الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةحوارات و مقالاتمصر

د إياد حرفوش يكتب: مجزآت الدواجن المستوردة: كيف نحول الأزمة إلى فرصة؟

>>

خبير في صناعة الدواجن -مصر

في غضون الأسبوعين الماضيين دار سجالٌ إعلامي بين وزارة الزراعة من جهة وبين صناعة الدواجن ممثلة في الاتحاد العام لمنتجي الدواجن من جهة مقابلة، حول موافقة الوزارة على استيراد شحنة من مجزآت الدواجن.

تلخص رأي الوزارة في أن الشحنة محدودة الكمية، وتم استيرادها بغرض التصنيع وإعادة التصدير، ولن تطرح للتداول في السوق المحلي. أما اعتراض الاتحاد فتلخص في عدم عرض الشحنة على اللجنة 222 المشكلة بعضوية الاتحاد، لدراسة طلبات استيراد الدواجن ومنتجاتها، وفي خوفه من سابقة هي الأولى من نوعها وقد يكون لها لواحق، ومن صعوبة السيطرة على أي واردات بعد مرورها من الدائرة الجمركية، لضمان عدم تداولها.

ولو كانت الصناعة ممثلة في الاتحاد العام لمنتجي الدواجن قد شكرت الوزارة من قبل وثمنت دورها في دعم الصناعة خلال أزمة كوفيد-19 وإجراءات حظر التجول، وشكرت الوزارة مجددا عندما اعتمدت 14 منشأة مصرية دوليا كمنشآت خالية من أنفلونزا الطيور ومؤهلة لتصدير منتجات الدواجن للخارج، فقد حق لها أن تتوقع سعة الصدر من الوزارة عندما تنتقد!! فالعلاقة الصحية بين السلطة التنفيذية وبين الجماهير ومؤسسات المجتمع تقوم على الاثنين معا، على شكر مستحق أو نقد وجيه!

الآن وقد عبر كل طرف عن وجهة نظره في الموضوع، ربما جاء الوقت لنهدأ، لعلنا نتمكن معا من تحويل هذه الأزمة إلى فرصة!! لا أقصد طبعا أن استيراد مجزآت الدواجن يمكن تحويله إلى فرصة، لكنني أقصد أن السجال والحوار يمكن تحويله إلى فرصة، لو تمكنا من التوافق على آليات تضمن عدم تكرار الأزمة مستقبلا، بل وتعمق العمل المشترك بين السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الزراعة والهيئات والجهات التابعة لها، وبين الصناعة ممثلة في الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، لمواجهة الكثير من التحديات!

لدينا أساس يمكننا البناء عليه، وهو اللجنة المشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء في 6 سبتمبر 2019م من وزارة الزراعة ووزارة التموين والاتحاد العام لمنتجي الدواجن، لدراسة طلبات استيراد الدواجن ومصنعاتها! هذه اللجنة اجتمعت مرة واحدة في سبتمبر 2019م، وكانت بادرة ممتازة وبناءة جداً.

لنا أن نتصور أن الشحنة محل الخلاف لو عرضت على هذه اللجنة لدار حوارٌ بناء في غرفة اجتماعات حولها، بدلا من السجال الإعلامي. خاصةً وقد كانت معرفة الاتحاد بأمر شحنة المجزآت بمحض الصدفة عاملاً أساسياً في الانزعاج الكبير الذي صنعته. فهل يمكننا أن نعود إلى تفعيل هذه اللجنة لتكون هذه أول خطوة نحول بها الأزمة إلى فرصة؟

لدينا كذلك اتفاقية التجارة الحرة بين مصر ودول الميركسور، وكيف يمكننا استثناء الدواجن ومصنعاتها من الإعفاء الجمركي المترتب عليه؟ وهو موضوع كان محل حوار دائم بين الاتحاد وبين وزارة الزراعة منذ 2017م (لعل تزامن الشحنة محل الخلاف مع تصريحات مدير اتحاد منتجي البروتين الحيواني في البرازيل في 27 يوليو 2020م حول التصدير لمصر زاد من تعقيد الأمر).

هذا موضوع يقتضي أن نصطف جميعا وأن نبدأ حوارا فعالا مع وزارة الصناعة والتجارة الخارجية المعنيتين بالاتفاقية! عندما نتحدث عن خطر استيراد الدواجن بدون جمارك من دولة كالبرازيل تقل تكلفة الإنتاج فيها بنسبة 35% عن تكلفة الإنتاج لدينا فنحن نتحدث عن خطر وجودي يقتضي منا عملا فوريا.

هل يمكننا الشروع في العمل الجماعي في هذا الصدد، ليكون هذا الجهد المشترك خطوة أخرى لتحويل الأزمة إلى فرصة؟

لدينا كذلك الكثير من الملفات المفتوحة منذ عهد الوزارة السابقة فيما يخص الضريبة العقارية على المزارع، وضريبة القيمة المضافة على بعض مدخلات تصنيع الأعلاف، وتفاصيل كثيرة لو تمكنا من حلها بالعمل المشترك قد تخلق حالة من التفاؤل في صفوف المربين، وتشجع على زيادة الإنتاج واستقراره.

وبعد، فقد تحدث نائب وزير الزراعة في أكثر من تصريح عن اهتمام الوزارة بصناعة الدواجن ونموها وتطورها، بوصفها صناعة مليارية الاستثمارات، مليونية العمالة. وهو اهتمام منطقي ومستحق، وإلا كنا كمن نكثت غزلها بعد قوة.

ولا أعتقد أن ثمة من يعترض سواء من جانب الوزارة أو من جانب الصناعة على تحويل هذا الاهتمام إلى آليات عمل ومنهجية تعاون تعود بالخير والنماء على الصناعة بأسرها، فهلا بدأنا العمل لصالح الجميع؟ ولصالح الوطن قبل الجميع؟

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى