حقيقة تأثير تغير المناخ علي سلامة الغذاء والثروة الحيوانية …تكتبها الدكتورة هدى السيد

باحث بالمعمل المرجعي لفحوص صلاحية الأغذية ذات الأصل الحيواني للاستهلاك الادمي- معهد صحة الحيوان – مركز البحوث الزراعية – مصر

تعد التغيرات المناخية  أو تغير المناخ من أكبر التحديات التي تواجه البشرية والبيئة في القرن الحادي والعشرين. تعتبر الزيادة المستمرة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروز والميثان، واحدة من أهم الأسباب وراء التغيرات المناخية الحالية. مما يترتب على تلك التغيرات المناخية العديد من التأثيرات السلبية على الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية وسلامة الغذاء. في هذا المقال العلمي سنستعرض بعض جوانب تلك التأثيرات وانعكاساتها على الثروة الحيوانية وسلامة الغذاء.

أولا: التغيرات المناخية وآثارها على الثروة الحيوانية

• تأثير الارتفاع في درجات الحرارة:

يعد ارتفاع درجات الحرارة الناتج عن التغيرات المناخية من أكثر العوامل التي تؤثر على الثروة الحيوانية. تتأثر الحيوانات بشكل كبير بدرجات الحرارة المرتفعة ويمكن أن تتأثر انتاجية الحيوانات ومدلات نموها وكذلك كفاءة التمثيل الغذائي. كما قد تعاني الحيوانات من الإجهاد الحراري وتراجع نوعية الحياة عندما تصبح درجات الحرارة مرتفعة جداً.

• نقص المياه وانخفاض الإنتاجية:

تؤثر التغيرات المناخية على توزيع وتوافر المياه وتسبب نقصًا في الأمطار في بعض المناطق. يؤدي نقص المياه إلى الجفاف والذي بدوره يؤدي اللى نقص في العشب والغذاء المتاح للحيوانات الرعوية والثروة الحيوانية. يترتب على ذلك انخفاض في إنتاجية الماشية واضافة الى التأثيرات الصحية المتعددة لتلك الحيوانات تأثيرات سلبية على صحتها.

• انتشار الأمراض المعدية:

قد تسهم التغيرات المناخية في ارتفاع معدلات انتشار الأمراض المعدية بين الحيوانات. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي زيادة في درجات الحرارة إلى انتشار بعض الطفيليات والبكتيريا التي تسبب أمراضاً عند الحيوانات وبالتالي تؤثر على إنتاجيتها وسلامة الغذاء.

• ارتفاع في مستوى سطح البحر:

يُعد ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة ذوبان الجليد في القطبين بسبب التغيرات المناخية أحد التحديات الرئيسية. تؤدي هذه التغيرات إلى غمر المساحات الساحلية والمناطق الساحلية المنخفضة بالمياه المالحة. قد تتأثر المناطق الزراعية القريبة من السواحل وتكاثر الحيوانات البرية بشكل كبير، مما يؤثر على الثروة الحيوانية وتوافر الغذاء.

• تغير معدلات هطول الأمطار:

تؤثر التغيرات المناخية أيضًا على نمط هطول الأمطار وتوزيعها على مستوى العالم. قد يتسبب ذلك في جفاف مناطق تاريخية كانت تُعتبر مزارع خصبة. هذا يؤدي إلى نقص في توافر المراعي والعشب الطبيعي الذي يُعتمد عليه لتغذية الثروة الحيوانية.

• التغيرات في البيئة البيولوجية للفصائل الحيوانية:

تتسبب التغيرات المناخية أيضًا في انقراض بعض السلالات الحيوانية بسبب فقدان الموطن الطبيعي والبيئة الملائمة لنمو للحيوانات ونقص المصادر الغذائية الطبيعية. هذا يؤدي إلى انقراض بعض الكائنات الحيوانية وتهديد استدامة النظم البيئية.

• تأثير الفيضانات والجفاف:

تؤدي التغيرات المناخية إلى زيادة في حدوث الفيضانات والجفاف في بعض المناطق. يمكن أن تؤدي الفيضانات إلى خسائر في الحيوانات وتدمير الموارد الطبيعية المتاحة للثروة الحيوانية بينما يؤدي الجفاف إلى نقص في المياه والعشب وتأثيرات على التكاثر والإنتاجية.

2- تأثير التغيرات المناخية على سلامة الغذاء:

• تغير نوعية الأغذية:

قد تؤثر التغيرات المناخية على نوعية الأغذية وجودتها. يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة والفيضانات إلى تلف الأغذية بسرعة وتزيد من فرص نمو البكتيريا الضارة والتي تنتقل عن طريق الغذاء وكذلك السموم الميكروبية مسببة مخاطر على صحة المستهلك.

• تلوث مصادر المياه:

تلوث مصادر المياه العذبة يُمكن أن يؤدي إلى تلوث الغذاء المنتج في هذه المناطق وزيادة خطر انتقال الأمراض المنقولة بالغذاء.

• زيادة معدلات انتشار الأمراض المنقولة بالغذاء:

قد تزيد التغيرات المناخية من انتشار بعض مسببات الأمراض المنقولة بالغذاء. فتكاثر البكتيريا والفطريات الضارة في ظروف مناخية معينة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالأمراض ومنها التسممات الغذائية وكذلك قد تحدث اضطرابات بالقناه الهضمية للإنسان اضافة الى امكانية حدوث اسهالات وقيئ عند استهلاك الأغذية الملوثة.

• تأثير التغيرات المناخية على موارد الغذاء (الأمن الغذائي):

تؤثر التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة إلى نقص في المياه الجوفية  وبالتالي تؤثر على إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية وهذا يؤدي إلى نقص في موارد الغذاء المتاحة. يمكن أن يؤدي النقص في الموارد إلى زيادة في أسعار الأغذية وصعوبة الوصول إلى الغذاء السليم.

مما سبق يتضح لنا التأثيرات السلبية العديدة للتغيرات المناخية على الثروة الحيوانية وسلامة الغذاء. يتطلب مواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي التعاون والجهود المشتركة لتنفيذ استراتيجيات مستدامة للتكيف مع التغيرات المناخية وحماية الثروة الحيوانية وضمان سلامة الغذاء لجميع للأجيال الحالية والمستقبلية. كما يجب على متخذي القرار ومؤسسات المجتمع المدني والقطاعات ذات الصلة أن تعمل معًا للتصدي لتحديات التغير المناخي من خلال تبني إجراءات مستدامة والعمل على تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وحماية البيئة والنظم البيولوجية