اخبار لايتالأخبارحوارات و مقالات

د محمود عبدالسميع يكتب: النحل والالغام والانتاج الزراعي 1-2

أستاذ الحشرات الإقتصادية وتربية نحل العسل
كلية الزراعة جامعة عين شمس
خبير نحل العسل للمنظمة العربية للتنمية الزراعية جامعة الدول العربية بالمملكة العربية السعودية سابقاً
يعرف أن الأرض تدور حول الشمس، والنحل له قدرة فائقة على تمييز الوقت ويملك حاسة شم تكشف الألغام، فضلا عن فوائد آخري، منها مزايا لا يدركها كثيرون، وهي انه يميز الوقت ويكشف الألغام:

  في الحشرات وخصوصاً الاجتماعية مثل النحل الذي درس العلماء سلوكه على مر العقود مع تقدم العلوم وعرف لها من الحواس حاسة اللمس والشم والتذوق. ومن خلال التجارب وجد أن النحلة تميز الألوان والربط بين الزهرة ولونها وبينت التجارب قدرة النحل على تميز الألوان الأقل مثل اللون الأحمر ثم تميز البرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي وهى أكثر قدرة من الإنسان على تميز اللون فوق البنفسجي، كما أن للنحل حاسة تمييز الوقت.
ومن الأبحاث المثيرة التي استخدم النحل فيها هي استخدامه في اكتشاف الألغام الأرضية، حيث أظهر نحل العسل قدرة كبيرة على شم الألغام الأرضية، مما يفتح أفاقا جديدة في الكشف عما يقدر بنحو 110 ملايين لغم أرضي قابل للانفجار في مناطق مختلفة من العالم وفقاً لباحثين بجامعة مونتانا، قام Jerry Bromenshenk and Joseph shaw) (خلال السنوات الثلاثين الماضية بدراسة النحل ككاشفات سكانية وبيئية واستنتجوا من خلال ذلك أن نحل العسل قد أثبت أنه سهل التدريب ومجد في العمل وأكثر دقة من الكلاب التي تقوم بالتعرف على الألغام عن طريق الشم.
أفاد برومنشينك: إن نحل العسل يتميز بحاسة شم عظيمة، والعيش في مجموعات كبيرة قد تصل إلى عدة آلاف في طائفة النحل الواحدة وسرعة أكبر في الانتشار على الأرض مقارنة بالكلاب، كما أفاد: إن النحل يستطيع تعلم مهمة جديدة في خلال بضعة أيام، وأضاف: (نعلم أن النحل يستطيع شم الروائح بمستوى لا يستطيعه الكلب، ومتى اشتم النحل رائحة ما قبل فإنه يستطيع أن يكون بذات مهارة الكلب في اكتشاف مصدرها، وربما فعل ذلك بشكل أفضل.
وأيضا أفاد الباحث كولين هندرستون: إن النحل ظل يقوم بالتعرف لعامين على ألغام أرضية غير حقيقية تماثل رائحتها رائحة الألغام الحقيقية وأضاف: إن النحل استطاع حتى الآن أن يحقق نتائج شبه دقيقة في اكتشاف الألغام، هذا وقد أفاد تقرير تقديرات الأمم المتحدة وجود نحو 110ملايين لغم أرضي مستتر على امتداد العالم وتتسبب هذه الألغام في مقتل أو بتر أعضاء (26000) شخص كل عام، حيث يمكن استخدام نحل العسل في الكشف على هذه الألغام كما يمكن تدريبه لاستخدامه في اكتشاف المفرقعات والمخدرات والأجسام المتحللة.
هذا ومن المعروف ان النحل يتعامل مع بعضه البعض بلغة قريبة من لغة الصم والبكم وهذا مايسمى بلغة التفاهم في النحل…فعندما تعود نحلة الحقل إلى خليتها محملة بالرحيق وحبوب اللقاح تؤدي رقصة خاصة على أحد الأقراص الشمعية فتسرع بعض الشغالات الأخرى بزيارة مصدر الغذاء وقد لاحظ (von Frisch) (الحائز على جائزة نوبل في مجال الفسيولوجي لأكتشافه لغة التفاهم في نحل العسل مناصفة مع زملاءه في مجال الطب عام 1973) أن النحل يتفاهم بالإشارة كما يفعل الصم والبكم.
إذا كان مصدر الغذاء قريباً من الخلية على بعد أقل من 100 متر تؤدي نحلة الحقل رقصة دائرية في حلقات أو شبه حلقات 2- 3 مرات إلى اليمين مثلا، ثم تعكس اتجاه دورانها 2-3 لفات في الاتجاه الأخر وبعدها تعيد اتجاهها الأول وهكذا ويعني ذلك أن النحل السارح يجب عليه البحث عن الغذاء حول الخلية، وإذا طالت المسافة عن 100 متر تقوم النحلة برقصة هز الذيل وفي هذه الحالة تقوم بنصف لفة إلى أحد الجانبين، تجري بعدها في خط مستقيم إلى نقطة البداية وهي تهز بطنها بسرعة إلى الجانبين ثم تعمل نصف لفة أخرى إلى الجانب الأخر وتعود في خط مستقيم إلى نقطة البداية وهكذا ترقص في شكل حرف 8 وكلما زاد طول الجرية المستقيمة وزاد عدد هزات البطن فيها وقل عدد اللفات في الوحدة الزمنية.
أما الاتجاه فينسبه النحل إلى موقع الشمس في السماء عن طريق انحراف اتجاه رقصاته على أقراص الخلية عن الخط الراسي وعلى ذلك فعلى مدار النهار يغير النحل اتجاه رقصاته التي تشير إلى نفس الموقع سواء كان مسكناً أو مصدراً للطعام، كأنه يعلم أن الشمس ثابتة في مكانها إلى أعلى وأن الأرض هي التي تدور حول نفسها مما يؤدي إلى زيادة استمرار انحراف موقعها بالنسبة للشمس.
والنحل يشعر بمرور الزمن تبعاً للعلاقة بين سرعة هضم غذائه وبين دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس، بالتجربة عرف أن النحل يحدد موقع الشمس بدون أن يراها بل وبدون وجودها بالمرة في نفس المنطقة أي في أثناء الليل، وإذا هبت ريح قوية أثناء طيران النحلة في طريقها إلى مصدر الغذاء أو عائدة منه فإنها في الحال تحور اتجاهها وسرعتها في عكس اتجاه الريح بقدر يتناسب بالضبط مع قوة هذه الريح بحيث لا تضل هدفها كما تفعل الأجهزة الموجهة للصواريخ أثناء الحرب.
 وتعتبر مهنة تربية نحل العسل أحد المشاريع الزراعية الهامة، ونحل العسل حشرات اجتماعية تعيش في طوائف على أعلى مستويات الحياة التعاونية يؤدي فيها كل فرد عمله بإخلاص غريزي موروث، وقد يضحي بحياته في سبيل الدفاع عن خليته.
وفي العصر الإسلامي أصبح للنحل ومنتجاته مكانة عالية بعد أن نزلت في القرآن الكريم سورة سميت بسورة النحل إذ قال عنه الله سبحانه وتعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ {68} ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {69} سورة النحل.
ويرجع الاهتمام بصناعة تربية نحل العسل لما له من أهمية اقتصادية كبيرة يمكن أن نوجزها في بعض النقاط التالية:
– لاتحتاج مهنة تربية النحل مبالغ كبيرة لإنشائها مقارنة بالمشاريع الزراعية الأخرى.
– دورة رأس المال في النحل سريعة جدا…اذ يمكن البدء في المشروع وتغطية تكاليف إنتاجه في نفس العام بل يمكن في موسم واحد فقط من مواسم إنتاج العسل.
– ينتج النحل العسل والغذاء الملكي والشمع وحبوب اللقاح والبروبوليس (العكبر) وسم النحل وكلها تفيد في علاج كثير من الأمراض التي انتشرت في العصر الحديث.
– يعود على النحال الماهر مبالغ طائلة من تقسيم وبيع الطرود وتربية وبيع الملكات.
– يسهم النحل في زيادة كمية الإنتاج للمحاصيل الزراعية وتحسين نوعيتها نتيجة لتأثير النحل في تلقيح الأزهار، حيث أكدت بعض الدراسات أن نحل العسل يزيد كمية وجود المحاصيل بنسبة قد تصل بين 40% – 50% على بعض المحاصيل.
– يساهم النحل في حل مشكلة البطالة، حيث إن مهنة تربية النحل يسهل تعلمها ويمكن لجميع الأعمار ممارسة هذه المهنة بسهولة ويسر.
هذا ويعد العسل في مقدمة الأغذية الكاملة التي اعتمد عليها الإنسان في تغذيته منذ أقدم العصور وأشاد بمزاياها وفوائدها، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم ومن قبل في الأديان السماوية السابقة، حيث ورد ذكره في التوراة في عهد النبي يعقوب عليه السلام، حين سافر أولاده للمرة الثانية إلى مصر إذ نصحهم بتقديم قدر من العسل إلى فرعون مصر كهدية من شعب إسرائيل.
فسبحان من علمه،،،،،

اجري توداي على اخبار جوجل

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى