الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د خالد فتحي سالم: كيفية التحسين الوراثي للمحاصيل الاستراتيجية بالطرق التقليدية والهندسة الوراثية لإنتاج غذاء ودواء مجاني في عصر كورونا

معهد الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية – مدينة السادات- جامعة مدينة السادات – مصر

في ظل تزايد عدد سكان العالم، أصبح تحسين جودة الغذاء، وليس زيادة كميته فحسب، أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، إذ أن عدم الحصول على المستويات الكافية من المغذيات الدقيقة سيعرّض الكثيرين لمخاطر الإصابة بمشاكل صحية مثل التقزّم والعيوب الخلقية والعمى ومن الفوائد لتحسين القيمة الغذائية للمحاصيل منع نقص العناصر الصغرى وتقليلها وتقليل حدوث نقص فيتامين أ في الأطفال.

فعندما لا يحصل البشر سواء الأطفال او البالغين على كفايتهم من العناصر الغذائية والفيتامينات مثل عناصر الحديد والزنك والنحاس والفيتامينات المعدنية تكون النتائج وخيمة، إذ يؤدي نقص هذه العناصر والفيتامينات علي المدي البعيد إلى البطء في اكتساب اللغة وضعف الذاكرة قصيرة المدى، وتدني القدرة على التركيز والانتباه، وكل هذا يؤدي إلى ضعف تحصيلهم الدراسي، إن هؤلاء الأطفال لا يستغلون إلا جزءا من طاقاتهم وإمكاناتهم البدنية والذهنية، فعندما يعاني الطفل من نقص في الفيتامينات والمعادن، تقل قدرته على التعلم في مرحلة البلوغ بنسبة 20 %.

وبخلاف الحديد، هناك مغذيات دقيقة عديدة يجب أن نستهلكها بكميات ضئيلة ولكن بانتظام لنظل أصحاء، مثل الزنك والنحاس والفيتامينات، وحمض الفوليك وفيتامين ب.

ومن الفوائد التي لا تحصي هو وصول هذه المحاصيل والفيتامينات بصوره سهلة الي كل الأشخاص في المناطق المدن والريف بدون أموال إضافية وأنها فعالة من حيث التكلفة بعد التركيز عليها في برامجنا البحثية والاستثمار البحثي الكبير الأولي.

والتكاليف المتكررة منخفضة مما يجعلها عالية المردود ولكن هذه الصورة أخذت تتغير بعد ظهور طرق تربية النبات والهندسة الوراثية واستنباط أصناف جديدة عالية الإنتاج وارتفاع محتواها من هذه العناصر الأساسية والفيتامينات ولمعالجة نقص المغذيات الدقيقة.

يبحث مربو النبات عن الأصناف الموجودة من المحاصيل التي تحتوي على نسبة عالية من المغذيات بشكل طبيعي، ثم يقوموا بتهجين هذه الأصناف عالية المغذيات مع أصناف عالية المحصول من المحاصيل الاستراتيجية واسعة الانتشار والاستهلاك لتعم الفائدة، ولتوفير التقاوي ذات المحصول العالية وزيادة القيمة الغذائية.

ان هذه الطريقة منتشرة في الوقت الحاضر، لأنها أقل إثارة للجدل من المحاصيل الهندسية الوراثية والتعديل الوراثي ومن الأمثلة الحالية الأرز الذهبي هو مثال على محصول معدل وراثيًا تم تطويره باستخدام التعديل الوراثي حيث  يحتوي على جينات من بكتيريا التربة الشائعة Erwinia ويحتوي على مستويات متزايدة من بيتا كاروتين التي يمكن للجسم تحويلها إلى فيتامين أ ويوجد الان بعض الأصناف المحسنة وراثيا في محاصيل مختلفة مثل  الحبوب تم استنباط أصناف من الدخن اللؤلؤي، الذي يعد من المحاصيل الزراعية الرئيسية في الهند وقد استُنبط هذا الصنف من الدخن اللؤلؤي عن طريق التهجين واستخدام طرق تربية النبات التقليدية (مع استخدام طرق معملية بسيطة لتقدير مثل هذه العناصر وهي أرخص وأشد كفاءة لتحديد الأصناف الواعدة) لتصبح ذات قيمة غذائية أعلى، أكثر قدرة على مقاومة الآفات وتحمل التغيرات المناخية مثل الجفاف والملوحة والحرارة العالية. وهي تحتوي على نسبة أعلى من الحديد والزنك والفيتامينات A.

بالتأكيد هناك تحديات تواجه مربي النبات وهي هل يمكن إضافة المغذيات المطلوبة إلى المحصول دون التأثير على خصائصه الأخرى، مثل 1) وفرة الغلة أو مقاومة الجفاف والتغيرات المناخية؟

نعم تم استنباط أصناف عالية المحصول والمغذيات بطرق التربية التقليدية و2) هل يمكن للجسم من امتصاص المغذيات في المحصول وهل ستتحسن الحالة الصحية؟ نعم لأنه منتج طبيعي سيأكل في صوره خبز او أي منتج اخر و3) هل ستجد هذه المحاصيل المدعمة بالعناصر الغذائية قبولا لدى المزارعين والمستهلكين؟

طبعا هذا ممكن يكون معوق وهو تغيير العادات الغذائية فقد يرفض المنتج والمستهلك المحصول الجديد بسبب لونه أو شكله المختلف وكذلك المذاق عن المعتاد ولذا لابد من قبول المنتج (المزارع) والمستهلك في تغيير الثقافة الغذائية لديهم بقبول الألوان الجديدة للغذاء مثل اللون الأصفر في الأرز الذي يحتوي علي فيتامين أ و بالتأكيد هذا سيساهم في تعويض نقص الفيتامينات والعناصر الضرورية مثل الزنك والحديد وتحسين الأداء البدني والمعرفي للمراهقين باستخدام محاصيل غنية في محتواها بهذه العناصر بصورة طبيعية ورخيصة.

أيضا يمكن من خلال برامج تربية النبات التقليدية الاهتمام بصحة المرأة الحامل من خلال استنباط أصناف عالية المغذيات الدقيقة بصوره طبيعية تتعاطي الام الأغذية الغنية بالمغذيات مثل حمض الفوليك والحديد والفيتامينات مما يوفر علي الاسرة تكاليف مالية باهظة في استخدام الادوية والمكملات الغذائية الكيماوية.

ولذا تعتبر طرق تربية النبات من ابسط الطرق في تحسين القيمة الغذائية للمحاصيل الاستراتيجية لتصبح غنية بالمغذيات الدقيقة وهي احد اهداف برنامج التربية لتحسين صفات الجودة والانتخاب لها في الأجيال الانعزالية للحصول علي سلالات واستنباط أصناف جديدة تتميز بارتفاع محتواها من هذه القيمة الغذائية للمحاصيل  وهذا ما يطلق علية حديثا مصطلح “التعزيز البيولوجي” أو ما يسمى بالإغناء البيولوجي، لزيادة محتوى المغذيات الدقيقة.

امثله ناجحة في المحاصيل الزراعية فهناك محاصيل علي ارض الواقع بها أصناف عالية المحتوي مثل الأرز الذهبي (ذهبيّ اللَّون) غنيٌّ بفيتامين ألف “أ” (pro-vitamin A) الذي يتحول إلى فيتامين “أ” (vitamin A) داخل الجسم البشرى، (المدعمة بفيتامين أ تحمي الأطفال من مشاكل الإبصار مستقبلا في جنوب شرق اسيا)  والذرة البرتقالية (المدعمة بفيتامين أ ) و الذرة المعززة بالزنك والبطاطا والقمح والدخن والموز (الحديد) والمانجو والجزر واليقطين لونهم البرتقالي (البيتا كاروتين) والفول الغني بالحديد و اللوبيا (زيادة محتوى الحديد والزنك) و الطماطم (زيادة محتوى مادة الليكوبين وتشبه كيميائيا فيتامين أ وأن تناول كميات كبيرة من الليكوبين قد يقي من السرطان وأمراض القلب حيث هذه المادة تعمل كمضاد للأكسدة يسهم في التخلص من الشوارد الحرة التي قد تضر الخلايا) و البطاطس.

 

الأرز الذهبي

 

محاصيل مختلفة بها عناصر غذائية مرتفعة باستخدام طرق التربية التقليدية والهندسة الوراثية

 

أصناف ارز الملونة بها مضادات اكسدة وفوائد كثيره

وعند انتشار زراعة الأرز الذهبي ويشاهد الناس مدى تأثيره على السكان خصوصا الدول المعتمدة في تغذيتها علي الأرز مثل دول جنوب شرق اسيا وأيضا لدينا بمصر في الوجه البحري، وأن بعض الناس أنقذوا من العمى بسبب استهلاك الأرز الذهبي، فإن ذلك سيكون نجاحا لانتشار الوعي وتعزيز استخدام مصطلح التعزيز البيولوجي لتحسين الصحة العامة، ونأمل أن تلقى المحاصيل (المدعمة بالعناصر الغذائية) قبولا متزايدا في مختلف أنحاء العالم، وكذلك أيضا يمكن انتاج كافة الادوية من خلال المحاصيل المعدلة وراثيا لتصبح منتج بيولوجي امن علي صحة المواطن.

وبالرغم أن تحسين القيمة الغذائية او ما يطلق علية مصطلح التعزيز البيولوجي للمحاصيل لا تزال تعتمد على طرق التربية التقليدية، إلا أن بعض المحاصيل قد عدلت وراثيا لتكتسب صفات أفضل. وأثار النباتات المهندسة وراثيا والمحاصيل الزراعية جدلا واسعا في أوروبا، وحظرت بعض الدول الأوروبية المحاصيل المعدلة وراثيا خشية أن تؤدي إلى تبعات بيئية أو صحية خطيرة ولقد حضرت احدي المؤتمرات في المعهد الدولي للهندسة الوراثية بإيطاليا ICGEB, Italy عن المخاطر المختلفة سواء علي الصحة العامة او البيئة او الأنواع البرية والحيوانات وغيرها وبالتأكيد هناك مخاطر بيئة ممكن ان تحدث مثل تغير التنوع الوراثي والاختلافات البيئية وغير وربما ضرر علي الانسان والذي ربما يظهر مع التوسع في انتشار مثل هذه المحاصيل الهندسة وراثيا ولكن اذا كانت الفوائد اكثر من الضرر فيمكن في هذه الحالة الاستعانة بطرق الهندسة الوراثية ولكن لازالت الطرق التقليدية امنة ولكن بعض المحاصيل لا يمكن تحسين قيمتها الغذائية إلا بالتعديل الوراثي، أو العملية التي تعرف بـ “التعبير الجيني”. فإذا كانت جميع أصناف المحصول تحتوي على نفس الكمية من المغذيات، فلن تفلح طرق التربية التقليدية في رفع قيمتها الغذائية.

أيضا في الدول الاوربية هناك مشروعات قائمة علي التحسين الوراثي للصفات المختلفة واستغلال النبات لإنتاج ادوية باستخدام المحاصيل الاستراتيجية بالطرق التقليدية والهندسة الوراثية….. لتصبح غذاء وصيدلية مجانية لتوفير الدواء ورفع المناعة للإنسان والحيوان لتقليل استخدام الادوية وأيضا هذا اقتراح في عصر كورونا بان يمكن ادخال جينات تعمل على انتاج فكسينات تعمل علي رفع المناعة وذلك من خلال تغذية يومية لأغذية ترفع المناعة تحتوي علي نسب مرتفعة من الفيتامينات والعناصر الغذائية الحيوية.

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى