الأخبارحوارات و مقالات

دفتر أحوال يوسف والي… عندما يبكي أقوي الرجال

 مصادفة كنت أجلس في أحد الاماكن، وسط تجمع لعدد من أطباء الصحة العامة، تحدثوا بإسهاب عن مكارم الدكتور يوسف والي، نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة الاسبق، مستنكرين بعض الاصوات المهاجمة للوزير الاسبق والتي تتنافي مع طبيعته المتميزة بطيبة القلب، والثقة التي كان يوليها في القيادات التي يختارها ويدفعها لاحتلال مراكز قيادية في العمل الوزاري، إعتمادا علي تحليل للجوانب الايجابية للأشخاص وتنحية الجوانب السلبية التي يمنحها دائما صفرا، رغم ان هذه القيادات قد تستغل الثقة في مخالفة أهداف وزير الزراعة الاسبق في خدمة الفلاح والقطاع الزراعي.

وتدخل أحد الاطباء لكي يسرد قصصا من حياة الدكتور يوسف والي دون أن يذكره أحد الاصدقاء من هؤلاء الاطباء بأن بين الجلوس أحد الصحفيين، فيما بدأ في سرد قصة أعتبرها من دفتر أحوال الدكتور يوسف والي، تكشف عن جوانب شخصية تؤكد برائته من روايات “ملفقة” للتاثير من شعبيته التي إحتلتها في قلوب الفلاحين والبسطاء من العاملين بالوزارة، وقال الطبيب:” أهم ما يميز يوسف والي إنه الوزير الوحيد الذي كان يمنح حقوقا للفلاحين بالدخول إلي مكتبه بدون “أحم أو دستور”، معتبرا عن خادما لهم أن دوره هو حل مشاكلهم اليومية والشخصية.

وإستكمل الطبيب شهادته:” في ليلة خريفية، من عام 1994 ، بينما كنت أعمل في مستشفي الزراعيين، تم إستدعائي في أمر عاجل لمقابلة الدكتور يوسف والي، وعند إبلاغي تليفونيا بهذا الامر لم أصدق نفسي، وأسررت في نفسي كلمة وهي انني ربما أرتكبت جرما وسوف أعقاب فورا، خاصة ان الإستدعاء تم علي أساس المقابلة بالبالطو وملابس غرفة العمليات والتي خرجت منها للتو بعد إجراء أحدي الجراحات، وما أن وصلت إلي مكتب الوزير الاسبق حيث كانت تسبق دقات قلبي وقع أقدامي التي تسارعت وتباطئت، حتي كدت ان أشعر بأن نهايتي قد إقتربت وانني لا محالة سأكون مطرودا إلي غير رجعة من مستشفي الزراعيين وأبدأ رحلة البحث عن عمل جديد رغم أنني كنت في مقتبل حياتي المهنية.

كانت مخاوفي المتزايدة بأن طلب يوسف والي، قد يكون ممهورا بفصلي من العمل لجرم إرتكبه وربما لا أعرفه، ولكن كان لافتا إلي هذه أحد صفات يوسف والي في ملاحقة المخطئين، طالما تأكد من جريمتهم، وعموما ما إن دخلت إلي قاعة المكتب الرئيس للوزير، وجدته جالسا وبدت عليه علامات الجديه والتحذير والتشديد، وقال: يا دكتور تعرف الدكتورالبرقوقي ” مؤسس قسم البساتين وعميد “زراعة الأزهر” السابق”، إنه إستاذي، ويسكن في شارع السد العالي، وعليك أن تسرع إليه فورا، لفحصه طبيا، لأنه يتالم، وهو إستاذي.

وهنا بدأت إستعيد قواي، مسرعا صوب العنوان المقصود، ولسان حالي: ياسلام لو تجري الفحوص للدكتور البرقوقي وربنا يكرمه ويشفي من مرضه…أكيد ان الوزير سيمنحي إستقرارا وظيفيا، أو علاوة أو مكافاة، وما أن وصلت شقة الدكتور البرقوقي، حتي وجدت الاسرة تبكي والنساء تولول، فعادت صدمتي، ثم تابعت: هو فيه أيه..هو مات…سيبوني اقوم بالكشف عليه…وما أن تأكدت من وفاته حتي زادت صدمتي، ولا أدري ماذا أقول عندما يسألني الدكتور يوسف والي عن أخبار أستاذه، وحاولت ان أبحث عن مخرج مستعينا بمدير مكتبه في ذلك الوقت الاستاذ محمد عبدالمنعم وهو بالمعاش حاليا، ولكنه تركني أمام تيار يوسف والي لكي أنقل له خبر الوفاة.

عموما عدت مرة آخري إلي مكتب الوزير الاسبق، أقدم خطوة واؤخر آخري، وتمساكت حتي دخلت إلي القاعة الرئيسية لمكتب الدكتور يوسف والي، وبدا واجما كثيرا، وهو ما زاد مخاوفي من رد الفعلي، وسارع الوزير ليسألني: ايه أخبار صحة الدكتور البرقوقي..حاولت أن اتماسك وتلعثمت مفرداتي ثم قلت: البقاء لله… ولم أكن أصدق رد الفعل غير المتوقع.. وجدته يبكي ودموعه تفيض علي وجنتيه… الله يرحمك يادكتور برقوقي، ثم طلب مني نقله إلي المستشفي، حتي يخرج جثمانه منها إلي مسجد علي ابو طالب ثم إلي مثواه الاخير… هذا هو يوسف والي!

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى