د مصطفي خليل يكتب:  كيف يكون «الرفق بالحيوان» مسؤلية إنسانية ومجتمعية؟

خبير بيطري – مصر

عندما نذكر الرفق بالحيوان فاننا لا يمكننا أن نغفل البيئه التي نعيش عليها فقد خلق الله سبحانه و تعالي الارض بما عليه من تنوع من مكونات و ثروات طبيعيه سواء كانت متجدده او غير متجدده في توازن طبيعي فريد بحيث لا يطغي اي عنصر من عناصر ثرواتها الطبيعيه المتجدده او اي نوع علي الانواع الاخري حتي تستطيع البيئه ان تجدد من نفسها باستمرار و بالتالي يكون كوكب الارض قابلا لمعيشه الانسان و سائر الكائنات الحيه الاخري الي ان يشاء الله .

والانعام او الحيوانات من الثروات الطبيعيه المتجدده التي حبانا الله بها و التي تستطيع تجديد نفسها في وقت قصير اذ لم يقضي عليها الانسان نهائيا مثل النباتات و الحيوانات و الماء , و الذي يهمنا هنا هو الحيوانات , فمنذ ان خلق الله الانسان و هو يعتمد عليها مباشره في غذائه لتزويده بالطاقه اللازمه لتكاثره و نموه و بقائه و ضمان معيشته .

اذا فالحيوانات تدعم استمراريه البيئه الصالحه لبقاء الانسان و دعم حياته عن طريق تجديد بيئته التي يعيش فيها و حتي لا تنتهي وحباها الله القدره علي التكاثر و التوازن في اعدادها و وظيفتها .

ومن الناحيه الاخلاقيه فان الحيوان كائن حي يعيش في مجتمعات علي هذه الارض و له حق البقاء اكتسبه ليس من  ان بقائه ضمانا و ضروريا لحياه الانسان و لكن من الخالق عز وجل .

 بسم الله الرحمن الرحيم

و ما من دابه في الارض و لا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم الي ربهم يحشرون (38 )

صدق الله العظيم «الايه 38 سوره الانعام»

اي ان الحيوانات مثل الانسان خلقت و تم تحديد ارزاقها و اجالها و تعيش في مجتمعات مثلنا وفق نظم و قوانين يعلمها سبحانه و تعالي و هي في خصائصها الظاهره و الخفيه تعد امما امثالنا لذا فلها حق الحياه مثل الانسان و نعني بذلك الا ندمرها او ندمر بيئاتها التي تعيش فيها  و التي تضمن لها معيشتها دون اضطراب كما قدر و تتجددها كما قدر الله لها . لذا يجب ان نوفر لها الحاله التي تضمن لها معيشتها دون اضطراب كما قدر لها ان تعيش .

وعليه فانه يجب ان نحافظ علي الحيوانات التي نستخدمها في الغذاء كالماشيه و الاغنام و التي نستخدمها في الركوب كالخيول و التي نستخدمها في الجر كالبغال و الحمير و التي نستخدمها في الحراسه كالكلاب و التي نستخدمها في في التسريه عنا كالقطط و ذلك بتوفير المناخ و البيبئه الحسنه و المعامله الطيبه . اذا فالرفق بالحيوان هو ايضا مسئوليه اخلاقيه و انسانيه .

و رفاهيه الحيوان و الرفق به يمكن وصفها او تعريفها بانها الحاله التي يكون فيها الحيوان متمتعا بصحه جيده و قادر علي التكيف بكفاءه مع البيئه المحيطه به و ان تكون له القدره علي التصرف بالطريقه الطبيعيه التي يتميز بها افراد العائله التي ينتمي اليها مما ينعكس بالايجاب علي انتاجيته . و لا يقتصر الرفق بالحيوان و رفاهيته علي كونه مسئوليه اخلاقيه و انسانيه فحسب بل ان له ايضا تاثير مباشر علي الاقتصاد القومي من ناحيه زياده الانتاج و بالتالي الاكتفاء الذاتي من اللحوم و الالبان و الجلود و من ثم زياده الدخل القومي .

و لقد صدرت في جميع الدول العربيه و الاسلاميه و بالاخص العديد من القوانين و القرارات الوزاريه التي تهدف الي تحديد مسئوليه الانسان في تحقيق رفاهيه الحيوان و الرفق به و من خلال التاكيد علي توفير البيئه و الحظائر المناسبه و الرعايه و العنايه و التغذيه المناسبه ووقايته من الامراض و علاجها اضافه الي الاستخدام الامثل و المسئول له من قبل الانسان لتحقيق الاتي:

• حمايه الحيوان .
• ازاله اسباب معاناه الحيوانات و التخلص الرحيم منها عندما يكون ذلك ضروريا.
• حمايا المصادر الوراثيه الحيوانيه للحيوانات المحليه و تنميتها .
• الاهتمام بصحه الانسان و الحد من او منع الامراض المشتركه.

ويقاس نجاح الرفق بالحيوان من عدمه بالحاله الصحيه له و جوده انتاجيته و سلوكه الطبيعي و مدي ردود فعله الفسيولوجيه.

 ولقد تبنت القوانين المبادئ الاتيه :

• الاستخدام المسئول للحيوانات من جانب الانسان في الرفقه او الصحبه و الغذاء و الترفيه و العمل و التعليم و المعارض و الابحاث التي تخدم كلا من الانسان و الحيوان يجب ان يكون متناغما مع العمل البيطري و من امثله ذلك ان يشاهد الاطباء البيطريين حالات اهمال للحيوانات او استباحتها و اذا لم تحل هذه الحالات من خلال التعليم و النصح و الارشاد فان السلطات تعتبر الاطباء البيطريين مسئولون عن الابلاغ  عن مثل هذه الحالات الي السلطات المختصه . افشاء و فضح هذه الممارسات ضروري لحمايه صحه و رفاهيه كل من الانسان و الحيوان و التسجيل الدقيق لها يعتبر مهما لمنع تكرارها .

أمثلة من تلك الممارسات :

ا- اهمال الرعايه يؤدي الي طول الحوافر و الذي يؤدي الي الالام و العرج .

ب- عدم مناسبه وسيله النقل و الزحام و الضوضاء التي تحدث اثناء عمليه النقل تؤدي الي النفوق .

ج – تلوين الحيوانات في المعارض امر مناف لطبيعته الحيوان و مرفوض .

د – حمل الحيوان بطريقه خاطئه و مرفوضه .

ه – جر الحيوان لعربه تحمل اثقالا كبيره و الصعود بها علي المرتفعات .

ف –  الممارسات العنيفه مثل قطع ذيل الحيوان بدون تخدير يسبب معاناه شديده و يعاقب عليه القانون .

• القرارات الخاصه برعايه الحيوان و استخداماته و الرفق به يجب ان تكون متوزنه مع المعرفه العلميه و الالتزام المهني للطب البيطري مع الاخذ في الاعتبار القيم الاخلاقيه و الاجتماعيه للمجتمع .
• يجب تزويد الحيوانات بالماء و الغذاء الكافيين و المناسبين و التعامل الملائم لطبيعتها و الرعايه الصحيه و البيئيه المنايبه لرعايتها و استخداماتها مع الاخذ بعين الاعتبار سلوكيات و بيولوجيه تلك الحيوانات .
• يجب ان يعتني بالحيوانات و تتم رعيتها بطرق تقلل من او تزيل شعورها بالالم و الخوف و الاجهاد و المعاناه : فعند مسك الحيوانات يدويا او حجزها ميكانيكيا للحد من بعض او كل حركات الحيوانات الاراديه و الطبيعيه لغرض الفحص او جمع عينات او العلاج و المداواه او العمليات او قص الحوافر فانه يجب ان يتم ذلك بطريقه امنه و انسانيه و ان تتم عمليه المسك و الحجز بسرعه و مهاره لتقليل المعاناه للحيوانات و الخوف و الالم و الاجهاد الناتج عن الانفعال العصبي كما يجب ان تتحذ كافه الاجراءات الضروريه لحمايه كل من الانسان و الحيوان من اي اذي ,و في بعض الاحيان يفضل مسك الحيوان بالطرق الكميائىه ( بواسطه التخدير) و في جميع الحالات فانه يجب وضه تخطيط للمسك قبل اجرائه .
• يجب تقييم البروتوكولات الخاصه بمبايت الحيوانات و رعايتها و استخدماتها بطريقه مستمره و تعديلها و استبدالها عند الضروره .
• يتحمل المجتمع ككل مسئوليه حمايه و رعايه التجمعات الحيوانيه و يجب ان تتم بطريقه انسانيه و رحيمه و اذا كان من الضروري قتلها لتخليصها من معاناه دائمه لا يمكن معالجتها فيجب ان يكون القتل بطريقه رحيمه و ان يتم بواسطه شخص مؤهل و خبير . اما الابحاث العلميه فيجب ان تستخدم حيوانات التجارب بمهنيه عاليه و تعقل .
• يجب تطوير مهنه الطب البيطري من اجل صحه الحيوان و رفاهيته من خلال تنميه المهارات و الممارسات الطبيه و البحث العلمي و التعليم و النصح و تنفيذ و تطوير القوانين و اللوائح .
• التوعيه باهميه الدور الذي تلعبه الحيوانات في التوازن البيئي و حياه الانسان علي سطح الكره الارضيه حتي يستطيع العامه تفهم اهداف قانون الرفق بالحيوان و تنميه الحس المسئول لديهم تجاه الحيوانات .