بحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د.محمود الطنيخى يكتب: رؤية حديثة للإستزراع السمكي في المياه الغذبة

أستاذ مساعد أمراض الأسماك

كليةالطب البيطرى – جامعة الإسكندرية

مع التوسع الذى تشهده مصر حاليا فى إستزراع أسماك المياه المالحة من أسماك الدينيس و القاروص و الجمبرى لا يجب أن نغفل وجود متطلبات الطبقة العظمى من المصريين فى إستهلاك أسماك المياه العذبة و أشهرها على الإطلاق البلطى و المبروك و القرموط و البياض و قشر البياض و البورى و ذلك لطعمها المستساغ و وفرتها و كذلك لرخص ثمنها مقارنة بأسماك المياه المالحة.

نحاول البحث في أعماق رؤية الإنتاج السمكي والثروة السمكية في مصر:

1- الإنتاج السمكي من المصايد: هو نشاط صائدى الأسماك من بحيرة السدالعالي وبحيرة مريوط والشواطئ الطويلة على الساحل الشمالي وكذلك شاطئ البحرالأحمر.

2- الإنتاج السمكي من المزارع السمكية: هونشاط آخذ فى الانتشار في الفترة الأخيرة حيث يتحقق فى استغلال المساحات المائية الشائعة غير المستغلة على سواحل البحار واستغلال الأراضي البور غير الصالحة للزراعة في الإنتاج السمكي واستزراع الأسماك وهى عملية تربية الأسماك في بيئة مائية محدودة وتحت سيطرة الإنسان من حيث نوع المياه ونوعية وكمية الغذاء للحصول على أكبر قدر من الإنتاج السمكي وبأقل تكاليف.

ويعطى الإنتاج السمكي حالياً عائداً يقدربحوالى (6 مليارات جنيه) كما تعلن مصادر هيئة الثروة السمكية، وتعد نسبة الـ 15% التى تمثلها الثروة السمكية من قيمة الإنتاج الحيواني مبنية على أساس الإنتاج البروتينى من اللحوم البيضاء. ويقدر الإنتاج المحلي من الأسماك بحوالى 407 ألف طن/سنوياً، 83% من هذه الكمية يتم اصطياده من المصادر الطبيعية ، 17% من المزارع السمكية.

و نظرا للتحديات الهائلة التى تواجه إستزراع أسماك المياه العذبة المتمثلة فى:

  1. مشكلة التلوث من القضايا الرئيسية التي تواجه تنمية استزراع الأسماك في مصر، فهي تؤثرعلى الإنتاج السمكي كماً ونوعاً،حيث تشير الأبحاث إلى تأثير مياه الصرف الزراعي نتيجة إلقاء 5.3 مليون طن من الأسمدة و20 ألف طن من المبيدات، إضافة إلى المُخلفات الصناعية وخلافه، وما يحدث من تسريب للمواد البترولية والتي تؤدي إلى نفوق أطنان من الأسماك.
  2. وتعد مسألة نقص الأعلاف بسبب ارتفاع أسعارها،من العوامل المؤثرة في عملية استزراع الأسماك،بسبب الاضطرار إلى استخدام أعلاف تقليدية من علف الماشية أو خلطات اجتهادية من قبل المزارع مما يؤدي إلى إنخفاض جودة الأسماك.
  3. إحدى صور تهديد التماسيح للأسماك وعلى جانب آخر يوجد بالسواحل الشمالية أسماك متوحشة تسمى “أرانب البحر” تهدد الثروة السمكية في مصر، لقيامها بالتهام كميات كبيرة من الأسماك التي تعيش وتتكاثر فى هذه المناطق مما يضر بالثروة السمكية، وكذلك التماسيح الموجودة في بحيرة ناصر والتي تستهلك أكثرمن 135 طناً من الأسماك يومياً، وتهدد حياة الصيادين.
  4. مشكة إنتاج الزريعة من الأسماك المختلفة و التى تعد من نواة الإستزراع السمكى
  5. عدم ربط الأبحاث العلمية الناتجة من الجامعات المختصة و المعاهد البحثية بالتطبيق الفعلى فى المزارع
  6. عدم الإعتماد على ذوى الخبرات العلمية و العملية معا فى تنمية و تطوير منظومة الإستزراع السمكى.
  7. وجود الأعداء الطبيعية الأسماك.

و للوصول إلى الحلول المثلى و تطبيقها:

المعامل المتخصصة و مصانع الأعلاف:

  • إنشاء المعامل المركزية لبحوث الثروة السمكية، بهدف إجراء البحوث التطبيقية والإرشاد والتدريب على أساس زيادة الإنتاج السمكي،ودراسة الاحتياجات الغذائية للأنواع المختلفة من الأسماك الاقتصادية في المزارع السمكية.

ولمعمل بحوث الثروة السمكية هدف آخر وهو إنتاج علائق مُتخصصة للأسماك باستخدام مكونات محلية غير تقليدية رخيصة الثمن، وتحديد كمية ونوعية الأغذية الإضافية المُكملة للغذاء الطبيعي بالأحواض بهدف تحسين معدل التول الغذائي للأسماك،والاستفادة من المخلفات النباتية والحيوانية كغذاء وكتسميد للمزارع السمكية، وانتاج سلالات مهجنة لأسماك ذات معدلات نمو أعلى وأكثر مقاومة للأمراض وتتلائم مع الظروف البيئية المصرية ونظم الاستزراع السمكي.

  • مشكلةارتفاعأسعارالأعلاف:

تغطي مصر مساحات كبيرة من المسطحات المائية والتي تصلح للاستزراع السمكي،ورغم أهمية الاستزراع السمكي في توفير الغذاء،ورفع معدلات استهلاك الفرد من البروتين الحيواني؛إلا أن هذا يواجه ببعض المعوقات التي من أهمها القصور في الموارد العلفية المتاحة وارتفاع أسعارها خلال الفترة القصيرة الماضية الأمر الذي أدي إلي أن بعض المربين يتوقف عن مجال تربية أسماك البلطي في المزارع،واتجه البعض الأخر إلي تربية الأسماك التي تعتمد في غذائها علي الغذاء الطبيعي مثل أسماك المبروك الفضي،والمبروك ذي الرأس الكبير،ونظرا لأن إنتاج الأسماك في المزارع السمكية يزداد بزيادة الأعلاف الصناعية التي تزيد من معدلات نمو الأسماك بالإضافة إلي أن تكلفة التغذية الصناعية وحدها تصل إلي أكثرمن 65% من إجمالي التكاليف الجارية في المزارع السمكية؛ فأن أفضل الوسائل لتقليل تكلفة إنتاج الأسماك يكمن في استبدال مكونات العلائق التقليدية، والمرتفعة الأسعار بمواد رخيصة يسهل الحصول عليها كالمواد العلفية غيرالتقليدية،والتي يمكن استخدامها في تغذية الأسماك،وكذلك فأن استغلال هذه المواد سوف يؤدى إلي انتشار المزارع السمكية، وإعادة تشغيل مزارع أسماك البلطي.

  • الأعداء الطبيعية في المزارع السمكية:

تسبب الأعداء الطبيعية للأسماك في المزارع الخسائركبيرة بداية من تحضين الزريعة،وأثناءموسم الاستزراع،ومن هذه الأعداء:

1- الطيور: التي تتغذى مباشرة علي صغار الأسماك،الأمرالذي يهدد المخزون السمكي في الأحواض،علاوةعلي نقلها للأمراض.

ولحل هذه المشكلة: يجب زيادة عمود الماء علي جوانب الحوض عن متر، والاستعانة بآلات تصدرالأصوات من حين لأخر فتهرب الطيور وتبتعد عن المزرعة، والعناية بالإشراف المستمرعلي الحضانات.

2-  الحشرات المائية: في أحواض التحضين والتي تتغذي مباشرة علي يرقات الأسماك وتسبب ضرراًبالغاً في المخزون السمكي بالحضانات.

3-  الضفادع والفئران: زيادة صغار الضفادع في الماء، وخاصة في أحواض التحضين تنافس صغار الأسماك في غذائها، وبالتالي تؤثر علي معدلات نموها، علاوة علي انتشار الأمراض من حوض لأخر،أما الفئران فأنها تؤثرعلي المخزون العلفى.

ولحل هذه المشكلة: يجب التخلص من الضفادع قبل وضع المياه في الأحواض والحضانات والأماكن المجاورة، وكذلك سد الجحور لعدم انتشارها بالإضافة إلي عمل المصائد للفئران في أماكن تخزين العلف بصفة مستمرة.

  • مشاكل خاصة بالزريعة

زريعة وإصبعيات الأسماك هي حجر الأساس في المزارع السمكية ،وعدم توفيرها بالإعداد اللازمة للاستزراع هو أهم أحد الأسباب في نجاح نشاط الاستزراع،وأهم مصادرالزريعة للاستزراع السمكيهو:

  • عن طريق المفرخات المياه العذبة فإن المشكلة الرئيسية والتي تواجه مستزرعي الأسماك هو المحافظة علي حياة الزريعة حتى الوصول إلي الأحواض وأقلمتها؛حتى لا تتعرض الزريعة إلي النفوق خلال هذه الفترة،والتي تعتبرمن أكثرالفترات الحرجة في حياة الأسماك. وكيفية التغلب عليها حيث يستخدم أسلوب بدائي كما أن القائمين علي عملية الصيد الغيرمدربين علي ذلك، أضف إلي هذا عمليات سرقة الزريعة بدون ترخيص من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، مما يتسبب فى ارتفاع نسبة الفاقد ،والحي منها يكون قد تعرض لعوامل الإجهاد المختلفة مما يؤدي إلي نفوقه.

لذلك: يجب تدريب هؤلاء العاملين علي الأساليب الحديثة، والعلمية لصيد وجمع تلك الزريعة، وأن يكون ذلك تحت الأشراف المباشر لهيئة الثروة السمكية وتجريم الصيد المخالف للزريعة،والهيئة العاملة لتنمية الثروة السمكية تعمل جاهدة علي توفير الزريعة اللازمة للمزارع السمكية إمام نخل المفرخاتها،أومن خلال تشجيع القطاع الخاص علي إنشاء المفرخات السمكية خاصة البحرية، حتى يتم توفير الزريعة اللازمة دون المساس بمحزونات الزريعة الطبيعية حماية لها من الفقد، وزيادة الإنتاج السمكي من مصادر الطبيعةمثل البحيرات.

  • المياه الملوثة:

يمكن إحصاءهذه المصادرفى الآتى:

  1. التلوث بمخلفات الصرف الصحى حيث تحتوى تلك المخلفات على ميكروبات التسمم الغذائى(سالمونيلا- شيجيلا والميكروب القولونى)، وهذه الميكروبات لها القدرة على التكاثر فى لحم الأسماك وغالبا لاتكون مصحوبة بأعراض ظاهرية.
  2. التلوث بالمعادن الثقيلة وأهمها الكادميوم والرصاص والزئبق وحسب المواصفات القياسية المصرية فإن الأسماك الطازجة والمجمدة يجب ألا تحتوى على أكثرمن 0.1 رصاص, 0.1 كادميوم بالميليجرام/ كجم بينما تكون خالية تماماً من الزئبق.
  3. التلوث بالمبيدات الحشرية مثل د.د.ت،داى ألدين،PCB،وتتلوث الأسماك بالمبيدات الحشرية التى تنزل مع ماء الصرف وتتركز فى الأعشاب البحرية والأحياء الدقيقة ومنها الأسماك بالإضافة إلى ما تأخذها لأسماك مباشرة من الماء وكلما ارتفعت نسبة الدهن فى السمك تزيد الفرصة فى تلوثها بنسبة أعلى من المبيدات الحشرية.

و للقضاء على تلك المشكلة لابد أن تتضافر جهود وزارة الزراعة مع وزارة الرى و وزارة البيئة لتقليل الصرف الصحى و الصناعى فى مصارف الصرف الزراعى التى تستخدم فى الإستزراع السمكى قانونا إجباريا حتى لا نقضى على الثرة السمكية و كذلك لا تؤثر على صحة الإنسان.

  • إسناد العمل لذوى العلم و الخبرة و ليس العلم أو الخبرة منفردا بالعمل و البحث و التوجيه فى مجال الثرة السمكية.

في وقت يشهد فيه العالم أزمة في الغذاء، وينتشر فيه مرض أنفلونزاالطيور،ووسط مخاوف من تسرب لحوم الخنازير إلى الأسواق وبيعها على أنها لحوم ماشية، تتجه الأنظار إلى الأسماك كبديل للدواجن واللحوم. و هو بديل مقبول من غالبية طوائف الشعب المصرى.

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى