الأخبارحوارات و مقالات

د سالي عشري تكتب: ماهي جدوي حفظ الأغذية بالتعقيم علي البارد؟

باحث صحة الأغذية – معهد بحوث الصحة الحيوانيه (فرع اللإسكندرية) – مركز البحوث الزراعية

يحتاج العالم الان الى تجربة أنواع جديدة فى التعقيم للمواد الغذائية بديلا للمواد الحافظة التى اثبتت فى كثير من الأبحاث تأثيرها السلبى على الصحة العامة للناس .

ونحتاج فى الطرق الجديدة أن تكون قادرة على القضاء على الميكروبات والجراثيم المختلفة بدون تأثير على جودة المادة الغذائية . و سنوضح فى هذا المقال بعض الطرق التى اثبتت الدراسات والابحاث صحتها مع ذكر بعض خصائصها .

أولا- الاشعة المتأينة (Ionizing radiation):-

تستخدم الأشعة المتأينة Ionizing radiation في مجال حفظ الأغذية وتنقسم الي نوعين :

1) الأشعة الاليكترونية ذات الطاقة العالية High energy electron beam :

عبارة عن موجات من الاليكترونات ناتجة من تحطيم الذرة بتقنيات خاصة وهذه الاليكترونات تحمل شحنات سالبة وتقوم هذه التقنيات او الأجهزة بزيادة سرعتها الي  اقصي درجة وبالتالي تزداد طاقتها ومن امثلتها اشعة بيتا واشعة الكاثود.

هذه الاشعة لها تأثير قاتل علي الاحياء الدقيقة غير ان استخدامها في مجال حفظ الأغذية محدود نظرا لضعف قدرتها علي اختراق وتخلل المادة الغذائية فمثلا الاليكترونات التي يصل محتواها من الطاقة 3 مليون الكترون فولت تتخلل فقط لمسافة لا تزيد عن 2.5 سم داخل المادة الغذائية وبالتالي لا تكون ذات كفاءة في التأثير علي البكتريا الموجودة بالغذاء.

2) الأشعة الكهرومغناطيسية Electromagnetic radiationذات التردد العالى :

تنتج هذه الاشعة من انحلال النظائر المشعة مثل الكوبلت – 60 ( Co60 ) الذي يمكن الحصول عليه بواسطة تشعيع معدن الكوبلت في المفاعلات النووية وكذلك السيزيوم 137 اللذان يعتبران نواتج انشطار عناصر الوقود المستخدم في المفاعلات النووية. من امثلة هذه الاشعة اشعة اكس واشعة جاما.

هذه الاشعة ايضا لها تأثير قاتل علي الأحياء الدقيقة كما ان لها القدرة علي تخلل المادة الغذائية لمسافة اعمق مقارنة بالاشعة الاليكترونية ذات الطاقة العالية، وبالتالي فإن الاشعة الكهرومغناطيسية استخدمت في مجال حفظ الأغذية لسهولة الحصول علي النظائر المشعة وبتكلفة اقل مما هو الحال في النوع الاول خاصة وان بعضها يعتبر من النواتج الثانوية للمحطات النووية مثل السيزيوم.

انواع المعاملات الاشعاعية المطبقة علي الأغذية:

1) Radoappertization : معاملة تؤدي الي تعقيم المادة الغذائية حيث انها تقضي علي كامل الاحياء الدقيقة الموجودة بالغذاء وهي تعادل المعاملة الحرارية المستخدمة في حفظ الأغذية بالتعليب حيث يتم خفض اعداد بكتريا  Clostridium botulinum بمقدار-12 10وهذا يعني ان كل 10000 بليون جرثومة بكتيرية لا يتبقي منها سوي جرثومة واحدة نتيجة هذه المعاملة. وهذا ما يسمي بالتعقيم علي البارد Cold sterilization .

2) Radurization : يطلق هذا المصطلح علي المعاملة الإشعاعية التي تؤدي الي اختزال عدد الأحياء الدقيقة الموجودة في الغذاء الي الحد الذي يؤدي الي اطالة فترة الصلاحية وهي تقارب في تأثيرها عملية البسترة والجرعة المستخدمة تصل الي عدة مئات من الكيلوراد، الا انه يتطلب تخزين الأغذية المعاملة بهذه الطريقة علي درجات حرارة منخفضة بحيث يمكن التحكم في نمو الأحياء الدقيقة التي تقاوم تأثير الجرعات المستخدمة خاصة وان بعض سلالات بكتريا التسمم الغذائى تستطيع ان تنمو عند درجة حرارة 10 م او اقل.

3) Radicidation : تستخدم هذه المعاملة الإشعاعية بهذف القضاء علي ميكروب مرضي معين مثل السالمونيللا، وبالتالي فالهدف من هذه المعاملة ليس الحفظ او اطالة فترة الحفظ وإنما هو القضاء علي الميكروبات الممرضة.

تطبيقات اخري للمعاملات الإشعاعية:-

  1. القضاء علي البكتريا والاعفان.
  2. القضاء علي الحشرات والآفات في الحبوب والتوابل والفواكه والخضروات والأسماك.
  3. ايقاف الانبات في درنات البطاطس والبصل.
  4. القضاء علي الطفيليات في اللحوم مثل يرقات (Trichinosis ).

 

ثانيا –تكنولوجيا حفظ الأغـذية بالتشعيع – فـوائـدها ومـزايـاهــا:-

تعريف حفظ الأغذية بالأشعاع:  هي تعريض المادة الغذائية إلى أحد مصادر الطاقة الإشعاعية ، إما من خلال نظائر مشعة أو من أجهزة تنتج كميات محكمة من أشعة الإلكترون أو الأشعة السينية والتي تعمل على امتصاص الغذاء لجرعة محددة وفعالة بهدف حفظ الغذاء وتقليل الفاقد وإطالة فترة صلاحية الغذاء بالقضاء على مسببات الفساد والتلف.

وتتميز طريقة الحفظ بالإشعاع بكونها سريعة وقليلة النفقات ولا تسبب أي اثر ضار للإنسان كل ذلك بدون رفع درجة حرارة الغذاء ولهذا السبب يطلق عليه بالتعقيم البارد.

ويعمل الأشعاع على تدمير خلايا البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى الملوثة للغذاء فعند مرور الإشعاع ونفاذه فانه يعمل على تأين وتهيج ذرات المادة وينتج عن ذلك عملية تبديل وتحوير تسبب في تكوين جزيئات كبيرة قاتلة داخل خلايا البكتريا والكائنات الحية الأخرى مما يتسبب في تحطيمها . ويكون تأثيره على التغيرات الكيميائية قليلا و لا يتسبب تأين وتهيج بعض ذرات مكونات الغذاء اكتسابها مواد مشعة.

وبصفة عامة تنقسم طريقة المعاملة بالاشعاع إلى طريقتين رئيسيتين:

الأولى : البسترة وتجري باستخدام الجرعات المنخفضة من الاشعاع الذري لتاخير الفاسد في بعض الاغذية الطازجة السريعة التلف مثل الاسماك والقشريات والدواجن وتخفيض اعداد الاحياء الدقيقة في البهارات والقضاء على بعــض البكتــيـريا ( مثل السالمونيلا ) والطفيليات واطالة فترة صلاحية الفواكه مثل الفراولة بتاخير نمو الفطريات .
الثانيةً: التعقيم وهذه تتطلب استخدام جرعات مرتفعه للقضاء على كافة الاحياء الدقيقة الموجودة في الغذاء للحد من الاصابات الحشرية باستخدام جرعات منخفضه من التشعيع لقتل الحشرات في الحبوب والاغذية المخزنة الاخرى مثل التمور وبالامكان إحلال التشعيع لقتل الحشرات بدلاً من المواد الكيميائية المبخرة مثل ايثيلين ثنائي البروميد والذي يسبب تلوث بيئي واضراراً على طبقة الاوزن.

تـكنولوجيا الحفظ بالتشعيع على المستوى الدولي حيث أصبحت في الوقت الحالي مستخدمة في أكثر من أربعين دولة في العالم . فعلى سبيل المثال أجازت الولايات المتحدة الامريكية تشعيع الدواجن المبردة واللحوم المبردة وبعض الفواكه والبهارات ، وأجازت فرنسا تشعيع الدواجن المبردة والجمبري والبهارات واجازت إندونيسيا تشعيع البهارات والأرز وأجازت اليابان تشعيع البطاطس ، كما أجازت بعض الدول العربية ومنها سوريا والجزائر تشعيع الدواجن والبطاطس والبهارات وتنص تشريعات الاغذية في بعض هذه الدول على وضع علامة في بطاقة المنتج تدل على تشعيع الغذاء.

وقد أهتمت بموضوع تشعيع الاغذية عدة منظمات دولية كاللجنة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الصحة العالمية والمركز الدولي لتقنية تشعيع الاغذية بهولندا والمجموعة الاستشارية الدولية لتشعيع الاغذية والاتحادات والجمعيات الخاصة بالمستهلكين ، وخلصت لجنة دستور الاغذية (الكودكس) إلى ان الاغذية المشععه تعتبر امنة كما خلصت لجنة خبراء سلامة الاغذية والتغذية التابعة لمعهد تقنية الاغذية والذي يعتبر المؤسسة الرئيسية في مجال علوم الاغذية بامريكا إلى القول ( ان تشعيع الاغذية يعتبر امناً وقد يفيد المستهلك في الحصول على اغذية عالية الجودة)

الفرق بين تكنولوجيا التشعيع والتلوث الاشعاعي:

هناك التباس لدى المستهلكين بشأن التفرقة بين تكنولوجيا تشعيع الاغذية بغرض حفظها والتلوث الإشعاعي وقد يكون سبب ذلك إلى الكوارث النووية التي نشأت بسبب الحروب او نتيجة للانفجارات النووية كما هو الحال في حادثة تشيرنوبل 1986 فالأغذية النشطة إشعاعيا هي الاغذية التي تعرضت للتلوث الإشعاعي بصورة عرضية مثل حوادث المفاعلات النووية وهذا النوع من التلوث غير مرغوب فيه وليس له علاقة بتشعيع الاغذية .

الجرعة الاشعاعية: وهى كمية الطاقة الاشعاعية الممتصة بواسطة الغذاء المعرض للمعالجة بالتشعيع ويجب ان يكون الحد الادنى للجرعة الممتصة لتشعيع أي غذاء كافية بحيث يتحقق من خلاله الغرض التقني وان يكون الحــد الاعلـى للجرعة الممتصة اقل من تلك التي تحدث تأثيرات عكسية على مكونات المادة الغذائية و خصائصها ، وعادة تقاس الجرعة الاشعاعية بالكيلوجراي وهي وحدة لقياس الاشعة المؤينة في الغذاء المشعع ، وقد تغير مفهوم علاقة الجرعات الاشعاعية المستخدمة لسلامة الغذاء بعد ان كان الحد الاقصى المسموح به للاستخدام 10 كيلوجراي في عام 1980 والتى اقرتها المنظمات والهيئات الدولية المعنية بسلامة وجودة الغذاء من خلال المعالجة بالتشعيع عدم الحاجة إلى وضع حدود على الجرعات القصوى من وجهة نظر سلامة الغذاء حيث ان الخواص الحسية للغذاء والمعالجة الجيدة هي العامل المحدد لتقنين الجرعات المستخدمة وبصفة عامة يجب استخدام التشعيع عند الحاجة الضرورية فقط والتي تتطلب هذه التقنية او عندما تكون هناك حاجة تتطلبها صحة الغذاء و الا تستخدم كبديل عن الممارسات الجيدة للتصنيع وان يكون الغذاء ومواد التعبئة ذات جودة ملائمة وفي حالة صحية مقبولة ومناسبة لهذا الغرض.

ولا تؤدي وحدات التشعيع إلى مخاطر توثر على المجتمع المحيط بها ولكن يجب بالتأكيد انشاء وحدات تشعيع الاغذية بطريقة تضمن عملها بصورة جيدة مع مراعاة الاحتياطات الواجب توافرها عند الإنشاء والتشغيل.

واما من ناحية الكشف عن الاشعاع فيجب التأكيد على ان استخدام الجرعات المسموح بها من التشعيع يؤدي إلى تغيرات فيزئائية وكيمائية في الاغذية ولكنها تغيرات طفيفة وغير مرتبطة بالتشعيع وتشابه تلك التي تحدث من المعاملات المختلفة التي تجرى على الغذاء مثل طرق الحفظ الاخرى ، كما أنه يعد امراً مرغوباً للمستهلك والجهات الرقابية وللمصنعين اللذين يستخدمون هذه التقنية ، حيث ان الاغذية المشععه في الدول التي تسمح لذلك تباع بأسعار أعلى من نظيراتها غير المشععه وهى عادة تتميز بصفات جيدة مثل خلوها من السالمونيلا وزيادة فترة صلاحيتها وقد يحاول بعض التجار خداع المستهلك بعرض أغذية غير مشععة ويدعى انها عوملت بالتشعيع . وهناك عدة طرق مختلفة للكشف عن الأغذية المشععة تشمل الطرق الفيزيائية وطرق تعتمد على الخواص الكيمائية والطرق الحيوية.

سلامة الأغذية المشععة:

إن طبيعة الأشعة المستخدمة في تكنولوجيا التشعيع بهدف حفظ الأغذية لا تتسبب في اكتساب الأغذية المعرضة لها ظاهرة إشعاعية أو استحداث مواد مشععة فيها، كما أن طاقة المنابع المستعملة مثل كوبلت 60 غير كافية لتكوين نظائر في الغذاء.

ولا تحتوي الأغذية المشععة على مواد ضارة أو خطرة بسبب التغيرات الحسية أو الطبيعية أو الكيميائية الناتجة عن الشقوق الحرة المتكونة من التشعيع، والتي تشابه تأثيرات المعاملة الحرارية للأغذية (إذا استخدمت بالطبع الجرعة الإشعاعية المناسبة والمصدر الإشعاعي المناسب). كما أن التأثير على القيمة الغذائية مثل فقد بعض الفيتامينات نتيجة للتشعيع يقارب الفواقد في الطرق التقليدية الأخرى.

الفارق بين الاغذية المشعة irradiated foods والمشععة ‘المعالجة بالاشعاع‘ radiation processed foods   فالأولي ملوثة بعناصر مشعة وهي بالتالي قاتلة ويحدث ذلك نتيجة انفجار مفاعل نووي مثلما حدث عام 1986 في تشيرنوبيل. وتقوم هيئة الطاقة الذرية بالكشف عن أي أغذية مستوردة عبر الموانيء المصرية للتأكد من خلوها من الاشعاع..

اما الغذاء المعالج بالاشعاع فيتم تعريضه لنوع معين من الاشعة هي غالبا ‘جاما’ وهي أشعة كهرومغناطيسية مثل الضوء العادي وذلك بجرعة وتحت ظروف معينة محكومة بهدف القضاء علي الميكروبات وقتل الحشرات في الحبوب والطفيليات في اللحوم. وهذا الاشعاع ليس له أدني خطورة علي الصحة كما انه يحفظ للغذاء طزاجته وقيمته الغذائية ولايؤثر علي خصائصه الكيميائية والطبيعية والفيزيائية وبذلك يحمي المستهلك من العدوي الميكروبية ومن الامراض والأوبئة التي تنتقل إليه عن طريق الاغذية الملوثة ويقلل من الخسائر الاقتصادية للفاقد في المنتجات. .ويلجأ الباحثون للحفظ بالاشعاع في حالتين الأولي عدم وجود طريقة تقليدية ملائمة للقضاء علي الميكروبات مع الحفاظ علي طزاجة الغذاء وذلك عند حفظ اللحوم والاسماك والدواجن الطازجة والخضراوات والفاكهة. والثانية عندما يفوق الحفوظ بالاشعاع الطرق التقليدية الأخري من حيث الجودة.

تأثير زيادة نسبة الأشعاع علي عناصر الغذاء

تأثير الاشعاع على البروتينات:

نكهة البروتينات تتأثر بالتعقيم البارد ويسبب الاشعاع تغير طبيعة البروتينات حيث تنفصل بعض الجزئيات وترتبط ببعض وقد يكون الاشعاع قوياً إلى حد ترسيبه للبروتين حيث يبدأ ترسيب البروتين بفتح السلسلة الببتيدية ثم ارتباط الجزئيات ببعضها ثم التجمع وأخيراً يحدث الترسيب.
ويسبب الاشعاع تغيراً في طعم اللبن حيث يكون مشابهاً للبن المحترق بالحرارة كذلك يسبب الاشعاع انخفاض كثافة بياض البيض بسبب اتلافه أو تأثيره في الأوفوميوسين لكنه يزيد كثافة الالبيومين في محلوله المائي. وجود حامض الاسكوربيك يخفض من تأثير الاشعاع على البروتينات.
تأثير الاشعاع على الفيتامينات:

تتلف بعض الفيتامينات وخصوصاً فيتامين K بتأثير الاشعاع بدرجة مماثلة للاتلاف بتأثير المعاملة الحرارية.

تأثير الاشعاع على الليبيدات:

يسبب الاشعاع اتلاف مضادات الأكسدة ويترتب على ذلك تكوين البيروكسيدات وظهور مركبات الكربونيل والاحماض

تأثير الاشعاع على الكربوهيدرات: –

يتسبب الاشعاع بتحلل النشأ معطيا مركبات وسطية ثم هكسوز ويتحلل البكتين وتتفكك الجزئيات المجتمعة ويصبح السليلوز قابلاً للذوبان.

ومن هنا يتضح لنا ان أختيار المستهلك لغذاءة لا يكون قاصر على  اختيار النوع والطعم ولكن ايضا مكونات هذا الغذاء وضمان جودته وامانه له ولافراد اسرته.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى