الأخبارالاقتصادالانتاجبحوث ومنظماتمصر

د اسماعيل عبد الجليل يكتب : يوسف والى وخصوصيه عشرين عاما فى عصر مبارك

الرئيس انور السادات كان محبا للدكتور محمود داوود لكونه منوفى الموطن وليبرالى الهويه وبرزت موهبته السياسيه أثناء زيارته الرسميه الاولى والاخيره لأسرائيل وتعليقاته الذكيه على تصريحات نظيره الاسرائيلى شارون اثناء المؤتمر الصحفى بالقاهره التى دفعت السادات حينذاك الى الاتصال بداوود تليفونيا ليشكره ويهنئه على ذكاءه السياسى .

من هنا حظى داوود رحمه الله عليه بثقة الرئيس السادات الذى لم يتردد فى الاستجابه لحضور حفل زفاف كريمة الدكتور داوود والتوقيع على عقد الزواج كوكيل للعروس .

العلاقه الخاصه بين داوود والسادات انتقلت الى النائب حسنى مبارك الذى كان يستمد انطباعاته الشخصيه من درجة علاقة السادات بمن حوله وهو سر ثقه مبارك فى تزكية داوود ليوسف والى خلفا له بالرغم من توقعه بعدم توافق الترشيح مع هوى رئيس الحكومه الدكتور محيى الدين الذى رضخ فى اللحظات الاخيره الى تعليمات مبارك والتقى المرشح الاخير فى ذيل القائمه يوسف امين والى لمده خمس دقائق ليكلفه بما هو كاره له من سلفه داوود !!!.

حاول الرئيس مبارك بما تعلمه من الدهاء السياسى للسادات ان يرسل رسائل تلغرافيه لرئيس الحكومه برضاءه عن التوجهات الليبراليه لداوود وخلفه بموافقته على استقبال أعظم خبراء الزراعه الامريكان بصحبه “والى” بعد أيام قليله من تعيينه وزيرا لينقل التليفزيون اللقاء فى صدر النشره الاخباريه بشكل غير معتاد !!.

رسالة مبارك “الشفريه” الاولى لم تحظ  بتحليل ذكى من رئيس الحكومه آنذاك وكان مغزاها أن رئيس الجمهوريه مبارك ليبرالى الهويه وكاره للقيود الحكوميه البيروقراطيه فى إداره الاقتصاد ولذا فإن تحرير قطاع الزراعه يعد هدفا وطنيا يتجاوز الرؤيه الشخصيه لوزيرى الدوله للزراعه والامن الغذائى  داوود ووالى  !! .

دعم مبارك المبكر لتوجهات “والى” الليبراليه ضاعفت حماسه لوزير الزراعة الاسبق بحشد مجموعه من أفضل خبراء مصر الزراعيين حوله واذكر منهم الدكتور عثمان الخولى والدكتور احمد الجويلى والدكتور حسن خضر والدكتور ابراهيم صديق والدكتور عادل البلتاجى والدكتور محمود البرقوقى والدكتور ممدوح شرف الدين وبكير عطيفه وحسن الحموى و..و..أسماء يصعب حصرها لعمالقه حصلوا على الدكتوراه من اعظم جامعات امريكا واوربا واجتمعوا على هدف وطنى واحد وهو الرد على التوقعات المتشائمه  ” لتقرير يورك الامريكى ” بأن مصر على وشك الهبوط فى فجوه غذائيه عميقه مع الزياده السكانيه المتصاعده ومحدوديه الارض الزراعيه المتاحه مما يستلزم تحقيق معجزه فى مضاعفه الانتاجيه من المحاصيل الغذائيه الرئيسبه .

من هنا يمكننى الاجتهاد فى تناول خصوصيه العلاقه بين الرئيس مبارك ود يوسف والى فى النقاط التاليه بإيجاز :

  • إقتناع مبارك المبكر بقيمه قطاع الزراعه كظهير سياسي له بأعتباره قطاع الاغلبيه العظمى للسكان ومصدر قوتهم ووسيله خفض الفجوه الغذائيه المتصاعده مع الزياده السكانيه المضطرده والمصحوبه بفاتورة استيراد باهظه .
  • اقتناع مبارك من واقع مصادره بأجهزه الدوله الامنيه المتعدده بعدم صحه الاتهامات التى يتعرض لها والى وبالأخص انها لم تتناول نظافه يده وذمته الماليه بل كانت تستهدف نظام حكمه شخصيا من خلال نيران صديقه كان مبارك يعلم ادق تفاصيل خباياها !!. نظافه يد والى وتنازله عن مستحقاته الماليه فى وزاره الزراعه اثارت عداوه خفيه ضده مع اوكار الفساد وسوف اتناولها لاحقا !!.
  • إقتناع مبارك بالكثير من الجوانب الشخصيه ليوسف والى من نظافه اليد الى عفه اللسان الى تواضع الطموحات فى السلطه الى حد انه كان يردد دائما أنه ورفاقه فى الحكومه والحزب مجرد سكرتارية عند رئيس الجمهوريه وهو ما توافق مع طبيعه مبارك الشخصيه .
  • إقتناع مبارك بنتائج سياسات يوسف والى التى اسفرت طبقا للتقارير الدوليه والمحليه عن تضاعف انتاجيه المحاصيل الرئيسيه كالقمح والارز والفول والعدس وتزايد دور القطاع الخاص فى استصلاح الاراضى دون اى أعباء على الحكومه وزياده صادراتنا من المحاصيل البستانيه وغيرها من الانجازات الغير مسبوقه التى لا يتسع المجال لسردها ولكن كانت السر فى دعم مبارك لوالى فى استجابه الحكومه لمطالبه فى موازنات الحكومه مما هيأ لوزاره الزراعه تمويل مالى سنوى غير مسبوق فى تاريخها تم استثماره فى تطوير المراكز البحثيه وانشاء بنك التنميه والائتمان الزراعى بحوالى 4500 فرعا تمثل عدد قرى مصر وتتفوق بأعدادها الغير مسبوقه على كافه البنوك التجاريه بمصر وربما العالم !!. يكفى تعليق احد وزراء الماليه بعد اقالة د. والى من وزاره الزراعه بأن عائق خفض مخصصات وزاره الزراعه قد ذهب بلا عودة !! والاحداث التاليه برهنت صدق المقوله !!.
  • إقتناع مبارك بأن تعاظم قوة “والى” بالجمع بين موقعه الوزارى والحزبى لا تمثل خطرا على نظامه بل تمثل سندا سياسىا قويا له ضد طموحات جماعه الاخوان المسلمين التى حاصرها “والى” بفروع بنك التنميه والائتمان الزراعى التى ارتبط المزارعون بخدماتها التمويليه فى الاقراض وتقديم مستلزمات الانتاج وغيرها من المزايا التى استثمرها الحزب الوطنى لصالح مرشحيه فى الانتخابات النيابيه والمحليه بشكل لم يسمح لهم بالفوز فى دوائرهم مما ضاعف كراهيتهم الشخصيه لوالى الى حد التحالف مع بعض مصادر النيران الصديقه بالحزب الوطنى لاسقاط عدوهم اللدود يوسف والى بنشر شائعه المبيدات المسرطنه من منابر المساجد !!!.

للأسباب السابقه وغيرها مما يتسع الان للحديث عنه نشأت خصوصيه العلاقه بين الرئيس مبارك ود. يوسف والى والتى اثارت الحقد والغيره للأسف  فى نفوس بعض ” المشتاقين ” فى وزاره الزراعه  و” المتنافسين ” فى الحزب الوطنى الذين اعماهم الحقد للتحالف مع الشيطان لوقف صعود والى وتنامى قوته التى كان يستمدها من ثقه مبارك المستنده لتقارير اجهزه الامن القومى عن ادوار والى الوطنيه الغير معلنه فى خدمه الوطن.

بعد اقاله يوسف والى من وزاره الزراعه وامانه الحزب الوطنى تحت وطأه ضغوط النيران الصديقه أصر مبارك على الاحتفاظ به نائبا له لشئون الحزب الوطنى الداخليه وانتهز فرصه مناسبه سعيده لأحد ابناءه بشرم الشيخ لدعوه والى اليها وتعمد ان يجامله بالجلوس معه بعض الوقت اثناء الاحتفاليه وكأنها رساله تلغرافيه شفريه اخرى اراد ان يرسلها لدعم شريك حكمه المخلص الامين  والى !.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى