اخبار لايتالأخبارحوارات و مقالاتمتفرقاتمصر

عالم كردي: أنا و«يوسف والي» والطرق الصوفية وسائق التاكسي

>> طالب مراد يرصد مشاهد تأثير وزير الزراعة الاسبق علي القطاع الزراعي المصري

الدكتور طالب مراد خبير دولي في صحة الحيوان ومستشار الفاو الأسبق للصحة الحيوانية

رحل السيد نائب رئيس الوزراء المصري الدكتور يوسف والي وترك في داخل محبيه المزيد من الألم والحزن لفراق أحد الشخصيات الزراعية الدولية والعربية الأكثر تأثيرا في القطاع الزراعي والتي تركت بصمة كبيرة لا ينكرها إلا جاحد.

ففي مرحلة من مراحل تواجدي في مصر بدأت اهتم “بتصريحات” سائقي التاكسيات لاني كنت انوي نشر كتاب بعنوان”من اوراق كوردي في القاهرة” والذي تم طبعه ونشره في القاهرة العام الماضي. وكتبت اكثر محتويات الكتاب اثناء إشغالي لمنصب المستشار الإقليمي للإنتاج والصحة الحيوانية في المكتب الإقليمي للفاو (FAO ) من1996 وحتى بلوغي سن التقاعد 2008 .

كلام سائقى التاكسي المصريين اعجبني فحوى موضوعه والمكتبة المصرية فيها عدة كتب وكتيبات حول هذا الموضوع وبما ان المتداول بين الأجانب في تلك الايام بأن الكثير من سائقى التاكسي يعملون لجهات أمنيه ولهذا اكثر مستقلي التاكسيات من الأجانب كانوا ومازالوا لايتجاذبون أطراف الحديث معهم.

كنت استمتع واتعلم من هذه الجامعة المفتوحة المجانية وكنت دائما اجلس في الكرسي الأمامي لأكون قريبا من الأفواه التي تخرج الدرر منها وكنت كثيرا ما استغني عن سيارتي الخاصة مع سائقها لأعرف اخر ما يصرح به سائقى التاكسي من اخبار لا تسمعها الا منهم.

الكثير من اخبارهم وأحاديثهم كانت تحتاج الى اكثر من توثيق. في احدى الايام خرجت من مكتب الفاو الواقع بجانب وزارة الزراعة في الدقي ناويا ان استقل تاكسي للذهاب للبيت في المعادي واستوقف نادل السيارات العامل امام باب المنظمة تاكسيا لي وكالعادة استقليت الكرسي الامامي وبدأ السائق الكلام الذي تتعود عليه من سائقي التاكسيات اذا كنت اجنبيا والكلام يبدأ من اي بلد انت وينتهي بإننا احسن ناس.

مقدمات استقلال التاكسي انتهت بسرعة وبسرعة بدأ السائق يشير الى بناية وزارة الزراعة والتي كانت تقع على يمين السيارة وبدأ السائق ينضح من خزين احباطاته . يقال ان فلان سكت دهرا ونطق كفرا .

واما هذا الذي كان يجلس الى جانبي لم يقل غير كفرا فبعد ان تحقق من هويتي واعطى لنفسه حق استجوابي ثم حول الحديث مباشرة الى تناول سيرة وأعمال الراحل الدكتور يوسف والي حيث انه كان مر عدة اشهر على تقاعد السيد النائب وكل حديث السائق كان اكثر ما يوصف “بإنه كلام فارغ “ولا يمت بصلة للرجل الفاضل الذي كان يتكلم عنه.

واخذ السائق يسألني بين الفينة والأخرى مستجديا التوافق معه بالقول ولا ايه ؟ يا استاذ.

وكنت ملتزما الصمت طيلة فترة هذيانه، وبعد ان أنهى كلامه بحق الرجل الطيب والذي اعتبره عميد الزراعيين العرب والذي عمل بدون كلل او ملل للأمن الغذائي للمصريين وبالمقابل قابلت اكثر وزراء الزراعة في إقليمنا كان اخر مايفكرون به هو الامن الغذائي لشعوبهم حيث كانوا منبهرين بالنفط”فضلات الشيطان”.

قلت للسائق اني اعرف السيد النائب وأزوره في بيته وهي صوبات (بيوت زجاجية) التابعه لوزارة الزراعة حيث لايملك الفيلات التي ذكرتها انت واولاده غير فاسدين لانه غير متزوج ولم ألتقى الا نادرا شخصا مسئولا بمستوى السيد النائب ادبا واحتراما وهو سميع من الدرجه الاولى وبعد وصولي رفض السائق اخذ اجرته وشكرني على ماعلمته به واستمتع جدا بكلامي وهذا من طيبة المصريين .

وللذين لايعرفون الكثير عن الدكتور يوسف والي فهو كان وزير زراعة مصر اي رئيسا لحوالي نصف مليون مستخدم وموظف تابع لوزارة الزراعة وكان نائب رئيس وزراء مصر وعميد الزراعيين العرب وإنسانا نبيلا وكريما وكان رجل دولة statesman. في احدى زياراتي للراحل النائب سألني عن الحضره الكيلانيه وهي أحدي الطرق الصوفية السنية  والتي تنتسب إلى عبد القادر الجيلاني (471 هـ – 561 هـ)، وينتشر أتباعها في بلاد الشام والعراق ومصر وشرق أفريقيا، وقد كان لرجالها الأثر الكبير في نشر الإسلام في قارة أفريقيا وآسيا، وفي الوقوف في وجه المد الأوروبي الزاحف إلى المغرب العربي.

عموما… فرح «الدكتور يوسف والي» جدا بإنني ولدت في بيت يبعد قليلا عن قبر الشيخ عبدالقادر الكيلاني وبعد مغادرتي له عرفت بإنه يعرف الكثير عن الطريقه الكيلانيه لم كنت اعرفها ولا يعرفها الكثير من ابناء الطريقه.

نم قرير العين لقد اديت واجبك بأمانه وفقدت انا صديقا رائعا.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى