الأخبارالانتاجالصحة و البيئةامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتصحة

د سمر قاسم تكتب: الكركومين بديلا للمضادات الحيوية… ثورة التكنولوجيا الخضراء (2)

باحث قسم البيوتكنولوجي معهد بحوث الصحة الحيوانية -مركز البحوث الزراعية – مصر

الكركومين هو مادة طبيعية ذات لون أصفر برتقالي ويعتبر المكوّن الأساسي في عشب الكركم يتكون من ثنائي أريل الهبتانويد، وهي فصيلة من الفينولات الطبيعية، مسؤولة عن اللون الأصفر في بعض النباتات.يوجد المركب بعدة أشكال منها الشكل الكيتوني وشكلي الإينولي ويعد الشكل الإينولي الأكثر ثباتاً من حيث مستوي الطاقة ويتواجد في الحالة الصلبة والسائلة ويتم استخلاصه و صناعته من الجذر الأرضي لنبات الكركم.

وتعتبر مادة الكركومين المهمة مكون أساسي من مكونات الكركم حيث ان كل كيلو من الكركم يحتوي علي 10 جرام من الكركومين، حيث أنها تتميز بخصائص بيولوجية متنوعة، وذلك جعله يستخدم في نظام الأيروفيدا الطبي منذ امد طويل وهو نظام طبي تقليدي هندي ويوصي بأهمية وتنوع فوائد الكركم الصحية والاعشاب الطبية، وتتضمن فوائده الصحية مكافحة الأمراض المزمنة والالتهابات و العديد من الأمراض كما يستخدم كمكون غذائي طبيعي حيث يتفاعل الكركومين مع حمض البوريك ليشكل مركب أحمر اللون يسمى روزوسيانين وذلك كملوّن وله رقم إي E100 .

يوجد اكثر من الفين دراسة والعديد من الابحاث تتناول دور الكركومين كمضاد للبكتيريا ومضادات الاكسدة والالتهابات وتحسين وظائف الكبد وعملية الهضم ووظائف القلب.

تواجه مضادات البكتيريا والمضادات الحيوية المتعارف عليها العديد من العيوب تبدا من الاثار الجانبية الناتجة عن زيادة الجرعة او عدم الالتزام بها مما يؤدي الي حدوث مقاومة من البكتيريا خاصة البكتيريا التي تهاجم الجهاز الهضمي مثل الاي كولاي والسالمونيلا والتي تسبب النزلات المعوية.

وياتي دور تكنولوجيا النانو في ايجاد حلول فعالة ومبتكرة للتغلب علي هذه المشكلات. عند تحويل مادة الكركومين الي نانوكركومين يضاف الي خصائصها صغر الحجم، زيادة مساحة السطح، شحنات كهربائية علي السطح وغيرها من الخصائص التي تعظم الاستفادة من استخدامه بالمقارنة بحجمها بالمايكرومتر.

يستطيع النانوكركومين الالتصاق بجدار البكتيريا ومنع دخول المواد الغذائية اللازمة لنمو البكتيريا وتسبب تصلب في ذلك الجدار ويؤدي الي موت البكتيريا ومن الاليات الاخري التي تعمل بها مادة النانوكركومين كمضاد للبكتيريا انها تستطيع النفاذ من جدار الخلية الي داخلها وتحفيز ذرات الاكسجين النشطة داخل الخلية ويدمر الميتوكوندريا او مصنع الطاقة داخل الخلية مما يؤدي الي انفجار الخلية وموت البكتيريا. تعد فاعلية النانوكركومين كمضاد للبكتيريا امنة ولا يضر بالجسم عند زيادة الجرعة حيث ان جرعة المواد النانومترية ستكون اقل كثيرا من المادة في حجم المايكرومتر.

ومن التطبيقات الواعدة للنانوكركومين هي امكانية استخدامه كعلاج فعال لسرطان القاولون وهناك دراسات عديدة ذكرت قدرته علي المرور بفاعلية في الجهاز الهضمي دون التاثر بحامضية المعدة والتقليل من نمو الخلايا السرطانية الموجودة بالقاولون مما يعد نافذة امل لمرضي سرطان القاولون.

عندما تجتمع خصائص مضادات الاكسدة مع مضادات الالتهاب بمادة واحدة فمن الممكن تطبيقها علي نطاق واسع. استشهدت دراسات عديدة باستخدام النانوكركومين كمضاد التهاب لقدرته علي تثبيط الوسائط الكيميائية المسببة للالتهاب والسيطرة علي انتشار الالتهاب داخل الانسجة ومن ثم تم تصنيع مستحضرات طبية علي شكل مراهم موضعية من مادة النانوكركومين لاستخدامها كمضادات التهاب للجلد موضعيا.

بالاضافة الي قدرة النانوكركومين علي استخدامه كمضادات الالتهاب فقد تم استخدامه كمسكنات للالم والتخفيف من حدة التهاب والالم الناتج عن الالتهاب خاصة التهاب المفاصل والعظام، اما بالنسبة الي خصائص تلك المواد كمضادات للأكسدة بصورة قوية حيث يساعد في حماية الكبد من التلف بالسموم، مما يعطي املا للأشخاص الذين يتناولون أدوية قوية من أجل السكر أو أمراض أخرى والتي قد تؤثر علي الكبد تاثيرا سلبيا مع الاستخدام على المدى البعيد.

لوحظ وجود علاقة بين النانوكركومين و عملية  تحسين هضم الطعام، وبفضل خصائصه المضادة للأكسدة والالتهابات والتي تجعله يساعد في عملية الهضم بشكل صحي فقد تم استخدامه النظام الطبي كعامل مساعد في علاج مشاكل الهضم، والآن بدأ الطب الحديث في دراسة كيف يساعد الكركم في علاج التهابات المعدة التي تعد من أهم المشكلات التي تعوق عملية الهضم.

أمراض القلب تعد من أخطر الامراض في العالم، ولقد شغل ذلك المرض الباحثين لعقود طويلة لمعرفة أبعاد ذلك المرض بصورة كاملة، ولقد أتضح أن أمراض القلب معقدة ويوجد العديد من العوامل التي تساهم في احتمالية حدوثها، والكوركمين يستطيع التقليل من  الإصابة بأمراض القلب، وربما الفائدة الرئيسية للكوركمين عندما يتعلق الأمر بأمراض القلب هي تحسين وظيفة البطانة الوعائية للأوعية الدموية لانها تساهم في منع تنظيم ضغط الدم والجلطات الدموية وغيرها من مسببات ذالك المرض.

يعد مرض الزهايمر من أكثر الأمراض العصبية شيوعا في العالم، وتكمن خطورته في عدم وجود علاج فعال حتى الآن لذلك المرض الخبيث، ومع ذلك فإن عملية منعه من الظهور تعد من الاولويات مقارنة بالعلاج ، وربما يوجد أخبار جيدة في الأفق لتلك المواد التي تمتلك خصائص مضادات الاكسدة ولها قدرة فعالة على عبور حاجز الدم في الدماغ و الكركومين احد هذه المواد ، ومن المعروف أن التهابات وأضرار التأكسد تلعب دورًا فعال في الإصابة بمرض الزهايمر. بالإضافة إلى ذلك فإن واحدة من أهم العوامل الأساسية للإصابة بالزهايمر هي بناء ترسبات من البروتين تسمي لويحات نشوائية(Beta Amyloid)  ولقد أثبتت الدراسات قدرة الكركومين على إزالة تلك اللويحات.

تتجه ثورة التكنولوجيا الخضراء لاستخدام مواد طبيعية وتحويلها الي مواد نانومترية والاستفادة من خصائصها ولكن في حجم المواد النانومترية وخاصة اقل من 100 نانوميتر حتي يتسني لها الارتباط باكبر عدد ممكن من الخلايا المصابة او الخلايا البكتيرية ومن ثم فتعد ثورة تكنولوجيا النانو الخضراء باستخدام مواد طبيعية وتحويلها من المايكرومتر الي النانومتر صيحة جديدة في المجال الطبي وامل جديد ضد الامراض التي عجزت الادوية التقليدية عن ايجاد حلول لها سواء منعها من الحدوث او علاجها علي المدي الطويل.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى