاج. يعد ضمان كفاءة الموارد أحد الأساليب الرئيسية للتخفيف من تغير المناخ وتحقيق الامتثال للعديد من أهداف التنمية المستدامة.

هذا هو السبب في أن نموذج الاقتصاد الدائري يلعب دورًا متجاوزًا لأن يصبح البديل الرئيسي لممارسات الإنتاج الخطي التقليدية، مثل إعادة الاستخدام وإعادة التدوير وإعادة التصنيع، والتي تساهم في تطوير عمليات إنتاج واستهلاك أكثر استدامة، بما يضمن الحد من العوامل الخارجية السلبية.

يساهم الاقتصاد الدائري والاقتصاد الحيوي بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأربعة. على وجه التحديد، الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة: “القضاء على الجوع، وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية، وتشجيع الزراعة المستدامة”؛ الهدف الحادي عشر من أهداف التنمية المستدامة: “جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة ومرنة ومستدامة”؛ الهدف الثاني عشر من أهداف التنمية المستدامة: “ضمان أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة”، والغرض الرئيسي منها هو “بذل المزيد من الجهد بصورة أفضل وبموارد أقل” (الأمم المتحدة، 2016) والهدف الثالث عشر “اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره”.

تعد الزراعة واحدة من أكبر القطاعات البيولوجية التي تتمتع بأعلى إنتاج للكتلة الحيوية، والتي أصبحت مدخلات أساسية في الاقتصاد الحيوي. حيث يمثل ذلك فرصة عظيمة، ليس فقط لأن استخدامه واستغلاله يفضلان الحد من استخدام الوقود الأحفوري وانبعاثات الغازات الدفيئة، ولكن أيضًا لأنه يساهم في تطوير أسواق ووظائف خضراء جديدة عن طريق تشجيع تحويل المخلفات إلى منتجات ذات قيمة مضافة (المنتجات الثانوية)، مثل الأغذية والأعلاف والمنتجات البيولوجية والطاقة الحيوية.

تم إصلاح السياسة الزراعية المشتركة لتحديد أولويات وتسهيل اعتماد الاقتصاد الحيوي الدائري، وتوفير الدعم والحوافز للمزارعين لتحسين الموارد واستخدامها بكفاءة في جميع أنحاء سلسلة القيمة، وتشجيع تثمين موارد الكتلة الحيوية.

يُظهر تطور اللوائح الحالية للسياسات والمبادئ التوجيهية العالمية المتعلقة بتنمية البلدان اهتمامًا متزايدًا بالتغير العالمي، الناتج عن مجتمع مستهلك، وهو مسؤول عن تسريع معدل استخراج الموارد الطبيعية وتوليد كميات هائلة من المخلفات، ووفقًا للمعدل الحالي للإنتاج والاستهلاك، يُقدر أنها تتضاعف بحلول عام 2050، والتي تصل إلى 4 مليارات طن (الأمم المتحدة، 2019). وبالمثل، فإن هذا الإطار السياسي الجديد يعكس الحاجة الملحة لمواجهة تغير المناخ والتنمية المستدامة باعتبارها تحديات عالمية ومحلية رئيسية. أصبحت الزراعة واحدة من أكبر وأهم القطاعات الاقتصادية في العديد من البلدان وأكبر مولد للوظائف في جميع أنحاء العالم (FAO، 2017)، وهذا يجعل الانتقال إلى الزراعة المستدامة أولوية، مع التركيز على منع الآثار البيئية، من خلال اعتماد أنظمة تكنولوجية مبتكرة.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى