الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د محمد العراقي يكتب: كيف يمكن الحد من التعدي على الأراضى الزراعية؟

>>ضرورة إنشاء نظام دقيق لرصد و متابعة التغيرات الطارئة على أراضي الدلتا ووادي النيل

أستاذ الاقتصاد الزراعى -جامعة عين شمس -مصر

تشير التقديرات الى أن معدل التعديات على الأراضى الزراعية القديمة منذ منتصف السبعينيات وحتى ثورة يناير2011 بلغ فى المتوسط نحو 35 ألف فدان سنويا ثم قفز ذلك المعدل السنوى بعد الثورة الى نحو خمسين ألف فدان.

كما تشير بعض التقديرات الى أن ما تم فقدة خلال الخمسون سنة الماضية يقترب من المليون والنصف مليون فدان من اجود الاراضى الزراعية، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا لأمن مصر الغذائي ولقدرتها على توفير الغذاء للأجيال الجديدة.

وبشكل عام فإن معدل التعدى بالبناء على الأراضى الزراعية يزداد مع زيادة معدلات النمو السكانى فى الريف وزيادة معدلات البطالة فى قطاعات إقتصادية هامة كالصناعة والسياحة وما يتبع ذلك من الهجرة العكسية من المدينة إلى الريف.

وتعمل الدولة على مجابهة ظاهرة التعدى على الأراضى الزراعية من خلال التركيز على اصدار التشريعات وتغليظ العقوبات وتنفيذ مشروعات استصلاح الاراضى. ولتعزيز الجهود المبذولة فى هذا المجال فانة يجب العمل على توفير بدائل مناسبة لتخفيف الضغط المتزايد على الأراضى الزراعية القديمة واستيعاب الطلب المتزايد على السكن فى الريف.

 وتقدم السطور التالية بعض المحاور التى يمكن أن تساعد فى تقليص ظاهرة التعدى على الأراضى الزراعية القديمة:

  • ضرورة إنشاء نظام دقيق لرصد و متابعة التغيرات الطارئة على الاراضى الزراعية القديمة على جميع المستويات و ذلك للتعرف على القرى و المناطق الأكثر عرضة لإستنزاف مواردها الأرضية وكذلك التعرف على خصائص أصحاب الأراضى الاكثر ميلا للتعدى عليها بالبناء و من شان ذلك المساهمة فى وضع  جدول لأولويات التعامل مع المشكلة. و يجب ان يهتم نظام الرصد و المتابعة أيضا برصد الأراضى الزراعية التى يتم تبويرها و فترات تبويرها لأنه غالبا ما يتم تبوير الأرض الزراعية لعدة مواسم متتالية قبل البناء عليها.
  • العمل على تفريغ القرية من الإكتظاظ السكانى عن طريق ايجاد فرص للعمل و الحياة خارج القرية فى مجتمعات عمرانية جديدة. ولذلك يجب أن يكون أحد الأهداف الثابتة لبرامج إستصلاح الأراضى الحفاظ على الأراضى القديمة من ناحية و اضافة اراضى جديدة للرقعة الزراعية من ناحية أخرى و يمكن تحقيق ذلك من خلال تخصيص جزء من الأراضى المستصلحة حديثا لصغار الزراع من القرى الاكثر كثافة سكانية و كذلك الاسراع فى تقنين أوضاع الأراضى الجديدة خارج الزمام و التى تقدر مساحتها بنحو المليون فدان و التى قام بإستصلاحها و إستزراعها بعض الأفراد و الشركات دون الحصول على الموافقات الرسمية و يمكن تخصيص جزء من تلك الأراضى الغير مستغلة لصغار الزراع  بنظام حق الانتفاع مع وضع الشروط اللازمة لضمان الاستغلال المناسب لتلك الاراضى.
  • بشكل عام فانه من الاهمية بمكان تشجيع التوسع العمرانى فى الصحراء وإنشاء مدن جديدة جاذبة للسكان تتوفر بها فرص للعمل فى قطاعات كثيفة العمالة مثل الصناعة والسياحة والخدمات مما من شأنة تشجيع المواطنين على الهجرة إلى تلك المدن والإقامة بها.
  • التخطيط العمرانى للقرية المصرية وضرورة وجود دور قوى للدولة من أجل التنظيم و التخطيط العام للإحتياجات المستقبلية من المساكن الريفية. وهنا يمكن العمل على وضع تصور عام لاحتياجات القرية و نماذج لمساكن ريفية متعددة الطوابق من اجل التوسع الراسى فى المساكن و إصدار تصاريح البناء التى بموجبها يمكن الحصول على قروض لبناء المساكن و الإنتفاع من المرافق الأساسية كالكهرباء و المياه.
  • العمل على جعل الزراعة مهنة جاذبة حتى يتمسك الفلاح بالأرض و يحافظ عليها وذلك من خلال حل المشاكل التى يعانى منها الفلاح مثل عدم توفر مياه الرى بالكمية و الجوده المناسبة بوجة خاص فى نهايات الترع و كذلك صعوبة الحصول على مستلزمات الإنتاج من التقاوى و المبيدات و الأسمدة فى الوقت المناسب و بأسعار وجودة معقولة.
  • كما يجب العمل على تلافى الأثار السلبية للقانون رقم 96 لسنة 1992 وتشجيع المالك والمستاجر على تحرير عقود ايجار طويلة الأمد حتى يكون لدى المستأجر الحافز   لصيانة التربة وإضافة التحسينات المناسبة لها مما يقلل من فرص تبوير الأراضى واستخدامها لأغراض البناء.
  • الاهتمام بمشكلة تفتيت الحيازات الزراعية والعمل على تجميع الحيازات الصغيرة فى حيازات أكبر حجما حتى يمكن الاستفادة من مزايا الحجم الكبير وكذلك الاستفادة من اساليب الزراعة الحديثة ومن شأن ذلك زيادة انتاجية الارض الزراعية وبالتالى يكون هناك حافز قوى للحفاظ على الارض الزراعية كما أن تقليل عدد الحائزين يقلل من احتمالات التعدي على الاراضى الزراعية.
  • وبشكل عام فانة من الاهمية بمكان بلورة سياسة حكومية مرنة تتعامل مع قطاع الزراعة كأكثر القطاعات الاقتصادية مدعاة لتدخل الدولة من أجل التنظيم والحماية وتشجيع التنمية الزراعية المستدامة.
  • وفى النهاية فانة يجب النظر الى الاراضى الزراعية القديمة كمورد طبيعى غير متجدد حيث أن الارض التى تفقد بسبب البناء يصعب عودتها الى قدرتها الانتاجية مرة أخرى، كما أن الاراضى الزراعية القديمة ضرورية ليس فقط كمصدر رئيسى لتوفير الغذاء للأجيال المتعاقبة ولكن أيضا لحماية البيئة وللمحافظة على الموروث الثقافى للقرية وكذلك لتوفير ظروف معيشية مناسبة لنصف السكان الذين يقطنون أكثر من أربعة آلاف قرية مصرية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى