الأخبارالاقتصادالانتاجالصادرات و الوارداتالمستثمرون و الشركاتبحوث ومنظماتمصر

د اسماعيل عبد الجليل يكتب : شعارات الحكومه وحلم تصدير الجرجير !

عاصرت كغيرى خلال مشوار الحياه  شعارات رائعه كثيره  لحكومات متعاقبه لم يتحق الكثير منها على ارض الواقع بل هناك حالات يأتى بها الانجاز الحكومى مخالفا للشعارات المرفوعه !! اعلنت حكومه منذ نصف قرن ” شعار الشباك الواحد ” لتيسير اجراءات الاستثمار والتصدير  فتضاعفت اعداد الشبابيك ومنافذ الفساد !!

اتخذت أخرى  مسمى ” الجكومه الذكيه ” شعارا لها لإبراز مهمتها فى التحول لنظم الاداره الالكترونيه الحديثه بينما صدر عنها قرارا آخر بقائمه محظورات لمشترياتها  يتصدرها اجهزه الكمبيوتر بعد تصنيفها فى قائمه ترشيد الانفاق تحت بند الاثاث  !! وهو ما اصابنى بإحباط شديد اثناء تطوير الاداره والمعامل بمركز بحوث الصحراء حينما كان محظورا شراء اجهزه كمبيوتر فى عصر الحكومه الذكيه !!

ظللت سنوات أفكر فى مؤشرأ علميا اقيس به مصداقيه تنفيذ الحكومه لشعاراتها على ارض الواقع بعيدا عن البيانات والاحصائيات الرسميه فلم اجد مؤاشرا افضل من الجرجير للأستدلال على مصداقيتها !!

اهتديت ” لمؤشر الجرجير”  كأمنيه  ظلت ترافقنى كلما اتيحت لى فرصة التسوق باى سوبر ماركت باوروبا عندما تقع عينى على حزمة جرجير صابحة مستوردة من اسرائيل او اسبانيا معبأة فى عبوة بلاستيكية انيقة مكتوب عليها السعر وهو 4 يورو اى ما يعادل اكثر من ثلاثين جنيهاً ! ويوازى اكثر من ثلاثين ضعف سعر نفس الحزمة التى تباع على الارصفة فى بلدنا ! بالرغم ان مذاق الجرير المصرى غير قابل للمنافسة كأصل وراثى طبقا للدراسات العلمية الموثقة ببنوك الجينات وشهادة شبكة الجرجير الدولية ومقرها روما.

فاذا كنا الحائزين لأجود أصناف الجرجيرفى العالم ..  فلماذا يعد تصديره حلما ؟؟

الاجابة ببساطة هى ان الجرجير هو السلعه النادره القادره على فضح البيروقراطية والفساد فى منافذ التصدير ببلدنا !!! رقة ونضارة اوراق ” الجرجير الورور ”  كما يغازلها الباعة  الجائلون لا تقو على تحمل اجراءات التصدير الطويلة فى بلدنا حينما تعلن اوراق الجرجير احتجاجها بأغماءه يعقبها تهدل وانكماش تدريجى فى رحلة الذبول والموت البطىء تحت وطأة اجراءات الفحص ومستندات الشحن واوراق الضرائب والجمارك الى آخره من مستندات التى لا يجد معها الجرجير مفرا سوى الانتحار او الموت  متاثرا بالجفاف وقد اعتاد من بائعيه على الارصفة حسن المعاملة بترطيب اوراقه بالماء وتظليلها بالخيش المبلل !!.

نجاحا فى تصدير الجرير لو تحقق يوما سوف يكون هو المؤشر الذى لا يكذب عن الاصلاح الادارى فى بلدنا . وصول عبوة الجرجير بكامل حيويتها على ارفف السوبر ماركت باوروبا تعنى اختصارا زمنيا عظيماً فى اجراءات التصدير الى الحد الذى احتفظ لاوراق الجرير بنضارتها من الغيط الى السوق الاوروبى !

نجاحنا فى تصدير الجرجير تعنى اكتسابنا روحا جديدة فى الاداء الجماعى فالنجاح فى التصدير جماعى والفشل جماعى ايضاً ولذا فان سمعة الصادرات ترتبط باسماء الشعوب وليست الافراد .

نجاحنا فى تصدير الجرجيرتعنى احترافنا تكنولوجيا تسويق حاصلاتنا البستانية التى مازالت تفتقر الى عبوات التصدير الحافظة للجودة اثناء الشحن .

نجاحنا فى تصدير الجرجير تعنى انتظام رحلات الطيران واختفاء المحسوبية فى موانى التصدير والقضاء على الرشوة فى اجراءات التخليص.

فاذا كنا نشكو ازمة اقتصادية من تخمة واردات وانيميا صادرات ! فان طوق النجاة المنطقى هو زيادة صادراتنا الزراعية لكوننا لا نملك مقومات المنافسة العالمية بمنتجات صناعية. ولكن كيف نحقق حلم زيادة صادراتنا؟

الإجابة البديهية بان نتعلم ونكتسب ونحترف ” ثقافة التصدير”  التى يمكن تعريفها بثقافة التعامل مع الآخر. كيف نتعامل مع الآخر كيف نشبع رغباته ونسد إحتياجاته بما يحب ويرضى وليس بما نحب نحن ونرضى !!.

نحن نملك السلعة ونفتقر الى ثقافة ترويجها مما يستلزم تحركا مجتمعيا  كاملا فى منظومة جماعية يشدو افرادها من موسيقية واحدة حتى يتناغم اداءاهم  وينطلق صوتهم جماعيا قويا مؤثراً.

ان الصين نجحت فى خلق ” ثقافة التصدير” لدى شعبها فاستطاعت ان تغزو بهم اسواق العالم فصنعوا لنا فانوس رمضان بصوت محمد عبد المطلب وام  كلثوم وسجادة الصلاة ببوصله القبله ومنتجات خان الخليلى التذكاريه !

بثقافة التصدير حققت سنغافورة وتعداد سكانها (5 مليون نسمه ) لا يتجاوز تعداد احد احياء القاهره حوالى  160 مليار دولار صادرات وهو ما يتجاوز قيمة اجمالى التجارة العربية بالكامل (150 مليار دولارا)  !

اتمنى ان يأتى يوما تعلن فيه الحكومه بنبأ عاجل على الفضائيات نجاحها لأول مره فى تصدير ” حزمه جرجير ” لأسواق اوربا بحالتها من الغيط !

وعندئذ لن اطلب وغيرى من الحكومه برهانا آخر على مصداقيتها فى الاصلاح الادارى وضرب الفساد !! .

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

‫2 تعليقات

  1. كلام موضوعى واضيف عليه كنت بجدة …. فى احد السوبر ماركت جميع الخضر الورقية من الاردن “جرجير بقدونس شبت خس وغيرها وعندنا كميات كبيرة منها كانت تُحش وتلقى او تتلف لعدم بيعها او لان سوقها واقف كما يقول البائعين فى بعض الاوقات … نريد من يفكر من المصدرين فى ذلك والتعلم من التجربة الاردنية فى تصدير الخضر الورقية خصوصا لصالح المزارع والمستثمر ايضا .. فالحكومة تحتاج مشروع مدروس جيدا لتسانده وتدعمه

  2. عزيزي ا.د. اسماعيل عبد الجليل . مقال رائع هادف كالعاده في مقالات سيادتك . ولعلي اضيف عن تجربه شخصيه ايام السيد ا.د. يوسف والي حينما تم اقامه مركز اعتماد الموالح وقد كنت مديرا لهذا البرنامج كبرنامج طموح لتطوير انتاج الشتلات النظيفه الصحيه الخاليه من الامراض الفيروسيه وعمل بجهد كبير حيث ساهم في اضافه اكثر من 3 مليون طعم لاصناف منتقاة بدقه مستورده من الخارج وتم فحصها بدقه في مصر بمعامل المركز وهو ماساهم علي زياده الانتاجيه ونوعيه الصادرات ومن ثم زيادتها وتدريب العاملين في قطاع المشاتل والبساتين الحكومي وكذا الخاص وبعض الباحثين سواء من مركز البحوث او الجامعات. وهذا كان طفره في التفكير . وهو ما انتهي للاسف بعده بقليل . الفكره ان هناك من يعتقدون دائما في البدايه من الصفر. وليس استكمال والبناء علي نماذج ناجحه للاسف . تحياتي وتقديري. د. هشام محمد فهمي

زر الذهاب إلى الأعلى