الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د لمياء محمد تكتب: كيف تستخدم البكتيريا كمضاد للفطريات في منتجات الألبان؟

باحث أول –  صحة الأغذية – معهد بحوث الصحة الحيوانية معمل فرعى أسيوط

مازالت الألبان ومنتجاتها تعتبر مصدر رئيسي وهام للعديد من العناصر الغذائية اللازمة في المراحل العمرية المختلفة من حياة الإنسان لذلك يحرص العديد من المصنعين والمنتجين على تقديم منتجات ألبان ذات جودة عالية خالية من أي ملوثات من الممكن أن تسبب أضرارا صحية للمستهلك.

التلوث الفطري في الألبان ومنتجاتها:

يتسبب تلف الغذاء نتيجة نمو الفطريات في خسائر ضخمة في الإيرادات العالمية حيث يتم الإبلاغ عن فقدان ما يقرب من 5 إلى 10 في المئة من المواد الغذائية في العالم سنويا.

تعتبر العديد من أنواع الفطريات من الملوثات الشائعة للألبان ومنتجاتها نظرا لانتشارها بالبيئة مع توافر الظروف الملائمة لنموها من رطوبة الجو وارتفاع درجة الحرارة  و سوء التهوية وعلى عكس العديد من الملوثات الميكروبية الأخرى تعد الأنواع الفطرية انتهازية ويمكن أن تستعمر وتنمو على أي نوع من هذه المنتجات.

يعتقد أن هذه الملوثات تدخل الى المنشآت الغذائية من خلال المواد الخام الملوثة وقد تدخل الأبواغ الفطريه أيضا إلى مناطق تجهيز الغذاء عن طريق الهواء, الملابس, والأحذيه الملوثة.هذه الملوثات تؤثر سلبا على جودة وسلامة الغذاء والعمر الافتراضي للمنتج طبقا لما هو منصوص عليه بالمواصفات القياسية.

السموم الفطرية في الحليب ومنتجاته:

لا يمثل التلوث الفطري للألبان ومنتجاتها وخاصة الفطريات السامة مصدر قلق عالمي بشان جودة المنتج فقط بل أيضا مخاوف صحية خطيرة بسبب إنتاج مجموعة متنوعة من السموم الفطرية, هذه السموم من أقوى السموم المعروفة والتي تسبب أمراض خطيرة بتركيزات قليلة تصل إلى أقل من 10 جزء من البليون ويرجع السبب في قوه السموم انها مقاومة للحرارة بدرجة يصعب اتلافها بواسطه المعاملات الحراريه التقليدية المستخدمة في عمليات التصنيع والسبب الثاني انها تنتشر بسرعة من مستعمرات الفطر إلى المنتجات ولذلك فإن إزاله الأجزاء المصابة بالفطر كما يفعل الكثير لا يؤدي إلى التخلص الكامل من السموم الفطرية المكونة في الاغذية.

تعرف السموم الفطرية أنها ناتج ثانوي للتمثيل الغذائي لبعض أنواع الفطريات السامة وهي مركبات مختلفة في التركيب الكيميائي وقد ينتج الفطر الواحد أكثر من سم فطري وحاليا يوجد أكثر من 200 نوع من السموم الفطرية التي تسبب مخاطر صحية للإنسان والحيوان وأشهرها الافلاتوكسينات.

يأتي الحليب في مقدمة الأغذيه التي تعتبر وسط مناسب لإنتاج الافلا توكسين وخاصة اذا ما تعرض إلى سوء التخزين والحرارة والرطوبة العالية. في بعض الأحيان الأعلاف التي تقدم إلى المواشي قد تكون سبب لتلوث الحليب بالسموم الفطرية فعند تناول ماشية اللبن العليقه الملوثة بالفطريات التي تفرز الافلاتوكسينات B 1

وهو نوع من أربع انواع من الافلاتوكسينات التي تسبب اصابة الإنسان بسرطانات مختلفة وخاصة سرطان الكبد والكلى فإن هذا النوع يتحول الى نوع آخر يسمى الافلاتوكسين M1 داخل جسم الحيوان ويفرز في اللبن و قد تكون كميه الافلاتوكسين M1   قليلة  لكنها قد تسبب مضارا عديدة بالصحة  و خصوصا للأطفال الذين يعتمدون على الألبان كغذاء اساسي.

بالنسبة للجبنة فإنه لا يحدث أي تناقص لمستوى اللبن من هذه السموم أثناء التصنيع حيث إن البادئات المستخدمة في صناعة الجبن لا تؤثر على كفاءة تلك السموم وقد يتعرض الجبن لنمو فطري فيزيد من محتوى هذه السموم التي قد تستمر لمده ثلاثة أشهر بنسبة ثابتة كما أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة.

اما بالنسبه للأ يس كريم فإن تركيز الأفلاتوكسين M1 يبقى ثابتا لمده ثمان شهور من التخزين تحت ظروف التجميد.

كما وُجد أن عملية التخمر التى تحدث فى اللبن لإنتاج الزبادي وبعض الألبان المتخمرة الأخرى يؤدي الى خفض كمية الافلاتوكسن وذلك  لان  lactobacillusوهي بكتيريا حمض اللاكتيك تقلل من تركيز هذه السموم.

بكتيريا حمض اللاكتيك lactobacillus :

هي نوع من أنواع البكتيريا النافعة للإنسان حيث تقوم بتخمير السكريات وتحويلها الى حمض اللاكتيك و هيدروجين بيروكسيد وإنزيمات وفيتامينات بي المركب وكذلك مواد مضادة للجراثيم تقتل الكائنات المجهرية الدقيقة الضارة للإنسان وأيضا لها تاثير مضاد لنمو الفطريات.

بكتيريا حمض اللاكتيك كمضاد للفطريات:

تنجح المواد الحافظة الكيميائية إلى حد ما في إعاقه نمو الميكروبات و خاصة الفطريات وتحقيق عمر تخزين أطول بكثير ومع ذلك فإن الطلب يتزايد على منتجات ألبان نظيفة وخالية من المواد الحافظة الكيميائية يتطلب من الشركات المصنعة ايجاد بدائل طبيعية لاستبدال المكونات المشتقة كيميائيا بمواد طبيعية آمنة صحيا. واحدة من المخاوف التي تدعو إلى القلق على المدى الطويل هو مقاومة الميكروبات  الضارة لمضادات الفطريات الكيميائية , ولهذا حاول العديد من الباحثين تحسين وايجاد مضادات جديدة وفعالة لا يمكن مقاومتها و زهيدة التكاليف.

حظيت بكتيريا حمض اللاكتيك بالكثير من الانتباه في السنوات الأخيرة كمقاوم حيويBiopreservative))  لما لها من تاريخ طويل في الاستخدام كبادئات في التصنيع الغذائي لمنتجات الألبان وقد استخدمت منذ عده سنوات كمضاد للفطريات ولذلك يطلق عليها العلماء (الحافظة الخضراء) لقدرتها على تثبيط نمو الفطريات ومقاومة سمومها.

وقد تم الكشف عن العديد من المركبات الميتابوليزمية التي تنتجها تلك البكتيريا و هذه النواتج مضادة للفطريات مثل:

الأحماض العضوية- ثنائي الاسيتيل‘ البيبتيدات المضادة للفطريات النشطة بيولوجيا- الأحماض الدهنيه الأحماض الكربوكسيليه، البكتريوسينات، اللاكتونات، بيروكسيد الهيدروجين، الكحول وأخيرا الريوترين.

كما لا يقتصر دور سلالات بكتيريا حمض اللاكتيك على تثبيط نمو الفطريات و لكن السلالات تتفاعل أيضا مع السموم الفطرية مما يؤدي الى تعطيلها أو ازالتها من خلال ربط جدار الخليه.

بناء على كل ما سبق تعتبر بكتيريا حمض اللاكتيك من المضادات الميكروبية الطبيعية الآمنه صحيا والتي اثبتت عديد من الدراسات فاعليتها كمضاد للفطريات و تعتمد فكرة استخدامها على مقاومة كائن حي بواسطة كائن حي وبالتالي يمكن استخدامها كمادة حافظة في صناعة الالبان ومنتجاتها مما يؤدي إلى إنتاج منتج صحى آمن للمستهلك يزيد من مده صلاحيته وبالتالي يزيد من الانتاجيه الآمنه وازدهار هذه الصناعة.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى