الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د ممدوح السيد يكتب:  كورونا والتباعد الاجتماعي في مزارع الأبقار

>>ضوابط التقارب بين الحيوانات وتطبيق قواعد الأمان الحيوي

باحث أول بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني – مركز البحوث الزراعية

بينما فيروس كورونا (كوفيد-19) المستجد ينتشر في جميع أنحاء العالم فإذا بنا نتعرف علي مفهوم جديد إلا وهو “التباعد الاجتماعي”. فنحن يجب أن نبقي علي بعد 6 أقدام (1.8 متر) علي الأقل من الآخرين ويجب علينا ممارسة النظافة العامة بشكل جيد والعزل الكامل للمريض الذي يثبت إصابته بالمرض والبقاء في حجر صحي ذاتي لمدة 14 يوم في حالة مخالطة هذا المريض. الغريب أن كل هذه الممارسات ليست جديدة بالنسبة للعاملين في مزارع الأبقار.

هذه الممارسات إلى جانب العديد من الممارسات الأخرى هي نشاط يومي في مزارع الأبقار. يتم إتباع هذه الإحتياطات من أجل سلامة العاملين بالمزرعة والحيوانات والمجتمع كجزء من بروتوكول الأمن الحيوي الذي يمارس يومياً. هذه الإجراءات يجب أن يلتزم بها أصحاب المزارع لنجاح أداء قطيع الأبقار لديهم بالإضافة إلى سلامة المنتجات التي نستهلكها أنا وأنت. ومن أهم هذه الممارسات ما يلي:

عزل البقرة الجافة عن القطيع الحلاب:

يتم الإحتفاظ ببيانات مفصلة عن كل بقرة في مزارع الأبقار في سجلات خاصة. ويعتبر تاريخ التلقيح المخصب هو أحد أهم هذه البيانات ، حيث يقوم الطبيب البيطري بفحص كل بقرة للتأكد من أنها حامل أم لا ، وفي حالة الحمل يتم حساب التاريخ المتوقع للولادة (بعد 280 يوم من التلقيح المخصب) وكذلك يتم حساب التاريخ الذي يجب عزل البقرة العشار فيه عن القطيع الحلاب (قبل الولادة بشهرين أي بعد 220 يوم من التلقيح المخصب) وتركها ترتاح في الشهرين الأخيرين من حملها.

هذه الممارسة تعرف بالتجفيف وهي تعني أن البقرة يجب أن لا تنتج اللبن حتي يمكنها تكريس كل عناصرها الغذائية وطاقتها لعجلها وتجديد نسيج الغدة اللبنية والخلايا الطلائية الإفرازية للضرع. عند هذا التاريخ (تاريخ التجفيف) يتم عزل الأم عن بقية القطيع وتجميع الأبقار التي في أواخر فترة الحمل معاً. ويتم ذلك للعديد من الأسباب من أهمها حماية البقرة وعجلها النامي ، توفير نظام غذائي خاص لها تم إنشاؤه خصيصًا لتلبية إحتياجاتها الغذائية ، الحد من الضغوط على البقرة ، والسماح للعاملين بالمزرعة بمراقبتها عن كثب عندما تكون علي وشك الولادة.

عزل العجل عن أمه:

هذا العزل ليس مفيداً للأم فقط ولكن للعجل أيضاً. فبمجرد أن تلد البقرة يتم إخراجها والعجل من حظيرة الولادة ليحصلوا على رعاية خاصة. حيث يتم مراقبة الأم عن كثب بحثاً عن حدوث أي مضاعفات بعد الولادة ، ويتم حلبها بشكل منفرد للحصول علي السرسوب الذي سيتم إطعامه لعجلها ، وهي ممارسة هامه لصحة ومناعة المولود الجديد.

على عكس البشر لا تستطيع الأجسام المناعية للبقرة عبور المشيمة إلى عجلها النامي داخل الرحم. لذلك تولد جميع العجول بدون مناعة خاصة بها مما يجعلها عرضة للإصابة بالأمراض. تصل الأجسام المناعية من الأبقار إلي العجول من خلال السرسوب (إفراز ينتج من الغدة اللبنية بعد الولادة مباشرة وهو غني بالأجسام المناعية والعناصر الغذائية).

هذه الأجسام المناعية تحمي العجل خلال الأسابيع الأولي من عمره من الإصابة بالأمراض لذلك يجب أن يحصل العجل علي 4 لترات من السرسوب ذو نوعية جيدة في الساعات القليلة الأولى من حياته لتحقيق الإنتقال السلبي الجيد للمناعة.

عندما يُترك العجل مع أمه من أجل الرضاعة من تلقاء نفسه لا يمكن للمربي التأكد من كمية السرسوب التي تم الحصول عليها وقد لا يتدفق السرسوب بشكل كافٍ وقد تعاني بعض الأبقار من مضاعفات إلتهاب الضرع كما أن هناك خطورة من إنتقال بعض الأمراض إلي العجل في حالة بقائه بالقرب من أمه. كل ذلك سيؤدي إلي آثار ضارة على صحة العجل.

الأبقار حديثة الولادة يتم حلبها بشكل منفرد وحجب إنتاجها من اللبن الإنتقالي (ما بين السرسوب واللبن الطبيعي) لمدة 3-4 أيام ولا يتم خلطه باللبن الذي يتم بيعه للمستهلكين ولكن يتم تغذية العجول عليه. بعد هذه الفترة يتم إعادتها إلى القطيع الحلاب.

عزل العجول الرضيعة عن بعضها البعض:

بعد ميلاد العجل يتم نقله إلى قفص فردي بسبب إنخفاض مستوى المناعة لديه ويتم فصل العجول عن بعضها البعض لتجنب إنتشار أي نوع من البكتيريا أوالفيروسات الممرضه. والإسكان الفردي يُمكن من مراقبة العجول عن كثب وتغذيتها بنظام غذائي خاص بها ومراقبة الحالات المصابة بالأمراض ورعايتهم على أساس فردي.

ويجب أن يكون تصميم حظائر العجول الرضيعة يمنع التلامس المباشر فيما بينها حتي يتم تقليل خطر إنتقال أمراض الجهاز التنفسي والإسهال خاصة خلال فترة الرضاعة الأولي. ويفضل أن تكون المسافة بين قفص العجل والاخر لا تقل عن 60 سم لمنع التلامس المباشر. إذا حصل العجل على كمية مناسبة من سرسوب ذو نوعية جيدة فسيكون لديه إستجابة مناعية تحميه حتى تبدأ استجابته المناعية الذاتية بالتطور بعد حوالي 3 أسابيع من العمر.

التقارب الاجتماعي:

مع تقدم العجول في العمر يتم فطامها تدريجياً عن اللبن وهنا تكون مستعدة للإنتقال إلى المرحلة التالية وهي عملية التنشئة الاجتماعية. حيث يتم إخراجها من الأقفاص الفردية وتجميعها في مجموعة صغيرة مع عجول أخرى في نفس عمرها. في هذا العمر يكون الجهاز المناعي للعجول يعمل بشكل جيد ويمكنه صد الكثير من الأمراض المعدية. فكرة هذه المرحلة كطفل في مرحلة رياض الأطفال يحضر إلي المدرسة لأول مرة ويختلط بأطفال في نفس سنه.

هنا ستكون العجول المُجمعة معرضه لحدوث إنتقال أي عدوي وستبدأ الأعراض في الظهور في غضون بضعة أيام. كما يمكن أن تحدث العدوي دون ظهور علامات واضحة للمرض. وهنا قد يحدث ما يسمي بمناعة القطيع. يمكن للمربيين تقليل هذه المخاطر على حيواناتهم من خلال إتباع جداول التحصينات المناسبة وممارسة الرعاية الصحية السليمة وتنفيذ خطط الأمن الحيوي في مزارعهم

عزل الذكور عن الإناث:

يحدث البلوغ الجنسي لعجول الأبقار من عمر 7 إلي 10 شهور ويبدأ النشاط الجنسي لها في هذا العمر. عند وجود العجول والعجلات في هذا العمر معاً في حظيرة واحدة قد يحدث تلقيح طبيعي للعجلات وقد يؤدي هذا التلقيح إلي حدوث الحمل. ومن غير المرغوب فيه حدوث حمل في هذا العمر لانه يؤثر بالسلب علي إنتاج وصحة هذه العجلة في المستقبل. ولذلك يتم عزل العجول عن العجلات في عمر 6 شهور كلاً في حظيرة مستقلة. عادة ما يتم تلقيح العجلات لأول مرة عندما تصل إلي مرحلة النضج الجنسي في عمر 16 شهر وتكون وصلت إلي الوزن المناسب للتلقيح وهو 320 إلي 350 كجم.

عزل الحيوانات المشتراه:

لتقليل الكثير من المشاكل الصحية التي تحدث في قطيع الأبقار يفضل كثير من المربيين التربية المغلقة للقطيع بأن لا يدخل أي حيوان من خارج المزرعة إلي قطيع الأبقار لديهم.

ومع ذلك قد يضطر البعض إلي شراء بعض العجلات أو الأبقار أو حتي طلائق جديدة  من مزارع أخري. وفي هذه الحالة قد تأتي مع هذه الحيوانات مجموعة من الأمراض والفيروسات الجديدة علي القطيع.

لذلك عليهم أن يفترضوا أن الحيوانات المشتراه قد تكون مريضة أو حاملة للمرض وعليهم أن يتخذوا كل الإحتياطات لتجنب وصول هذه الأمراض إلي بقية القطيع. لذلك يجب عزل تلك الحيوانات عن بقية القطيع وتطبيق الحجر الصحي لفترة زمنية محددة عادةً ما تكون 14 يوماً.

ويجب أن يتم إيواء هذه الحيوانات بحيث لا يمكنها الإتصال المباشر أو غير المباشر بالحيوانات الأخري. لأنه يمكن لهذه الحيوانات أن تنشر الأمراض والفيروسات من خلال اللعاب أو الإفرازات الجسدية الأخرى. كما يجب عدم مشاركة هذه الحيوانات لأي حيوانات أخري في مصادر المياه أو تناول الطعام.

من المهم أيضاً للعمال الذين يتعاملون مع الحيوانات المعزولة الإهتمام بالنظافة الجيدة وتعقيم الأحذية والملابس لتجنب إنتقال الأمراض إلى الحيوانات السليمة. ويتم مراقبة هذه الحيوانات خلال فترة الحجر الصحي بكل دقة للكشف عن وجود أي أمراض معدية وتقييم الوضع الصحي العام لها.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى