الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د إسماعيل عبدالجليل : هذا الرجل علمنى  !…عن تحرير سيناء أحدثكم

فى مشوار حياتى اعتز بأكثر من ثلاثين عاما قضيتها باحثا فى كنوز سيناء بين وديانها وسهولها وجبالها شمالا وجنوبا حتى تحقق لى حلم حصاد ماتعلمت بمشروع انشاء بنك للجينات النباتيه بمدينه الشيخ زويد الباسله التى تبعد عن العريش بحوالى 30 كيلومترا و16 اخرى من رفح  وتمتاز بموقعا جغرافيا استراتيجيا عبقريا على البحر المتوسط  وهو سر استهدافها الحالى من الجماعات الارهابيه . ينسب اسم المدينه لأحد صحابة النبي الذى توفى  ودفن بها اثناء الفتح الإسلامي تحت راية القائد عمرو بن العاص.

بدأ الحلم عام 1994 حينما توليت مسئوليه انشاء محطه للبحوث والارشاد على مساحه عشرين فدانا تقريبا لحفظ كنوز سيناء من الموارد الوراثيه النباتيه الطبيعيه والتى تمثل نصف ثروه مصر منها اى حوالى 1250 نوعا بين الشائع والنادر والشديد الندره والمنقرض وبدء تنفيذ الحلم بمهمه للخارج  استغرقت حوالى شهرا للأطلاع على بنوك الجينات فى المانيا وايطاليا وهولندا وامريكا حاملا معى كاميرا فيديو لتصويرادق تفاصيل مشاهداتى من مرافق البنوك بشكل اثار الريبه والشكوك حول مهمتى  فى بنك كولورادو بأمريكا من واقع متابعه كاميرات المراقبه لى وانا التقط افلاما لمسارات توصيلات الاجهزه ومقابض الابواب !! فأستدعانى مدير البنك الامريكى الجنسيه والالمانى الاصل متسائلا عن سر تجاوزى المصرح به وهو التدريب لمده اسبوعين الى التجسس على تفاصيل المقر !! وفوجئت بما لم اتوقع وهو تحمس المدير لحلمى وتعاطفه معى الى حد مصاحبتى لمكتبه البنك لأطلاعى على كتالوجات ضخمه تضم الرسومات الهندسيه لكل دقائق مكوناته حتى المفروشات والموبيليا !! واعادوا لى صلاحيه الباسورد لفتح كل الابواب !!.

المهم عدت للشيخ زويد مشحونا بمعلومات وطموحات لاحدود لها تحولت تدريجيا الى واقع بفضل اياد مخلصه عديده امتدت لمساعدتى واذكر منهما المرحومان بأذن الله نبيل المويلحى وكان مشرفا على مركز الصحراء آنذاك و جورج عياد وكان المدير الاقليمى للمعهد الدولى للموارد الوراثيه النباتيه بحلب .

المهم انتهى المشوار الطويل بأنشاء البنك والبدء فى تشغيله ولا زالت طموحات كثيره مما شاهدت فى امريكا لم تتحقق وبالأخص ما يتعلق منها بنظام الامن والانذار المكون من كاميرات مراقبه متصله بالمخابرات المركزيه CIA والمباحث الفيدراليه FBI فقررت اللجوء الى دفتر ببوابه المقر الخارجيه لتسجيل اسماء الزائرين وارقام بطاقاتهم الشخصيه ومحل اقامتهم . وبعد ايام قليله لاحظت انقطاع الزيارات التى اعتدتها من بدو الشيخ زويد وماحولها وهم المصادرالتى شاركت فى تزويدنا بمعلومات وخبرات فطريه غير موثقه فى المراجع العلميه وتفوق قيمتها كنوز الدنيا !!. اثار الامر حزنى فسألت خفير الموقع وشريكى الشيخ سلمان السيناوى الاصل ( ثمانين عاما آنذاك )عن سر مقاطعه الناس لنا ؟؟ فأبتسم وهو يصارحنى كعادته بما لايصارحنى به غيره قائلا ” يادكتور انت بتفهم فى العلم بس ينقصك خبره اهم وهى خبره التكيف مع ماحولك .. يا دكتور الدفتر بتاعك ده ماينفعش هنا ..احنا ناس بندخل اى مكان بتحيه الاسلام ” السلامو عليكم ” وهى تصريح يمنح الامن والطمائنينه للزائر والمزار !!. ورفعت فورا دفتر الزيارات لأستعيد موده ودفء العلاقه مع اهل سيناء .

كان هذا هو الدرس الذى تعلمته من الشيخ سلمان ولا زال راسخا فى عقلى وقبى منذ الحوار اى منذ ربع قرن ودفعنى الى الاصرار على وضع صورته على جميع المطبوعات التى تم توزيعها فى حفل تكريمى بروما بمناسبه حصولى على لقب حارس التنوع الحيوى بحوض المتوسط لعام 2009 تكريما لذكرى الشيخ سلمان الذى رحل عن الدنيا قبلها وترك لى ميراثا هائلا من الدروس التى تعلمتها من حكمته .

تذكرت درس الشيخ سلمان وانا اتابع الحوارعن اقتباس نموذج المعجزات الاقتصاديه التى تحققت فى سنغافور وهونج كون والصين على ارض سيناء وهو حلم وطنى مشروع شرط استبدال كلمه ” الاقتباس” بأخرى وهى “الاقتناء ” بالدروس المستفاده منها التى تناسب خصوصيه سيناء وفى مقدمتها التركيبه السكانيه لسيناء التى تمثل بدورها نموذجا للمجتمع البدوي بكل خصائصه من العادات والتقاليد حيث تدار كثير من امور الحياه اليوميه بالعرف القبلي، والقضاء العرفي والشرعي عبر مجموعة من الوجهاء ورجال الدين والمشايخ، والقضاة من من يحظون باحترام وثقة أهلها من أبناء القبائل ولايعنى ذلك بالتأكيد اى تعارض مع القوانين المدنيه ولكن يجب مع مراعاته فى وضع السياسات بالمشاركه الفاعله لكل اطياف المجتمع السيناوى وبالأخص فى سياسات تملك وحيازه الاراضى الزراعيه التى لا تتوافق مع التركيبه السكانيه لأسباب كثيره .

لن تنهض سيناء زراعيا بالنظم الحاليه فى الملكيه والتصرف فى الاراضى واذكر واقعه تبرهن على الفارق بين رؤيه الامس واليوم حينما انفرد اللواء منير شاش محافظ شمال سيناء آنذاك بالرئيس حسنى مبارك اثناء زيارته للعريش والتمس تيسير ملكيه الاراضى الزراعيه لأهل سيناء فوافق على الفور بطرحها بأسعار زهيده مما اسفر عن استصلاح واستزراع اكثر من 185 الف فدانا خلال شهور قليله تدفقت منها الفاكهه والخضر المبكره الى الدلتا عبر كوبرى السلام لأسواق القناه والقاهرة.

اما اليوم فأن الامر تحول للتجاره فى الاراضى من خلال التزايد على السعر الى حد المبالغه فى المزاد الاخير ببير العبد حينما وصل سعر الفدان الى 285 الف جنيها بدون مياه رى ولا طرق مما يثير الشبهه نحو نوايا الاستخدام قبل عائد البيع !!.

اؤكد ايضا من واقع اجتماع شاركت به فى امانه وزاره الدفاع عام 2012 برئاسه قياده عسكريه كبيره خبيره بموضوع استخدامات الاراضى بعدم صحه مايشاع بتعارض الزمامات المخصصه للتنميه الزراعيه فى سيناء مع الاراضى المخصصه لضرورات الامن القومى والتى -على ما أذكر- لاتتجاوز 12 % من اجمالى مايتاح حاليا بنظام حق الانتفاع وهو مايجب الاقلاع عن ترديده فى دهاليز وزاره الزراعه وغيرها كمبرر للنظم المتبعه حاليا لأكتناز ايرادات على حساب تنميه حقيقيه .

واخيرا لا اريد افساد فرحه الاحتفال بعيد سيناء بسرد مواجع كثيره تعوق التنميه الزراعيه بها بالرغم من توفر الاراده السياسيه الحاليه بقياده الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى لا يتردد فى اتخاذ القرارات الصعبه الشافيه حال امانه العرض عليه بالحقائق القائمه على المنهج العلمى بعيدا عن التهوين او التهويل .

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى