الأخبارالصحة و البيئةامراضبحوث ومنظماتصحةمصر

د عاطف كامل: لماذا تعد الخفافيش “خزان الفيروسات” في العالم؟

رئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان- كلية الطب البيطرى- جامعة قناة السويس – وخبير التنوع البيولوجى ببرناماج الأمم المتحدة للتنميةUNDP

العديد من الخفافيش المنعزلة والليلية هي مصدر محتمل والمتهم الرئيسى فى إنتشار فيروس كورونا التاجي. ومع ذلك، يتفق بعض العلماء على أنها ليست المسؤولة عن نقل المرض في واقع الحياة الذي يقوم الإنسان بتغير أسلوبه بشكل يومي فيها.

نحن نعيش في أوقات استثنائية فقبل إنتشارفيروس كورونا، كانت حرائق غابات الأمازون، وسماء أستراليا المسدودة بدخان حرائق الغابات التي بدت كأنها تبتلع نهج الحياة. والآن جائحة كورونا والتى تمزق معايير الحياة اليومية، التي ربما تكون ناجمة عن الاختيارات والسلوك البشري.

هل نشأ هذا الفيروس في الخفافيش؟

ليس من قبيل المصادفة أن معظم حالات تفشي الأمراض الفيروسية في السنوات الأخيرة مثل السارس وإيبولا، سببها الخفاش، ومن المحتمل أن يكون فيروس كورونا الجديد (2019 – nCoV) من نفس المصدر، وهو ما أثار تساؤلا حول أسباب قوة الخفاش كناقل لهذه الفيروسات الخطيرة.

دراسة جديدة لجامعة كاليفورنيا نشرت أول من أمس في دورية «إي لايف» أجابت عن هذا السؤال، حيث كشفت عن أن الخفاش لديه استجابة مناعية شديدة للفيروسات، تؤدي إلى تكاثرها بشكل أسرع، ولذلك عندما تنتقل إلى الثدييات ذات الأجهزة المناعية المتوسطة مثل البشر، فإنها تسبب مشاكل قاتلة.

وتبين خلال الدراسة، أن بعض الخفافيش، بما في ذلك تلك المعروفة بأنها المصدر الأصلي للعدوى البشرية، لديها أجهزة مناعة تستعد دائماً لتركيب دفاعات ضد الفيروسات، وتؤدي العدوى الفيروسية في هذه الخفافيش إلى استجابة سريعة تؤدي إلى خروج الفيروس من الخلايا، وفي حين أن هذا قد يحمي الخفافيش من الإصابة بأحمال فيروسية عالية، إلا أنه يشجع هذه الفيروسات على التكاثر بسرعة أكبر داخل الثدييات الأخرى التي ينتقل لها الفيروس من الخفاش، قبل أن يتم تثبيت دفاعات ضدها.

وتقول كارا بروك، المؤلفة الرئيسية بالدراسة في تقرير نشره موقع جامعة كاليفورنيا الإلكتروني بالتزامن مع نشرها: «هذا يجعل الخفافيش مستودعاً فريداً للفيروسات سريعة التكاثر والقابلة للانتقال، وفي حين أن الخفافيش يمكنها تحمل فيروسات مثل هذه، فإنها عندما تنتقل إلى حيوانات تفتقر إلى نظام مناعي سريع الاستجابة، تتغلب الفيروسات بسرعة على مضيفيها الجدد، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات».

وتضيف أن امتلاك الخفافيش هذه المقدرة يمنحها عمرا أطول بكثير من غيرها من الثدييات من نفس الحجم، فبعض الخفافيش يمكن أن يعيش 40 سنة، في حين أن القوارض من نفس الحجم قد يعيش عامين.

وتشير إلى أن إحدى الخدع الأساسية في الكثير من الأجهزة المناعية للخفافيش، تتمثل في إطلاق جزيء يسمى (interferon – alpha)، والذي يُخبر خلايا جسمه «بإدارة محطات القتال» قبل أن يغزو الفيروس.

وتقول بروك: «عندما يكون لدى الخفاش استجابة مناعية أعلى، فإنه يحصل على خلايا محمية من العدوى، وبالتالي يمكن للفيروس زيادة معدل التكاثر دون التسبب في ضرر له، ولكن عندما ينتقل إلى الإنسان، الذي ليس لديه هذه الآلية المضادة للفيروسات، يمكن أن يحدث له الكثير من الأمراض».

وبالطبع، الخفافيش ليست الحيوانات الوحيدة التي تنقل الأمراض إلى البشر عبر وسيط حيوانى، إذ انتقل الطاعون بواسطة القوارض، وانتشر فيروس نقص المناعة البشرية بسبب القردة، وأن الكثير من فيروسات الخفافيش تقفز إلى البشر عبر وسيط فالسارس انتقل إلى البشر من خلال حيوان زباد النخيل الآسيوي، وفيروس ميرس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية عبر الجمال، والإيبولا عن طريق الخفافيش والشمبانزي، ومع ذلك، تظل هذه الفيروسات شديدة الخطورة ومميتة عند القفز النهائي إلى البشر..

ولا يزال الجدل دائرا حاليا حول كيفية انتقال فيروس كورونا الجديد COVID-19 من خفافيش حدوة الفرس الصينية إلى البشر هل مباشرة، أو عبر وسيط هو الأفعى الصينية أو آكل النمل الحرشفي.

صورة خفاش حدوة الحصان Horseshoe bat أو Rhinolophus affinis هو أحد أنواع الخفافيش المنتشرة في معظم أنحاء ومناطق جنوب آسيا، وفي مناطق جنوب ووسط الصين، وفي جنوب شرق آسيا.

وذكرأندرو كننغهام أستاذ علم أوبئة الحياة البرية في جمعية علوم الحيوان في لندن: نعتقد أن تأثير الإجهاد على الخفافيش سيكون نفس تأثيره على الثدييات الأخرى، بما في ذلك البشر.ويشير الخبراء إلى شحن الخفافيش بالقرب من حيوانات أخرى في ما يسمى بالأسواق الرطبة في الصين، ويعتقد أن هذا المركز في ووهان هو بؤرة الزلزال، حيث تنقل الحيوانات البرية المجهدة الأمراض بسهولة إلى بعضها البعض ثم منها إلى البشر. ويطلق عليه النقل الحيواني، أو النقل غير المباشر. وغالبًا ما تكون الأسباب الكامنة وراء انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ من الخفافيش أو من الأنواع البرية الأخرى في الواقع نتيجة لسلوكيات بشرية، وأنشطة بشرية تسبب ذلك. وأضاف العلماء أن الخفافيش هي الثدييات الوحيدة التي يمكنها الطيران، مما يسمح لها بالانتشار بأعداد كبيرة على مساحة واسعة، ما يعني أنها يمكن أن تأوي عدداً كبيراً من الأمراض أو مسبباتها، موضحين أن الطيران يتطلب من الخفافيش قدراً هائلاً من النشاط، ما يجعل أجهزتهم المناعية قوية للغاية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى