الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةالوطن العربىامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتصحةمصر

د إيمان الأنباري: لماذا تعد زيوت الأوميجا 3 هبة الله لخلقه؟

قسم علوم الأغذية / كلية علوم الهندسة الزراعية / جامعة بغداد / العراق

Author for correspondence E-mail: [email protected]

الحوامض الدهنية الأساسية من نوع الأوميكا –3

تحتوي الحوامض الدهنية عادة على طرف كاربوكسيلي ويدعى ايضاً بالطرف الحامضي (Acid end)، أما الطرف الآخر فهو مثيلي ( methyl end) ويدعى ايضاً طرف الأوميكا (Omega end)، وأن ذرات الكربون للحوامض الدهنية ممكن أن تكون مشبعة بالهيدروجين أو غير مشبعة، فإذا كانت أول ذرة كربون غير مشبعة تقع في الموقع الثالث من الطرف المثيلي فإن الحوامض الدهنية تدعى حوامض الأوميكا-3 ويرمز لها باللاتينية w وأحياناً تكتب w-3 أو n:3 مثل حامض اللينولينك، أما اذا كانت ذرة الكربون غير المشبعة في الموقع السادس من الطرف المثيلي فتدعى الحوامض الدهنية بالأوميكا-6 أو n:6 مثل حامض اللينوليك، واذا كانت في الموقع التاسع فتدعى بالأوميكا-9 أو n:9 مثل حامض الأولييك .

ان الحوامض الدهنية من نوع الأوميكا –3 الشائعة هي حامض الألفا لينولينك (ALA)
a-Linolenic ; 18:3(9, 12, 15) و حامض ايكوسابنتااينويك Eicosapentaenoic (EPA) 20:5(5, 8,11,14,17) وحامض دوكوساهكسااينويك Docosahexaenoic (DHA)

22:6 (4, 7, 10, 13, 16, 19), ويلاحظ ان هذه الحوامض الثلاثة تختلف بطول السلسلة الكربونية وعدد أواصرها المزدوجة.

يتكون حامض ALA من 18 ذرة كربون ويحتوي على ثلاث اواصر مزدوجة وهو من الحوامض الدهنية الأساسية التي لا يمكن للجسم تصنيعها (Essential F.A) ويكثر وجوده عادةً في المصادر النباتية مثل زيت بذور الكتان الذي يعد من أغنى المصادر النباتية، كما يوجد في بذور اللفت (Canola) والمكسرات وجنين الحنطة، إلا ان نسبها تتباين اعتماداً على عدة عوامل مثل ظروف النمو وموطن الزراعة والصنف .

ويوجد حامضا EPA و DHA في حليب الأم والأحياء البحرية المنتشرة في المياه الباردة مثل اسماك السالمون والسردين والهرنك والهاليبوت والتونة، ويعد زيت كبد سمك القد (Cod) من أغنى المصادر التي تحتوي على هذين الحامضين.

إن الحامضين EPA و DHA يعدان أكثر أهمية من الناحية الصحية من ALA على الرغم من ان حامض ALA ممكن ان يتحول داخل الجسم إلى حامضي EPA و DHA إلا ان نسبة التحول تكون محدودة احياناً.

إن التغذية بالحوامض الدهنية من نوع الأوميكا-3 (n-3 PUFA)  لها تأثير في مختلف الفعاليات الفسيولوجية لادامة الصحة والوقاية من الأمراض المزمنة مثل تنظيم مستوى الدهن في البلازما ، وأمراض تصلب الشرايين وتحسين الاستجابة المناعية، وتنظيم أداء الأنسولين  وتطور الوظائف العصبية والبصرية. كما لوحظ ان لها تأثيراً يفوق تأثير الاسبرين على الأوعية الدموية بالآف المرات إذ تمنع تكوين الخثرة وتخفض الكولسترول والكلسريدات الثلاثية، فضلاً عن كونها تقلل من ميل خلايا الدم لتكوين الخثرة، وأيضاً تدخل في البناء الأساس للخلايا العصبية وخلايا الدماغ، فضلاً عن قابليتها العالية لمنع تمثيل حامض الاراكيدونيك في جسم الانسان والذي يعد ناتج عرضي لحامض اللينوليك الموجود في زيت الذرة والقطن والسمسم وزهرة الشمس وبنسبة قليلة في زيت الصويا المهدرج وله مشاكل صحية كثيرة  واشارت العديد من الأبحاث إلى أن أفضل الطرائق لتجنب أمراض القلب هو تقليل نسبة الدهن في الوجبات واستبدال زيوتها بزيوت متعددة عدم التشبع والمتضمنة حوامض الأوميكا-3 .

وتنتشر حوامض الأوميكا-3 في كل خلية من خلايا الجسم وتكون متحدة بغشاء الخلية ولها تأثيرات على مكونات الغشاء الخلوي وتعطيها الشكل الطبيعي وتحدد خروج ودخول المواد من وإلى الخلايا، كما ان لها دوراً في تنظيم التعبير عن الجين
( Gene expression ) وتخليق الايكوسانويد (Eicosonoids) الذي له تأثير مهم على الاستجابة المناعية، وضغط الدم، والخثرة الدموية، ودرجة حرارة الجسم، ونمو الخلايا، وكل جزء من الايكوسانويد له تأثير مختلف في أجزاء الجسم المختلفة وكل نوع يعتمد انتاجه على نسبة الأوميكا-3 /الأوميكا-6. إن الايكوسانويد له تأثير أشبه بالهرمون لكنه ينتج ويستهلك في نفس الخلية خلافاً للهرمون الذي يصنع في خلية ويستعمل في خلايا أخرى، كما ان الايكوسانويد لا يحدث التأثير نفسه في جميع الخلايا.

كما وجد الباحثون في دراستهم التي شملت متطوعين من ذوي المزاج الحاد، حصول انخفاض في حدة مزاجهم بعد تناولهم للحوامض الدهنية من نوع الأوميكا-3,واشاروا إلى أن تناول زيت السمك ممكن أن يكون علاج لحالات التوتر المفرط (Hypertension). و أن مرض انفصام الشخصية والذي يدعى الشيزوفرينيا (Schizophrenia) له علاقة بالتفاعلات البايوكيمياوية في أغشية الخلايا العصبية والتي تشكل الفوسفولبيدات لحوامض الاوميكا -3 مكوناً رئيسياً فيها, حيث يتكون السيفالين من كمية كبيرة من الحامض الدهني DHA والذي يشغل الموقع الثاني من الجزيئة. كما ان لحوامض الأوميكا-3 علاقة بتمثيل الفوسفولبيدات، وحالات الإسهال،اضافة الى أمراض الأوعية الدموية، والنظام المناعي في الجسم، والسرطان، والشيخوخة ولتلافي العديد من الأمراض.

ان التغذية المتضمنة نسباً عالية من الفيتامينات والبروتين والحوامض الدهنية من نوع الأوميكا-3 تؤدي إلى تحسين عملية تمثيل البروتين والاستفادة منه في الجسم. وقد استعمل الباحثون حوامض الأوميكا-3 علاجاً لحالات التهاب المفاصل,كما ان هناك العديد من الدراسات التي استخدمت حوامض الأوميكا-3 لخفض ضغط الدم للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم مع الأخذ بنظر الاعتبار تجنب استهلاك الأسماك ذات المحتوى العالي من الزئبق ( مثل التونة) الذي يسبب ارتفاع ضغط الدم واستبدالها بمصادر اخرى لهذه الحوامض الدهنية.

كما اشارت بعض الدراسات لعينات من الأولاد الذين يعانون من قلة التركيز والتشويش Attention Deficit/Hyperactivity Disorder (ADHD)  أن تناول الأغذية ذات المحتوى العالي من حوامض الأوميكا-3 يحد من هذه الحالات بنسبة كبيرة .

أما الأورام السرطانية فإن دهون الأوميكا-3 تعد وسيلة مثلى للحد منها وتلافيها، فسكان الأسكيمو الذين يعتمدون في تغذيتهم على الأغذية الغنية بحوامض الأوميكا-3 نادراً ما يصابون بسرطان القولون، وهذا ما أكدته الأبحاث المختبرية على حيوانات التجارب اذ شجعت حوامض الأوميكا-6 على نمو الأورام السرطانية، بينما حددت حوامض الأوميكا-3 من نموها وتطورها.

ان للحوامض الدهنية غير المشبعة أهمية في الصناعات الغذائية والدوائية بشكل عام وكذلك في الوقاية من الكثير من الاصابات ومعالجة أمراض قرحة المعدة، والاثني عشر (Ulcers)، والشقيقة (Migraine)، والاجهاد الجسدي، والعقلي، وانتفاخ الرئة (Emphysema)، وداء الصدفية (Psoriasis)، والماء الأزرق في العين (Glaucoma)، وأمراض البشرة (Lyme disease)،

(Panic attacks) مجابهة الرعب.

 تمتاز زيوت الاوميكا-3 بسرعة تلفها عند تعرضها للهواء الجوي والضوء وذلك نتيجة لحدوث عمليات التزنخ التأكسدي، لذا يلجأ المختصون بالتغذية إلى اتباع أساليب تقنية لاطالة عمرها الخزني عن طريق استخلاصها في جو من الغازات الخاملة وحفظها في عبوات معتمة في جو خامل بعيدا عن الاوكسجين وتجنب استخدامها في عمليات القلي العميق.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى