اخبار لايتالأخبارحوارات و مقالاتمتفرقات

د عاطف كامل يكتب: أهمية تحقيق أبعاد التنمية المستدامة فى إستراتيجية ورؤية مصر 2030

رئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان – كلية الطب البيطرى- جامعة قناة السويس

مدير برنامج المميز الحياة البرية وطب حدائق الحيوان

وخبير التنوع البيولوجى ببرنماج الأمم المتحدة للتنمية UNDP

خبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية بمنظمة اليونسكو UNESCO

مع تزايد المشكلات والمخاطر والآثار السلبية للمشروعات المختلفة بأنواعها علي البيئة المصرية، ازداد الاهتمام بضرورة إدراج البعد البيئي في عملية التخطيط بشكل أساسي، وهو ما أدي إلي ظهور ما يسمي بالتخطيط البيئي. تحقيق أهداف إستراتيجية التنمية المستدامة – مصر 2030 في محورها على تحقيق الأبعاد البيئية والأقتصادية والأجتماعية. إن إستراتيجية مصر للتنمية المستدامة – رؤية مصر 2030 تتفق بشكل كبير وشبه كامل مع الفوائد التي يحققها الأبعاد البيئية والأقتصادية والأجتماعية للإستراتيجية، وكذلك تتوافق مع أهداف التخطيط البيئي، وبالتالي فالتخطيط البيئي سيساهم بشكل فعال في نجاح تحقيق هذه الأهداف في مصر ومتوازنة مع الجهود المتوافقة مع الدستور المصري لعام 2014 للتنمية المستدامة ومبادئها.

ماهو مفهوم التنمية المستدامة؟

التنمية المستدامة مصطلح ظهر علي الساحة الدولية والمحلية لكي يجد طريقه وسط عديد من المصطلحات المعاصرة مثل العولمة، صراع الحضارات، الحداثة ، ما بعد الحداثة، التنمية البشرية، البنيوية، الجينوم، المعلوماتية، … وغيرها من التعبيرات التي يجب علينا فهمها لكي نجد لغة خطاب مع العالم، وأيضا لكي يكون لدينا الوعي الكامل بمفهوم هذه المصطلحات ولا يكون عندنا لبس أو خلط للأمور؛ فالتعريفات للمصطلحات تأخذ منحنيات وتفسيرات وتأويلات مختلفة طبقاً لطبيعة البلد وثقافته، ولوجهة نظر واضع المصطلح، وأيضاً لوجهة نظر المفسر للمصطلح، إنّ ذلك يخلق قدراً من الغموض والالتباس في معني المصطلح ليس فقط لدي العامة ولكن لدي المتخصصين أنفسهم.

وجدير بالذكر، أنه قبل تداول استخدام مفهوم “التنمية المستدامة” في أواخر الثمانينات من القرن المنصرم ، كان المفهوم السائد هو “التنمية” بمعناها التقليدي، وقد برز مفهوم “التنمية” بعد الحرب العالمية الثانية وحصول مجتمعات العالم الثالث على استقلالها السياسي.

تعاريف مختصرة للتنمية المستدامة:

سُميت هذه التعاريف بالتعاريف الأحادية للتنمية المستدامة، وفي الحقيقة أن هذه التعاريف هي أقرب للشعارات وتفتقد للعمق العلمي والتحليلي ومنها:
– التنمية المستدامة هي التنمية المتجددة والقابلة للاستمرار.
– و التنمية المستدامة هي التنمية التي لا تتعارض مع البيئة.
– التنمية المستدامة هي التي تضع نهاية لعقلية لا نهائية الموارد الطبيعية.

الصنف الثاني: تعاريف أكثر شمولاً، ومنها:

وفقاً لأحد التعريفات فإنَّ التنمية المستدامة (Sustainable Development) تعرف بأنها التنمية التي تُلبي احتياجات البشر في الوقت الحالي دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تحقيق أهدافها، وتركز على النمو الاقتصادي المتكامل المستدام والإشراف البيئي والمسؤولية الاجتماعية.

فالتنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات، وكذلك الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها.أى بشعار“مستقبلنا المشترك” التنمية المستدامة بأنها ‘التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون أن يعرض للخطر قدرة الأجيال التالية علي إشباع احتياجاتها”.

وتعرف منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التنمية المستدامة (الذي تم تبنيه في عام ١٩٨٩ ) كما يلي: “التنمية المستدامة هي إدارة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية وتوجيه التغير التقني والمؤسسي بطريقة تضمن تحقيق واستمرار إرضاء الحاجات البشرية للأجيال الحالية والمستقبلية. إن تلك التنمية المستدامة (في الزراعة والغابات والمصادر السمكية) تحمي الأرض والمياه والمصادر الوراثية النباتية والحيوانية ولا تضر بالبيئة وتتسم بأنها ملائمة من الناحية الفنية ومناسبة من الناحية الاقتصادية ومقبولة من الناحية الاجتماعية”.

الأبعاد الرئيسية للإستدامة:

تعرف بأنها تشمل ثلاثة أبعاد مع اعتبار الوزن النسبي لكل بعد ومراعاة مبدأ العدالة بين الأجيال:

  • البعد الاجتماعيالبطالة، التنمية المحلية والإقليمية، الرعاية الصحية والثروات، الترابط الاجتماعي، توزيع الخدمات…الخ.
  • البعد الاقتصاديالتنمية الاقتصادية، التنافس،النمو الاقتصادي، الإبداع والتنمية الصناعية…الخ.
  • البعد البيئيالحفاظ على جمال الطبيعة،نوعية المياه والهواء والتربة وتغير المناخ،التنوع البيولوجي…الخ.

البُعد البيئي:

تهدف التنمية المستدامة إلى تحقيق العديد من الأهداف البيئية، وتتمثل فيما يلي:

  • الاستخدام الرشيد للموارد الناضبة، بمعنى حفظ الأصول الطبيعية بحيث نترك للأجيال القادمة بيئة مماثلة حيث أنّه لا توجد بدائل لتلك الموارد الناضبة.
  • مراعاة القدرة المحدودة للبيئة على استيعاب النفايات.
  • ضرورة التحديد الدقيق للكمية التي ينبغي استخدامها من كل مورد من الموارد الناضبة، ويعتمد ذلك على تحديد قيمتها الاقتصادية الحقيقية، وتحديد سعر مناسب لها بناءً على تلك القيمة.
  • الهدف الأمثل للتنمية المستدامة هو التوفيق بين التنمية الاقتصادية والمحافظة على البيئة مع مراعاة حقوق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية خاصة الناضبة منها.

الاستدامة البيئية:

  • يُقصد بالاستدامة البيئية بأنها قدرة البيئة على مواصلة العمل بصورة سليمة، لذلك يتمثل هدف الاستدامة البيئية في التقليل إلى أدنى حد من التدهور البيئي، وتتطلب الاستدامة تغذيته بشكل طبيعي، بمعنى أن تكون الطبيعة قادرة على تجديد التوازن البيئي، ويمكن أن يتحقق ذلك بدمج الاعتبارات البيئية عند التخطيط للتنمية حتى لا يتم إلحاق الأضرار برأس المال الطبيعي وذلك كحد أدنى.

التنمية البشرية المستدامة:

بدأ الاهتمام واضحاً الآن بمدى ارتباط التنمية البشرية بمفهوم التنمية المستدامة، حيث تبرز هذه العلاقة من خلال الحاجة الماسة لإيجاد توازن بين السكان من جهة وبين الموارد المتاحة من جهة أخرى، وبالتالي فهي علاقة بين الحاضر والمستقبل بهدف ضمان حياة ومستوى معيشة أفضل للأجيال القادمة والذي يحتاج إلى ربط قضايا البيئة بالتنمية بشكل محدد ومستمر، حيثُ أنّه لا وجود لتنمية مستدامة بدون التنمية البشرية.

وأما العناصر الإجرائية للاستدامة فتشمل الإتى: اتخاذ القرار: يجب تحليل الأبعاد الثلاثة وإدراجها في عملية اتخاذ القرار. التوازن: يجب توضيح كيفية الموازنة بين الأبعاد الثلاثة إلى المعنيين والمجتمع بشكل عام. الحلول البديلة: يجب أن تؤخذ في الاعتبار. المشاركة الشعبية والتشاور: يجب تشجيعها. أدوات تقييم الأثر: يجب تطبيقها في عملية صناعة القرار.

ويشهد العالم اهتماماً متزايدا بتلك العناصر الإجرائية للتنمية المستدامة أملاً في تحسين أبعادها المتمثلة فى البعد الإقتصادي والبعد الإجتماعي والبعد البيئي ، حيث ظهر الأهتمام بالتنمية المستدامة في نهاية القرن العشرين من خلال اجراء العديد من المؤتمرات الدولية لبحث مجالات التطور العلمي لتحديد كيف يمكن أن تساهم الدول المتقدمة في تحقيق اهداف التنمية المستدامه .حيث يعتبر البعد البيئي جزءا لايتجزء من التنمية المستدامة فإنه يجب وضع آليات لد ارسة لبرامج وتخطيطها ومراجعتها من قبل القائمين عليها ومحاولة معرفة أسباب التعثر في إكمالها، حيث أصبح األمر واضحاً من أنه البد من االهتمام بأبعاد التنمية المستدامة والتركيز الشديد على حمايتها من خلال تناسق عناصرها بما يضمن استمرار التنمية على المدى البعيد.

توجهات الدولة المصرية لتحقيق أبعاد التنمية المستدامة

يرسخ الدستور المصري لعام 2014 للتنمية المستدامة ومبادئها ، وتتضح أبعادها الثلاثة (الاجتماعية – الاقتصادية – البيئية)، وتتضح الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية  والبيئية وتشمل:

اولاً: البعد الاجتماعية للدستور هو التزام الدولة بتحقيق:

  • العدالة الاجتماعية وتوفير وضمان الحياة الكريمة لجميع المواطنين.
  • تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين.
  • المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
  • حماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا.
  • توفير خدمات التأمين الاجتماعي لجميع المواطنين.
  • توفير الرعاية الصحية المتكاملة لجميع المواطنين.
  • مجانية التعليم بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية.
  • حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته.
  • التأكيد على المساواة فى الحقوق والحريات والواجبات العامة دون تمييز لأي سبب.

ثانياً: البعد الاقتصادى  فيهدف إلى:

  • تحقيق الرخاء فى البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي،
  • ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.
  • الإلتزام بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافيًا وقطاعيًا وبيئيًا و
  • ضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية.

ثالثاً: البعد البيئي للتنمية المستدامة متكاملاً مع مواد الدستور المختلفة الأخرى مثل المواد (44 ، 45 ، 46 ، 50) حيث تلتزم الدولة المصرية بما يلي:

  • حماية نهر النيل وعدم إهدار مياه أو تلويثها وحق كل مواطن في التمتع به.
  • حماية البحار والبحيرات والشواطئ والممرات المائية للدولة من التعدي أو التلوث.
  • حماية الثروة النباتية والحيوانية والسمكية وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر.
  • الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة ، وضمان حقوق الأجيال القادمة.
  • الحفاظ على تراث مصر الحضاري والثقافي ، المادي والمعنوى وصيانته.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى