الأخبارالمياهالنيلبحوث ومنظمات

ما لا تعرفه عن الصراع حول مياه النيل…دور أثيوبيا  الخفي للسيطرة علي النهر

مصر تتمسك دائما بخيارات التفاوض قبل لايزال التفاوض حول أزمة سد النهضة هو الحل الذى تلجأ إليه القيادة  السياسية المصرية لإدارة الأزمة، فى نفس الوقت الذى تؤكد على أنها لن تتهاون فى حقوقها التاريخية فى مياه النيل أو محاولة المساس لحصتها من مياه النهر .

وإثيوبيا اكتشفت أهميتها كدولة منبع وأهمية مصر كدولة محورية، وأن هناك أمورا مشتركة جعلت إثيوبيا في حالة تنافس مع مصر من الناحية التاريخية، جعل تهديد الأمن المائي المصري من قبل إثيوبيا أمرا ليس بجديد والذي يستهدف السيطرة علي نهر النيل.

لذلك فإن مشروع  «سد النهضة»  ماهو إلا حلقة واحدة في سلسلة أحلام أثيوبية للسيطرة على نهر النيل منذ فجر التاريخ بدعم المتربصين بالدور المصري في المنطقة العربية والأفريقية أو علي المستوي الدولي.

وتقوم «أجري توداي» باستعراض ملامح الدور الأثيوبي التاريخي في تأجيج الصراع حول مياه النيل في عدد من التحليلات التاريخية لهذا الدور المشبوه وهي:

  • إثيوبيا كانت طريق القوى الأوروبية المعادية لمصر لحرمانها من مياه نهر النيل، حيث فكرت تلك القوى الاستعمارية فى منع مياه النهر من الوصول إلى مصر لتعطيش وتجويع المصريين.
  • مواجهة مصر منذ أيام الحروب الصليبية التي بدأت بعد عهد الأيوبيين، إذ أيقن الصليبيون أن السيطرة على بيت المقدس والشرق بأكمله لن تأتى إلا من خلال ضمان ولاء إفريقيا لصالح أوروبا، وبعد فترة حكم الأيوبيين قامت في مصر دولة جديدة هي دولة المماليك الذين كونوا دولة قوية في مصر وبلاد الشام واستطاعت دحر التتار  أو المغول وملاحقة فلول الصليبيين لذا بحث الصليبيون عن حليف آخر، يكون مصدر إزعاج للمماليك فوجدوا في الأحباش حليفا مناسبا يحقق لهم مطامعهم بالسيطرة علي نهر النيل.
  • ظهر على الساحة ضابط فرنسى يدعى فيليب دومزيير، وهو الذي روج للحملة الصليبية على مصر سنة 1365 في عهد حكم الملك الأشرف زين الدين شعبان، وكانت خطته أنه أقنع ملك قبرص بضرورة ضرب مصر في العمق الاقتصادى بالتعاون مع ملك الحبشة في ذلك الوقت للسيطرة علي نهر النيل.
  • بدأ الصليبيون والأحباش الترويج لفكرة تحويل مجرى نهر النيل بشكل دينى لكنها فشلت، بسبب قيام الكنيسة المصرية بفضح مخطط الأحباش وحلمهم بتحويل مجرى نهر النيل، فضرب المماليك ضربة استباقية ومنعوا الأوروبيين من الوصول إلى أعالى النيل والبحر الأحمر
  •  من الوقائع التاريخية هو محاولة المستعمر البرتغالى فى القرن السادس عشر خنق مصر اقتصاديا وضرب الملاحة فى المحيط الهندى وباب المندب على حدود البحر الأحمر، لضرب تجارة المماليك؛ ففكروا فى تعطيش المصريين وحرمانهم من نهر النيل!
  • فى عام 1513 دخل القائد البرتغالى البوكيرك البحر الأحمر وقال فى مذكراته إنه اتفق مع ملك الحبشة -الذى تحرق شوقا لتحويل مجرى النهر ليحرم مصر من الماء ونهر النيل، وانتظر  فى جزر «كمران» لحين وصول مجموعات كبيرة من العمال التى طلبها من جزر ماديرا لقطع صخور البحر الأحمر وتحويل مجرى النيل الأزرق.
  • كان من بين الخطط التى اعتزمها «البوكيرك» التي لم تنقطع قط تحويل مجرى نهر النيل ليحرم مصر من أراضيها الخصبة فيتم هلاكها وإخضاعها، وقد كتب إلى ملك البرتغال يستدعى صناعا مهرة ليقوموا بفتح ثغرة بين سلسلة التلال الصغيرة التى تجرى بجانب النيل فى الحبشة ولكنه توفى سنة1515 .
  • أحلام  «البوكيرك» تحطمت عندما قرر التوجه إلى جدة لغزو المدينة المنورة ونبش قبر النبى محمد صلى الله عليه وسلم، لمساومة المسلمين على مبادلة الجثمان الشريف بكنيسة القيامة بالقدس، حيث جاء العقاب الربانى وهاجت العواصف على الحملة ودمرت بعض السفن، وشاهد البرتغاليون شهابا لامعا يخرج من ناحية الحجاز، يشع منه وهج ولهب توقف فوق الأسطول ثم اتجه ناحية الحبشة، فسيطر الرعب على البوكيرك وجنوده، فقرر الرجوع الى الهند مذعورا، وكتب هذه الواقعة فى مذكراته.
  • حاول ملك فرنسا لويس الرابع عشر، تحويل مجرى النيل الأزرق، حيث اتفق مع ياسو ملك الحبشة فى عام 1705، وأرسل المسيو لانوا ردى رول محملا بالهدايا للقيام بالمهمة فأرسل المصريون إلى مملكة سنار فتم اعتراضه وقتله ومن معه، وكانت الواقعة سببا فى حرب بين الحبشة وسنار انتهت بهزيمة الأحباش وفشلت السيطرة علي نهر النيل.
  • سرعان ما ظهر الصراع بين مصر وأثيوبيا على السطح من آن إلي آخر، فكان هناك تهديد إثيوبي مستمر لمصر، بإمكانية قطع مياه النيل، سواء كان في عصر الإمبراطور الإثيوبي منليك في بداية القرن التاسع عشر ،حتى عهد الخديوي إسماعيل الذي تولي شئون مصر بعد الخديوي سعيد.
  • أثناء النزاع بين مصر وإثيوبيا فى عهد الخديوى سعيد على الحدود الشرقية للسودان كتب القنصل الفرنسي فى مصر «بنديتى» فى رسائله إلى حكومته فى نوفمبر 1856 أن الامبراطور الإثيوبى تيودور يهدد بالإغارة على السودان المصرى ويريد تحويل مجرى النيل حتى يجعله صوب البحر الأحمر.
  • عاد الحلم الأثيوبي من جديد  للسيطرة علي نهر النيل في عهد الملك الإثيوبى، كاسا هايلو «تيودوروس الثانى» 1860 في فترة نشاط الأطماع البريطانية الفرنسية في السيطرة على الشرق وتأمين طرق التجارة إلى الهند، حيث أوغلت إنجلترا وفرنسا الحقد والغل في الصدر الإثيوبى تجاه مصر.
  • أعلنت إثيوبيا الحرب على مصر في عهد محمد سعيد باشا، ووفقا لكتاب «إسرائيل في النيل» فإن الملك الحبشى أرسل خطاب تهديد لمصر قال له فيه «إن النيل سيكون كافيًا، لمعاقبتك، حيث إن الله قد وضع في أيدينا ينبوعه وبحيرته ونماءه، فمن ثم يمكننا استخدامه في إيذائك».
  • تدخلت الكنيسة المصرية للمرة الثانية في عهد البابا كيرلس الرابع، ونجحت في رأب الصدع وإنهاء الخلاف ومات المشروع عام 1860 ولم تستطع السيطرة علي نهر النيل
  • العلاقات بين الدولتين، مرت بفترات تعاون طويلة، خاصةً في فترة الكنيسة المصرية، التي كانت تشرف على الكنيسة الحبشية قبل استقلالها، وفي عام 1902 بعد استقلال الحبشة عن إيطاليا، تم توقيع اتفاق بين انجلترا عن مصر والسودان وبين الحبشة كدولة مستقلة، تتعهد فيها الحبشة، إثيوبيا الآن، بعدم القيام بأي منشآت على نهر النيل، من شأنها أن تعيق وصول المياه لمصر، وهو الاتفاق الذي اعتبرته إثيوبيا فيما بعد مجحفًا لها ووصفته بـ”الاستعماري”.
  • أثناء الاحتلال الإيطالى للحبشة فى ثلاثينيات القرن الماضى، فكر الإيطاليون فى تحويل مياه النيل الأزرق إلى البحر الأحمر ومنعها من الوصول الى مصر عبر نهر النيل، لكنهم اصطدموا بالتضاريس التى جعلت عملية التنفيذ ليست بالسهولة التى توقعوها، كما أن الإنجليز لم يمهلوهم وتدخلوا وأخرجوا إيطاليا من إثيوبيا عام 1941.
  • الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا في الصرع المائي بين مصر وإثيوبيا، حيث اهتمت بإثيوبيا، لأنها مدركة أهميتها في معادلة المياه، فقامت هيئة مكتب استصلاح الأراضي الأمريكية، وهي هيئة حكومية بعمل دراسات على حوض نهر النيل الأزرق، واقترحت إنشاء 33 مشروعا للسدود واستخدامات المياه.
  • لم يكن لإثيوبيا في ذلك الحين القدرة المالية أو الفنية على إنشاء هذه السدود، فكانت تنشئ سدودًا صغيرة لتوليد الكهرباء والزراعة، وأنشأت 13 سدًّا، ضمن مجموعة السدود المقترحة، بالتوازي مع مشروعات أخرى تعاونية مع مصر.
  • استمر الحلم الإثيوبى تحت الرماد لنحو أكثر من 130 عاما تم خلالها توقيع عدد من الاتفاقيات بين القاهرة وأديس أبابا بين الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ومليس زيناوى رئيس الوزراء الإثيوبى الأسبق في 1 يوليو عام 1991، نصت على عدم قيام أي من الدولتين بعمل أي نشاط يتعلق بمياه النيل واحترام القوانين الدولية والاتفاقيات الموقعة بين البلدين.
  • أكد ملس زيناوي، رئيس وزراء إثيوبيا الاسبق، إن اتفاق عام 1993 بعدم القيام بأي منشآت على نهر النيل، من شأنها أن تعيق وصول المياه لمصر ، ندمت إثيوبيا عليه، الذي لم يتم تفعيله وتوقف العمل به بعد توقيعه، كما لو كان حبرًا على ورق.
  • رغم ذلك لم تلتزم إثيوبيا بذلك واستغلت حالة الحراك الشعبى التي شهدتها البلاد عقب قيام ثورة 2011 وبدأت في إنشاء مشروعها الذي تدعى أنه مشروع تنموى وهو في الحقيقة غير ذلك ومترتبط بالأحلام التاريخية الاستعمارية.
  • برزت فترات الصراع، عندما رفضت إثيوبيا توقيع الاتفاق الإطاري للأمم المتحدة عام 1997، بشأن المجاري المائية العابرة للحدود، ورفضت “بروندي” أيضا التوقيع، وتحفظت مصر طالما أن بعض دول المنابع لم توقّع.
  • بعد الانتهاء من هذه المشروعات، بدأت فكرة إنشاء مشروعات تعاون ضخمة، وقامت دول حوض النيل بعمل مبادرة “دول حوض النيل”، استمرت المفاوضات عشر سنوات من 1999 حتى 2010 ، ثم تعثرت لاعتبارات وخلافات إدارية وقانونية.
  • اتفاق “عنتيبي”، زاد حدة الصراع بين مصر وإثيوبيا، فهو لم يعترف بالحصص التاريخية لمصر ” 55.5 مليار متر مكعب من المياه 18.5 مليار متر مكعب للسودان”، ورغم أن هدف الاتفاقية كان توزيع الفقد في المياه، التي تمثلت في 950 مليار متر مكعب على إثيوبيا، وحوالي 750 على الهضبة الاستوائية، و530 مليار على بحر الغزال على دول حوض النيل.
  • تحول اتفاق عنتيبي، بدلاً من تعاون في (بناء سدود توليد كهرباء – زيادة الحصص بعد الاستفادة من الفاقد)، أصبح تعاونًا لعقاب مصر، وهو ما اعتبرته مصر موقفًا متربصًا وتمردًا تاريخيا على الاتفاقيات الموقعة، من أجل إهدار حقوقها التاريخية ورفضت التوقيع على عنتيبي، ثم بدأت إثيوبيا في الشروع ببناء سد النهضة الذي أجج الصراع بين الدولتين الإفريقيتين.
  • اتسعت هوة الصراع بإعلان إثيوبيا شروعها في بناء سد النهضة، الذي سيخلف أضرارًا كثيرة على مصر ما لم يتم التوصل لإتفاق قانوني وفني ملزم للدول الثلاثة مصر والسودان وأثيوبيا لتنظيم عملية الملء والتشغيل لسد النهضة.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى