الأخبارالانتاجالصحة و البيئةالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د عبد السلام منشاوي يكتب: ميعاد الزراعة قرار يحدد إنتاجية محصول القمح

>>الزراعة المبكرة لا تعني حصادا مبكرا لإنه يرتبط بالحرارة المناسبة

رئيس بحوث متفرغ ومربي قمح بمحطة بحوث سخا- قسم بحوث القمح- معهد بحوث المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية

ميعاد الزراعة من العمليات المحددة للإنتاجية في محصول للقمح

  • إن أفضل ميعاد للزراعة هو الميعاد الذي يؤدى إلى الحصول على أعلى إنتاجية من خلال توافق احتياجات الصنف مع الظروف البيئية.
  • الزراعة المبكرة للقمح لا تؤدي إلى حصاد مبكر، ومهما كانت زراعتك مبكرة لن تحصد وتدرس القمح إلا في ظروف الحرارة المناسبة.

فلنبدأ في التفاصيل:

يتأثر محصول القمح بشكل كبير بالظروف الجوية من خلال العوامل الغير متحكم فيها، كالحرارة  والصقيع والفترة الضوئية والرطوبة النسبية بالإضافة إلى مستلزمات الإنتاج المتحكم فيها خلال موسم النمو، ولذلك يعتبر ميعاد الزراعة من العمليات الزراعية المحددة لإنتاجية القمح.

وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات في سلوك الأصناف وتكيفها مع هذه الظروف والأحداث بما ينعكس على زيادة إنتاجيتها، إلا إنه في درجات الحرارة المتطرفة (أقل من -2 درجة مئوية وما فوق 35 درجة مئوية) تتأثر جميع الأصناف بشكل مشابه.

ومن المعلوم أن محصول القمح يمر خلال فترة حياته بمراحل نمو مختلفة (بادرة وتفريع واستطالة وطرد سنابل وامتلاء حبوب..الخ)، وتختلف هذه المراحل في احتياجاتها الحرارية والضوئية اختلافا كبيرا.

إن الحرارة العالية في بدية موسم النمو تؤدي إلى تسريع  مراحل نمو النبات وتقلل التفريع والأوراق والكتلة الحيوية للنبات مما يؤدي  إلى التقليل من عدد الفروع وعدد السنابل والحبوب وبالتالي نقص الإنتاجية في نهاية الموسم.

كما أن الصقيع قد يسبب ﺗﻟف للأزهار أﺛﻧﺎء التزهير مما يؤدي إﻟﯽ اﻧﺧﻔﺎض ﻓﻲ ﻋدد اﻟﺣﺑوب، ﻓﻲ ﺣﯾن سيحدث نقص في ﺣﺟم اﻟﺣﺑوب بسبب اﻟﺣرارة العالية أﺛﻧﺎء فترة امتلاء اﻟﺣﺑوب.

وبما أنه لا توجد طرق للحماية من هذه المخاطر، لذا فإن اختيار ميعاد الزراعة المناسب والذي يتناغم فيه مراحل النمو مع الاحتياجات البيئية ويعمل على الحد من التعرض للظروف الغير مناسبة خلال مراحل النمو يعد من بين أفضل الخيارات لإدارة المخاطر في زراعة القمح.

هناك ظاهرة مناخية يسميها علماء المناخ بظاهرة النينيو/  التذبذب الجنوبي (  .(ENSO  وهذه الطاهرة كما يعرفها علماء المناخ تحدث بشكل طبيعي وتنطوي على تقلبات في درجات الحرارة السطحية للمحيط الهادئ الاستوائي، ويصحب ذلك تغيرات في دوران الغلاف الجوي فوق المنطقة ويتراوح نطاقها الزمني في الغالب من سنتين إلى 7 سنوات تقريباً.

وتؤثر هذه الظاهرة تأثيراً كبيراً على أنماط الطقس في أنحاء كثيرة في العالم حيث أن لها  تأثير كبير على الرياح ودرجات الحرارة وأنماط سقوط المطر. ويؤكد علماء المناخ أن هذه الظاهرة مستمرة في موسم 2020/2021 ويكون من تبعاتها أن فصل الخريف ترتفع فيه الحرارة عن معدلاته الطبيعة وفي فصل الشتاء يكون هناك تذبذبات كبيرة في درجات الحرارة خلال الموسم. وما سبق يؤكد على أهمية الالتزام بميعاد الزراعة الأمثل.

حيث تكون درجات الحرارة  في نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر أعلى من معدلاتها الطبيعية مما ينعكس سلبا على تطور مراحل نمو القمح. وبالنظر إلى الظروف الحالية بالنسبة للتركيب المحصولي وأخلاء الأرض مبكرا من المحاصيل الصيفية، ورغبة المزارع في عدم ترك الأرض خالية مما يدفعه للزراعة المبكرة والتي يترتب عليها أضرار كبيرة للنبات وفي النهاية نقص في الإنتاجية المحصولية دون تحقيق أي مكاسب أضافية.

إن تحقيق تطور النمو الصحيح في القمح يأتي عن طريق توافق وتناغم ميعاد الزراعة والصنف، وهو أمر بالغ الأهمية لتحسين إنتاجية المحصول، وهو عبارة عن قرار وليس له تكلفة مقارنة بالمعاملات الزراعية الأخرى.

ويوجد وقت امثل للزراعة بالنسبة لكل منطقة والذي يتحدد بدرجة كبيرة بظروف الطقس وتوفر الأرض الخالية ومياه الري والصنف الموصى به. إن أفضل ميعاد للزراعة هو الميعاد الذي يؤدى إلى الحصول على أعلى إنتاجية من خلال توافق احتياجات الصنف مع الظروف البيئية.

وحتى الآن يظل ميعاد الزراعة المناسب للقمح في مصر متطابقا تماما مع المثل الشعبي لأجدادنا والقائل “هاتور أبو الذهب المنثور” وهاتور هو شهر من شهور التقويم القبطي والذي يوافق بالتقويم الميلادي من 10 نوفمبر إلى 9 ديسمبر،  وهذا هو الميعاد المناسب، فيجب على المزارع أن لا يخرج عن هذه الفترة بأي حال من الأحوال.

أما الميعاد الأمثل والأفضل هو أن نأخذ وسط هذه الفترة وهي من 20-30 نوفمبر ( وهذا هو الأمثل ) والأولى للمزارع أن يتمسك بالميعاد الأمثل وليس الأنسب.

وميعاد الزراعة الموصى به من قبل وزارة الزراعة والممثلة بقسم بحوث القمح هو:-

الوجه البحري خلال الفترة من 15-30 نوفمبر.

الوجه القبلي خلال الفترة من 10-25 نوفمبر.

الأراضي الجديدة وتوشكى النصف الأول من نوفمبر.

ويمكن أن يمتد ميعاد الزراعة في الوجه البحري حتى 10 ديسمبر دون حدوث نقص في المحصول أو ربما يحدث نقص طفيف. وهناك أضرار للزراعة في المواعيد المبكرة وكذلك أضرار للزراعة المتأخرة .

أضرار التبكير في الزراعة

يجب علينا أن نعلم أن الزراعة المبكرة للقمح لا تؤدي إلى الحصاد المبكر، ومهما كانت زراعتك مبكرة لا يمكن حصاد ودراس القمح إلا في ظروف الحرارة المناسبة لذلك. إذا تم زراعة القمح مبكرا (عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة والنهار مازال طويل)، تؤدي إلى تطور النمو بسرعة وبالتالي تقلل فترات مراحل نمو النبات والتفريع والأوراق والكتلة الحيوية للنبات مما يؤدي  إلى التقليل من عدد السنابل والحبوب وبالتالي نقص الإنتاجية المحصولية في نهاية الموسم.

ويكون النقص في المحصول ناتج عن قصر فترة النمو الخضري والتي هي مرحلة الإعداد وبناء المستودع التخزيني وتحديد السعة التخزينية للنبات(عدد السنابل لوحدة المساحة وعدد الأزهار بالسنبلة) ونتيجة إلى قلة التفريع الذي يترتب علية نقص في عدد السنابل لوحدة المساحة و صغر حجم السنبلة وعدد الأزهار والذي يترتب عليه نقص عدد الحبوب للسنبلة.

كما يعمل التبكير في الزراعة على الطرد المبكر للسنابل حيث الظروف الجوية غير المناسبة لعملية التلقيح و الإخصاب وعلية يزيد عدد الأزهار العقيمة و يقل عدد الحبوب في السنبلة. وقد تكون هناك موجات من الصقيع في وقت تكوين الأزهار والسنيبلات مما يحدث موت لهذه الأجزاء وتظهر بعد طرد السنابل على شكل سنيبلات وأزهار بيضاء.  لذلك، ليس هناك مبرر أطلاقا أن تزرع مبكر لتخسر دون تحقيق أي  مكاسب.

أضرار التأخير في الزراعة :-

أن زراعة القمح في ميعاد متأخر يعمل على الإضرار بالمحصول ونقص الإنتاجية وذلك عن طريق قصر فترة النمو الخضري أيضا مما يترتب علية ضعف الغطاء النباتي (المجموع الخضري)  وكذلك قلة السنابل وضمور الحبوب نظراً لطرد السنابل المتأخر الذي يقابله ارتفاع في درجات الحرارة خلال مرحلة الامتلاء، كما يجعل المحصول أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والحشرات. وفي الواقع لا تمثل الزراعة المتأخرة للقمح اتجاه عام لدى المزارعين كما في حالة الزراعة المبكرة ولكنها حالات فردية لعدد قليل من الزراع.

تختلف أصناف القمح في استجابتها للفترة الضوئية والحرارة وذلك قد يعطي مرونة أكبر لجدولة مواعيد الزراعة. وأفضل صنف مناسب لميعاد زراعه معين هو الصنف الذي تتوافق مراحل نموه مع ظروف موسم النمو المتاحة. ففي حالة الاضطرار إلى الزراعة في ميعاد مبكر، يمكن زراعة الأصناف المتأخرة ومتوسطة التأخير مثل جيزة 171 وسخا 95 و سدس14.

وهذه الأصناف تتأثر الإنتاجية فيها بدرجة خفيفة جدا حيث أنها لا تتأثر بالحرارة في بدية موسم النمو ولا تختصر في فترة  النمو الخضري إلا القليل جدا منها، وستبقى في مرحلة النمو الخضري حتى يتم استيفاء متطلباتها، ويعمل هذا على تأخير النمو الثمري بحيث تتزامن مرحلة الإزهار مع ظروف الموسم الملائمة، وذلك خلاف الأصناف الأخرى التي يحدث بها انخفاض كبير في الإنتاجية في حالة الزراعة المبكرة.

وقد يضطر المزارع إلى التأخير في الزراعة فمن الأصناف التي تناسب الزراعة المتأخرة أيضا الصنف سخا 95  وجيزة 168 في الوجه البحري والقبلي و الصنف سدس 12 في مصر العليا فقط حيث أنه حساس جدا لمرض الصدأ الأصفر الذي يمثل خطورة كبيرة في الشمال.من المؤكد أن ميعاد الزراعة أمر بالغ الأهمية لتحسين إنتاجية المحصول، وهو ليس له تكلفة مقارنة بالمعاملات الزراعية الأخرى. نسأل الله أن يجعل الموسم القادم موسم خير وبركة على الوطن والزراع.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى