الأخبارالصحة و البيئةالمياهالنيلامراضصحةمصر

عصام الشيخ يكتب: مفاجأة السودان والدوران للخلف والوجه الآخر لكورونا

إستكمالا لمقال الاسبوع الماضي والمتعلق بفيروس “الكورونا واشياء اخري” نتواصل لرصد كيف استطاعت مصر ان تتعامل بوعي مع تلك الازمة ولكن قبل الخوض في الرصد لابد من القاء بعضا من الضوء علي حوار نشر لاحد الخبراء السودانيين بجريدة سودانيه واسعه الانتشار  ،وعضو اللجنة الدولية لتقييم سد النهضة ويشير فيه بوضوح دون لبس حجم الاخطار التي يتعرض لها السودان نتيجه عدم الاتفاق بين الدول الثلاث بشان قواعد التخزين والتشغيل ..

– يقول المهندس خالد دياب قبل البدء فى تشيد سد النهضة كونت اثيوبيا لجنة استشارية من بيوتات خبرة كبيرة منها Scott willson ، وبيوت خبرة كندية وامريكية كلهم لديهم خبرات واسعة فى الدراسات على النيل والهدف لعمل دراسة cascade لمجموعة السدود المقترحة داخل اثيوبيا على النيل الازرق والاحجام المناسبة المقترح،واوضحت انسب حجم لسد النهضة لتوليد كهرباء اقتصادى ،وتكاليف تجعل الفايدة اكبر وتواصل فى السدود الاخرى ،كان حجم السد35 مليار م٣ اوضحت بان 74 مليارم٣ غير اقتصادى.

–  اثيوبيا ايضا تجاهلت كل الدراسات السابقة التى تضمن لاثيوبيا كهرباء وتحافظ انسياب المياه بطريقة سلسة دون تاثير على دول المصب ،وهذه الدراسات بدات منذ ستينات القرن الماضى دراسات أمريكية بتخزين إحدى عشر مليارم3، وتجدد مع ENTro  في عام  ٢٠٠٧ لإمكانية رفع التخزين داخل الاخدود الى ستة عشر مليارم3 وتوليد كهرباء مناسب.

–  يقول الخبير فيما يتعلق بتلك الاثار “انه حتى هذه اللحظة اثيوبيا ليست لديها برنامج واضح لتشغيل السد وتمرير كميات مياه خلف السد ولاتريد الالتزام ، كما لم يلتزم حتى الان فى “سد تكزى” على نهر ستيت.. يريد تشغيل السد على حسب حاجته ، وهذا ضرر واضح خاصة السودان سدودنا بحجمها الصغير تحتاج للتشغيل اللحظى لكى تفى بالاحتياجات المائية للمشاريع والكهرباء والاغراض الاخرى واذا لم يكن هنالك برنامج واضح يقلل مضار انسياب المياه سوف نعيش فى جفاف وسوف لن نتمكن من تشغيل السدود  وهذا عمل كبير ومهم ينبنى عليه كل برنامج مشاريعنا القايمة والمستقبلية”

–  يؤكد انه تم عمل تقرير بالملاحظات لجنة الخبراء ورفع التقرير بالمطلوب عمله الى الشركة المنفذة واهمها ترسيب الصخور والنظافة والحشو في السد الرئيسيmain dam” “اما” السد السروجي ” فوجد الاساسات غير ثابتة وصخور هشه يجب ازالتها و بالتالي تصل الى اعماق اكثر من45م ولم توجد صخور ثابتة وفى المنتصف توجد كهوف اخطر من التربة لأنك لا تعرف مداها واختلف الخبراء هل توجد فوالق ام لكنهم اكدوا وجود كهوف في موقع السد…

–  ايضا معاملة اثيوبيا مع اساسات “السد السروجي “بعد الذهاب لأعماق بعيدة بل استعمل التكنلوجيا لعمل نظام الحقن  حتى الارض الثابتة وفى منطقة الكهوف استعمل plastic sheet cutoff wall بالإضافة للحقن..العيب الثاني في السد السروجى لا توجد ابواب سطح لتمرير الفائض بل توجد فتحة بطول اكثر من كلم على الجهة اليمنى وتفرق فالسهل بدون اي حماية للسد، ويمكن يحصل انهيار من الناحية الخلفية .

–  لمعرفة الاضرار اذا حصل انهيار لا قدر الله يفترض عمل نماذج رياضيه ، لتوضيح الكميات المنسابة والسرعة والابعاد والإنشاءات المتأثرة اثيوبيا وعدت من البداية بانها ستقوم بهذا العمل ولم تلتزم حتى نهاية عمل اللجنة وتم ضمها في التقرير الختامي وحتى هذه اللحظة اثيوبيا لم تقم بهذا العمل ، وهذا ان دل على شيء يدل عل خطورة هذا السد اذا انهار على “السودان النيلي ” السلام لذا لا توجد أي تامين لان الاشراف على التنفيذ ضعيف،مع ملاحظة ان جميع سدودنا تقع على الانهار التي تنبع من اثيوبيا ماعدا سد جبل اولياء تقع على النيل الابيض وسد مروى على النيل الرئيسي ولكن معظم ايرادها من النيل الازرق،…

–  اثيوبيا قدرت كميات الاطماء المنجرفة من الهضبة تجاه البحيرة بحوالى270 مليون م3 وهذه الكمية يفترض يترسب منها 97% على حسابات اثيوبيا ولكن وجهة نظرهم الترسيب سيكون في نهاية البحيرة لان حجمها كبير 74 مليار م3 ، واستندوا في ذلك ان بحيرة السد العالي الترسيب داخل السودان ،وبعيد من السد نفسه ولكن الميلان في النيل يكاد يكون معدوم مقارنة بالميلان في بحيرة سد النهضة يقارن متر في كل كلم وهذا يعنى الترسيب سيكون امام السد داخل الاخدود وفى بحيرة السد السروجى،مما سيسبب مشاكل في التشغيل وتعطيل العمل وخاصة فعدم وجود فتحات كافية لتمرير المياه سيعانى السودان اولا ومصر ثانيا.

–  ان 90% من المشاكل  البيئيه والاجتماعية والاقتصادية تقع فى السودان وليست فى مصر او اثيوبيا لان اطول جزء فى النيل حوالى مايقارب 2000 كلم او اكثر اذا اخذنا الفروع داخل السودان ويعتمد السودان اعتماد كلى على مناسيب وايراد يومى للمياه عكس مصر الذى يعتمد على تخزين السد العالى ،ويتحكم فى التشغيل داخل مصر، كما يمارس ملايين البشر مهنة الزراعة اعتمادا على الفيضان الذى منبعه النيل الازرق،وهناك ملايين اشجار الفواكه و النخيل التى لاتروى الا فى مرحلة الشتول وبعدها تعتمد على المياه السطحية فى جوف الارض بالإضافة الي الغابات النيلية ،و تبلغ مساحتها اكثر من350الف فدان .

–  ايضا يعتمد اهل الشمال ابتداء من  الخرطوم حتى وادى حلفا على الفيضان التى تسقى السهول وتخصب التربة وتوفر المياه لمساحات يتراوح مابين 500 الف الى600 الف فدان كلها اراضى غنية ومنتجة لمحاصيل نقدية ، يضاف الي ذلك كماين الطوب على النيل الازرق يعتمد على الفيضان لملي الحفر فى اطراف النهر ،فى هذه الحالة سوف تنتهى كماين الطوب علما بان 85% من الطوب المنتج من النيل الازرق ، وتم حصرها مع وزارة المعادن على حسب التصاريح بكمية اكثر من مليار طوبة والعاملين حوالى300000 عامل كلهم سوف يشردوا ….

–  ومن قواعد البنك الدولي في مثل هذه النوعيه من المشروعات ان يكون هناك  لجنة دولية دائمة من خبراء لزيارة الموقع على الاقل كل 3 شهور لمراجعة التصاميم ،والعمل الإنشائي وعمل ملاحظات للمقاول والمستشار ولكن اثيوبيا لم تكون هذه اللجنه.

–  الطرف السودانى رغم قدراتهم العلمية العالية ولكن ليست لديهم خبرات فى مشاكل تشغيل الخزانات والمشاكل البيئية والاحتماعية، وهم نظريين اكثر من عمليين الى ذلك تجاهل خبراء القانون والعلوم الاجتماعيه فى اللجنة خطير،والاعتماد على راى واحد وعدم سماع الراى والتوجه السياسى غالب على الفنى والقانوني وتلك هي المشكلة.

–  كلمتك الاخيرة للشعب السوداني؟..كلمتى للشعب السودانى الله يكون فى عونكم مادام مسؤوليكم  السابقين والحاليين اثيوبين اكثر من الاثيوبيين ….

نعود الي الفوائد الايجابيه من ازمة “فيروس كورونا ”  التي يمكن التوسع في تنفيذها علي المدي البعيد انها كشفت اهميه الاستثمارات التي انفقتها الدوله ، فى تطوير وتحديث البنية التحتية للاتصالات وتطوير شبكات الاتصالات الأرضية والإنترنت، والتي بلغت نحو 30 مليار جنيه فى 2019 وساهمت في ورفع كفاءة الإنترنت ومضاعفة السرعات 6 مرات فى عام واحد، كما احتلت مصر المركز الثالث أفريقيا، من حيث سرعات الإنترنت بنهاية 2019، بعدما كانت بالمرتبة 43 على مستوى القارة، بالإضافة إلى وصول متوسط سرعات الإنترنت إلى 30 ميجابت/ث وفقا لتقرير Ookla  العالمى بعدما كانت تصل إلى 5.6 ميحابت/ث فى بداية العام الماضى،وهوما يشير الي قدرة الشبكه علي الصمود واستيعاب الأحمال وضغوط وكثافة الاستهلاك الحالى للعملاء أثناء  الازمة  والتى تستلزم تواجد المواطنين بالمنازل، وبالتالى مضاعفة حجم الاستهلاك.

ايضا زيادة اعتماد الحكومة بوزرائها علي تلك التكنولويجا  منها عقد رئيس الوزراء الدكتورمصطفي مدبولي  مؤتمرات “بالفيديو كونفرانس” مع المحافظين لمتابعه الموقف، واتخاذ القرارات المناسبه، وقيام بعض الوزراء مثل وزير الري بعقد اجتماع موسع مع قيادات الوزاره بمحافظات الجمهورية ال27  لمتابعه الاجراءات اللازمة استعدادا  لموسم السيول،وايضا موسم اقصي الاحتياجات المائيه للبلاد – كان قبلها اجتماع مع قيادات الهيئات والمصالح التابعه للوزاره.

ناهيك استخدام التكنولوجيا في التعليم بمراحله المختلفه،وكأن الرئيس السيسي والوزير الدكتور طارق شوقي وزير التعليم، توقعا ما قد يحدث باصرارهم علي تطوير التعليم واستخدام التكنولوجيا،ممثله في التابلت لطلاب المدارس،والذي اثار الكثير من الجدل ،وقد جاء وقتها كما يقول الجميع، وفي نفس الوقت القضاء علي مافيا الدروس الخصوصيه،وكذلك التوسع في مجال التعليم عن بعد بالمدارس والجامعات ، وهو ما يصب في النهاية في مصلحه المواطن علي المدي البعيد.

يضاف الي ذلك زيادة الاحساس بالمسئولية المجتمعيه،وانخفاض نسبة”النزعه الفردية” لدي معظم المواطنين ، ونظرية” انا وبعدي الطوفان “، والاهم من وجهه  نظري زيادة التفاعل، والثقه بين المواطن والحكومة ،وفي اعتقادي انها سوف تمثل نقطة تحول ايجابيه في مستقبل العلاقة بين الدوله باجهزتها والمواطن .

ايضا التوسع في استخدام التكنولوجيا في توفير الخدمات للمواطنيين من مرور وخلافه ، مما يتطلب في زيادة المخصصات الحكومية للتحول الرقمي لتقديم تلك الخدمات ، كذلك تطوير اداء البنوك لمزيد من الشفافيه،وتتبع عمليات غسيل الاموال مما يسهم في تقليل الفساد بنسبه كبيرة وتحقيقي مفهوم الشمول المالي علي ارض الواقع،كما يمكن اعتبار المرحلة الحالية لاستخدام تلك التكنولوجيات “مرحله تجريبيه” تستفيد منها كافه اجهزة الدوله لتطوير الاداء الحكومي قبل الانتقال الي “العاصمة الادارية”.

يضاف الي ذلك زيادة قناعه المواطنيين باهميه الاستفادة الحقيقيه من تلك التقنيات المتاحه،وحسن ادارتها بدلا من سوء الاستخدام  لها ،والذي كان يعاني منه المجتمع بما تحققه من وفر في الوقت والجهد- اختفاء طوابير الخدمات – وتقليل الفساد .

ان امكانيه التوسع في عقد  اجتماعات “بالفيديو كونفرانس ” بين المسئولين بمختلف مستوياتهم يسهم في تقليل النفقات الحكومية الممثله في عقد اجتماعات مركزية، وانتقالهم من مواقع عملهم بالمحافظات الي مقر الاجتماع- خفض تكلفه الوقود وصيانه المركبات – وكذلك اختصار الوقت بما يصب ايضا في مصلحه المواطن، والدوله،  وفي اعتقادي ان هذا الاسلوب لابد من التوسع في تطبيقه عقب انتهاء ازمة الكورونا ليصبح اسلوب العمل الحكومي مستقبلا .

واخيرا كشفت الازمة اهمية الاعتماد علي الذات في مواجهه التحديات التي تواجه المجتمع ، وانه لابد عن اللحمة الوطنيه والتكافل والتكامل بين ابناء الشعب بطوائفهم ،وهي دعوة الرئيس السيسي  دائما في كافه تصريحاته.

خارج النص:

كسب المجتمع تحت ضغط فيروس كورونا ما كان يحتاج إلى سنوات للاقتناع به” اهمية التكنولوجيا “.. والمهم الاستمرارية في استخدامها ، ومن ثم يمكن اعتبارها مستقبل العمل في مصر.

[email protected]

المقال نقلا عن صحيفة الجمهورية المصرية

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى