أفريقياالأخبارالمياهحوارات و مقالاتمصر

د أحمد أبوكنيز يكتب:تصريحات ترامب…وعودة الروح الى مفاوضات سد النهضة

>>على الأثيوبيين النظر بإيجابية الى مصالح مصر والسودان فى مياه النيل والعمل معهما على استقطاب فواقد المياه

خبير زراعي – مصر

أكثر من عشر سنوات مضت على العمل الفعلى فى سد النهضة و المفاوضات بين دولتى المصب من ناحية (مصر و السودان)  دولة المنبع (الحبشة) مستمرة على وتيرة واحدة مطالبة مصرية جادة وحادة بنصوص اتفاق ملزم و آلية قانونية واضحة للعودة اليها حال الاختلاف.

و فى المقابل مماطلة و تهرب حبشى مستمر متبعة استرتيجية واحدة ووحيده وهى  الهروب ثم الهروب  من أية التزامات واضحة تضعها على المحك, و فى ذات الوقت تستمر فى بناء السد و ملحقاته مستعينة بذلك ببعض معونات و قروض من دول  تطمح أن تكون لها مشروعات مستقبلية فى محيط السد  .

ومع الأسف هذه الدول بعضها شقيقة و الأخرى صديقة بالاضافة الى دول تبحث عن مصالحها دونما نظر الى تضررات مصرية مؤكدة من السد وأخرى  معادية   تتعمد ايقاع الاذى بنا ,بلاضافة الى حصولها على تمويل من جهات دولية بعد توقيع اعلان المبادىء  بين الدول الثلاث والذى ما كان يتوجب توقيعة دون الحصول على ألتزامات اثيوبية و اضحة  و مكتوبه حول أسلوب   الملىء والتشغيل و آلية محددة مكتوبة  وملزمة لفض الخلاف.

وبناء هذا السد و تشغيله دون آلية واضحة للتشغيل و حل الخلافات الناجمة عنه سيكون كارثة على مصر و لا أظن ان ذلك غائب عن وعى و ادارك الادارة المصرية التى لديها من الخبراء و العلماء الوطنيين  من ذوى الخبرة والعلم .

لذا نجد مصر متمسكة فى المفاوضات و اثيوبيا مماطلة, أما السودان فموقفها فيه العجب العجاب, ابتداءً نقول أن السودان مستفيدة من بناء السد من ناحية انخفاض معدل الفيضانات بها ومايحدث من تضرر بالاضافة الى وعود حبشية لها بالحصول على الطاقة بسعر تفضيلى (محاولة من اثيوبيا لجذب السودان الى تبنى موقفها أو على الاقل تحييدها).

أما عن تضرر السودان من نقص المياه أثناء فترتى الملىء و التشغيل فبالتأكيد ستكون أقل من حالة مصر فهى على الاقل دولة الممر (ممر المياه الى مصر حيث المصب) أى أن المياه ستمر عليها أولا , كما ان قرابة ثلث بحيرة  السد العالى يقع فى الاراضى السودانية, أضف الى ذلك أن نسبة الأراضى الزراعية السودانية التى تعتمد على مياه النيل أقل منها فى مصر, فبالتالى نجد السودان تقوم أحياناً بدور الوسيط  وهذا سلوك  لا يجب ان يصدر من الاشقاء فى السودان.

لن أتوقف كثيراً عند محطات مضت مثل أختيار استشاريين غربيين لدراسة التصميمات و تحديد مدى الاضرار الناجمة عن السد و مراوغة الجانب الاثيوبى  فى ذلك كما لن أتحدث عن محاولتها فرض أمر  واقع و ما فعلته أثيوبيا من بدء الملىء دونما ابلاغ لدولتى المصب, بل انها أنكرت بدء الملىء  أصلاً ثم تفاجىء العالم باحتفالات نجاح الملئ الأول للسد .

كل هذا أغضب الشعبين المصرى و السودانى, ومع ذلك أتسمت مصر بالعقل و التعقل ومحاولة  الوصول الى اتفاق لا يضر بمصالحها, الا أن الأحباش تمادوا فيما هم فيه. أيضاً لن أتحدث عن تصريحات متهورة  من وزير الدفاع الأثيوبى جلعلتنا نشعر بالاستياء, و لكن مصر العاقلة لم ترد على هذه التصريحات الجوفاء و حسناً فعلت.

الا انه منذ أسبوع تابع العالم ماقاله الرئيس الأمريكى ترامب  فى معرض حديثة خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السودانى حول ضرورة الوصول الى تفاهمات تحافظ على حق مصر و السودان التاريخى فى مياه النيل و ان لمصر  الحق الكامل فى المحافظة على أمنها المائى و انه لا لوم عليها لو فعلت أى شىء.

كان هذا الكلام بمثابة الحجر الذى القى فى الماء الراكد. و خوفاً من أن تتصرف مصر بما هو حق لها دومنا لوم من أحد ألتقط الأتحاد الأفريقى (مقره أدس أبابا) الخيط و بسرعة البرق دشن لجولة مفاوضات جديدة لعله يمتص الغضب المصرى و ندور فى ذات الحلقة المفرغة و صولاً لأمر واقع تفرضه المياه التى ستملأ بحيرة سد النهضة المشؤؤم.

لكن على الاحباش ان يعلموا أن  ما قبل التصريحات  الترامبية يختلف تماماً عما بعدها, و أن للصبر المصرى حدوداً فلن يكون تسامح مصر بلا سقف, و بالتأكيد للدولة المصرية خطوطاً حمر , و بالتأكيد  لن يلومها أحد ان حافظت على حقوقها المؤكدة و الثابتة و التاريخية و لن تقبل أن تنتقص منها قطرة واحدة.

وفى هذه الجولة الجديدة من المفاوضات يجب أن لا يقبل المفاوض المصرى من نظيره الحبشى استهلاك الوقت, يجب أن يكون الحد الادنى لمخرجات المفاوضات اتفاق أن يتم  الملئ فى أثنى عشر عاماً,  و نظام تشغيل دائم  يسمح بمرور ما لا يقل عن 40 مليار متر مكعب  من المياه سنوياً, مع الأخذ فى الاعتبار سنوات الفيضان المنخفض, و أن تكون هناك اتفاقيات واضحة البنود لا لبس فيها, يدون بها ألتزامات كل طرف, مع وجود آلية قانونية واضحة  كمرجعية لحل الخلافات الخاصة بالسد , وـن تنص على وجود لجنة  فنية ثلاثية مصرية سودانية اثيوبية مقيمة فى السد لمتابعة التصرف اليومى للمياه.

وعلى الأثيوبيين النظر بايجابية الى مصالح مصر  و السودان فى مياه النيل و العمل معهما على استقطاب فواقد المياه فى أراضيها و ضخها الى مجرى النيل الأزرق و  السوباط و عطبره و غيرها من روافد  النيل الشرقى  الأخرى التى تصب فى مجرى نهر  النيل, و أن نعمل معاً ليكون الجميع مستفيد, فهذا هو الحل الأمثل لاستمرار التعاون و النمو المشترك و البعد كل البعد ان الأجندات المعادية لمصر لأن فى ذلك ضرر للجميع.

 

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى