الأخبارالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د طاهر صلاح يكتب : تطوير الزراعة المصرية يبدأ بـ”النانو تكنولوجي”

مدير مركز بحوث النانوتكنولوجي الجامعة البريطانية بمصر

بدأ البحث العلمي التطبيقى فى مجال النانوتكنولوجي فى بداية الثمانينيات واصبحت فى نمو مضطرد ليس له نظير حتى بلغت الاستثمارات العالمية الى اكثر من تريليون دولار، وتداخلت تطبيقاتها مع كل مجالات الحياة اليومية، وأصبح المواطن العادى فى معظم بلدان العالم على دراية بهذا العلم، وتطبيقات النانوتكنولوجى أضحت فى كافة المجالات مثل الطب والهندسة والاثار والصناعة والزراعة الى غير ذلك حتى اننا اصبحنا نستخدمها بشكل يومى بعلم او دون علم.

وتعتبر الزراعة فى اى دولة متقدمة هى عماد الحياة الاقتصادية واساس من اساسيات الامن القومى لتلك البلدان ايماناً بالمقولة المشهورة ” من امتلك قوته إمتلك حريته “.

وتحقق النانوتكنولوجى طفرة نوعية فى المجال الزراعى بكافة تخصصاته حيث ينقسم دورها الى قسمسن: اولا : ايجاد حلول جديدة للمشكلات التى تواجه الزراعة.

ثانياً : تطوير الاسس والتقنيات الزراعية لتحقيق معدلات انتاجية عالية تواكب الزيادة السكانية الكبيرة على مستوى العالم، ولا يقتصر الامر على البحث العلمى فقط بل امتد الى منتجات وحلول على ارض الواقع فى العديد من الدول المتقدمة.

وكانت بداية دخول النانوتكنولوجى لمصر فى بداية الالفيه الجديدة وكانت متمثلة فى محاولات فردية هنا وهناك لبعض العلماء والباحثين قد يكون الانجاز الواضح لجهود الباحثين خلال الفترة الماضية هو تثقيف المجتمع وتحقيق الرفاهية بهذه التكنولوجيا حيث اصبح معظم طوائف المجتمع حتى المواطن العادى على علم بالنانوتكنولوجى ويتابع اخبارها املا فى ان تجد له حل لمشكله ما.

وهذا النتيجة قد تكون مقبوله الى حد ما نظراً لما يعانيه المجتمع المصرى من تبعيات للتغيرات والتحديات التى واجهت مصر خلال السبع سنوات العجاف الماضية.

ومصر الان على اعتاب مرحلة تطور ونمو واعده وندعو الله عز وجل ان يجعل هذا العام امناً ورخاء وان يكون عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون. وحتى لا تضل النانوتكنولوجى الطريق خلال السنوات القادمة نقدم مقترح لخارطة طريق لتطوير الزراعة المصرية واضحة المعالم والاهداف ذات اليات تفعيل واقعية من حيث الامكانيات والتمويل فى فترة زمنية محددة ولا تقتصر اهدافها على البحث العلمى لمجرد الحصول على الشهادات والدرجات العلمية الوظيفية.

وتنقسم مجالات خارطة الطريق الى ثلاثة اقسام  اساسية وهى:

القسم الاول: يختص بإيجاد حلول نانوتكنولوجية فعلية منافسة للمشكلات التى تواجه الزراعة والفلاح وخصوصا تلك التى تثقل كاهل الاقتصاد المصرى والفلاح وتسبب زيادة فى الاسعار. وتعتبر المبيدات والاسمدة اهم هذه المشكلات لدرجة انها تستهلك ما يقرب من 80% من تكاليف انتاج المحصول، ناهيك عن الاضرار طويلة الامد على صحة الانسان و

الحيوان والبيئة والتى بدوها تكلف الدولة والمواطن ما يقرب من 40-60 % من الدخل.

القسم الثانى: استخدام تطبيقات النانوتكنولوجى لتطوير وزيادة الانتاجية لوحدة الارض والمياة والزمن والتكلفة، وذلك من خلال انتاج واستنباط سلالات واصناف نباتية ذات انتاجية عالية ومقاومة للامراض او توفر مياه حتى تتماشي والتغيرات المناخية .

القسم الثالث: يختص بتحويل هذه المشروعات والابحاث الى مصانع انتاجية شركات تسويق على المستوى المحلى والتصديرى وتعتبر هذه المرحلة اهم خطوة خارطة الطريق للنانوتكنولوجى والتى بدونها لن تتحقق اهدافها.

اما بالنسبة للمجالات المقترحة فى خارطة طريق النانوتكنولوجى للنهوض بالزراعة المصرية فقد تم تحديد ثلاثة مجالات كمرحلة اولية:

1- المبيدات النانومترية:

تستورد مصر سنويا كميات هائلة بمليارات الدولارات من انواع لا حصر لها من المبيدات لمكافحة الافات الزراعية لدرجة ان تجارة المبيدات اصبحت تنافس تجارة السلاح. ومشكلة المبيدات ليست فى الجانب الاقتصادى فقط وانها تزيد من تكلفة المحصول بل على الصحة العامة للانسان والحيوان والبيئة لانها وللاسف مواد فتاكة وقاتلة (مبيد) ولا يوجد احد الا وتعرض من خلال الاكل او الشرب للمبيدات. والنانوتكنولوجى تقدم العديد من الحلول رخيصة الثمن والذكية والفعالة والامنة على الصحة والبيئة تتوفر فيها الخواص الخمس وهى ( سعر منخفص –اقل تركيز – اطول مفعول – موجه – امن على البيئة).

تم تصنيع مبيدات نانومترية من عناصر طبيعية لا تسبب ضرر اذا تناوها الانسان مثل عنصر النحاس والسيليكا والزنك النانومترى والتى يستخدمها الانسان بشكل يومى دون ضرر.

والجدير بالذكر ان احدث الابحاث التى نقوم بها حاليا واثبتت نجاح كبير العمل على تصنيع مركب نانوى بديل للتعقيم بغاز بروميد الميثيل السام والممنوع عالميا، والذى يستخدم فى مصر لتعقيم الارض لزراعة الفراولة.

2- الاسمدة النانومترية

يعتقد الكثيرين ان مصر تعانى من نقص فى الاسمدة الزراعية مع ان الانتاج المحلى للاسمدة يزيد عن المطلوب بكميات تكفى للتصدير.

وفى الحقيقة ان تسميد الاراضى الزراعية تعتمد على العادات المتوارثة والثقافة الغير مبنية على اساس علمى والمتطلبات الفعلية حسب نوع الارض ومكنوناتها ونوع المحصول ومتطلباته هذا بالاضافة الى المتغيرات المناخية،حيث ان لدى المزارعين ثقافة انه كلما زادة كمية الاسمدة زادة الانتاجية، وهذه الثقافة ادت مع مرور الوقت الى تدهور كفاءة الارض الزرعية وبالتالى معدل الانتاجية للفدان هذا بالضافة الى زيادة معدلات ميبقيات الاسمدة فى الاغذية التى قد تؤدى الى اضرار على الصحة العامة.

وكان لزاماً على مركز البحوث الزراعية الجهة النوط بها دراسة المشكلات التى تواجه الفلاح من منظور علمى والاستفادة من التقنيات العلمية الحديثة كالنانوتكنولوجي اخذا فى الاعتبار ما تقوم به الدول المتقدمة بهذا الشأن.

وتم وضع مخطط بحثى لتخليق اسمدة نانومترية وعمل دراسات مقارنة مع الاسمدة العادية من حيث الكميات المستخدمة وطرق الاستخدام والكفاءة والتكلفة والاثار البيئية. وتم البدء بسماد الفوسفات حيث نجح الفريق البحثى  فى تصنيع مركب الفوسفات بالحجم النانوى ( جزء فى المليار من المتر) وعمل الدراسات والفحوصات العلمية الخاصة بالمواد النانومترية طبقاً للابحاث والدوريات العالمية هذا بالاضافة الى عمل تجارب حقلية اولية على بعض محاصيل الخضر والارز.

وجاءت النتائج المبدئية مبهره جداً و ومتشابهة مع نتائج الابحاث العالمية حيث تشير نتائج الابحاث العالمية الى ان كمية النانوفوسفات الازمة للفدان تترواح ما بين 2-6 كيلو جرام للفدان.

وتجدر الاشارة الى ان الفدان يستهلك ما بين 150 – 300 كيلو جرام للفدان من الفوسفات العادى . وهذه التجارب تفتح الباب لانتاج جيل جديد من الاسمدة الذكية. وتعتبر الاسمدة الذكية طفرة تكنولوجية نتمنى ان تكون مصر من اول الدول المنتجة لها وليس المستخدمة لها. والامر الاخر المهم فى هذه النوعية من الاسمدة الذكية ان معظمها يستخدم عن طريق الرش على الجزء الخضرى ولا تصل الى الارض وبالتالى لا تؤدى الى تدهور التربة او الاضرار بالبيئة هذا بالضافة الى ان الكمية المستخدمة محددة جدا بحيث لا يكون لهل متبقيات لا فى النبات ولا فى منتجاته.

اما بالنسبة الى التكلفة فهى اقل بنسبة تزيد عن 50% من تكلفىة الفوسفات العادى للفدان ومن المتوقع ان تقل التكلفة فى حال الانتاج على المستوى الصناعى. هذا بالضافة الى  تخليق اسمدة نوعية تعتبر هامة جداً للمحصول وتزيد من كفاءة معدلات التحول فى النبات مثل عنصر الكوبلت و الموليبدنم والحديد حيث يتم تصنيعهم باستخدام النانوتكنولوجى بهدف زيادة كفائتها.

3- معالجة مياه الصرف

تعتبر معالجة مياه الصرف بانواعة من اهم اهتمامات الدولة فى المرحلة القادمة نظراً لعدم كفاية الموارد المائية مع التوسع فى الرقعة الزراعية التى يتم العمل عليها الان. وتقدر متوسط كمية مياه الصرف بحوالى 13.4 مليار متر مكعب سنوياً اى ما يقرب من ربع حصة مثر السنوية من مياه النيل.

ومن هنا تأتى الاهمية القصوى لإجراء البحوث الازمة لتطوير طرق المعالجة بإستخدام النانوتكنولوجى كأحدث التقنيات العلمية لمعالجة مياه الصرف واعادة استخدامها وخصوصا فى الاغراض الزراعية .

وتم تقديم مقترح لانشاء محطات محمولة (متحركة ) لمعالجة مياه الصرف بها فلاتر مصنعة بتقنية النانوتكنولوجى، يهدف المشروع المقدم الى وضع حجر الاساس لبناء اول محطة متحركة معالجة مياه الصرف بأنواعة بإستخدام النانوتكنولوجي بخامات محلية وسواعد شبابية مصرية خالصة.

والمميز فى المشروع انه مكون من وحدات تحلية منفصلة حرة الحركة يتم تركيبها او ازالتها حسب نوعية مياه الصرف وحسب جودة المياه المطلوبة لإستخدام محدد، وهذا يقلل من التكلفة بشكل كبير، بالاضافة الى امكانية معالجة هذه الوحدات واعادة استخدامها مرات عديدة.

كما يقدم المشروع فى نهايته نموزج لمحطة معالجة متحركة لمياه الصرف متغيرة المراحل بداية من مرحلة واحدة الى ثلاثة مراحل حسب مواصفات المياه المطلوبة وحسب الاستخدام مما يوفر فى التكلفة ويسهل من عملية الصيانة والتشغيل، ويمكن بناء  هذا النموزج على مستوى اكبر ليتمكن من معالجة كميات مياه كبيرة فى اى مكان دون الحاجى الى تجهيزات معقدة ومكلفة.

والجدير بالذكر ان النموزج المقترح يعتمد على مرحلتين للمعالجة يتم بعدها الوصول بجودة المياه الى موصفات الاستخدام الزراعي والصناعى.

وتهدف المرحلة الاولى الى ازالة المواد الرسوبية والعالقة والتى تمثل ما يقرب من 80 % من ملوثات مياه الصرف وتشكل المرحلة الثانية مرحلة المعالجة المكثفة والتى يتم فيها ازالة المواد العضوية والعناصر الثقيلة الذائبة بالاضافة الى الميكروبات الملوثة.

ومقترح خارطة الطريق للنانوتكنولوجى ان يتم البدء قى المجالات الثلاثة بهدف انتاج وتصنيع فى المقام الاول وليس فقط ابحاث للنشر والترقية الوظيفية ولذلك لابد من ان يشارك القطاع الخاص ويأخذ بزمام المبادرة لما يمتلكه من امكانيات تسويقية ومرونة فى الاجراءات و سرعة فى الاداء وهذا ما تقوم به الجامعة البريطانية بمصر من انشاء اول مركز لبحوث النانوتكنولوجى فى جامعة خاصة بتكلفة كبيرة وتم تكليفه بالعمل على تطوير الزراعة المصرية بتقنيات النانو ونقل التكنولوجيا كأحد اهم المجالات البحثية للمركز. املا ان يتم توسيع هذه التجربة الى باقى القطاعات حتى نتحول من دوله مستهلكة الى دولة منتجة وتقليل الفجوة الاقتصادية وتحقيق معدلات تنموية عالية

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى