الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د عبدالسلام منشاوي يكتب: ظاهرة خطيرة في زراعات القمح خلال الأيام المقبلة

رئيس بحوث متفرغ – قسم بحوث القمح – معهد المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية – مصر

من الحكمة تجنب الخطأ قبل وقوعه…والوقاية خير من العلاج…ونحن على أعتاب فصل الشتاء وبرودة الجو …  هناك ظاهرة وعرض خطير جدا نشاهده ومنتشر بشكل كبير في زراعات القمح. يبدأ هذا العرض في الظهور خلال الأيام القليلة المقبلة ويستمر حتى خلال شهر يناير.

فما هي تلك المشكلة وكيف نحمي محصول القمح منها؟

هذا العرض أو المشكلة كما بالصور المرفقة، يظهر في كثير من حقول القمح وفي مناطق عديدة ويزيد انتشاره خصوصا في مناطق الدلتا.

ويظهر العرض على النباتات في النصف الأخير من شهر ديسمبر وخلال شهر يناير.  وحيث يظهر العرض على نباتات القمح بتحول لون الأوراق السفلى إلي الأصفر اللامع ثم موتها ولون الأوراق العليا إلى الأصفر الشاحب.

يتوقف تكوين الأوراق والتفريع ويصبح النبات متقزم وضعيف جدا ( كما بالصور) نتيجة نقص النتروجين بسبب التغريق في الري. وعند أخذ مليء اليد من التربة وشمها أو خلع نبات وشمه نجد رائحة كريهة كأن بها أشياء ميتة. وينتشر العرض خصوصاً في المناطق سيئة الصرف مع زيادة مياه الري.

وفي هذه الحالة نجد الكثير يفتي ويكتب عن التشخيص فمن قائل ندوة في القمح وآخر يقول صدأ القمح أو الصنف حساس للظروف الجوية أو نقص عناصر … و….و….الخ.

ثم نرى مقترحات كثييييييرة جدا  للعلاج وكل واحد يروج لمنتجاته التي يبيعها أو لمصلحة شخصية ونرى الاختلاف في العلاج أكثر بكثيييييير من التشخيص وذكر مواد متعددة قد يكون معظمها ليس له علاقة بالمشكلة أساساً.

والحقيقة أن السبب الأساسي هو الممارسات الخاطئة ولو تذكرنا في المنشورات السابقة، فقد قلنا كثيراً يجب أن نؤدى العملية الزراعية بشكل صحيح، حيث من السهل تجنب الأخطاء، ولكن إذا وقع الخطأ فسيصعب عليك علاجه ويكلفك الكثير.

وذكرنا أيضا في منشورات سابقة أن الاهتمام بالعمليات الزراعية وتنفيذها على الوجه الصحيح، في الوقت المناسب وبالكمية المناسبة وبالكيفية المناسبة يجنبك العديد من المشاكل الناتجة عن الأخطاء التي يصعب علاجها فيما بعد بالرغم من صرف مبالغ طائلة من المال دون جدوى.

وهذا العرض الموجود بالصور ناتج عن مشاكل التغريق بالدرجة الأولى في ظروف الجو البارد مع نقص الأسمدة الأزوتي (النيتروجيني).

والمقصود بالتغريق هو زيادة كمية مياه الري أو الأمطار مع عدم صرف الماء الزائد والتخلص منه في أسرع وقت. ويضاعف من المشكلة سوء أو انعدام شبكة الصرف أو تكاسل المزارع عن صرف الأرض لعدم الدراية بمدى خطورة الأمر ثم تتحول التربة إلى أرض غدقة.

 كيفية حدوث المشكلة والضرر؟

ويحدث هذا العرض الناتج عن التغريق للنبات، في أنه إذا ظلت الأرض مشبعة بالمياه لفترة طويلة عن اللازم ينتج عنه استنفاذ الأكسجين الموجود بالتربة وتتحول التربة إلى بيئة غير هوائية وبالتالي يتوقف الجذر عن النمو وامتصاص العناصر الغذائية وتنغلق الثغور مما يؤدى إلى عدم قيام النبات بعملية التمثيل الضوئي.

كما يتم تحويل الآزوت من الصورة الميسرة إلى الصورة غير الميسرة ولا يستفيد منه النبات وهذا هو مكمن الخطر الحقيقي. فيصبح النبات غير قادر على امتصاص النتروجين اللازم من التربة فتقوم النباتات باستخلاص النيتروجين من الأوراق القديمة نتيجة لنقص النيتروجين وتصفر الأوراق ولا يقوم النبات بالتفريع وتصير النباتات ضعيفة جداً.

ومن الملاحظات الخاصة بالتربة نجد أنها تظل فترات طويلة رطبة ومغطاة ببقع خضراء من الفطريات أو الطحالب. ويؤثر ذلك على عملية الأكسدة والاختزال وفى حالة أخذ مليء اليد من التربة وشمها نجد أن رائحتها كريهة كأن بها أشياء ميتة ولكن الحقيقة هي كبرتيد الهيدروجين نتيجة لعملية الاختزال الناتجة عن تحول التربة إلى بيئة غير هوائية.

ويزيد الضرر الناتج من التغريق خصوصا إذا حدث في مرحلة الإعداد وبناء السعة التخزينية للنبات وتكون في حدود 40-50 يوم تقريبا من الزراعة (قد تزيد أو تقل قليلا عن ذلك حسب الصنف المنزرع أو ميعاد الزراعة والظروف الجوية).

أما بالنسبة للعلاج فقد يختلف الكثير معي في الرأي و ويوصي بالرش بأسماء مواد  كثيرة  وقد نرى الاختلاف الكبير بين من يقوم بالتوصية. والحل الأمثل والأفضل في مثل هذه الحالة منع الخطأ من البداية وتنفيذ العمليات الزراعية وخصوصا الري والتسميد بشكل صحيح في هذه المرحلة الحرجة من عمر النبات.

بمعني يجب العناية، ومن المهم جداً ضرورة إضافة السماد قبل الري مباشرة وبالمقررات السمادية حسب التوصيات وفي الميعاد الموص به ثم الري على الحامي قدر الامكان وصرف أي مياه زائدة مباشرة بعد تمام الري دون الخوف من فقد السماد بالغسيل مع الصرف.

وفي حالة تنفيذ العمليات بهذا الشكل لن تظهر أي أعراض أو مشاكل من السابق ذكرها بفضل الله تعالى.

ومن المهم جداً أن  نعلم بأن ري أرض القمح حتى لو فيها نسبة رطوبة لا يضر المحصول في حالة ضبط عملية الري، ولا يحدث الضرر إلا في حالة تشبع الأرض بالمياه ووقوف المياه بها لفترات وعدم الصرف بعد الري.

وقد يوصي البعض بالعديد من المواد والاسماء التي قد تعمل على التغير في شكل النبات وتشعر أن هناك تحسن ولكنه وقتي وشكلي فقط وقد لا يكون لها مردود . ولكن في الحقيقة مع جفاف الأرض وخفض نسبة الرطوبة سوف يتعافى النبات نسبيا ويتحسن حتى مع عدم رش أي مواد أو إضافات أخرى ولكن مع وقوع الضرر في كل الحالات.

ومن الممكن إعطاء بعض السماد الآزوتى قبل المطر في حالة التأكد من نزول المطر بإذن الله وسوف يساعد على سرعة التعافي والتقليل نسبيا من الضرر. ولكن علينا أن نعلم أن هذه ليست الطريقة الصحيحة لإضافة السماد ولكننا نعالج مشكلة، وفي حالة علاج المشكلة نختار أخف الضررين.

أما الحل الأمثل والأفضل هو تجنب المشكلة من الأصل بتنفيذ العمليات الزراعية بشكل صحيح لكي لا نعرض محصولنا لمثل هذه المشاكل وغيرها والتي يصعب علاجها  وتضيف أعباء كثيرة وتؤثر تأثير سلبي بدرجة كبيرة على الإنتاجية النهائية لمحصول الحبوب.

اتمنى إن شاء الله ألا نرى ذلك العرض هذا الموسم ويلتزم إخواننا الزراع بهذه النصيحة. وأسأل الله أن يكون موسم خير وبركة على الزراع والوطن.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى