الأخبارالانتاجالعالمبحوث ومنظماتمصر

د عاصم عبدالمنعم: أشجار المانجروف أداة الطبيعة لمواجهة التغيرات المناخية

باحث أول – المعمل المركزى للمناخ الزراعى – مركز البحوث الزراعية

 

تُعد إزالة الغابات مُشكلة عالمية تُؤثر على النظم الإيكولوجية وطرق الحياة والمناخ. وتُمثل الغَابات طوق نجاة للعالم بآسره فهي تَحميه من العواصف وتُوفر الغذاء والأخشاب للمواطنين، كما أنها تَمتَص الكربون من الجو وتُخزنه في أعماق تُربتها لقرونٍ عدة. وتُؤدى الحرائق الحَادثة فى الغابات المُختلفة إلى حدوث خَلل فى النظم الايكولوجية والمناخ لكوكب الأرض.

فغابات الأمازون ليس الغابات المَطيرة الوحيدة المُشتعلة فى العالم فللأسف تَشتَعل الحرائق أيَضاً فى أدغال إندونيسيا حَيثُ يُغطي معظم مناطق جنوب شرق آسيا سحابة دخان كثيف والناجمة عن اشتعال النيران في نحو 3300 كيلومتر مربع في جزيرتى سومطرة وبورنيو.

وتُعتبر أشجار المانجروف أحد أهم انواع الغابات والتي تُوفر موائل طبيعية للبيئة البحرية وللطيور المُهاجرة أو المُقيمة، ولكن الضغوط التى تُشكلها الزراعة والصيد وقَطع الأخشاب بشكلٍ غير قانوني بالإضافة إلى تَغير المناخ تُهدد بانقراضها. وهناك الكثير من الكيانات (أفراد أو حكومات) التي تَعمل في إزالة أشجار المانجروف وهم ليسوا على دراية بجهودِ التنميةِ المستدامة ولا يُبالون بها على الإطلاق، حيثُ تَتَدهور أشجار المانجروف وتَتَعرض للإجتثاث بفعل الكم الهائل من أعمال التَطوير واستغلال المساحات السَاحلية لبناء المزارع السمكية، كما يَتم استخدام الأشجار كَخشب للبناء أو الوقود.

تَنمو غابات المانجروف فى مناطق عديدة حول العالم، وتَرتَكز نحو 50% من إجمالى مساحات المانجروف فى العالم فى دول إندونيسيا وأستراليا والبرازيل ونيجيريا والمكسيك فى عام 2005. كما يوجد في بنغلاديش أكبر غابة للمانغروف في العالم وتعرف باسم غابات ساندربانز (Sundarbans).

تزرع السنغال ملايين أشجار المانجروف لمكافحة إزالة الغابات

غابات المانجروف هي أنظمة بيئية مُهمة تَحمى من خطر الفيضانات وتُخزن الكربون وتُوفر مأوى لآلاف الأنواع، فغابات المانجروف لديها القُدرة على الإسهام بشكلٍ كبير في التَخفيف من آثار انبعاثات الكربون، مما يَجعلها مرشحةً وبقوة للدخول ضمن إستراتيجية الأمم المتحدة للتَكَيف مع تَغير المناخ.

تَنمو غابات المانجروف فقط في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية وتَتَكون من نحو 80 نوعاً مختلفاً من الأشجار. وتُعتبر أشجار المانجروف من الأشجار التى تَزدَهر فى المناطق ذات التربة مُنخفضة الأكسجين ولديها مجموعة كثيفة من الجذور والتى لها القدرة على النمو فى المياه بطيئة الحركة، كما أن مجموعات الجذور المُتَشابكة والكثيفة تُوفر مكاناً للأسماك وغيرها من الكائنات التى تَبحث عن الغذاء والمأوى من الحيوانات المفترسة.

تَتَواجد أشجار المانجروف في المناطق الساحلية والمد والجزر، وتَمتص أشجار المانجروف المياه الزائدة وتَحمي الأرض من حولها من التعرض للفيضانات وتآكل التربة.

وتَتَعرض غابات المانجروف للتَهديد في جميع أنحاء العالم، وتُعتبر السَنغال واحدة من البلدان التى إختفت فيها غابات المانجروف بِمُعدل يُنذر بالخطر، ولكنها قَرَرَت التَحرك لمجابهة هذه الكارثة.

السنغال هى موطن لحوالي 185 الف هكتار من غابات المانجروف، ولكن منذ سبعينيات القرن العشرين تَم فقد نحو25٪ من غابات المانجروف في البلاد، حيثُ تَسبب الجفاف وإزالة الغابات في فقد مساحة تُقَدر بنحو 45 الف هكتار من أشجار المانجروف.

وتَقوم دولة السنغال بإصلاح الخطأ حيثُ زَرعت نحو 79 مليون شجرة مانجروف والتى من شأنها حماية الأراضي الصالحة للزراعة والحفاظ على الموائل المائية وامتصاص حوالي 500 الف طن من الكربون على مدى 20 عاما.

تُعيد المنظمة السنغالية غير الحكومية (Océanium) زراعة مساحة تقدر بنحو 10 آلاف هكتار، حيث تَتَلقى 10٪ من تَمويلها من الحكومة والباقي من الجهات الراعية الخاصة.

كما تَم دَعم المشروع بشكلٍ كبير على المستوى المحلي حيثُ سَاعد 100 ألف شخص من 350 قرية على استعادة هذه النظم الإيكولوجية المهمة فيما أطلق عليه أكبر مشروع لإعادة زراعة أشجار المانجروف في العالم.

وفى الأخير تَتَطلب حماية النظام الإيكولوجي لأشجار المانجروف جُهداً مُشتركاً، ولذلك لا بد من تَضَافر الجهود الدولية وتَضَافر جهود أصحاب المصلحة المُشتركة سوياً وذلك للمحافظة عليهاومُراقبة إزدهارها، كذلك إتباع الإدارة المُستدامة والرشيدة حتى تَستَمر هذه الغابات فى تَوفير منافعها وفوائدها.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى