الأخبارالمياهمصر

د أسامة سلام يكتب: المستشعرون عن بعد والسباحة في أنهار المياه الجوفية

خبير موارد مائية هيئة البيئة أبوظبي – الأمارات العربية المتحدة

اعتدنا في السنوات الأخيرة ان نسمع من حين لآخر عن اكتشاف العديد من أنهار من لمياه الجوفية التي تتدفق في أماكن كثيرة من العالم ومنها بالطبع مصر وهذه الاكتشافات في غالب الأمر تكون نتائج لعدد من المسوحات التي تمت باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد وفي كل مرة يعلن القائم بالدراسة عن النتائج والتي دائما ما تسبب بلبلة لدى القراء وغير المتخصصين بسبب انبهارهم بمصطلحات علوم الفضاء والاستشعار عن بعد واعتقادهم أنها لا يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها.

ويؤثر الإعلان عن نتائج هذه الدراسات بوجود أنهار جوفية وكميات مهولة ومستدامة من المياه الجوفية بشكل مباشر على الاستثمار الزراعي المعتمد على المياه الجوفية وعلى مستقبل التنمية بشكل عام وقد تكون أيضا هذه النتائج أداه تستفيد منها أطراف دولية في النزاعات المائية لإثبات الحقوق وخلافه. ولهذه الأسباب السابق ذكرها فكرت في كتابة هذه المقالة المختصرة لإلقاء الضوء على هذه الفقاقيع التي تظهر من آن لآخر.

ولنبدأ بتعريف المياه الجوفية والتي هي عبارة عن مياه موجودة في مسام الصخور الرسوبية تكونت عبر أزمنة مختلفة تكون حديثة أو قديمة جدا لملايين السنين. ومصدر هذه المياه غالبا المطر أو الأنهار الدائمة أو الموسمية أو الجليد الذائب وتتسرب المياه من سطح الأرض إلى داخلها فيما يعرف بالتغذية. وتقع المياه الجوفية في طبقتين مختلفتين هما: الطبقة غير المشبعة بالماء والتي تقع مباشرة تحت سطح الأرض  وتحتوي على المياه والهواء ويكون الضغط بها اقل من الضغط الجوي وهي طبقة مختلفة السمك ويقع تحتها مباشرة الطبقة المشبعة. التي تحتوي على مواد حاملة للمياه وتكون كل الفراغات مملوءة بالماء وقد يكون الضغط بها أكبر من الضغط الجوي مما يسمح للمياه بالخروج منها إلى البئر أو العيون، وتغذية الطبقة المشبعة يتم بترشح المياه من سطح الأرض عبر مرورها بالطبقة غير المشبعة.

وطرق استكشاف المياه الجوفية عديدة ومنها الجيوفيزياء الاستكشافية وهي الفرع التطبيقي لعلم فيزياء الأرض، والذي يستخدم طرقًا خاصة بالأرض لقياس الخصائص الفيزيائية من أجل التنقيب عن المعادن والبترول وخزانات المياه الجوفية وغيرها من البنية الجيولوجية، وتشمل التقنيات الأساسية للتقنيات الجيوفيزيقية: الطرق السيزمية، والجاذبية، والمغناطيسية، والتقنيات الكهربائية، والطرق الكهرومغناطيسية، مثل التصوير الكهرومغناطيسي الجيوفيزيائي ورادار قياس الأرض، وطرق المسح الكهرومغناطيسي العابرة، وكذلك جيوفيزياء حُفَر الآبار، وتسمى أيضًا سجل الحُفَر، بالإضافة إلى تقنيات الاستشعار عن بعد، وتشمل التصوير الطيفي الفائق.

وباستخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد يمكن مراقبة جفاف الأراضي، وحركة الأنهار، وجفاف البحيرات، والتعامل مع الفيضانات والسيول المتوقعة، بمقارنة صور تم أخذها على فترات، كما يمكن من خلالها حصر المحاصيل الزراعية واكتشاف الأمراض النباتية، ودراسة التوزيع النوعي للتربة والأراضي، وأيضاً التعرّف على وضعية الأرض وهي كما نرى كلها مظاهر سطحية وليست جوفية الا انه باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد يمكن أيضاً البحث والتنقيب عن المياه الجوفية الموجودة في الطبقات السطحية والتي قد لا يتعدى عمقها 50 متر تحت رمال الصحراء، وذلك من خلال استخدام صور الردار. ولذا فهي غير قادرة عن استكشاف الخزانات الجوفية التي يزيد عمقها عن 50 متر تقريبا (خزان الحجر الرملي النوبي في مصر تزيد أعماقه عن 3000 متر في بعض المناطق ويغطيه خزان الحجر الجيري المتشقق في شمال ووسط مصر بسمك قد يصل الى 500 متر). لذا فهي قياسات لا يمكن تفسير نتائجها إلا متخصص في مجال التطبيق.

وأغلب دراسات الاستشعار عن بعد (غالبا لعمق أقل من 50 متر تحت سطح الأرض) والتي نشرت نتائجها عن توافر أنهار من المياه الجوفية (مصطلح غير صحيح لا يوجد ما يسمى بأنهار المياه الجوفية) بكميات وفيرة ومستدامة بمصر قام بها متخصصون بعيدون عن المياه الجوفية وأهملوا عناصر تقييم الخزانات الجوفية الأخرى كنوعية المياه وحسابات المخزون والكميات المتاحة للاستخدام واقتصاديات الاستخراج ومعدل التغذية والاستعواض وتأثير السحب المحلي وامتداد مخروط الهبوط وحركة المياه الجوفية ومعاملات الخزان الجوفي الأخرى.

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى